العبودية .... التاريخ المسكوت عنة في العراق


جاسم محمد كاظم
2020 / 7 / 22 - 14:33     

ظهرت العبودية في التاريخ كما يعرفها الماركسيون بعد نهاية وانحلال العصر المشاعي نتيجة الحروب أولا وظهور الأسرى الذين استعبدهم المنتصر من اجل حراثة وزراعة الأرض ورعي القطيع .
وتطورت بعد ذلك إلى نظام اقتصادي متكامل سمي بالعصر العبودي وظهور إمبراطوريات العبيد الكبيرة في بابل وفارس مرورا إلى أثينا والإمبراطورية الرومانية .
بقيت العبودية مهيمنة في التأريخ الإنساني لم تحرمها الأديان مثل الخمرة وفعل المحارم بل بالعكس استعبدت الأديان السماوية الإنسان أكثر مما استعبدته تلك الإمبراطوريات واعتبرت كل الأديان كل من لم يدخل في ملتها سبيا وعبيدا لها .
وان حرمت بعض الأديان استعباد صاحب الديانة نفسها مثل اليهودية التي حرمت استعباد اليهودي من قبل اليهودي .
لكن الإسلام لم يحرم هذا وبقي المسلم يستعبد المسلم وظهرت الآيات القرآنية صريحة ... الحر بالحر والعبد بالعبد وبقيت مدن مثل الكوفة والبصرة من اكبر مراكز بيع الرقيق والنخاسة في الاسلام .
بدئت بوادر العبودية بالانهيار في منتصف القرن التاسع عشر بعد ظهور العصر الصناعي وانتهاء العصر الإقطاعي وظهور العملة الحديثة من النقد والبضاعة فحرمت في بريطانيا في علم 1830 .
وبدأت الخلافات تظهر في الولايات المتحدة لتعديل الدستور وإلغاء العبودية بين الشمال الصناعي والجنوب الإقطاعي المعتمد اقتصاديا على عمل العبيد فنشبت الحرب الأهلية الأميركية التي وصلت في نهايتها إلى إعلان الرئيس الأميركي السادس عشر أبراهام لنكولن تحرير العبيد وانتهاء عصر بيع الأسان كسلعة .
وبقيت أكثر الدول الإسلامية الرازحة تحت حكم الخلافة العثمانية مستمرة ببيع العبيد الأبيض الآتي من جنوب شرق آسيا والأسود القادم من أفريقيا .
وكانت مدينة البصرة في العراق مركزا لجلب العبيد من وسط أفريقيا و سوقا لبيعهم للأثرياء والإقطاعيين حتى منصف العقد الخمسيني من القرن العشرين .
أملتك الإقطاعي في العراق المئات من العبيد السود والملونين الأسيويين بعد تقسيم العراق في العصر الملكي بين10 عشرة من كبار الإقطاعيين بلغت حصة احدهم أكثر من مساحة دولة لبنان الحالية .
امتلك هؤلاء الإقطاعيين العبيد السود للخدمة في بيوتهم الخاصة وعاملوهم مثل السلعة يملكون منهم الروح والجسد يستطيعون قتلهم متى شاءوا بدون محاسبة قانونية أو يجعلونهم غاية جنسية باعتبارهم من ملك اليمين المحلل في الدين الإسلامي .
يقول الصحفي الهولندي ماليبارد في كتابة نواعير الفرات الصادر عام 1957 أثناء زيارته للعراق بأنة دعي إلى وليمة وهو في طريقة إلى البصرة والعمارة من قبل احد الإقطاعيين الذي يملكون أكثر من 150 ألف دونما وفي قصر هذا الإقطاعي أحضرت لهم فتيات عاريات جدا أطباق الفواكه .
تقول جدتي المعمرة التي بلغت من العمر أكثر من 100 سنة وتوفيت في عام 1991 بان هناك الكثير من النساء السود عند الإقطاعيين يسمونهن في المأثور العراقي الوصايف وكان الكثير منهن لا يتكلمن اللغة العربية وكانت أحداهن تشير بإصبعها بأنها كانت تعيش في مكان ملي بالأشجار أي غابات كثيرة حين أسروها وجاءوا بها إلى هنا .
وتضيف جدتي بان هناك الكثير من النساء بيض البشرة يخدمن كعبيد في قصور الإقطاعي .
استعمل الإقطاعي العبيد السود من الرجال الأقوياء كحرس لقصره والبعض الآخر للعناية بالحيوانات واستعمل النساء كملك يمين داخل قصورهم الشبيهة بالقلاع وان لم يعترف بأبنائهن كأولاد من صلبة لسواد بشرتهم .
لم يحرم الدين الإسلامي هذه الظاهرة المنتشرة في العراق ولم تصدر أي فتوى من الحوزة الدينية أو المرجع الأعلى آنذاك باعتبارها ظاهرة ضد حقوق الإنسان بل بقيت ظاهرة بيع الرقيق السود متفشية حتى فجر الرابع عشر تموز الظافر بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم ليلغي العبودية نهائيا من التاريخ العراقي وبمنح الجنسية العراقية لكل العبيد من السود والبيض على السواء .
شغل بعض هؤلاء السود بعد ذلك مواقع حساسة في الدولة العراقية وقيادات حزب البعث بعد عقود من تحريرهم وتناسوا أصولهم الإفريقية وأنهم كانوا عبيدا عند الإقطاع حتى تحريرهم من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم .