مقتطف -1- من - فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية : -الماوية معادية للشيوعية - نموذجا -- الجزء الأوّل من الكتاب الأوّل من ثلاثيّة - حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال [ البرجوازي ] التونسي -


ناظم الماوي
2020 / 7 / 16 - 13:28     

مقتطف -1- من " فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية : "الماوية معادية للشيوعية " نموذجا "- الجزء الأوّل من الكتاب الأوّل من ثلاثيّة " حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال [ البرجوازي ] التونسي "

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
و الروح الثوريّة للماوية المطوَّرة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة – الشيوعيّة الجديدة
( عدد 38 - 39 / أفريل 2020 )
ناظم الماوي

ملاحظة : الثلاثيّة بأكملها متوفّرة للتنزيل بنسخة بى دى أف من مكتبة الحوار المتمدّن .

فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية :
"الماوية معادية للشيوعية " نموذجا

( فى الردّ على حزب العمّال و "الوطد" )

" لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة " عدد 5 / سبتمبر 2011

مقدّمة العدد الخامس :

" الماركسية - اللينينية هي علم و العلم هو معرفة لا يمكننا الحصول عليها إلاّ بطريقة أمينة ، لا يمكن التحيّل معه. إذا لنكن أمناء !!! "

( ماو تسى تونغ ، صفحة 18 ، المجلّد الخامس من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "- الطبعة الفرنسية )

=============

بلغنا عبر رسالة إلكترونية سؤال عن غاية هذه المقالات التي ننشرها و هل هذا وقتها ؟ فإستغربنا السؤال ذلك أنّ النضال على الجبهة الإيديولوجية أحد الأعمدة الثلاثة التي عليها يقوم صرح النضال البروليتاري الشامل الحقيقي كما حدّده إنجلز و لينين فى " ما العمل؟ ". و من البديهي لدى الشيوعيّين الماوييّن أنّه لا يجب تناسي النضال على الجبهة الإيديولوجية في أي وقت و مهما كانت الظروف فصحّة الخطّ الإيديولوجي - السياسي محّددة في كلّ شيء كما علّمنا ماو تسى تونغ . و مخطئ من يتصوّر أن تحالفا نقابيّا أو سياسيّا يقتضى تخلّى الشيوعيين عن الدعاية للشيوعية و لمبادئها وعن الصراع الإيديولوجي الحيوي.

لعقود لم يجر إصلاح هذا الخطإ القاتل و لعقود الآن غيّب ما يسمّى باليسار الماركسي هذه الجبهة من النضال ما جعل المشروع الشيوعي يكاد يندثر تحت غبار المشاريع الرجعية والتحريفية السائدة حيث غالبا ما لا يكون الشيوعيون شيوعيون و لا يدافعوا عن الشيوعية كإيديولوجيا و كمجتمع فيه يتمّ تحرير الإنسانية من كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد بقدر ما يقدّمون أنفسهم على أنّهم ديمقراطيون و تقدّميّون و أنصار حقوق الإنسان و أحيانا إشتراكيون.

و مع إقرار البعض بالواقع المرير للحركة الشيوعية الحقيقية ،الثورية ، قلّما تسمع أو تقرأ نقاشا عميقا لجذور هذه الإنحرافات فى الخطّ الإيديولوجي و السياسي . و غياب المعرفة العميقة لدي غالبية المناضلات و المناضلين لن يسمح بالقيام باللازم ضد هذه الإنحرافات . لذلك آلينا على أنفسنا الذهاب ضد التيّار بتنشيط هذه الجبهة و مزيد التوغّل فى أعماق أطروحات حزب العمّال و " الوطد "- الوطنيّون الديمقراطيّون - الوطد -، من منظور شيوعي ماوي ، فى إطار نضالنا الدؤوب ضد التحريفية عموما و ضد الخوجية المفضوحة منها و المتستّرة خصوصا لما تتسبّب فيه من اضرار جسيمة للحركة الشيوعية . و نحن على قناعة تامة بأنّ جذور الإصلاحية السياسية و النقابوية تعود فى جزء هام منها إلى الخوجية ، لا سيما إلى الخطّ الذي رسمه أنور خوجا فى " الإمبريالية و الثورة " و الذي أثّر أيّما تأثير في صياغة الوثائق المرجعية لكلّ من حزب العمّال و " الوطد " وفى سياساتهما الممتدّة إلى يومنا هذا.

و هكذا نتناول بالبحث " الماوية معادية للشيوعية " و " هل يمكن إعتبار ماو تسى تونغ ماركسيّا – لينينيّا؟ " لنبلغ جذور الخوجية و ننال من أسسها الدغمائية التحريفية إذ لا يكفى التعامل النقدي مع تكتيكاتها و تحالفاتها...علينا ان نتوجّه إلى الأسس ، إلى الجذور مثلما يتوجّه الفلاّح إذا أراد أن يتخلّص من أعشاب طفيلية أو سامّة أو من شجرة ما عاد راغبا فى وجودها ،إلى إقتلاع الأعشاب أو الشجرة من جذورها و إلاّ ظلّت تتوالد و تتكاثر إن قصّ فقط جزءا من أوراقها أو أغصانها . و نسارع هنا للردّ من الآن على تهمة قد توجّه لنا فنؤكّد أنّنا لا نقصد التخلّص من الأشخاص كما قد يذهب إليه الباحثون عن تشويه الماويين بل نقصد إقتلاع الأفكار التحريفية و بصيغة ماوية نعالج المرض لإنقاذ المريض .

لقد كان كتيّب " الماوية معادية للشيوعيّة " الذي نشره حزب العمّال بإسم محمّد الكيلاني أحد الوثائق الأساسية للخطّ الإيديولوجي و السياسي فى المخاض الذي أسفر عن تأسيس ذلك الحزب . و نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة ل" هل يمكن ...؟ " الذي مثّل وثيقة مفتاحا فى التشكّل التنظيمي للمجموعة التي أطلقت على نفسها " الوطد" بتفرعاتها . و قد تبنّت الوثيقتان، بشكل مفضوح بالنسبة للأولى ، و بشكل متستّر بالنسبة للثانية ، الأفكار و المواقف الخوجية موجّهة أقوى ما لديها من أسلحة إنتهازية ضد الماوية ، فى سعي محموم للنيل منها و الحيلولة دون إنتشارها و إنصهارها صلب الجماهير الثورية و تأطيرها لأجل إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية . و للحقيقة و التاريخ تمكّنت الخوجية من ذلك إلى حدود معيّنة ، فى أماكن معيّنة من العالم و لكنّها منذ عقود الآن تتهاوى تحت ضربات الماوية المكافحة و المنتشرة بإطّراد و الرافعة لراية الثورة فى كافة القارات و خاصة فى القارة الآسيوية.

و نحن فى أعداد سابقة من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! "، سلّطنا سياط سلاح النقد الماركسي- اللينيني -الماوي على وجه الخصوص على جوانب من هاتين الوثيقتين و كشفنا الإنتهازية الخوجية بصدد ستالين والترهات و الخزعبلات الدغمائية التحريفية بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الإنحرافات البرنامجية و المنهجيّة لدي " الوطد " و الإصلاحية لدي حزب العمّال و " الوطد " كلاهما . و كشفنا فى نقد لجدول مقارنة بين ماو تسى تونغ وستالين ورد فى " هل يمكن...؟ " مغالطات " الوطد " و تزويرهم للمواقف الماوية و تأويلاتهم المغرضة لنصوص ماو تسى تونغ . و نخصّص هذا العدد للبحث الدقيق فى الأساليب الإنتهازية الخوجية فى التعامل مع الوثائق و المواقف الماوية ، الأساليب الإنتهازية المشتملة لتزوير الوقائع و الوثائق و الكذب الرخيص و التأويل المغرض ...، والمرفقة بالميتافيزيقا و المثالية و النظرة الإحادية الجانب و الإنتقائية...؛ و المدافعة عن أخطاء دحضها لينين و ستالين و ماوتسى تونغ و دحضتها الحركة الشيوعية فى الإتحاد السوفياتي و الصين و عالميّا ، ضاربة فى الصميم المواقف البروليتارية الثورية والمادية الجدلية و أبسط قواعد النزاهة العلمية.

جهودنا هذه المرّة سنصبّها على التتبّع بتمعّن و تؤدة و تفصيليّا لكلّ إستشهاد بكلام نسب لماو إستعمل فى كتيّب " الماوية معادية للشيوعية " لفضح التزوير و الكذب الخوجي و تعرية الحقيقة الثورية التي أهال عليها الخوجيون أطنانا من تراب دغمائيتهم و تحريفيتهم . و بالنتيجة المظهر الرئيسي لعملنا هو فضح الفظائع الخوجية و صبغة مقالنا الرئيسية صبغة دفاعية ، لذا سنضطرّ مستقبلا للعودة مطوّلا إلى المواضيع المعالجة هنا بإقتضاب قصد عرض المواقف الماوية بالوضوح كلّه و دون العيون الخوجية خصوصا و الرجعية عموما.

و صاحب كتاب " الماوية معادية للشيوعية "، محمّد الكيلاني ، لا يهمّنا هنا إلاّ بقدر ما كان رمزا وتعبيرا مركّزا للخوجية المفضوحة التى يتبّنّاها حزب العمّال إلى الآن ،على أنّ لمسار هذا الكاتب دلالة كبيرة حيث بعد إنتهائه من الهجوم بكلّ الطرق على الماوية و بالتالى كما سترون على لينين و ستالين أيضا متظاهرا هو وحزبه آنذاك ب " اليسارية " فى حين كانا يطبّقان سياسات يمينية ، مضى بحربه ضد الشيوعية الحقيقية ، الثورية إلى نهايتها المنطقية فإنتقل لاحقا إلى إطلاق النار الكثيف مباشرة و دون لفّ و دوران على اللينينية و تاليا على الماركسية ليتنكّر لكافة التجربة التاريخية للثورة البروليتارية العالمية . ودراسة مسارمجموعة الكيلاني - و كذلك مسار "الوطد"- و ما آل إليه موضوع شيّق ويثبت صحّة النظرة الماوية لصراع الخطّين كما يثبت صحّة الفلسفة الماوية بصدد " إزدواج الواحد " كتعبير مركّز لشمولية التناقض ،غير أنّها ليست المحور الذي سننكبّ على بحثه الآن و هنا فما سيحظى بجلّ جهودنا النقدية حاليّا هو " الماوية معادية للشيوعية " و ليس " التجربة السوفياتية : إشتراكية أم رأسمالية ؟ - نحو تجديد المشروع الإشتراكي". و من هنا سنعنى بالكيلاني الخوجي لا الكيلاني زعيم" الحزب الإشتراكي اليساري"، الكيلاني "الرأسمالي اليميني".

و كمدخل للأكاذيب و السفاسف الخوجية نقترح عليكم جزءا من خاتمة بحثنا و تأكّدوا أنّكم فى طيّاته ستجدون البراهين و الدلائل الكفيلة بجعل المتمسّكين بالحقيقة و لا شيء غير الحقيقة يوافقوننا على هذه الإستنتاجات :

" إذا أردت أن تكون خوجيّا معاديا للماوية و الشيوعية و طامسا لها و مشوّها فعليك ، بما يشبه طاحونة كلام، أن تملأ غالبية مقالك أو كتابك بثرثرة تطرب الإنتهازيين و أن تتبع الأساليب الإنتهازية التالية :

1- تحريف كلام الإستشهاد بالإنقاص و الزيادة و التحوير.
2- عدم إحترام التنقيط و نهايات الجمل.
3- إستعمال صيغ فعلية ماضية ،عند التعريب ، عوض الصيغ الفعلية المضارعة و العكس بالعكس.
4- تعريب دون إحترام الكلمات و الجمل و سواها أو صياغة تعريب نصّه مبهم يستعصى على الفهم.
5- إيراد كلمات بين معقّفين على أنّها لماو تسى تونغ فى حين أنّها ليست له.
6- إذا كان للمصطلح المقصود معنيين ، عدم ذكر أكثر من واحد فقط يخدم أغراضك.
7- من الضروري التلاعب بأدوات الربط بين الكلمات و الجمل.
8- إضافة جمل زورا و بهتانا تلصق بجمل معروفة لماو.
9- تهويل الأمر عبر التعميم و التجريد و إستعمال " جميع " و " كلّ " ...
10- تقديم كلام فى تاريخ ما دون تحديد لمرجع الوثيقة المقتطف منها.
11- إنكار الواقع و إيراد آراء مناقضة له.
12- عدم الإكتراث لنصّ إستشهاد تتحوّل جمله كالحرباء من موقع لآخر من المقال أو الكتاب.
13- إعطاء مرجع خاطئ لخلط التواريخ .
14- أخذ كلمات من جرائد فى حقبة معيّنة و الإيحاء بأنّها تعبير عن آراء ماو و إن كان هو نفسه نقدها.
15- عدم ذكر الصفحة ، ذكر فقط إسم المصدر.
16- تقديم حدث تاريخي معيّن في سنة محدّدة على أنّه من أحداث فترة لاحقة.
17- إنكار ظروف تطبيق سياسة معيّنة و تأويل تكتيك على أنّه إستراتيجيا.
18- عدم التعرّض للحلول المقترحة من قبل ماو لمعالجة المشاكل المناقشة.
19- إهمال الكمّيات و الأرقام.
20- عدم التفريق بين خصوصيّات الثورات و عقد مقارنات تماثل مهما كانت طبيعة الثورة مختلفة.
21- تأويل نصوص ماو تأويلا مغرضا .
22- منذ البداية ، صياغة عنوان يحمل طرحا مغلوطا للمسألة المعالجة.
23- وضع عنوان و اللغو ثمّ اللغو دون البرهنة على صحّة العنوان الموضوع.
24- نزع الجمل من إطارها و تركيبها تركيبا على أطر أخرى.
25- إلصاق نظرية هي لخصم ماو بماو والإنهيال على الأخير بالشتائم على أنّه متبنّيها.
26- حذف الأمثلة التوضيحية كي يمسي الكلام مجرّدا فضفاضا.
27- إدارة الظهر لآراء المنظّرين و نسب أفكار لهم و إن لم تكن لهم.
28- إستخدام مفردات متقاربة المعنى دون التمييز بينها من وجهة النظر الشيوعية.
29- تبنّى نظرية إحادية الجانب و عدم النظر للمسالة من جميع جوانبها.
30- إعتبار كلام ماو جريمة و مأثرة ثورية إن نطق به غيره.
31- الصمت المطبق عن عنوان المقال أو الخطاب إذا كان مناقضا للإتهام الموجّه لماو.
32- خلط المفاهيم المتعلّقة بالبرجوازية و أصنافها.
33- إيراد ما إشتهر به ماو تسى تونغ و إعتباره إعلانا كلاميّا لا غير لا ينطبق على ممارسته.
34- إدّعاء الدفاع عن لينين و ستالين و ضرب مقولاتهما في الصميم من خلال الهجوم على ماو.
35- توجيه تهمة بدعة حيث يوجد تطوير لعلم الثورة البروليتارية العالمية.
36- إعلاء المواقف اليسراوية على أنّها المواقف الثورية و تمرير مواقف يمينية.
37- إنتقاد أي عمل جبهوي على أنّه تنازل عن النقاوة الثورية.
38- الحكم بالخطإ على خطّ صحيح تعرّض للفشل في لحظة ما لأسباب ما.
39- الإستناد إلى التحريفيين السوفيات و الصينيين و تروتسكي و كاوتسكى ... و تبنّى بصورة غير معلنة موافقهم و إستعمالها ضد ماو.
40- إعتبار كلّ تنازل مهما كانت الظروف خيانة للبروليتاريا.
41- سلوك سياسة ماكييفال - الغاية تبرّر الوسيلة – غاية الخوجيين سحق الماوية لا تهمّ الوسيلة .
42- التنكّر للمنهج المادي الجدلي و تكريس المنهج الميتافيزيقي المثالي في تناول القضايا.
43- عمليّا و تطبيقيّا إعلاء راية الفلسفة البراغماتية و الإنتقائية...".

حقاّ ، " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! "



- " أن ينسب المرء إلى خصمه حماقة بيّنة لكي يدحضها فيما بعد، ليس من أساليب الرجال الأذكياء جدّا ".
( لينين ، " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكى" ، دار التقدّم موسكو ، صفحة 80)

- " إنّ المعرفة هي مسألة علم، فلا يجوز أن يصاحبها أدنى شيء من الكذب و الغرور، بل المطلوب هو العكس بكلّ تأكيد أي الصدق و التواضع ".

( ماو تسى تونغ ، " فى الممارسة العمليّة " ، المجلّد الأوّل من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " – صفحة 439 - الطبعة العربية )
------------------------------------------

كان على الخوجي محمّد الكيلاني و من لفّ لفّه حين إصدار الكتاب " الماوية معادية للشيوعية " و المدافعين عن الأفكار الخوجية التى يتضمّنها إلى اليوم أن يكونوا أمناء فى إستشهاداتهم بمؤلّفات ماو تسى تونغ وإن كانوا يعتبرونه خصمهم و عدوّهم اللدود ، مواصلين بذلك المنهج العلمي الذى علّمنا إيّاه معلّمو البروليتارية العالمية و على رأسهم ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو الذى لم يشوّه قط كتابات أعدائه حين كان يعمل على دحض أطروحاتهم ؛ إلاّ أنّ الكيلاني الخوجي فى مقدّمتهم متبعا خطى أستاذه أنور خوجا ، إنتهج مسلكا آخر إذ إختار التعامل الإنتهازي على شاكلة كاوتسكي الذى فضحه لينين فى " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " و الذى إليه وجّه التعليق أعلاه و تروتسكي فى قراءته للتاريخ و فى إقتطافه من جمل من يناقش.

غاية هذا المقال إذن ، هي فضح الإنتهازية المعادية للمنهج المادي الجدلي و المادي التاريخي و المواقف البروليتارية و البحث العلمي و من ثمّة ننسف الركيزة التى إنبنت عليها إستنتاجات خوجية خاطئة و ننشر حقيقة الماوية كمرحلة جديد ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية. و فى نقاشنا سنتبع ، بشكل عام ، الطريقة الآتى ذكرها : نورد النصّ المسشتهد به كما كتبه و قدّمه الكيلاني الخوجي ثمّ نعود و القارئ/القارئة إلى النصّ الأصلي و من هناك نمضى إلى التعليق النقدي و إجلاء الحقيقة.


كذب و تزوير فى التقديم


1- فضح الكذب و التزوير بصدد البرجوازية الوطنية

تقديم " الماوية معادية للشيوعية " :

الإستشهاد * بالصفحة 6 : يقول : " و يؤكّد ماو أنّه " بعد قلب طبقة الملاكين العقاريين و البرجوازية البيروقراطية، فإنّ التناقض الرئيسي فى الصين يصبح قائما بين الطبقة العاملة و بين البرجوازية " و لم يعد بالتالى صحيحا إستعمال مصطلح برجوازية وطنية ".

و نقرأ النصّ الأصلي : " بعد قلب طبقة الملاكين العقّاريين و البرجوازية البيروقراطية ، صار التناقض الرئيسي قائما بين الطبقة العاملة و البرجوازية الوطنية ، و لا يجب من هنا فصاعدا نعت البرجوازية الوطنية بالطبقة الوسطى".

(المجلّد الخامس من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، صفحة 80 ، بتاريخ 6 جوان 1952، و التسطير مضاف).

وتعليقنا نوجزه فى أربع نقاط :

1- الكيلاني الخوجي يحرّف ما كتب ماو حيث لم يذكر صفة البرجوازية كما وضعها ماو ، " الوطنية "، مميّزا إيّاها عن البرجوازية الإمبريالية أو البرجوازيات الأخرى.

2- لم يضع ثلاث نقاط بعد " البرجوازية " و كأنّ الجملة إنتهت و الحال أنّها لم تنته بعدُ و بقيّتها الغاية فى الأهمّية بترها بترا.

3- يستعمل " يصبح " بصيغة المضارع عوض " أصبح " بصيغة الماضي وهي الأصل ، موحيا بأنّ ذلك شأن مستقبلي فى حين أنّ ماو يؤكّد على " من هنا فصاعدا " و ذلك منذ 1952. تفوح من وراء هذا الفهم فكرة نكران حصول ذلك فى الصين ، فكرة محو الوقائع التاريخية ، وهي فكرة مبثوثة على طول الكتاب و عرضه ؛ إنّها إحدى ثوابت خطاب المؤلِّف الدغمائي التحريفي المستلهمة مباشرة من " الإمبريالية و الثورة " لأنور خوجا.

4- يضيف الخوجي إستنتاجا منافيا تماما لما إستخلصه ماو فيعطى مفهوما مناقضا كلّيا لما أراد قوله القائد البروليتاري العالمي. فهذا الأخير يشدّد على عدم وجوب نعت البرجوازية الوطنية بالطبقة الوسطى وهو يستعمل فعلا مصطلح " برجوازية وطنية " - مثلما نشاهد - و لم يدع إلى عدم إستعماله مثلما يدّعى الكيلاني الذى لا يفرّق بين البرجوازية الوطنية و البرجوازية الإمبريالية و هذه النقطة أيضا من ثوابت الخطاب الخوجي للكيلاني و أضرابه من الخوجيين .

منذ البداية لا يريد منّا الخوجي أن ننكر وقائع تاريخية صينية فحسب بل و أن ننكر الفروق الواقعية الملموسة بين البرجوازية الوطنية فى بلد كان بلدا مستعمرا و شبه مستعمر و شبه إقطاعي من جهة و من جهة أخرى ، البرجوازية فى البلدان الرأسمالية المتطوّرة فى مرحلتها العليا أي البرجوازية الإمبريالية. بكلمات أخرى، يطالبنا الكاتب الخوجي إنطلاقا من التوطئة أن لا نميّز بين الواقع الملموس وهو منبع المعرفة حسب المنهج المادي الجدلي من ناحية و الأفكار المثالية الذاتية المتخلّية المراد فرضها بدغمائية على الواقع المطموس و المشوّه و بأن لا نميّز بين الثورة الإشتراكية الموجّهة ضد البرجوازية الرأسمالية الإمبريالية و الثورة الديمقراطية الجديدة /الوطنية الديمقراطية الموجّهة ضد الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية / الكمبرادورية و التى يمكن ، وخلال فترات، أن تساهم فيها البرجوازية الوطنية بإعتبار مصالحها المناهضة للإمبريالية و عملائها و بإعتبار أنّ الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية بقيادة البروليتاريا و إن كانت تمهّد للثورة الإشتراكية فهي لا تستهدف القضاء ، فى مرحلة أولى ، على الرأسمال الوطني ، بل تقيّده و تحاصره و لن يتمّ إستهدافه مباشرة و تماما إلاّ فى مرحلة الثورة الإشتراكية تركيزا للملكية الإشتراكية فى شكل ملكية الدولة التى تمسك البروليتاريا بالسلطة فيها . و هكذا يسعى الكيلاني الخوجي إلى تحديدنا بإطار خوجي علينا كسره فى الحال تجاوزا للدغمائية و إلتصاقا بالواقع و كشفا للحقيقة التى هي وحدها الثورية كما قال لينين.


كذب وتزوير فى الفصل الأوّل:" اللينينية ماركسية عصرنا وليس الماوية "


2- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية و عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية "

قبل كلّ شيء ، عنوان هذا القسم الأوّل من الكتاب السيئ الصيت يتضمّن مغالطة كبرى فالمسألة مطروحة طرحا خاطئا ذلك أنّ الماوية لا تقترح على نفسها و لا يمكنها أن تقترح أن تعوّض اللينينية و أن تحلّ محلّها فالماوية إمتداد للماركسية-اللينينية و تطوير لها كمرحلة ثالثة فى تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماوية وهو ما سنشرحه ببعض التفصيل فيما بعد.

الإستشهادين 1 و 2 : أعلن الكيلاني : " غنيّ عن البيان أنّ التحريفيين الصينيين ظلّوا دائما يقدّمون " فكر ماو تسى تونغ " على " أنّه " قمّة الماركسية-اللينينية " و يذهبون إلى حدّ إعتباره " ماركسية عصرنا " مدّعين أنّ " ماو واصل الماركسية-اللينينية و حافظ عليها و طوّرها مرتقيا بها إلى مرحلة عالية جدّا و جديدة جدّا " (1) و يختلق التحريفيون الصينيون ، الذين قنّنوا كلّ هذه الإدعاءات بوضعها فى القانون الأساسي الموافق عليه فى المؤتمر التاسع الذى أشرف عليه ماو نفسه ، ليقولوا إنّ ماو وضع له التنظير الكامل وهو ما جعل فكره يشكّل" ماركسية-لينينية العصر الذى تسير فيه الإمبريالية نحو إنهيارها التام و الإشتراكية نحو الإنتصار الكامل فى العالم كلّه " (2)
[ و هذا نقل لأفكار و كلمات أنور خوجا فى الصفحة417 من " الإمبريالية و الثورة " ].

و مباشرة إلى ما ورد فى القانون الأساسي للحزب الشيوعي الصيني المصادق عليه فى المؤتمر التاسع فى 14 أفريل 1969:

" الأساس النظري الذى يقود تفكير الحزب الشيوعي الصيني هو الماركسية،اللينينية، فكر ماو تسى تونغ . إنّ فكر ماو تسى تونغ هو ماركسية- لينينية العصر الذى تسير فيه الإمبريالية إلى إنهيارها التام و الإشتراكية نحو الإنتصار الكامل فى العالم بأسره.

طوال نصف قرن ، و فى أثناء الصراعات الكبرى التى قادها تحقيقا للثورة الديمقراطية الجديدة و فى الثورة و البناء الإشتراكيين فى الصين و كذلك فى أثناء الجدال الكبير للحركة الشيوعية العالمية المعاصرة ضد الإمبريالية و التحريفية المعاصرة و كلّ الرجعية ، جمع الرفيق ماو تسى تونغ بين الحقيقة العالمية للماركسية-اللينينية و الممارسة الملموسة للثورة و واصل الماركسية-اللينينية و حافظ عليها و طوّرها فإرتقى بها إلى مرحلة أرقى و جديدة تماما ".

و هذا تعريبنا للنصّ الفرنسي الذى عثرنا عليه بالصفحة 250-251 من كتاب جلبار موري " من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني " ، الجزء الثاني ، سلسلة 10/18 الإتحاد العام للنشر ، باريس 1973 و النص الفرنسي هو :
« Le fondement théorique sur lequel le parti communiste chinois guide sa pensée, c’est le marxisme, le léninisme, la pensée Mao Tsé Toung. La pensée Mao Tsé Toung est le marxisme - léninisme de l’époque ou l’impérialisme va à son effondrement total et ou le socialisme marche vers la victoire dans le monde entier.
Pendant un demi-siècle , au cours des grandes luttes qu’il a --dir--igées dans l’accomplissement de la révolution de démocratie nouvelle et dans la révolution et l’édification socialistes en Chine, de même qu’au cours de la grande lutte du mouvement communiste international contemporain contre l’impérialisme , le révisionnisme moderne et toute la réaction, le camarade Mao Tsé Toung a uni la vérité universelle du marxisme –léninisme à la pratique concrète de la révolution, continué ,sauvegardé et développé le marxisme –léninisme, et il l’a fait accéder à une étape supérieure, toute nouvelle ».

- هي مرحلة أرقى و ليست " عاليةsupérieure ونسجّل الآتى بخصوص تعريب الكيلاني لنصّ ماو : مرحلة
- ليست " جديدة جدّا " بل جديدة تماما "، و فى إستعمال " عالية جدّا " متبوعة ب toute nouvelle جدّا " و - "جديدة جدّا " تحريف بيّن رغبه الكاتب إستهزاء أسلوبيّا بالماوية والماويين و بثّا للبلبلة و الغموض حول الهويّة
الفكرية للماوية منذ الفقرة الأولى إثر العنوان الحامل لطرح مغلوط للمسألة المعالجة . و ثمّة بون شاسع بين " الماركسية، اللينينية، فكر ماو تسى تونغ " فى القانون الأساسي الأصلي و الصيغة الخوجية " الماركسية و اللينينية و فكر ماو تسىى تونغ " الموحية بعمليّة ترصيف لا تداخل و تكامل فيها ، و أيضا بين " ماركسية- لينينية العصر" فى المرجع الأصلي و ما جاء فى جملة الكيلاني الخوجي " يذهبون إلى حدّ إعتباره " ماركسية عصرنا ".

و الجملة الأخيرة هذه تحمل نفس المغالطة فى عنوان القسم الأوّل من الكتاب الذى ننقد بل و تؤكّدها. فما من أحد من الماركسيين-اللينينيين-الماويين عدّ قطّ " الماوية ماركسيّة عصرنا "، ما من أحد أحلّ الماوية محلّ اللينينية و ما من أحد من الماويين أقرّ " بأنّ اللينينية قد تجاوزها الزمن و لم تعد صالحة و ينبغى تعويضها ب" الماوية " ،" ماركسية عصرنا " ( كلام الكيلاني بالصفحة 11).

و منطق التعويض هذا لا يستقيم أصلا فهل مثّلت اللينينية تجاوزا للماركسية بمعنى تعويضا لها ؟ قطعا ،لا. إنّ اللينينية فرضت نفسها كمرحلة جديدة ، ثانية و أرقى فى علم الثورة الحيّ النابض حياة فأضحى يسمّى الماركسية-اللينينية. و الماوية هي كذلك تشقّ طريقها ، فى الوقت الراهن ، لتفرض نفسها كمرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية المتطوّر أبدا بتطوّر الممارسة و التنظير الثوريين للبروليتاريا العالمية و من ذلك ما ذكره المؤتمر التاسع : " طوال نصف قرن ، و فى أثناء الصراعات الكبرى التى قادها تحقيقا للثورة الديمقراطية الجديدة و فى الثورة و البناء الإشتراكيين فى الصين و كذلك فى أثناء الجدال الكبير للحركة الشيوعية العالمية المعاصرة ضد الإمبريالية و التحريفية المعاصرة و كلّ الرجعية ".

و بين يدينا تقرير المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني المنعقد سنة 1973 وهو آخر المؤتمرات الماوية و هو ينطوى على ردّ مفحم مباشر على الكذب و التزوير الخوجيين : " بعد وفاة لينين ، حدثت تغيّرات كبرى فى الوضع العالمي، إلاّ أنّ العصر لم يتغيّر و المبادئ الجوهرية للينينية لم تتجاوز بل إنّها ما زالت الأساس النظري الذى يقود تفكيرنا اليوم " ( ص 291-292 من كتاب " من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني" المذكور أعلاه.) .و من يطلب المزيد من المعلومات التفصيلية بصدد تمسّك ماو تسى تونغ باللينينية التى طوّر أفكاره إنطلاقا منها و كإمتداد لها فعليه بالعودة إلى المقالات التى صيغت فى إطار الجدال الكبير بين الماركسيين –اللينينيين الصينيين بقيادة ماو تسى تونغ من جهة و التحريفية المعاصرة السوفياتية منها و الفرنسية و الإيطالية و التيتوية و غيرها من جهة ثانية . و من تلك المقالات نذكر : "عاشت اللينينية " و" حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " و " حول شيوعية خروتشاف المزيفة و الدروس التاريخية التى تقدمها للعالم" و" إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " و " سياستان للتعايش السلمي متعارضتان تعارضا تاما " و " أصل الخلافات و تطوّرها بين قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي و بينننا " و" هل يوغسلافيا قطر إشتراكي؟ " و " مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد " و " خطّان مختلفان حول مسألة الحرب و السلم " و " حول مسألة ستالين "...

أي نعم ، يضع الماركسيّون- اللينينيون-الماويون الماويّة ( فكر ماو تسى تونغ سابقا ) ليس إلى جانب الماركسية-اللينينية كترصيف خوجي غير جدلي و إنّما يعتبرونها مكمّلة و مواصلة لها و إمتدادا تسمّى الماركسية-اللينينية-الماوية لأنّها بالفعل كذلك تطويرا على كافة الأصعدة و فى المكوّنات الأساسية الثلاثة للماركسية ألا وهي الفلسفة الماركسية و الإقتصاد السياسي الماركسي و الإشتراكية العلمية. و بالنسبة للماركسين-اللينينيين -الماويين، الماوية هي المرحلة الثالثة و الجديدة و الأرقى فى تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية من ماركسية إلى ماركسيّة- لينينية إلى ماركسية-لينينية- ماوية. و ينكر الخوجيون المفضوحون منهم و المتستّرون – حزب العمّال و " الوطد"- و التحريفيون بعامة ذلك و يوقفون الماركسية فى المرحلة الأولى (الماركسية ) أو الثانية من تطوّرها ( الماركسية-اللينينية ) ( إن لم يلووا عنقهم إلى ما قبل الماركسية كما يفعل " الحزب الإشتراكي اليساري " الذى يقوده محمّد الكيلاني الذى بعد التهجّم على الماوية بإسم الماركسية-اللينينية واصل رحلته الإنتهازية إلى منتهاها للحسم فى الماركسية-اللينينية ذاتها ، و حزب العمل الوطني الديمقراطي إلخ ) زورا و بهتانا و الإقرار بالماركسية –اللينينية –الماوية بالنسبة لهم " أمر فى منتهى الغرابة و لا يمتّ بأيّة صلة للشيوعية " (و الكلام للكيلاني ، صفحة 11).

و نتابع.

فى مقولة " اللينينية ماركسية عصرنا و ليس الماوية " خلط متعمّد بين عصر التطوّر الإجتماعي وهو فعلا عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و بين مراحل تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية حيث أنّ العصر كما شرح لينين هو عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و إلى الآن لم يتغيّر العصر غير أنّ علم الثورة البروليتارية راكم عديد التجارب النضالية منها إستشفّت دروسا عملية و نظرية مثّلت و تمثّل إضافات للإرث اللينيني و تطويرا له. فهذا العلم مثل أيّ شيء حيّ أو ظاهرة حيّة ينمو و يتطوّر و يمرّ بتغيّرات كمّية و نوعية / كيفية فتحدث فيه بفعل ذلك و فى علاقة جدلية بين الكمّي و النوعي قفزات أو طفرات و وثبات. و إنكار تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية خلال عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية هو نكوص عن المادية الجدلية ينتهى بصاحبه إلى رؤية مثالية ميتافيزيقية تحوّل علم الثورة إلى دوغما ثابت ، ساكن ، ميّت لا يتطوّر و لا ينمو و لا يعالج المشاكل و التناقضات التى تبرز بإستمرار فى واقع مادي حيّ و فى تحرّك مطلق إذ المادة حركة. و من هنا و بهذا الفهم الخوجي تمسى " الماركسية-اللينينية "على الطريقة الخوجيية سلاحا دغمائيّا يشهره أعداء الثورة فى وجه الماديين الجدليين الساعين بجهد جهيد إلى تغيير ثوري لواقع لا يمكن تغييره بنظرية دغمائية تتعامى عن ما يفرزه على الدوام من مشاكل و تناقضات جديدة خلال هذا العصر ذاته ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية، تستدعى بالضرورة النضال فى سبيل معالجتها عمليّا و نظريّا إنطلاقا من الحقائق الملموسة و الدروس و النظريّات المستقاة من التجارب السابقة لكفاح البروليتاري العالمي على كافة الأصعدة و أيضا المستقاة من الإنغماس المباشر فى تثوير الواقع و تغييره تغييرا ثوريّا صوب الشيوعية.

هذا من ناحية ، و من ناحية ثانية ، إعتبار أنّ اللينينية حلّت جميع تناقضات كافة عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية من أوّله إلى آخره و لم تدع أيّ تناقض فى هذا العصر إلاّ و عالجته لا يمكن إلاّ أن يعتبر قمّة فى تجاهل الواقع الملموس منذ وفاة لينين و الإستخفاف به و قمّة أيضا فى تقديم أفكار مسبّقة لتحلّ محلّ الواقع. و هذا الموقف المثالي الخوجي كما نلمس لا يعير الواقع الإنتباه الذى يستحقّ بما هو مجال مادي للصراع الطبقي الحقيقي و الملموس فى المجالات جميعها ، عمليّا و نظريّا و بما هو موضوع التغيير الثوري المرجوّ إضافة إلى كونه منبع الحقائق و النظريّات المعمّمة و الملخّصة لحقائق الممارسة العملية إنطلاقا منه و منها و كونه محكّا لصحّتها.

" إنّ المعرفة تبدأ من الممارسة العملية . و المعرفة النظرية التى يتمّ إكتسابها عن طريق الممارسة العملية ، يجب أن تطبّق فى الممارسة العملية مرّة أخرى. إن الدور الفعّل للمعرفة لا يتجلّى فى القفزة الفعّلة من المعرفة الحسيّة إلى المعرفة العقلية فحسب ، بل ينبغى أن يتجلّى أيضا - و هذا أهمّ من ذاك- فى القفزة من المعرفة العقلية إلى الممارسة العملية الثورية ".

( ماو تسى تونغ ، " فى الممارسة العملية " )

و يعكس هذا الموقف الخوجي منطقا يدير ظهره بلا خجل ( مع إدعاء المادية ) للواقع المادي الحيّ و المتحرّك و الديناميكي ، واقع نضال البروليتاريا العالمية منذ وفاة لينين إلى يوم الناس هذا و يتمسّك بتحنيط علم الثورة البروليتارية العالمية ضمن مفاهيم و صيغ مثالية ذاتية لا أكثر و لا أقلّ ما يحوّل الماركسية النقدية أبدا و مرشد العمل إلى دوغما لا غير أبعد ما يكون عن الفهم المادي الجدلي للعلاقة بين النظرية و الممارسة العملية.

فى سياق عرضه لنظرية المعرفة الماركسية-اللينينية فى مقاله ضد الجمود العقائدي فى التعاطي مع الواقع، " فى الممارسة العملية : فى العلاقة بين المعرفة و الممارسة العملية - العلاقة بين المعرفة و العمل" ( 1937) ، أكّد ماو تسى تونغ الإرتباط الوثيق بين نشأة الماركسية و تطوّرها بالواقع قائلا :

" إذا أراد أي شخص أن يفهم أي شيء من الأشياء ، فليس له من سبيل إلى ذلك سوى الإحتكاك بهذا الشيء ، أي العيش ( الممارسة العملية) فى محيطه. فقد كان من المستحيل على المرء أن يدرك مقدّما قوانين المجتمع الرأسمالي وهو يعيش فى المجتمع الإقطاعي، إذ أنّ الرأسمالية لم تكن قد ظهرت بعدُ ، و لذلك فإنّ الممارسة العملية التى تتفق معها لم تكن قد وُجدت أيضا. إنّ الماركسية لا يمكن أن تظهر إلى الوجود إلاّ كنتاج للمجتمع الرأسمالي. و لم يكن بمقدور ماركس ، فى عصر الرأسمالية الحرّة ، أن يدرك مقدّما و بصورة محدّدة بعض القوانين الخاصة بعصر الإمبريالية ، إذ أنّ الإمبريالية - آخر مراحل الرأسمالية - لم تكن قد ظهرت بعد إلى حيّز الوجود ، و كذلك الممارسة العملية التى تتفق معها لم تكن قد ظهرت بعدُ، فكان فى إستطاعة لينين و ستالين وحدهما الإضطلاع بهذه المهمّة . إذا إستثنينا شرط العبقرية فإنّ السبب الرئيسي فى قدرة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين على صياغة نظرياتهم يعود إلى مساهمتهم شخصيّا فى ممارسة الصراع الطبقي و التجربة العلمية فى زمانهم ".

( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الأوّل ، صفحة 437- 438 )

" إن الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقض مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ أن تتقدّم ، و لا بدّ أن تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها أن تكفّ عن التقدّم. فإذا توقفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها ، إلاّ أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا، و أن نقضت فسترتكب أخطاء. إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ،هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية ".

( ماو تسى تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "، 1957)

و عليه لم يساهم لينين شخصيّا فى ممارسة الصراع الطبقي و التجربة العلمية منذ عقود الآن فلم يساهم فى الثورة فى الثلاثينات و الأربعينات و الخمسينات و الستينات و السبعينات... من القرن الماضي و الحال أنّ كافة هذه العقود عقب وفاته تتنزّل ضمن عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية الذى لم ينته بعدُ و على الأرجح ، إثر خسارة البروليتاريا العالمية للبلدان الإشتراكية السابقة و مثلما أثبتت التجربة العالمية ، سيمتدّ لعقود كثيرة أخرى أو ربّما أكثر من ذلك. و من معلّمي البروليتاريا العالمية العظماءالذى شهد العقود التى لم يشهدها لينين نجد ماو تسى تونغ الذى تطبيق الماركسية – اللينينية عمليّا و نظريّا ليرتقي بها ، فى خضمّ المعارك المحتدمة على كافة الأصعدة ، إلى مرحلة ثالثة جديدة و أرقي.

أمّا التغيّرات الكبرى و الصراعات العظمى ضمن عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و التى حدثت إثر وفاة لينين و طوال عقود الآن و مثّلت الأساس والقاعدة المادية الملموسة التى نجمت عنها قفزة / وثبة جديدة فى علم الثورة البروليتارية العالمية ، مرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى لتمسي الماركسية – اللينينية - الماوية فنجمل هنا أهمّها : الثورة الديمقراطية الجديدة فى الصين و حرب الشعب الطويلة الأمد و بناء الإشتراكية فى كلّ من الإتحاد السوفياتي و الصين الماوية ثمّ إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي و معركة الماوية للحيلولة دون حدوث الشيء نفسه فى الصين و الجدال الكبير ضد كافة أرهاط التحريفية المعاصرة و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى...

كلّ تلك التجارب البروليتارية العالمية و الأحداث التاريخية التى هزّت العالم هزّا ، كلّ تلك الصراعات التى خاضها البروليتاريا العالمية ، كلّ تلك المراكمات و ما أسفرت عنه من تغيّرات كمية و نوعية لا تثمّن فى علم الثورة البروليتارية العالمية ، دفعت البروليتاريا ضريبتها غاليا و غاليا جدّا و يريد منّا الخوجيون الدغمائيّون التحريفيون بمثالية أن ننبذها و أن نفسخها بجرّة قلم و كأنّها لم تكن بتاتا. لا و ألف لا ، لن ننبذها و لن نغضّ الطرف عن تجارب البروليتاريا العالمية و نضالاتها بدروسها الإيجابية و السلبية فسبيل البناء المستقبلي لهذه الثورة لا يسعه إلاّ أن ينطلق من أعلى و أرقى نقطة بلغتها البروليتاريا عمليّا و نظريّا و إلاّ أهدرت و ذهبت سدى المساهمات العظيمة فى علم الثورة البروليتارية العالمية من جهة و من جهة ثانية أُعيدت نفس الأخطاء السابقة فى الممارسة الثورية لطبقتنا. و هذا ،التفريط فى الجوانب الإيجابية المتقدّمة لتلك التجارب و الصراعات العظيمة و إعادة الأخطاء عينها بعد تقييمها و فهمها و إيجاد حلول تخطّيها ، ضرب من ضروب التحريفية و فى النهاية خيانة لمصالح البروليتاريا العالمية.

و لينين العظيم الذى طوّر الماركسية إلى مرحلة ثانية ، جديدة و أرقى ، الماركسية-اللينينية ، بغوصه فى الواقع ( الواقع العالمي و الصراع الطبقي و واقع روسيا وواقع الحركة الشيوعية العالمية فى زمانه ) تحليلا و إستيعابا و معالجة للمشاكل و التناقضات من وجهة نظر البروليتاريا و تغييرا ثوريّا ، ما وقف يوما موقفا دغمائيّا و مثاليّا من علم الثورة البروليتارية العالمية بل بالعكس تماما عمل قصارى جهده لتطوير الماركسية فى جميع المجالات ودعا غيره من الثوريين البروليتاريين أن يحذوا حذوه آخذين بنظر الإعتبار المهام الجديدة التى يطرحها الواقع بغية تغييره تغييرا ثوريّا فى مصلحة البروليتاريا و تحريرالإنسانية من كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد. و لنضرب مثالا على ذلك بصدد الثورة الديمقراطية الجديدة مثلما سمّاها ماو تسى تونغ فيما بعد ( الثورة الديمقراطية المعادية للإمبريالية و الرأسماليّة البيروقراطية / الكمبرادورية و الإقطاعية) سندنا فى ذلك " تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظّمات الشيوعية لشعوب الشرق "( 1919).

عاقدا مقارنة بين الثورة البلشفية و الثورات القادمة آنذاك فى الشرق ، كتب :

" و ينبغى لى أن أقول إنّه ّإذا كان قد تيسّر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ،و القيام بمهمّة فى منتهى العسر و لكنّها فى منتهى النبل هي إحداث طرق جديدة فى الثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثّلي جماهير الكادحين فى الشرق مهمّة أعظم و أكثر جدّة ".

و يتابع فى فقرة أخرى من التقرير عينه : " و فى هذا الحقل ، تواجهكم مهمّة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل: ينبغى لكم أن تستندوا فى الميدانين النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصّة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلّف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمّة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد يقايا القرون الوسطى".

وفى الفقرة قبل الأخيرة من التقرير يشدّد على أنّ : " هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى كتاب من كتب الشيوعية و لكنّكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا. لا بدّ لكم من وضع هذه القضيّة و من حلّها بخبرتكم الخاصّة ، و يساعدكم فى ذلك من جهة ، التحالف الوثيق مع طليعة جميع الكادحين فى البلدان الأخرى ، و من جهة أخرى ، معرفة التقرّب من شعوب الشرق التى تمثّلونها هنا."

(خطّ التشديد مضاف، لينين ، " ضد الجمود العقائدي و الإنعزالية فى الحركة العمّالية " دار التقدّم موسكو، صفحات 148و 150 و 152).

بيّن إذا أنّ لينين بشموخ يقف ضد الجمود العقائدي و ضد المثالية من ناحية ، و من ناحية أخرى مع تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية دوما و بإستمرار لمواجهة المهام الجديدة التى يفرضها و يتطلّبها الواقع و الظروف العامة و الخاصّة و لم يشر أو يلمّح البتّة ( و لا يمكنه فعل ذلك بإعتباره مادي و جدلي ) أنّه حلّ كافة قضايا و تناقضات عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية من أوّله إلى آخره ( و لا يمكنه ذلك فالعصر المعني إمتدّ بعد وفاته عقود إلى الآن و سيستمرّ دون أدنى شكّ لعقود عديدة أخرى إن لم نتحدّث عن قرون).

إنّ من يخلط بين عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية من جهة و مراحل تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية من جهة أخرى غير لينيني مطلقا بل و يشوّه لينين و اللينينية و إن إدعى أنّه ماركسي- لينيني . و إنكار تطوير الماركسية-اللينينية إلى مرحلة ثالثة ، جديدة و أرقى : الماركسية-اللينينية-الماوية ، على أنّه معاد للماركسية-اللينينية، لا يعدو أن يكون إنكارا للينينية و تزويرا لها علاوة على أنّه تنصّل دغمائي تحريفي و مثالي من الواقع و التاريخ بحيثيّاته و أحداثه و صراعاته و نضالات البروليتاريا العالمية فى الميدانين النظري و العملي منذ وفاة لينين.

و فى ختام هذه المعالجة المقتضبة للموضوع الذى نحن بصدده هنا ، علينا أن نلخّص بإيجاز ( لأنّ المجال لا يسمح بأكثر من ذلك) محتوى الماوية كمرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية ، الماركسية-اللينينية –الماوية. و لم نجد بهذا المضمار أفضل من مقتطف وجيز من وثيقة صاغها سنة 1988رفاق الحزب الشيوعي البيروفي، " بصدد الماركسية-اللينينية-الماوية " :

" بشأن مضمون الماوية ، من البديهي أن من ضمن خلاصتها ، علينا أن نشير إلى المسائل الأساسية التالية :

1- نظريا : للماركسية مكوّنات ثلاثة هي الفلسفة الماركسية و الإقتصاد السياسي الماركسي و الإشتراكية العلمية و تطوّر فيها جميعها تترتّب عليه قفزة كبرى نوعية فى الماركسية بكليتها أي وحدة بمستوى أرقى بمعنى مرحلة جديدة . و بالتالى ، الأساسي هو إثبات أن الرئيس ماو كان منبعا لمثل هذه القفزة الكبرى النوعية كما يمكن رؤية ذلك نظريا و عمليا . و لضرورة العرض دعونا نمعن النظر فى الأمر فى هذه النقطة و النقاط التالية .

بصدد الفلسفة الماركسية ، طوّر ماو ما يمثل جوهر الجدلية و نقصد قانون التناقض معتبرا إياه قانونا جوهريا وحيدا و إلى جانب فهمه الجدلي العميق لنظرية المعرفة و محورها القفزتان اللتان تمثلان قانونها ( من الممارسة العملية إلى المعرفة و من هذه الأخيرة إلى الأولى ، مع أن القفزة الرئيسية هي من المعرفة إلى الممارسة العملية ) ، يبرز أنه طبّق ببراعة قانون التناقض فى السياسة . و فوق ذلك كله ، فإنه أوصل الفلسفة إلى الجماهير منجزا بذلك المهمّة التى أبقاها ماركس عالقة .

فى الإقتصاد السياسي الماركسي، طبّق الرئيس ماو الجدلية لتحليل العلاقة بين البناء التحتي و البناء الفوقي و واصل النضال الماركسي-اللينيني ضد الأطروحة التحريفية ل"قوى الإنتاج" و إستشف أن البناء الفوقي و الوعي بوسعهما أن يغيّرا البناء التحتي و بواسطة السلطة السياسية بإمكانهما تطوير قوى الإنتاج . و مطوّرا الفكرة اللينينية عن السياسة كتعبير مكثّف عن الإقتصاد ، رسّخ وضع السياسة فى المصاف الأول ( وهو أمر قابل للتطبيق على كافة الأصعدة ) و أن العمل السياسي هو الخط الحيوي للعمل الإقتصادي ممّا أدى إلى تحكّم حقيقي فى الإقتصاد السياسي و ليس إلى مجرد سياسة إقتصادية .

مسألة على أهمّيتها يتجنّبها خاصة الذين يواجهون ثورات ديمقراطية هي الأطروحة الماوية عن الرأسمالية البيروقراطية أي الرأسمالية التى تتطوّر فى الأمم التى تضطهدها الإمبريالية مع درجة متفاوتة من وجود الإقطاعية أو غيرها من أنماط الإنتاج السابقة عليها حتى . و هذه مسألة حيوية رئيسيا بالنسبة لآسيا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية ذلك أن كمرحلة ثانية مرهون ، إقتصاديا ، بمصادرة هذا الرأسمال البيروقراطي .

لكن الرئيسي هو أن الرئيس ماو تسى تونغ طّور الإقتصاد السياسي للإشتراكية . و فى منتهى الأهمية هو نقده للبناء الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي و الشيئ نفسه يمكن قوله عن أطروحته حول كيفية تطوير الإشتراكية فى الصين : إعتبار الفلاحة قاعدة و الصناعة القائدة و إعتبار أن الصناعة توجّهها العلاقة بين الصناعة الثقيلة و الصناعة الخفيفة و الفلاحة و أن محور البناء الإقتصادي هوالصناعة الثقيلة و فى الوقت ذاته تجب إعارة الإنتباه التام إلى الصناعة الخفيفة و كذلك إلى الفلاحة . ويتعيّن أن نشدّد على القفزة الكبرى إلى الأمام و ظروف تنفيذها : أولا ، خط سياسي وجّهها توجيها صائبا و صحيحا و ثانيا ، أشكال تنظيمية صغرى و متوسطة و كبرى و عددها يكثر حسب خاصيّة كل منها و ثالثا إندفاع جماهيري عظيم و مجهود جبّار دفعا لإنجازها و إنجاحها . و القفزة الكبرى إلى الأمام تقيًّم نتائجها أساسا تبعا للسيرورة التى أطلقتها و أفقها التاريخي أكثر من تقييمها تبعا لمكاسبها الآنية و صلتها بالتعاونيات الفلاحية و الكمونات الشعبية. و فى النهاية ، ينبغى أن نأخذ بعين الإعتبار تعاليمها حول الموضوعية و الذاتية فى فهم قوانين الإشتراكية و التحكم فيها و أن العشريات القليلة من الإشتراكية لم تسمح بمشاهدة تطوّر تام و من هنا معرفة أفضل لقوانينها و لخصوصياتها و رئيسيا العلاقة بين الثورة وسيرورة الإنتاج المجسدة فى " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " . و مع ذلك بالرغم من أهميته البالغة، قلما تتم معالجة هذا التطوير للإقتصاد السياسي الماركسي .

فى ما يتعلق بالإشتراكية العلمية ، طوّر الرئيس ماو نظرية الطبقات محلّلا إياها على المستويات الإقتصادية و السياسية و الإيديولوجية . و وضع العنف الثوري كقانون عالمي دون إستثناء و الثورة كإحلال عنيف لطبقة محلّ طبقة أخرى و صاغ أطروحته العظيمة " من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية " و حلّ مسألة إفتكاك السلطة فى الأمم المضطهَدة عبر طريق محاصرة المدن إنطلاقا من الريف و بتّ أيضا فى قوانينها العامة . و جدّد بتألق نظرية صراع الطبقات فى ظلّ الإشتراكية و طوّرها و أوضح أن الصراع التناحري يستمرّ فى ظلّ الإشتراكية بين البروليتاريا و البرجوازية و بين الإشتراكية و الرأسمالية و أنه بالملموس ، لم يتحدّد من الذى سينتصر على من وهو مشكل يحتاج حلّه إلى وقت ، وبيّن تطوّر سيرورة إعادة تركيز الرأسمالية و نقيضها حتى تتمكن البروليتاريا من التوطيد النهائي للسلطة عبر دكتاتورية البروليتاريا . و ختاما و رئيسيا ، قدّم الحل العظيم ذو الأهمية التاريخية البالغة ألا وهو الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كمواصلة للثورة الإشتراكية فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.

تبيّن هذه المسائل الأساسية المعروضة ببساطة تقريبا و المعروفة و غير القابلة للدحض ، تبيّن تطوير الرئيس ماو لمكوّنات الماركسية و سموّه البديهي بالماركسية – اللينينية إلى مرحلة ثالثة ، جديدة و أرقى هي الماركسية –اللينينية –الماوية ، رئيسيا الماوية. "

( مقتطف من " الماوية : نظرية و ممارسة " -1- : علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية- اللينينية - الماوية " ، شادي الشماوي، موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت )

كذب وتزوير فى الفصل الثاني : " لاعلاقة للماوية بالفلسفة الماركسية "


3- فضح الكذب و التزوير بصدد الماوية و مسألة ستالين

و نأتى إلى مسألة ستالين حيث يزيف الكيلاني الخوجي الحقائق فيقول : " التحريفيون الصينيون يكنّون له إحتقارا كبيرا و يعتبرونه ضعيفا فى النظرية و أضرّ بالماركسية-اللينينية عندما وضعها فى " قوالب جامدة " ، و لا يستحقّ أن يوضع إلى جانب ماو" ( " الماوية معادية للشيوعية "، صفحة 11).[ آراء أنور خوجا ، صفحة 461-465].

نسرع فى الحال إلى تقرير المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني المنعقد فى 1973والذى إستشهدنا به أعلاه و نترك له الكلمة من جديد ليكنس الغبار الخوجي المنثور على الموقف المبدئي للماويين :

" على كلّ عناصر الحزب أن يدرسوا بجدّ مؤلفات ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و مؤلفات الرئيس ماو و أن يتمسّكوا بصلابة بالمادية الجدلية و المادية التاريخية و أن يحاربوا المثالية و الميتافيزيقية و أن يغيّروا نظرتهم للعالم ". ( صفحة 298،" من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني " لجلبار موري، سلسلة 10/18 ، الإتحاد العام للنشر ، باريس 1973) .

و من ما تقدم نشاهد معا الكذب الفجّ . و العيان لا يحتاج إلى بيان.

عند تقييم التجربة التاريخية السوفياتية لدكتاتورية البروليتاريا فى ظلّ قيادة ستالين للإتحاد السوفياتي برزت إلى الوجود ثلاثة مواقف أساسية هي الموقف التروتسكي والتحريفي الخروتشوفي المدين لستالين على أنّه دكتاتور أرسى عبادة الفرد...

و فى أواخر السبعينات خرج علينا الخوجيون بموقف آخر يتبنّى التجربة الإشتراكية فى ظلّ ستالين بحذافرها و لا يرى فيها أية جوانب سلبية أو أخطاء أو نواقص أو هنات . بالنسبة للخوجيين ، ستالين لم يخطإ أبدا و ليست له أّية إنحرافات ، كلّ ما نظّر له و مارسه صحيح لا تشوبه شائبة و لا ثغرات فيه مهما كانت صغيرة أو طفيفة. و هذه نظرة مثالية و إحادية الجانب.

و منذ خمسينات القرن العشرين ، قد إنبرى ماو تسى تونغ على رأس الحزب الشيوعي الصيني ليتصدّى للتحريفيين منجزا تقييما علميّا عميقا (ما فتئ الماركسيون-اللينينيون-الماويون يعمّقونه) لحقبة قيادة ستالين للإتحاد السوفياتي و أعلنها صراحة و على الملأ بأنّ ستالين ماركسي - لينيني عظيم يجب الإستفادة من كتاباته و رفع رايته عاليا لكن كذلك يجب دراسة أخطائه و تجنّب الوقوع فيها مجدّدا. و هذا هو الموقف العلمي المادي الجدلي.

وقد لخّص ماو تقييمه لستالين من وجهة نظر بروليتارية و بمنهج مادي جدلي فى أنّه ماركسي- لينيني عظيم قام بأخطاء أحيانا جدّية و أخطاؤه لا تتجاوز 3 من 10 من ما قدّمه للحركة الشيوعية العالمية . و تناول الأخطاء بالشرح و التفسير تاريخيّا و موضوعيّا و ذاتيّا كي تكون مصدر دروس و عبر للبروليتاريا العالمية مثلها مثل الجوانب المضيئة فى ممارسة و تنظير الماركسي- اللينيني العظيم ستالين.

و ببساطة نضيف أنّه من المعلوم لدى الجميع عالميّا و ليس قطريّا أو عربيّا فقط أنّ الماركسيين-اللينينيين-الماويين يرفعون راية الرؤوس الرموز الخمس و منهم ستالين : ماركس ، إنجلز ، لينين، ستالين و ماو فهل أدلّ من ذلك على كذب و تزوير الخوجيين لموقف الماويين من ستالين ؟

و هنا لن ندخل فى تفاصيل أخرى لأنّ المجال لا يسمح بذلك و لأنّنا سبق و أن أفردنا عددا كاملا، العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " ، للمسألة ، تحت عنوان "مسألة ستالين من منظور الماركسية-اللينينية-الماوية ". فمن أراد التوسّع فى الموضوع و الإبحار مع بعض تفاصيله ، فعليه بالعودة إلى هذه الوثيقة على موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت.

4- فضح الكذب و التزوير بصدد "علاقة الماوية بالفلسفة الصينية القديمة "

الإستشهاد 9، بالصفحة 15:

" كما أنّه يقرن دور الثورة " بالدور المطهّر للنار فى الفلسفة القديمة " بحيث أنّ اليسار يقوم بثورة كلّما إستولي اليمين على الحكم لتطهير المجتمع من " الأدران" التى لحقت به ، يقول :" يجب " " إشعال النار" بصفة دورية . كيف نتصرّف فى ذلك مستقبلا ؟ فى رأيكم يجب أن نقوم بذلك مرّتين كلّ خمسية تماما كشهر الكبس فى تقسيم الأوقات القمري ،الشمسي ، يعود مرّة كلّ 3 سنوات أو مرّتين كلّ خمس سنوات".[ أنورخوجا ، صفحة 435-436].

نستهلّ بنقد إستغلال الجمل بعد نزعها من إطارها ف" إشعال النار" لا يقصد به ماو هنا الثورة كما يريد أن يُفهمنا الخوجي ، بل هو يقصد النقد و النقد الذاتي و هاكم بالضبط ما قاله ماو فى بداية مقاله الذى منه إقتطف الكيلاني تلك الجمل : " ... مثلا قلت : حين يشرع الناس فى نقدنا ، يعنى ، حين تشتعل النار، ألن يؤذينا ذلك ؟ يجب علينا أن نقوّي جلد دماغنا و نصمد..."( الصفحة 497 من المجلّد الخامس من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة الفرنسية ، التسطير من وضعنا ) .

و هذه الآن الأسطر السابقة بالضبط للفقرة التى أوردها الخوجي ( بالصفحة 499 ذاتها ):" كلّ واحد من رفاقنا له عيوبه ، و من ليست له عيوب؟ الناس ليسوا أنبياء ، كيف يمكن ان يكونوا معصومين من الخطإ ؟ من الحتمي أن نقوم بأخطاء فى كلامنا أو فى أفعالنا ، أخطاء ذات طابع بيروقراطي مثلا. ففى غالبية الأحيان لا نكون واعين بذلك."

و هذه الجمل إنّما هي دعوة من ماو للحزب و للجماهير لممارسة النقد و النقد الذاتي لإصلاح الأخطاء التى حصلت و الممكنة الحصول مستقبلا و ليست بالمرّة تعريفا لكيفية القيام بالثورة . و قد وردت ضمن الخطاب المعنون ب : " دحض هجمات اليمينيين البرجوازيين " ( بتاريخ 9 جويلية 1957) حيث يحلّل ماو نقد اليمين البرجوازي لإنجازات الشيوعيين و ممارستهم التى رفعت من وعي الجماهير و لكنّه فى ذات الآن يدعو الحزب و الجماهير إلى ألاّ يغترّوا بالمنجزات و ينسوا النواقص التى يلزم تجاوزها و التى لا بدّ ، قبل ذلك، من كشفها عبر اللجوء إلى النقد و النقد الذاتي.

ثمّ إنّ هذا الإستشهاد عينه ، (9) ، يفنّد إدّعاءات الخوجي بأنّ ماو يعتبر نفسه " يعرف كلّ شيء" و أنّه موافق على مقولة " لإيجاد حلّ لأيّ شيء ، فى أيّ وقت و فى أي بلد يكفى أن تقرأ كتابات ماو و تسترشد بأفكار ماو" ( بالصفحة 11 من " الماوية معادية للشيوعية " ). أمّا نظرية " العبقريّ " فليست سوى نظرية لين بياو الذى كان " يرفع الراية الحمراء ليسقطها " معدّا لإنقلاب فشل فى إنجازه سنة 1971 و هرب إثر ذلك إلى الإتحاد السوفياتي لكنّ الطائرة التى كانت تقلّه تحطّمت قرب الحدود الصينية السوفياتية. إنّها نظرية عدوّ ماو تسى تونغ المتخفّي ، إنّها غريبة كلّ الغرابة عن أفكار ماو تسى تونغ الذى قاد حملة نقد شعبية عبر الصين كافة لنقد هذه النظرية وخطّ لين بياو التحريفي ( و كنفيشيوس) ككلّ من 1971 إلى 1975. و من الوثائق التى تبرز هذه الحقيقة رسالة ماو تسى تونغ لتشينغ تشانغ بالصفحة 18 من " لومند : أربعون سنة من الصين الشعبية " بالفرنسية . و أيضا لدراسة مستفيضة نوعا ما لنضال ماو تسى تونغ ضد لين بياو و خطّه التحريفي ، يمكن للمهتمّين بمزيد التفاصيل أن يطّلعوا على " الصين الماوية : حقائق و مكاسب و دروس " لشادي الشماوي ، على موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت.


5- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية وتعويض الجدلية بالثنائية "

الإستشهاد (10) بالصفحة 16-17:

"... و على هذا الأساس يصبح تحوّل الضدّ إلى ضدّه مجرّد تغيير فى الموقع و ليس حلاّ للتناقض أو تغيير فى طبيعة الشيء أو الظاهرة. إنّه يعتقد مثلا أنّ البرجوازية و البروليتاريا تتبادلان المواقع و تحافظان فى نفس الوقت على وجودهما كطبقتين يقول ماو : " بواسطة الثورة تتحوّل البروليتاريا كطبقة مهيمن عليها إلى طبقة مهيمنة. و تتحوّل البرجوازية التى هيمنت إلى حدّ الآن إلى طبقة مهيمن عليها كلّ واحدة أخذت مكان خصيمتها ".[ أنور خوجا، صفحة 438]

و تعليقا نسوق الملاحظات التالية :

أوّلا، فى النصّ الأصلي بالفرنسية ( وإليكم الصفحة التى لم يذكرها الكاتب ، الصفحة 377 ضمن " فى التناقض" ، أوت 1937، المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " – الطبعة الفرنسية ) لا وجود لنقطة بين " مهيمنة " و " تتحوّل " ذلك أنّها جملة واحدة. ثمّ إنّ تعريب« jusqu’alors »
ليس " حدّ الآن " بل " حدّ ذلك الحين" و كأنّنا بالكاتب المترجم الخوجي يريد ممّن يقرأ أن يشعر بأنّ ماو مقرّ بهيمنة البرجوازية فى بلاده فى حين كان ماو يتحدّث بصفة عامّة سنة 1937 و الصين لم تكن بلدا رأسماليّا وقتئذ بل بلدا مستعمرا و شبه مستعمر و شبه إقطاعي و البرجوازية الرأسمالية الوطنية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات تختلف عن البرجوازية الرأسمالية الإمبريالية فى البلدان الإمبريالية.

ثانيا، إليكم النصّ الأصلي بالعربية من الطبعة العربية من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الأوّل ، بالصفحة 491 :

" إنّ البروليتاريا التى كانت محكومة تصبح هي الحاكمة بواسطة الثورة ، بينما البرجوازية ، وهي الحاكمة فى الأصل ، تصبح هي المحكومة و تنتقل إلى المركز الذى كان نقيضها يشغله من قبل".

و الكيلاني بما هو تحريفي دغمائي سيقف عند " خصيمتها " و يحرمنا من المثال الشارح للفكرة العامة التى صاغها ماوتسى تونغ فبالضبط إثر( بكلام الكيلاني) و " نقيضها يشغله من قبل" ( فى النصّ باللغة العربية )، نعثر على الجملة التالية : " و هذا ما حدث فى الإتحاد السوفياتي ، و سيحدث فى العالم بأسره ".

ما معنى ذلك ؟ ألم يكن ما حدث فى الإتحاد السوفياتي تحوّلا نوعيّا و حلاّ مؤقّتا للتناقض هناك نتيجة ثورة أكتوبر العظيمة ؟ و نؤكّد حلاّ مؤقّتا و ليس نهائيّا للتناقض بين البروليتاريا والبرجوازية . ذلك أنّ البروليتاريا أي نعم إفتكّت السلطة لكن ذلك لا يعنى القضاء النهائي على البرجوازية القديمة منها و الجديدة التى تنشأ فى رحم الإشتراكية ذاتها، إجتماعيّا و إقتصاديّا و سياسيّا و ثقافيّا . و النتيجة ليست إضمحلال البرجوازية وزوالها فى المجتمع الإشتراكي كما يروّج إلى ذلك التحريفيون السوفيات و الصينيون و الخوجيون و من لفّ لفّهم ، و إنّما سيتخذ التناقض شكلا آخر تكون فيه البروليتاريا مهيمنة و بأكثر دقّة حاكمة بكلمات ماو ، فتمارس كطرف رئيسي للتناقض دكتاتوريتها على البرجوازية المحكومة التى غدت بفعل الثورة مهيمن عليها أي الطرف الثانوي للتناقض. و هذا يعنى أيضا ( وهو ما ينكره الكثير من التحريفيين ) أنّ إمكانية فقدان البروليتاريا للسلطة و هيمنتها و كونها الطرف الرئيسي فى التناقض و بكلمة لدكتاتوريتها الطبقية ، أنّ هذه الإمكانية واردة جدّا و بالفعل تحوّلت الإمكانية إلى واقع فى الإتحاد السوفياتي بعد وفاة الرفيق ستالين فحدثت ردّة و تمّت إعادة تركيز الرأسمالية و أمست البروليتاريا من جديد محكومة و البرجوازية حاكمة وهو ما يؤكّد صحّة النظرة الجدلية لماو تسى تونغ لمسألة جوهرية فى الديالكتيك ألا وهي القانون الجوهري ، قانون التناقض.

أو ربّما ، يا أيّها الخوجيوّن، لم تغيّر ثورة أكتوبر المجيدة التى جعلت البروليتاريا حاكمة و البرجوازية محكومة ، من مواقع الطبقتين النقيضتين و من طبيعة المجتمع و الإتحاد السوفياتي ليصير بلدا إشتراكيّا و ظلّ رغم "هيمنة "/ حكم البروليتاريا، بلدا رأسماليّا ؟ لا طبعا . أضحى الإتحاد السوفياتي بموجب ثورة أكتوبر البروليتارية التى غيّرت وجه التاريخ المعاصر ، بلدا إشتراكيّا تحكمه البروليتاريا المختلفة عن تلك فى المجتمع الرأسمالي حيث باتت مالكة لوسائل الإنتاج و لسلطة سياسية تعمل على تشكيل المجتمع على شاكلتها ولذلك تمارس فيه دكتاتورية البروليتاريا على أعدائها فى ظلّ قيادة لينين و ستالين و من هم أعداؤها التى تمارس عليهم دكتاتوريتها مستعملة جهاز دولتها كأداة قمع طبقة لأخرى حسب لينين فى " الدولة و الثورة " ؟ أليست البرجوازية القديمة التى لم تعد تملك وسائل الإنتاج و الجديدة التى تنشأ فى صلب المجتمع الإشتراكي، أتباع الطريق الرأسمالي تحديدا وسط الحزب الشيوعي الحاكم و الدولة الإشتراكية ؟

أمّا القضاء النهائي على البرجوازية فيقتضى سيرورة كاملة و ليس مجرّد صعود البروليتاريا للسلطة و التحويل الأساسي لملكية وسائل الإنتاج فالرأسمالية تولد يوميّا كلّ ساعة فى المجتمع الإشتراكي بما هو مرحلة تأكّد بما لا يدع مجالا للشكّ أنّها مديدة و معقّدة بين المجتمع الرأسمالية و المجتمع الشيوعي عالميّا. و سيرورة تطوّر الصراع بين البروليتاريا و البرجوازية ، بين الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي سيرورة تطوّر لولبية تصاعدية لا تنكر إمكانية النكسات. و قد إنتهت الموجة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية التى إبتدت بكمونة باريس ، مع خسارة الصين الماوية و الإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية هناك فى 1976 بعد إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي بعد وفاة ستالين. و فى الأفق تتبدّى موجة جديدة من الثورة البروليتارية العالمية بقيادة الماوية. ( و لمزيد التفاصيل بهذا المضمار - تغيير المواقع و حلّ التناقض- عليكم بالجزء الرابع، " الديالكتيك " ضمن " فى الردّ على الهجوم الدغمائي التحريفي ضد فكر ماو تسى تونغ " لج. وورنر ، بالفرنسية ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية [ بات متوفرّا الآن بالعربيّة ضمن كتاب شادي الشماوي " الماويّة تدحض الخوجيّة ، و منذ 1979 " ، بمكتبة الحوار المتمدّن ] ).

و ثالثا، أتى حديث ماو فى سياق تحليل " الوحدة و الصراع بين طرفي التناقض" و ذلك فى إطار تبيان المعنى الأوّل و المعنى الثاني لوحدة طرفي التناقض " إنّ عنصرين متضادين هما، بفعل عوامل معيّنة ، متعارضان من جهة ، و مترابطان، متمازجان ، متداخلان، يعتمد بعضهما على بعض من جهة أخرى، و هذا المقصود بالوحدة. إنّ كلّ طرفين متناقضين هما ، بسبب عوامل معينة، متسمان بعدم الوحدة بينهما ، لذلك نقول إنّهما متناقضان . و لكنهما فى الوقت ذاته متسمان بسمة الوحدة ، فهما لذلك مترابطان. و هذا هو ما يشير إليه لينين بقوله إنّ الديالكتيك يدرس " كيف يمكن لضدين أن يكونا متحدين ". كيف يمكن أن يكونا متّحدين ؟ يمكن ذلك لأنّ كلا منهما يشكّل شرط وجود اللآخر. هذا هو المعنى الأوّل للوحدة.

لكن هل يكفى أن نقول فقط إنّ كلّ طرف من طرفي التناقض يشكّل شرطا لوجود الطرف الآخر، وأنّ ثمة وحدة بينهما ، و لذلك يمكنهما أن يتواجدا فى كيان واحد؟ كلاّ ، لا يكفى ذلك، فالأمر لا ينتهى عند حدّ الإعتماد المتبادل فى البقاء بين الطرفين المتناقضين ، و إنّما الأهمّ من ذلك هو تحوّل أحدهما إلى نقيضه. و هذا يعنى انّ كلا من الطرفين المتناقضين فى شيء ينزع ، بسبب عوامل معيّنة ، إلى التحوّل إلى الطرف المناقض له، و أن ينتقل إلى مركز نقيضه. هذا هو المعنى الثاني لوحدة طرفي التناقض".

( المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "، الصفحة 490-491 من الطبعة العربية و الصفحة 377 من الطبعة الفرنسية ).

و الخوجيون المفضوحون منهم و المتستّرون يديرون ظهورهم للمعنى الثاني لوحدة طرفي التناقض ففى المرحلة الإشتراكية لا وجود لمحكوم ، لا وجود لبرجوازية محكومة إذ هناك طبقات متحالفة لا غير هي طبقة العمّال و طبقة الفلاحين والأنتلجنسيا فحسب، بل و يدافعون عن الأطروحة القائلة " يتكوّن المجتمع الإشتراكي من طبقتين(هكذا!): الطبقة العاملة و الفلاحون الكولكوزيون كطبقتين صديقتين، لكن متمايزتين بوضعيتهما فى الإنتاج الإجتماعي. و إلى جنبهما توجد فئة إجتماعية أخرى فئة المثقّفين الإشتراكيين ".

أمّا عن إجابة صريحة ، واضحة ، وضوحا ضافيا ، و نضيفها إلى ما سبق ، حسما للأمر و دحضا لإدعاء الخوجي الدغمائي التحريفي بأن ماو يعتبر " تحوّل الضدّ إلى ضدّه مجرّد تغيير فى الموقع و ليس حلاّ للتناقض أو تغييرا فى طبيعة الشيء أو الظاهرة "، فنقتطفها لكم من الصفحة 485 ، من المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة العربية ،( صفحة 372 ، الطبعة الفرنسية ) :

" امّا البروليتاريا التى تفوق البرجوازية كثيرا فى عددها ، و التى نمت مع البرجوازية فى وقت واحد، لكنها تقع تحت سيطرتها، فهي قوّة جديدة ، تنمو و تزداد قوّة بصورة تدريجية ، بعد ان كانت تشغل فى البدء مركز التابع للبرجوازية ، فتصير طبقة مستقلّة تلعب دورا قياديّا فى التاريخ ، حتى تستولي فى النهاية على السلطة السياسية فتصبح الحاكمة. و عندئذ تتبدّل طبيعة المجتمع فيتحوّل من المجتمع الرأسمالي القديم إلى المجتمع الإشتراكي الجديد.وهذا هو الطريق الذى إجتازه الإتحاد السوفياتي و الذى سيجتازه سائر البلدان حتما "(التسطير من وضعنا ).

طبيعة الشيء مثلما فسّر ماو فى " فى التناقض" تتحدّد بالطرف الرئيسي للتناقض فعندما تكون البرجوازية الطرف الرئيس فى التناقض بينها و بين البروليتاريا تكون طبيعة المجتمع رأسمالية و العكس بالعكس عندما تكون البروليتاريا الطرف الرئيسي و ليس الثانوي فى التناقض بروليتاريا / برجوازية تكون طبيعة المجتمع إشتراكية و التحوّل من موقع الثانوي فى التناقض إلى موقع الرئيسي تغيير نوعي يفرز طبيعة جديدة للشيء أو الظاهرة و مثال ذلك بيّن لدي ماو فى الجملة التى سطّرناها : " ... تستولي فى النهاية على السلطة السياسية فتصبح الحاكمة . و عندئذ تتبدّل طبيعة المجتمع فيتحوّل من المجتمع الرأسمالي القديم إلى المجتمع الإشتراكي الجديد."

و هكذا يتجلّى أنّ ما فعله الكيلاني الخوجي ليس سوى ضربا من الكذب و التزوير و التشويه الإنتهازي المقيت للنصوص الأصلية و إتباعا لماكيفال صاحب " الغاية تبرّر الوسيلة " : غاية الخوجيين تشويه الماوية والوقوف حجرعثرة فى سبيل معانقة الثوريين و الجماهير الشعبية لعلم الثورة البروليتارية العالمية و الوسيلة هنا الكذب و التزوير و التضليل.

6- فضح الكذب و التزوير بصدد الماوية و البرجوازية فى ظلّ الإشتراكية

الإستشهاد (11) بالصفحة 17 :

" إذا لا يمكن للبرجوازية و البروليتاريا أن تتحوّل بواسطة الثورة إلى طبقة مهيمنة عليها... نحن و كومنتنغ تشان كاي تشاك فى تضاد تام إلآّ أنّه تبعا لصراع و تنافر الضدّين تبادلنا المواقع مع الكومنتنغ" ( التسطير مضاف).

لنلقى نظرة على ما قاله ماو حقيقة بالصفحة 399-400 من المجلّد الخامس ( الطبعة الفرنسية ) فى إطار حديثه عن " وحدة و تماثل الأضداد " : " إذا لم تستطع كلّ من البرجوازية و البروليتاريا أن تتحوّل الواحدة إلى الأخرى كيف تفسّرون أن تصبح البروليتاريا ، بواسطة الثورة ، الطبقة المهيمنة و البرجوازية الطبقة المهيمن عليها ؟ لنورد مثلا: نحن و كومنتغ تشان كاي تشاك فى تضاد تام. و تبعا لنضال و تنافر الطرفين المتناقضين ، تبادلنا المواقع مع الكومنتنغ: من قوّة مهيمنة كان هو ، تحوّل إلى قوّة مهيمن عليها و من قوّة مهيمن علينا كنّا نحن، أصبحنا القوّة المهيمنة...".

ماذا نلاحظ ؟ نلاحظ التالي :

1- جريا على عادته كمحرّف للوثائق ، ما حذفه الخوجي كلّيا ليس أقلّ من المثال التوضيحي لمسألة تبادل المواقع أي " من قوّة مهيمنة... أصبحنا القوّة المهيمِنة ..." فالأمثلة الملموسة الواقعية مزعجة إلى حدّ لا يطيقه الدغمائيون.

2- إنّ إستعمال " لا " الإطلاقية النفي فى كلام الخوجي يجعلنا نعتقد أنّ ماو لا يرى إمكانية للثورة بينما يتحدّث القائد البروليتاري الصيني بصيغة الماضي عن واقع تاريخي عاشته الصين و يقصد إنتصار الثورة بقيادة الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ على الكومنتنغ الذى غدا بفعل تلك الثورة مهيمن عليه و أمست قوى الثورة يقودها الحزب الشيوعي الصيني و ماو معلّمه هي المهيمنة. و هكذا يعبث المترجم بالنصّ تحريفا و تشويها.

3- جملة الكيلاني " إذا لا يمكن للبرجوازية و البروليتاريا ان تتحوّل بواسطة الثورة إلى طبقة مهيمن عليها..." غير مفهومة أصلا حيث لا نفهم من يهيمن على من ، أيّة طبقة تهيمن على أيّة طبقة أخرى و كأنّ المسألة غير مهمّة فى نظر الخوجي الدغمائي والواقع هو أنّ هيمنة البرجوازية تولّد مجتمعا رأسماليّا ( فى البلدان الإمبريالية و هيمنة البرجوازية الكمبرادورية / البيروقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات تولّد مجتمعا مستعمرا أو شبه مستعر شبه إقطاعي ) و هيمنة البروليتاريا تعنى دكتاتورية البروليتاريا فى شكل أو آخر أي مجتمعا إشتراكيّا .أمّا ماو فقد أبان مقصوده بجلاء إستنادا إلى واقع و أمثلة الواقع مصدرها.

4- " تبعا " وردت فى النصّ الأصلي دون " إلاّ أنّه " ( المضافة كرما من الخوجي المزوّر !!! ) و التى تفيد الإعتراض و كأنّ النتيجة مناقضة للمتوقّع أو الواقع و تفسير هذا التشويه هو سعي الكاتب إلى عدم التناقض مع ما ورد فى الإستشهاد العاشر من إنكار لقيام ثورة فى الصين و تحوّل طبيعة المجتمع إلى الإشتراكية بالأساس منذ أواسط الخمسينات بعد إعداد القاعدة المادية و الفكرية لذلك منذ سنوات سابقة و فى ظلّ قيادة البروليتاريا لدولة الديمقراطية الجديدة فى البلاد كافة منذ 1949 و قبل ذلك للسلطة الحمراء فى المناطق المحرّرة.

5- يتحدّث ماو عن " الطرفين المتناقضين " المتصارعين من أجل الهيمنة فالثورة هي إطاحة طبقة ( أو جملة طبقات ) بطبقة أخرى ( أو جملة طبقات) أي الإطاحة بها من مركز الهيمنة لوضعها بموقع المهيمن عليها و فى خصوص البرجوازية و البروليتاريا ، كما رأينا لدي ماو ، ينجم عن ذلك تغيير فى طبيعة المجتمع و ليس المحو الكلّي و الإضمحلال و الزوال و " الحلّ النهائي " للطبقة المطاح بها. هذا ما أثبته الواقع التاريخي مرارا و تكرارا وهو ما تؤكّده المراجع الكلاسيكية ( ماركس ، " نقد برامج غوتا " و لينين ، " الدولة و الثورة " إلخ ) و المرحلة الإشتراكية بما هي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ليست سوى دكتاتورية البروليتاريا.

" الرفيق" الخوجي و أنت العلم و المعلوم و المعلم ، متى تعلم ، متى تعلم أن دولة دكتاتورية البروليتاريا لا تجد مشروعيتها ( داخليّا فى الأساس ) إلاّ لقمع أعداء البروليتاريا العاملين من خارج الدولة و الحزب الشيوعي و من داخلهما ،على إحداث ردّة و إعادة تركيز الرأسمالية ، إلاّ لقمع الطبقة البرجوازية الرأسمالية المطاح بها و أيضا تلك التى تولد يوميّا و كلّ ساعة كما قال لينين - أتباع الطريق الرأسمالي حسب ماو - فى ظلّ الإشتراكية ( البرجوازية الجديدة )، إلاّ لأنّ التناقض لم يحلّ نهائيّا فالحلّ النهائي لا ينبثق من القضاء على البرجوازية و العلاقات الرأسمالية بكلّ أسسها و تأثيراتها فحسب بل من تحرير البشرية جمعاء بالتوصّل إلى مجتمع شيوعي عالميّا ، خالي من الطبقات : من البرجوازية و من البروليتاريا أيضا ).

و ماو فى هذا طوّر أطروحات لينين القائلة بأنّ الطبقات لا الصديقة المتحالفة فقط بل كذلك البرجوازية فى شكل جديد داخل الحزب الشيوعي و الدولة الإشتراكية - أتباع الطريق الرأسمالي و قاعتهم المادية التناقضات التى لم تعالج بعدُ فى ظلّ الإشتراكية : الحق البرجوازي التناقضات بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة و بين الفلاحين و العمّال...- و بالتالى يتواصل الصراع الطبقي و تتواصل حتى إمكانية الردّة و إعادة تركيز الرأسمالية كطرف ثانوي للتناقض فى ظلّ الإشتراكية من المحتمل، إن لم تمارس البروليتاريا دكتاتوريتها الشاملة على البرجوازية و لم تستمرّ الثورة فى التقدّم صوب الشيوعية على كافة الأصعدة، أن يغدو بواسطة إنقلاب أو ثورة مضادة ،الطرف الرئيسي فتخسر البروليتاريا و حلفاؤها السلطة و ينهزم الطريق الإشتراكي أمام الطريق الرأسمالي فتتغيّر إلى الوراء طبيعة المجتمع من مجتمع إشتراكي إلى مجتمع رأسمالي.

مجدّدا و بإختصار، " الرفيق " الخوجي و أنت العلم و المعلوم و المعلم متى تعلم ، متى تعلم أنّ التناقض الرئيسي فى المرحلة الإشتراكية ، فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، كما كتب ماو حقيقة و واقعا هو بين البروليتاريا و البرجوازية ( القديمة و الجديدة ) كطبقتين موجودتين موضوعيّا !!؟

7- فضح الكذب و التزوير بصدد" الماوية و مرحلتي الشيوعية "

الإستشهاد (12) بالصفحة 17 :

" إنّ الجدلية تقدّر أنّ النظام الإشتراكي كظاهرة ستزول يوما مثلما الإنسان حتما سيموت. و أنّ النظام الشيوعي سيمثّل نفيا له. كيف يمكن ان نعتبر ماركسية، الزعم القائل بأنّ النظام الإشتراكي و علاقات الإنتاج و البنية الفوقية للإشتراكية لن تزول؟ أليس عقيدة دينية جامدة كعلم اللاهوت المنادي بأبدية الله ". و يعلّق الكيلاني الخوجي مكرّرا نظرة انور خوجا و جمله فى " الإمبريالية و الثورة " حرفيّا تقريبا : " فى حين أنّ مرحلتي الشيوعية تمثّلان بالنسبة للماركسية-اللينينية سيرورة واحدة لا تختلف مراحلها إلاّ بدرجة النضج و على هذا الأساس لا يمكن النظر لهما كأَضداد. إنّ الإشتراكية لا تمثّل نفي ذاتها بل هي نفي الرأسمالية ".[ أنور خوجا ، صفحة 438-439 ]

يحملنا كلام الكيلاني الخوجي هذا على أن نذكّره و أضرابه من الخوجيين بصوت عال ما يراه منظّرو الشيوعية حول الإشتراكية فحسب ماو و قبله ماركس و إنجلز و لينين و ستالين ( فى " أسس اللينينية " ) الإشتراكية هي المرحلة الإنتقالية بين مجتمعين متناقضين كلّيا هما المجتمع الرأسمالي و المجتمع الشيوعي. و الإشتراكية مرحلة إنتقالية بمعنى أنّها ليست نفيا للرأسمالية أي قضاء لا عودة منه، تاما ، كلّيا، نهائيّا و إنما هي تنطوي على عناصر الرأسمالية إلى جانب عناصر الشيوعية الناشئة فى صراع محتدم على مدى طويل لا يعرف خلاله من سينتصر الطريق الإشتراكي أم الطريق الرأسمالي . فقط الشيوعية هي النفي التام للرأسمالية وهي القضاء الكلّي على الرأسمالية و الصراع الطبقي و الطبقات حتى البرجوازية و البروليتارية . فى الإشتراكية ( سلطة دولة دكتاتورية البروليتاريا و نمط إنتاج إشتراكي ) يبقى " الحقّ البرجوازي" فى توزيع الإنتاج ساري المفعول و تظلّ علاقات الإنتاج الرأسمالية قائمة و قابلة للتوسّع إن لم تحدّد. و قد بلغ الأمر بلينين فى " الدولة و الثورة " أن وصف دكتاتورية البروليتاريا و دولتها بأنّها " الدولة البرجوازية - بدون البرجوازية ! "( صفحة 105، دار التقدّم، موسكو). ف" الشيوعية هي وحدها التى تجعل الدولة أمرا لا لزوم له البتّة ، لأنّه لا يبقى عندئذ أحد ينبغى قمعه، "أحد" بمعنى الطبقة ، بمعنى النضال المنتظم ضد قسم معيّن من السكّان ". ( نفس المصدر السابق، صفحة 97)

و نعلّق على تعريب الخوجي للفقرة المستشهد بها فنقول إنّ النصّ الأصلي يتضمّن نعت " تاريخية " لكلمة ظاهرة و الخوجي يحذفها و يتجاهلها و ذلك شأن هام لأنّ المسألة لا تتعلّق بمعارضة الإشتراكية بالشيوعية. و إنّما بوجه خاص، بدحض ماو للفهم المثالي للتاريخ عموما و لكنّ الخوجي لا يعجبه ذلك هو الذى يكره التاريخ و أحداثه و حقائقه و يكره الواقع و يكره ما هو خاص فى تاريخ الشعوب لا سيما تاريخ الصين الماوية. الثابت فى الخطّ الإيديولوجي الخوجي الدغمائي التحريفي المنغمس فى المثالية هو إنكار عناصر الواقع و إنكار ظروف تطبيق الماركسية- اللينينية و تطويرها فى بلد كالصين. إنّها الدغمائية تتبختر من أوّل صفحة فى كتابه إلى آخر صفحة فيه.

( نقد ماوي عميق للنظرة الخوجية لمرحلتي الشيوعية متوفّر فى " فى الردّ على الهجوم الدغمائي التحريفي على فكر ماو تسى تونغ" لج. وورنر، الجزء الخاص ب" الديالكتيك"؛ منشورات الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية، باللغة الفرنسية – بات متوفّرا بالعربيّة ضمن كتاب شادي الشماوي " الماويّة تدحض الخوجيّة ، منذ 1979 " ، بمكتبة الحوار المتمدّن ).

الإستشهاد (96) ، الصفحة 77:

أكّد الكيلاني : " يكسو ماو افكاره بالجملة الماركسية كي يسهل عليه تمريرها فهو يقول بشأن الإشتراكية والشيوعية: " إنّ الجدلية ترى كون النظام الإشتراكي كظاهرة تاريخية سوف يزول يوما تماما مثلما الإنسان حتما سيموت و أنّ النظام الإشتراكي و علاقات الإنتاج و البنية الفوقية الإشتراكية سوف لن تزول؟ ألا يعدّ هذا الزعم دغمائية دينية كاللاهوتية التى تدعو إلى خلود الله؟ " يراجع ماو جهرة المفهوم الماركسي-اللينيني للإشتراكية و الشيوعية بإعتبارهما مرحلتين لظاهرة واحدة: الشيوعية ، و لا يتميّزان إلاّ بدرجة النموّ و النضج ، و يقدّمهما كالظاهرتين على طرفي نقيض".[ أنور خوجا ، صفحة 438- 439]

لا يجوز هنا ألاّ نلفت النظر إلى أنّ هذا الإستشهاد الوحيد بهذا المضمار هو ذات الإستشهاد (12) لا غير، و لنقارن: " إنّ الجدلية تقدّر أنّ النظام الإشتراكي كظاهرة ستزول يوما مثلما الإنسان حتما سيموت. و أنّ النظام الشيوعي سيمثّل نفيا له. كيف يمكن أن نعتبر ماركسية ، الزعم القائل بأنّ النظام الإشتراكي و علاقات الإنتاج و البنية الفوقية للإشتراكية لن تزول؟ أليس ذلك عقيدة دينيّة جامدة كعلم اللاهوت المنادى بأبدية الله ".

و لكم التعليق على الفروقات و مغزاها !

و نأتى إلى الرؤية الخوجية لموضوع الحال لنسأل من أين للكيلاني بأنّ الإشتراكية و الشيوعية ماويّا " على طرفي نقيض" ؟ هل فى ما أعرب عنه ماو ما يوحى و لو إيحاءا بذلك ؟ قطعا لا أساس لذلك فماو يعرب عن أنّ " النظام الشيوعي سيكون النفي له " ( للنظام الإشتراكي ) و من يعرف الماركسية فى أبجديّاتها يعرف أن إستعمال مصطلح النفي يعنى جدليّا تجاوزا ( راجعوا إنجلز " ضد دوهرينغ " بخصوص قانون نفي النفي كقانون تطوّر) مفاده حصول تحوّل نوعي / كيفي و ليس تحوّلا كمّيا أو مراكمة تدريجية. جملة القول ، فى المفهوم الماوي بلوغ الشيوعية يعدّ تحوّلا نوعيّا و ثورة و ايّة ثورة فى تاريخ الإنسانية ( إنتصار الإشتراكية كمرحلة إنتقالية بين الرأسمالية و الشيوعية، و تحرّر الإنسانية قاطبة ، فى البلدان كافة ، من الإستغلال و الإضطهاد الطبقيين و القوميين ، مجتمع خال من الطبقات فيه تنعدم كلّيا التناقضات الطبقية و الطبقات و الصراع الطبقي و الأحزاب السياسية الطبقية، إضمحلال الدولة تماما، كلّ حسب حاجياته فى مجتمع الوفرة، ثقافة و أخلاق شيوعية ...) بينما فى المفهوم الخوجي ، لا تتميّز الشيوعية عن الإشتراكية إلاّ " بدرجة النموّ و النضج " فى " تشكيلة إقتصادية و إجتماعية واحدة " ( صفحة 78 من " الماوية معادية للشيوعية " ) و يتمّ الإنتقال من المرحلة الدنيا للشيوعية إلى مرحلتها العليا عبر تحولات تدريجية لنفس الظاهرة " ( صفحة 79 ، المصدر السابق ) وهو موقف تطوّري غير جدلي لا يعترف بالقفزات و الوثبات و التحوّلات النوعية. و ندعو كلّ من بقي الأمر لديه ضبابيّا نوعا ما ان يدرس " أصل العائلة و الملكية الخاصة و الدولة "لإنجلز و" نقد برنامج غوتا " لماركس و" الدولة و الثورة " للينين و" ماو تسى تونغ و بناء الإشتراكية" منشورات سوي ، باريس 1975 [ بات متوفّرا بالعربيّة ، ترجمة شادي الشماوي – مكتبة الحوار المتمدّن ] ؛ حتى يتسنّى له القطع معنا بأنّ الرؤية الخوجية تطوّرية سواء تعلّق الأمر بالمرحلتين الإشتراكية و الشيوعية أو بالمرحلتين الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ، قائمة على أنّ التمييز بين المرحلتين الأولتين أو الأخيرتين فى الدرجة و التحوّلات التدريجية و بأنّ الرؤية الماوية رؤية جدلية ثورية تؤمن بالقفزات و الطفرات فى التطوّر أي التحوّلات و التغيرات النوعية و الكيفية فالفروق بين المرحلتين الإشتراكية و الشيوعية فروق نوعية وهي أيضا نوعية فيما يتصل بالثورة الديمقراطية الجديدة والثورة الإشتراكية كمرحلتين متمايزتين و مختلفتين و متباينتين كيفيّا و نوعيّا و إن كانت الأولى تمهيد للثانية و الثانية مكمّلة للأولى.

8- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية وفهم الدغمائية و التحريفية "

الإستشهاد (13) بالصفحة 17:

" عندما تتحوّل الدغمائية إلى ضدّها ، تصبح إمّا ماركسية و إمّا تحريفية " و " تتحوّل الميتافيزيقا إلى جدلية و الجدلية إلى ميتافيزيقا ". ( أنور خوجا ، الصفحة 438 من " الإمبريالية و الثورة " ، الطبعة الفرنسية )

و بحثا عن الحقيقة ، عدنا إلى الصفحة 479 من المجلّد الخامس من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة "، الطبعة الفرنسية ، فى نصّ مؤرّخ فى 15 ماي 1957، فلم نجد سوى الجزء الأوّل من الإستشهاد " عندما تتحوّل الدغمائية إلى ضدّها، تصبح إمّا ماركسية و إمّا تحريفية " أمّا الجزء الثاني فغير موجود أصلا، هو من إختراع خوجا و عنه نقله تلميذه الكيلاني دون التحقّق من صحّته. و لا ريب ، الإنتهازي بالإنتهازي يقتدى ويستنجد.

نوضّح موقف ماو تسى تونغ فنقول إنّ الدغمائية فى المفهوم الماركسي- اللينيني هي خطا " يساري" يتمثّل فى حفظ النظرية عن ظهر قلب و عدم رؤية الواقع فى خصوصيّاته و التعامل معه عبر دوغما أفكار تؤخذ على أنّها مبادئ دينية و قوالب جامدة تنطبق فى كلّ مكان وزمان . فالدغمائية بذلك خطأ فى فهم النظرية الماركسية للمعرفة و التى تعتبر انّ النظرية و الممارسة ، الذاتي و الموضوعي فى علاقة جدلية ، لكنّ الموضوعي ، الممارسة هي مصدر المعرفة و محكّ صحّتها.

والتحريفية خطأ " يميني"، تتنكّر لصحّة النظرية الماركسية و مبادئها الجوهرية و تسعى إلى مراجعتها و تعويضها بمقولات نظرية مناقضة لها ، برجوازية. و التحريفية ، شأنها شأن الدغمائية، تتناقض والماركسية . و الدغمائية إذا تحوّلت إلى ضدّها أي إذا لم تعد دغمائية إمّا ستعير الواقع الموضوعي و خصوصياته، والممارسة فى علاقتها بالذاتي و النظرية المكانة المستحقّة فيتمّ إصلاح الخطإ فتصبح ماركسية ؛ و إمّا أن تغالي فى تقدير مكانتها فلا تتشبّث بالواقع و ما أفرزه من مبادئ إستخلصتها الماركسية بل تحوّر و تراجع المبادئ الماركسية مدّعية تجديدها و تطويرها تطويرا خلاّقا فتصبح تحريفية. هذه ليست سفسطة بل الجدليّة عينها ، و الأحداث التاريخية فى مسار الحزب الشيوعي الصيني أو الحزب الشيوعي السوفياتي أو غيرهما من الأحزاب الشيوعية تبيّن كيف أنّ الرفاق الذين يقومون بأخطاء " يسارية " إمّا أن يصلحوها فيلتحقوا بالخطّ الثوري الشيوعي حقّا و إمّا أن يتحوّلوا إلى مواقع التحريفية مارين من أخطاء " يسارية " إلى أخطاء " يمينية " أي من الدغمائية إلى التحريفية. ( بهذا الصدد من المفيد الإطلاع على عديد الأمثلة فى " تاريخ الحزب الشيوعي ( البلشفي) للإتحاد السوفياتي " و على " المعرفة الأساسية للحزب الشيوعي الصيني " ).

ماو تسى تونغ يطبّق بإقتدار المادية الجدلية و يطوّرها و يخرج علينا الخوجي بنقد للقائد البروليتاري العالمي لا أساس له من الصحّة و الأدهى أنّ مساره هو بالذات يبرهن مرّة أخرى نفاذ رؤية ماو المادية الجدلية حيث أنّ الكيلاني إرتكب، بإسم نقاوة الماركسية- اللينينية، أخطاء " يسارية " فى التعاطي مع مسألة ستالين مثلا مدافعا حتى عن أخطاء الماركسي العظيم الذى قام بأخطاء أحيانا جدّية ثمّ تحوّل إلى إرتكاب أخطاء يمينية متنكّرا تماما للتجربة الإشتراكية بأسرها فى الإتحاد السوفياتي !!!