ناجي العلي: الاسم الحركي لفلسطين.. بالإبداع


محمد نور الدين بن خديجة
2020 / 7 / 23 - 20:16     

ـــــــناجي العلي: الاسم الحركي لفلسطين.. بالإبداع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ طلال سلمان ..

ــــفي ذكرى اغتيال الفنان رسام الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي أستميح عذرا الأستاد الصحفي الكبير طلال سلمان في نشر مقاله شهادته عن صديقه الشهيد ناجي العلي . مع كامل الاعتذار والتقدير.




لم يغادر ناجي العلي وجداننا برغم مرور السنين، بل لعله الآن أكثر إشعاعاً، وتأثيره يتمدد منا إلى أبنائنا فإلى الأجيال الآتية، باعتباره رمزاً للقضية المقدسة، للأرض المقدسة، لدماء الشهداء، ولإرادة الصمود والمقاومة حتى التحرير.
و«حنظلة» يتجاوز إشعاعه فلسطين ليصبح صورة للبطل، رافض التسويات المهينة والحلول المؤقتة وقسمة الأرض المقدسة على اثنين أو ثلاثة أو أربعة، فهي أرضه بالذات، وطنه بالذات، فلسطين بالذات.
عرفت ناجي العلي، اللاجئ في مخيم عين الحلوة، مدرس الرسم في بعض المخيمات الفلسطينية في صور، في منتصف الستينيات، التقينا أول مرة في مجلة «الحرية»، قبل أن تسنح له فرصة السفر إلى الكويت، حيث عمل بداية في مجلة «الطليعة» كرسام كاريكاتور يحمل أفكاراً سامية وإن بأسلوب جديد، بل مبتكر .. ثمّ انتقل ليعمل في جريدة «القبس».
وحين أصدرنا «السفير» كان بديهيا أن نتصل به، ولقد رد بعفوية: «والله، كنت أنتظرها منك ... هياني جاي يا خوي». وفعلاً، حضر ناجي العلي ليشكل إضافة نوعية ممتازة ومميزة لجريدة «صوت الذين لا صوت لهم».
جاءنا ناجي ليخلق جواً من الحيوية.. والتحدي بالإبداع. وصار جميعنا يهتم بعمله أكثر، ويجتهد في أن تكون كتابته مميزة.
أصر ناجي على أن يبقى منزله على طرف مخيم عين الحلوة، في صيدا، متكبداً كل ليلة مشقة «السفر» من بيروت إلى صيدا، حتى والدنيا مشتعلة بالحرب الأهلية، وحواجز الميليشيات تملأ الطرق والقتل على الهوية شغال .. ورفض عروضنا بأن نؤجر له بيتا حتى بعدما «أجبرته» على الاختيار بين شقتين أعجب بهما وكذلك زوجته السيدة وداد.

ـ 2 ـ

كان يرسم ليلاً. وأحيانا ينتج لوحتين أو أكثر في حين أن المطلوب لوحة واحدة يتصدرها «حنظلة «، شخصيته المبتكرة التي سوف تخلّده. وكثيراً ما مزقت افتتاحيتي بعد مشاهدة لوحاته، فقد لخص ما أردت قوله فكتبته بخطين أو ثلاثة خطوط، إلى جانب «حنظلة» الذي جسد القضية والمقاومة وأدان الانحراف والخيانة ومشتري الدماء بالذهب وبياعي الأرض المقدسة بثلاث من الفضة ولقب «السيد الرئيس».
وكما جاء، عاد ناجي بعد سنوات ثلاث إلى «القبس» في الكويت، ثمّ رجع إلينا مشتاقاً إلى «السفير»، ومكث معنا حتى عشية غزوة صدام، فعاد إلى «القبس» وقد انتقلت إلى لندن، وهناك صرعه رصاص أعداء فلسطين والأمة.
ليس لناجي العلي شبيه. إنه علامة فارقة بالإبداع في تاريخ فن الكاريكاتور. وفي الصحافة العربية. إنه المقاتل المؤمن بقضيته حتى الاستشهاد وبالسلاح الذي لا يمكن كسره: الإبداع.


ــــ طلال سلمان :
جريدة السفير اللبنانية ــ 4 يناير 2017