حكومة الكاظمي : ذاك الطاس و ذاك الحمّام


حسين علوان حسين
2020 / 7 / 13 - 03:30     

تسنّمت حكومة الكاظمي مهام عملها في 6/5/2020 في ظرف حرج جداً اجتماعياً و اقتصادياً و سياسياً و صحياً و أمنياً . فهناك أولاً المطاليب العادلة لأبطال ثورة تشرين الشبابية ضد تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد ، وانتشار الفساد الإداري والبطالة و هي الثورة التي قدمت حوالي 750 شهيدا و أكثر من 25 ألف جريح و أسقطت حكومة عادل عبد المهدي و التي تستوجب الإيفاء بمطلبها العادل في محاسبة قتلة المتظاهرين السلميين و تعويض ضحايا القمع الهمجي للمحتجين العزل . كما تزامن تشكل هذه الوزارة مع التردي الحاد في أسعار النفط الخام و تدهور وارداته الأساسية . و جاءت جائحة كورونا لتزيد الطين بلة . و كأن كل هذه المصائب لا تكفي الشعب العراقي ، ليبتلي فوق ذلك بالتدخل العسكري السافر للجيش التركي في شمال العراق و باستهتار المليشيات الموالية لإيران بمقدرات الشعب العراقي عبر اتباعها سياسة التصعيد ضد الوجود العسكري الأمريكي في العراق .
كل هذه الأوضاع المأساوية تقتضي وجود حكومة قوية منبثقة من إرادة الشعب تتحسس نبض الشارع و تستجيب بنجاعة لمتطلبات الإصلاح و التغيير لتجاوز مآسي الحاضر بأسرع وقت ممكن و باقل الخسائر .
و الآن بعد تشكل حكومة الكاظمي الحالية ، السؤال هو ما هي مسارات خارطة الطريق المتاحة أمام حكومة الكاظمي في مواجهة كل هذه التحديات الصعبة جدا و المركبة في ضوء سواد سياسة المحاصصة الطائفية و تفشي ثقافة سرقة المال العام للاعبين السياسيين الأساسيين في الشأن العراقي و تمسك كل طرف سياسي متنفذ بدوام "مغانمه" الفاسدة ؟
في ظل مثل هذه الدوامة الهيكلية لا يوجد غير اتباع أحد سبيلين إثنين لا غير أمام أي حكومة جديدة : إما العودة إلى أتباع النهج الموروث في مراضاة القوى السياسية الفاسدة و الاتكاء على دوام مساندتها في السير بسفينة الدولة تسكيماً وسط الرياح العاتية لحين حلول موعد الانتخابات القادمة و توريث نفس القوى السياسية المتنفذة حالياً الحكم عبر انتخابات مزورة مثلما حصل في حكومات المالكي و العبادي ، أو إتباع نهج ستراتيجي جديد أساسه تنفيذ المطاليب المشروعة للأغلبية الجماهيرية لثورة تشرين المجيدة و تغيير شكل النظام السياسي الفاسد السائد حاليا بالدعوة لانتخابات مبكرة مع الضرب المؤثر لبؤر الفساد من شمال العراق لجنوبه و حصر السلاح بيد الدولة . السبيل الأول هو النهج المريح الذي تستقتل الأحزاب السياسية المتنفذة على إتباعه و بضمنهم رئاسة الجمهورية و أغلبية البرلمان . أما السبيل التغييري الثاني فيستجيب لمطالب الغالبية العظمى لشباب و ثوريي و مثقفي العراق ممن سحقتهم دولة المحاصصة طوال عقد و نصف و الذي يوقظ الأمل للشعب العراقي في بناء وطن جديد حر كريم بسواعد ملايين الشباب العاطل الذي يمكن لأي حكومة تنشد الإصلاح الاستناد بقوة عليهم و الذين ترتجف كل المليشيات و الأحزاب الفاسدة فرقاً منهم .
السؤال الآن : أي النهجين تراهن على اتباعه حكومة الكاظمي منذ تشكيلها و لحد الآن و إلى آخر مطافها : النهج القديم ، أم الجديد ؟
الجواب القاطع هو : إتباع النهج القديم الفاسد الفاشل و الذي ينذر حتى باندلاع حرب أهلية جديدة ، لا قدر الله .
منذ أول أيام تشكلها بأن واضحاً أن حكومة الكاظمي هي وليدة النظام السياسي الفاشل في العراق ، و الفاشلون لا يورثون غير الفاشلين ، و بالتالي فهي الاستنساخ لحكومة عادل عبد المهدي بطربوش جديد موشى بالمطرزات الرخيصة . و لفد أتضح مدى التخبط العشوائي الحاصل في قراراتها المالية الارتجالية و المصيرية التي تعتمد ستراتيجية تكبيد صغار موظفي العراق تكاليف استمرار سرقات كبار موظفيه و قواه السياسية و المليشياوية المتنفذة ، مع الإبقاء على الوضع الفاسد كما هو عليه و التخفيف عن وقع ذلك عبر اخراج مهازل بعض الحركات البهلوانية الفاشلة هنا و هناك و أطلاق الوعود التخديرية البراقة بين الفينة و الأخرى و حتى حلول موعد إجراء الانتخابات القدمة عام 2022 .
و في ضوء هذا فإن حكومة الكاظمي :
1. لن تحارب الفساد و الفاسدين .
2. لن تستعيد عقارات الدولة من سراقها .
3. لن تعين ملايين العاطلين عن العمل من غير محاسيبها .
4. لن تجري انتخابات مبكرة و لا نزيهة بتاتاً .
5. لن تحاسب قتلة المتظاهرين .
6. لن تدرأ عصابات سرقة المال العام من الشمال للجنوب .
7. لن تستعيد أموال العراق المنهوبة .
8. لن تحسن الخدمات الصحية و الأمنية .
9. لن تنأى بالعراق عن إملاءات دول الجوار و أمريكا .
10. لن تستعيد السيطرة على نفط الشمال و الجنوب من سراقه الحاليين .
11. لن تستعيد السيطرة على المنافذ الحدودية رغم الألاعيب الدعائية .
12. لن تمنع تهريب النفط الشعب العراقي و الدولار العراقي لدول الجوار .
و كان الله في عون هذا الشعب المظلوم الذي إن قام قومته فلن تشاهد مرة أخرى الوجوه الكالحة و لا الأيدي الملطخة بالدماء لزعمائه الحاليين .