بعد الكشف عن وثائق سرية / المانيا الغربية دعمت ومولت ابادة الشيوعيين في اندونيسيا


رشيد غويلب
2020 / 7 / 24 - 00:15     

بعد الانقلاب العسكري في إندونيسيا عام 1965 قامت المليشيات المسلحة بقتل وتعذيب أكثر من مليون انسان. واثبتت ملفات سرية كشف عنها اخيرا تورط حكومة المانيا الغربية بدعم وتمويل الإنقلاب المعادي للشيوعية. وتصدر حملة الدعم عضو الحزب النازي وقوات العاصفة النازية السابق ووزير الدولة للشؤون الخارجية، ولاحقا رئيس البرلمان الالماني (1979 -1976 ) والجمهوية (1979 – 1984 )، والقيادي في الحزب الديمقراطي المسيحي كارل كارستنس.
لعبت المانيا الغربية دورا رياديا في تنفيذ سياسات الغرب المعادية للشيوعية في عقود الحرب الباردة، بما في ذلك، الانقلابات العسكرية الدموية في جميع انحاء العالم، تشيلي 1973 وتركيا 1980. وتثبت الوثائق المعلنة الآن دعم المانيا الغربية للانقلاب العسكري في عام 1965 في إندونيسيا. لقد ظل مرتكبو جريمة الابادة الجماعية، حتى يومنا هذا، دون عقاب. وقتل خلال احداث الانقلاب وما تبعه ما بين 500 ألف – 3 مليون من اعضاء وانصار الحزب الشيوعي الإندونوسي، وكذلك من ابناء الأقلية الصينية المتهمين دوما في البلاد.
وتشير التقارير المنشورة في موقع تي اونلاين الألماني، الذي لا يمكن اتهامه بالتعاطف مع الشيوعيين، والمستندة الى وثائق جهاز المخابرات الالماني ، الى تنسيق مع الانقلابيين تورط في بعض مفاصله الرئيس الالماني الأسبق كارل كارستنس.

اموال لـ”ذبح الشيوعيين”
تشير الملفات إلى علم الحكومة الالمانية المسبق بالإنقلاب، وأن الجنرالات سيحصلون على دعم مالي لا يقل عن 1,2 مليون مارك ألماني غربي. وكانت الحكومة الالمانية على علم بالمذابح. ويصف تقرير للمخابرات الالمانية يحمل عنوان “غابات الصنوبر”، الذي تضمن خطط لـ “ذبح حقيقي للشيوعيين”: انه بعد بضعة ايام فقط من مناقشة “الطلب العاجل” للجنرالات الاندونيسيين “ للأموال التي - لأسباب واضحة - لا يمكن تخصيصها من الخزينة الإندونيسية”. تم تخصيص مبلغ 1,2 مليون مارك ألماني لمواصلة عمليات”التطهير المعادي للشيوعية”، و “التي ستخصص بشكل أساسي للحملات الخاصة ضد مسؤولي الحزب الشيوعي ولتنظيم تظاهرات تحتى السيطرة “. وكذلك استخدام الأموال لإنتاج مواد دعائية معادية للشيوعية.

الدفع السري
تم استخدام المواد للتحريض على التظاهرات والمذابح التي نفذتها الميليشيات المسلحة المرتبطة بالدولة. وتشعر الحكومة الالمانية الآن بالقلق من أن تصبح هذه المدفوعات معروفة: “ان أي مساعدة بالطريقة المتوخاة - إذا أصبحت معروفة – ستترتب عليها عواقب على المانح والمتلقي – من الصعب التغاضي عنها. ولذلك لا يمكن تقديم هذا الدعم إلا بتحصين شديد لقنوات الإرسال “. ولم يمنع وصول الأموال الرفض المكتوب بخط اليد على المراسلات، ولهذا هناك بعض الوثائق التي ما تزال طي الكتمان.

الرئيس اللاحق للمخابرات الالمانية فيسل:
لقد تم الدفع
ويشير الصحفي يونس مولر الذي كتب تقارير عن الوثائق المعلنة، ان لديه مسودة محاضرة القاها الرئيس اللاحق للمخابرات الالمانية كيهارد فيسل امام لجان الثقة في البرلمان الالماني تضمنت: “في تشرين الأول 1965 ، مكّنت العلاقات الفعلية الوثيقة القائمة مع المخابرات الإستراتيجية الإندونيسية تقديم الدعم بالمستشارين والمعدات والأموال للمخابرات والأجهزة العسكرية الإندونيسية الخاصة، لتمزيق الحزب الشيوعي واسقاط سوكارنو “.
ومعروف ان ألمانيا الغربية قد دربت بشكل منهجي جهاز المخابرات والجيش في نظام سوهارتو، وبدأ التعاون حتى قبل الانقلاب على حكومة سوكارنو ذات التوجهات التقدمية.
الرئيس الأسبق
كان رئيس البرلمان والجمهورية الألماني الأسبق كارل كارستنس يشغل منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومسؤول عن صفقات الأسلحة مع مختلف الديكتاتوريات المعادية للشيوعية . وفي هذا السياق ، استقبل كارستنس في عام 1965 اللواء في الجيش الإندونيسي أحمد سوكندرو ، الذي أثنى عليه السفير الألماني في جاكرتا باعتباره “أحد أكثر المعادين للشيوعيين قدرة وحيوية”. وكتب كارستنس قبل هذا الاجتماع “قبل شهور” ، أخبره سوكندرو أن “الجيش ينتظر حاليا ذريعة لتدمير الشيوعيين”. ويعتبر سوكندرو مهندس القتل الجماعي ، ويبدو ان وزير الخارجية آنذاك غيرهارد شرودر والقيادي في الحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قد استقبله ايضا، وهوغير مستشار المانيا الأسبق كيهرد شرودر(1998 2005) وزعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

مليشيات إسلاموية أسهمت في إبادة الشيوعببن
وبالتعاون مع الولايات المتحدة ، دعمت الحكومة الالمانية اللواء سوكندرو ، الذي سلح الميليشيات الإسلاموية وارتكب المذابح. وجاء ايضا في تقرير المخابرات الالمانية المشار اليه : “بدأ ذبح الشيوعيين المنظم من قبل متعصبيين مسلمين، وقد بارك الجيش هذه الأعمال الفوضوية، وقام بالإعداد للاعمال المعادية للشيوعية، ووفر لها غطاء جماهيري”.
وقال المؤرخ جيفري روبنسون لموقع “تي أونلاين: “يبدو أن الوثائق تبين أن ألمانيا مسؤولة جزئياً عن القتل المتعمد وغير القانوني لحوالي نصف مليون مدني وعن الاعتقال الجماعي لحوالي مليون آخرين”. وهذا يسمى بلغة اليوم “جرائم ضد الانسانية”