ابطال قصائد مظفر النواب في شعره الشعبي الجزء الرابع


سعدي جبار مكلف
2020 / 7 / 7 - 16:34     

أبطال مظفر النواب
الحلقة الرابعة
إن كل حرف يكتبه النواب لحن تام متكامل يعزف على أوتار قلوب الناس...
ودّيت جفن الكحل ...مشحوف ناگل حسن
نـاگل حنين العشگ..شهگات ليـل وحـزن
لا..وچه ليل إبوصل لا..طيف كلك دفن
وإمّيتك لذتي وفوگ .......التبرزل طعـم
أشهگ لوّن إحضنت خصري إبذبح منجلك
ويـدور حّـز العشگ......! داير مداير فلـك
مـا بيـن نهـدي درب قـّداح ......يسمر إلـك
إنه نص يجمع فضاءات لا تحد من التجليات والتداعيات التي لا نهاية لها ..لا تكاد تنتهيسماء حتى تبدأ سماوات أخرى كلها موشاة ومعززة بالحركة والألوان المعبرة والأشكـال الغريبة والمحببة ، وفي ذات الوقـت لها القـدرة الكبيـرة على الإستطراد الذي لا يتوفرإلا لثقافة عالية ولغة ثـّرة وفكر واضح جلي وموهبة إستثنائية يرافـق كـل ذلك إشتقاقات لغويـة جميلة جـدا وإختيارات حلوة مستوحشة الألفـاظ والمعاني بإستخدام المفردات التي تحتاج لفهمهاإطلاع لغوي قاموسي وثقافة فنية وروحية من طرازرفيع ، إن تلك العبارات الحلوة المختارة ذات الرنين الموحي ، إنما تحلق في مجالات من الخيال المترع بالأمنيات السابحة في أعماق الروح،هذا الخيال المطرز بواحات كبيرة من الرضى والفرح الطفولي والبراءة والطيبة رغم الجدب الموحش فالمصالحـة بين الصباح وصحـوالإنسان والنـورس الذي صاحب الـروح في زمـن البرق يوم كانت تنام بالحضن نشوى،والزبد الإرجواني المعشـّق باللالي والمزخرف بالليـل والقمـر، وكذلك الفـرح الفجري كل التعابير والجُمل الحلوة المختارة ودلالتها الواسعة مما إحتواها النص إنما هي نجوم متلألئة من الخيللات الندية الخصبة ينقلنا اليها وينتقـل بنا فيها إبـداع الشاعـر وقدرتـه الفائقـة على إستخدام الكلمات والألفـاظ ببراعة فريدة ...إن قصائدالنواب مليئة ومعززة بعشرات من هذه الصور التي تشيه الرسوم في دقتها ومجالها وأناقتها ..لنأخذ النص التالــي
هـلابه......هلابه
هلابه زلمتنه ما رخه للشدات وترجرج
هلابه الدم عله البارود
ورصاص اليسبـج الشمس يتسبـّج
هلابه باليدليني لحفرتك يومهه يبني
وأحنـذي الطين....وأحّط إترابك إبحضني
وألولـي إبريـّه مـرديّه ...خلگ عشرين
چـّن يتنـّه ربيع ..
إتهز ثمرهه إبگلب البساتين
چن مـاي الحصو أبيض
إيهلهل روج ويزهلل
وأشيـل أتـرابـك إعله الراس..لبيوت الگصب
غننا لو أمعنا النظر والملاحظة في المقطع فإننا نستطيع أن نكشف بأن قوة الدفق الشعري وغزارته لدى النواب بحقل الكلمات والألفاظ والجمل أحيانا تنساب إنسيابا متلا حقا وتندفع بتلاحم غزيرالى الحّد الذي تبدو فيه وكأنها تنطلق بعفوية ذاتية حتى تظن أن القصيـدة هـي التي تكتـب نفسها وليس مظفـرالذي يكتبهـا فهي تخـرج منه وتصطف تباعا تباعا بفيض إضافي عارم يحمل معه خليطا متناغما من الصياغات البلاغية الجميلة والأفكار والتداعيات ذات الغرابة المحببة الذي يلامس بعضها تخوم الفلسفات الكبرى ويحمل معها المعاناة والحوار مع الروح...
زلمنـه إتخوض مّي تشرين
هور البردي ....تتنطـّرْ
زلمنـه.. إتغني والخنجر
يشـگ الروح ،عالميمـرْ
لـوّن كل الگصب ...غنـّه
إبحنيني.. لشوفتك يسمـرْ
يسـّلْ الگصب سِلْ أصفرْ
وأظـن المـاي ...يتمرمرْ
وأظن حته النجم يطفي زراگه
ولابعـد يسهروأظن أكثـرْ
إنـه في كل الأحـوال نص غريـب يحمل في أسطره تشعبا مذهـلا لأفكار وتداعيـات شتى لأنـه يعطي لكـل قـاريء إحساس مختلـف ، وخلال رحلـة النواب مع الكلمات والألفـاظ والجمل نجـده يقيـم أحيانـا صداقـة حميمـة ودودة ووئاما حنونـا مع بعض المفردات المحددة فيتعلق بها ويحبها ويستخدمها أكثر من غيرها ويرافقها في رحلته الشعرية حّدالإلحاح الملفت للنظر كذكر كلمة (الليل) في معظم وأكثر قصائده وعلى سبيل المثال في قصيدة (للريل وحمد)
مـرينه بيكم حمّدْ... وإحنه بقطـار الليل
واسمعنه دگ إگهـّوه وشمينه ريحة هيل
وفي قصيدة (يريحان) ....
إشگد نـّده نگـّط عالضلـع
وإنسيت.. أگلـك يمتـّه
إشگـدْ رازقـي ونيمتّه
وشكثر هجرك عاشر
إليالي الهوّه وما لمتـّه
وإنته سحنت الليل بگليبي
وگلت.... مـوش إنتـّه
وسنكتب لاحقا عن مفردة الليل حلقة خغصة بذلك...!
إن النواب عندما يتعلق بإحدى هذه الكلمات فإنه يحولها الى حيببة مدالله تحسدها بقية المفـردات والقصيدة بأكملها فيتـركها تتبختر متى تشاء فـوق سطورها مزهـوة فرحة عندما يلقي فوقها تاجا من الحُسن والجمال الذي يتألق سحرا من الصياغات المبتكرة والتعابير المتجددة والإداء الرفيع فترتدي اللفظة في كل مرة حلة جديدة زاهية حُسنا وإثارة وتشويقا...!
فرشت إشليلي بدروبك إبيع العشگ للدنيه
هضيمه إتحنن الشمّات
عليّه.. وتشتمت بيّه
وأگولن هـاي حِنيـّه
من أتلـك بالحلم يسمر
يجـي قـّداح بـديّـه
وأعتـّك وأطبگ إبحرگه
رفيف الريه للريّه
وتسيل إدموعي بچفوفك
نبـع برمـال نجديّه
چثير إگزازك إبروحي
وأگولن هـاي حنيـّه
غن غالبيـة مقدمـات قصائد النـواب كلمات قليلة جـدا جميعها مقدمات لمـّاعة لنأخـذ مقدمـة قصيدة (يا ريحان) ,,,,وإنتظرت عرسها المستحيل ، ولنأخـذ قصيدة (عشاير سعود) ..الدولة مدانة لإنها قتلت سعود ..إن جميع مقدماته كلمات صغيرة تماما فهي عدة أسطرليس إلا ، فقصيدة (ما مش مايل) ولا يزالـون يـرون في الأعـراس مُهرا يعبر في آخر الليل ....وهكذا فمقدمـات قصائـده تكاد تهيأ القـاريء وتستحثه للدخول في أجواء ما تحتوي من مواضيع وهموم وبناءات فكرية لغوية ، إن إسلوب الشاعر وطريقته في الكتابـة والخط عند تحوينه سفـره فهو يكتب مسودات قصائـده بحروف تكاد لا تقرأ بالعين المجردة لصغرها والتي تستعصي على الشاعـر نفسه أحيانا فهي أشبه بالنقـاط أمـا الكلمـات فهي صغـيرة وتتجمع على شكـل مجموعات ...إن كتابـة الحـروف والكلمات بهـذا الشكل يتطلـب ثقافـة عاليـة وخـزين مـن الكلمات ولهجات المناطق الجنوبية والأهوار التي قد يصعب فهمها من أهـل المدن ،إن النواب إعتـاد على الكتابة بهذا الإسلوب وهذه الطريقة التي تبدو منها وكأنه يريد أن يكلم القاريء ..إنـه غاضب متبرم يذوب حرقـة ولوعـة وأسى قلبه يهفـو للتغيير الشامل والثـورة ،فنراه يسعى للوصول الى الإصلاح الكلي الكامل ولكن وسط واقع من الإنهيار لذلك فالمسافـة بين ما يعيشه ويـراه وبين ما يرنـو إليه ويتمـناه مسافة كبيرة وهّوة واسعـة وهذا ما يدفعـه أحيانا بأن يكون ثائر مع الثوار أيمنا وجدت الثورة ومع الثوارفي أي مكان إنه مع الأرض الثائـرة فهو يحمـل السلاح والكلمة المقاتلـة ومساهم مع الثـوار أينما وجدوا إنه متبـرم ناقـم يلـوم وهو ضجر من كل ما يجري للشعـوب المظلومـة،يغني للخلاص ...للنور....للثورة....!
هـذوله إحنـه نحـّد إسيوف
برگاب... الصگـر والذيب
مـا نتـرك..... اثـر يسعـود
مـن إنغيــر بس... الطيـب
وتمـولـح.. عيـون الخيل
عجّه إتطـّر عجـّه إتغيب
ينخـل فشگ ليل المـوت
وعيونك.. ليـالي إزبيب
يسعود إحنه عيب إنهاب ....يتا بيرغ الشرجيّه
يريد النواب الخلاص ...يـريد الثورة يقنع نفسه للوصول الى الأمل...
حنيّه يا چذاب منك مـا شفت
من جيت أجيسك.. جست روحي وفرفحت
إردود أگلك يمتـّه ....إشگد رازقي ونيمتـّه
وإشكثرهجرك عاشر إليالي الهوه وما لمته
وإنته السحنت الليل بگليبي
وگلت موش إنته
ينتظر النواب سماع البيان الأول ....متـى الأمـل....؟
أگولن عله ساعه ويلهج.... الشاجور
المعگـّل فضي خلگـه
يعرف إشلون يعْلگـّهه وعليهه إيدور
وهـذي وعـدهـه وهذا يـوم الشگ
وهــا طرة الفجـر لنـّه بيـان أول
ومطـر اللـوز ...وصيحة حگ
وأوصلـك ..وأگلك يبني يالمذبوح
جرح الثار هوّه،ولا جرح الروح
وإشراعي يدگ إشراع حزبـك
للحـويـزه .....للفلـح
للنـاس گلهـه إنـروح
النواب يستخدم بعض المفردات كأبطال ذات حركـة كبيرة وتأثير واضح فـي مفهوم القصيدة وعلى سبيل المثال كلمة (الليل) و(الگهوة) و(الليل والهيل).....لقد وجدنا أنه يتعلـق بكلمة (الليـل) ويدمـن على ملازمتها في قصائـده ملازمة مثيـرة للتساؤل وملفتة لفنتباه مما دفعني لمتابعة هذه المفردة في جميع القصائد فوجدت أن عدد محدود وقليل جدا من القصائد لا يذكر كلمة (الليل) فإستخدامه لهذه الكلمة في القصائـد يتعـدى حـدود الإعجـاب بموسيقى وجمال هـذه الكلمة وإيقاعـها الشعـري وشمولية معانيها ودلالاتها بل ويتعدى حدود الرغبة الآنية أو الموسمية بالإكثار من تكرارها ، فكثرة إستعمال هذه الكلمة والإلحاح في ترددها وبأشكال وأنماط متعددة يـدل على أن معنى هـذه الكلمـة إنمـا يـلامس بعض الذكريـات المختزنة في أعماق العقـل الباطني لـدى الشاعـر ، وما تكرارها بهذه الكثافـة والتركـيز إلا إنعكاس لما تمثله هذه الكلمـة للشاعـر . ولتأكيد وجهة النظـرهذه قمنا بإجـراء بعض المقايسات والجرد حول ذكر هذه الكلمة في ديوان (للريل وحمد) فوجدنا أن النواب في معظم قصائده يذكرها ....
مرينـه بيكم حمـد .......وإحنه بقطار الليل
وإسمعنه دگ إگهّوه.... وشمينه ريحة هيل
يـا ريل صيح إبقهـر صيحة عشگ يا ريل
هـودر هـواهم ولـّك ...حـدر السنـابل گطه
وفي قصيدة (ليل البنفسج) يقول النواب...
يـا حلم ....يليله من ليل البنفسج
يـا حلم يـا مامش إبمـامش
طبع گلبي من إطباعك ذهب
يا طواريّك من الظلمه تجينـي
چانت إثيابـي علّي غربه ...گبل جيتك
إشلون أوصفك وإنتـه كهـّرب
وآنـه گمـرة عيني ليل ظلمه
يلّي ما جاسك فكر
بالليل وما جاسك قهر
إن إستخدام كلمة(الليل) بهذه الكثافة وتكرارها بجميع قصائد النواب تقريبا هل هو أمرعفوي أم لحن موسيقي يضاف الى روعة القصيدة وطعمها المميز والحق أن كثرة إستعمال الكلمة لم تضعف التعبير ولم تسرب الملل والتكرار لنصوصه ومعانيه ولم تورث لشعره الخلل والإرتباك بل ولعلها تكاد أن تكون عزف بآلة إيقاع شجي رائع ففي قصيدة (مضايف هيل)...
ميلـّن وردة الخزامـّه....... عالحنـّه
صويحب ما مش إصويحب أبد منـّه
هذا إيشآن ما ينذل يالإقطاعـي
وبليل الخنـاجر منجله إيـداعي
ويستمر العـزف في نفس قصيدة .......!
المكاحل
ودّن عالمكاحل... يـا مضيف الهيل
غطنـه إبكحـل دخلـه.... ومحبـّة ليل
عگب سچه يصويحب هجرني الليل
لتشيلك مـذلة الـريل يگطـاعـي
من ريل الرميثه المنجل إيداعي
وفـي قصيدة عشايـر إسعود......!
سعد يسعود ...يمصنگر عله الحومه
غضب أرگط يمهرك من يشگ الليل
نجـم ذويل إيعطهـّم عّـط
صيحاتك تهـّز الموت
كـل صيحه إبألـف أمعـّط
وفـي نفس القصيدة هـذه ...!
كحلنـه إلك ألف مشحوف
يمشي إبهيبـه للدوله
علگنـه عله الصوبين
علگنه إعيـون مشتعله
بنادقنه تطرز الليل
تضوّي الكلفه والسهله
تحـّذر يا شهم يسعود
حكـام المـدن... دفلـه
وأيضا في نفس قصيدة ملحمـة (عشاير إسعود) ....!
هذوله إحنـّه .....نحـد إسيوف
بـرگاب..... الصگـر والذيب
ما نترك أثر.......... يسعود
مـن إنغيـر...... بـس الطيب
وتمولـح..... إعيـون الخيـل
عجـّه إتطـّر... عجـّه إتغيـب
ينخـل فشـگ.. ليـل المـوت
وإعيـونـك ليـالـي.... زبيـب
إن الليل في شعر النواب عالم وكون قائم بذاته ، والشاعرينسب الى الليل الكثير من موجودات النهار ومظاهر الحياة فيه كما ينسب الليل الى تلك الموجودات والظواهر وكأن الشاعريريـد أن يجـد لليل دنيا أخـرى مستقلة يسلخها مـن دنيا النهار ، وكأنك تراه يأخـذ الكون ويهـرب به الى الليل حتى وصل به الأمـر أنه يريد أن يبني سفينة كبيرة في غياب المصابيح والقمر. ولكي لا يبدو الليـل وهوالراغـب منه الولـوع برفقتـه والعيش معـه نراه يضيف إليه الصفات والمسميات التي تعطيه الحركـة والإلفـة والحضور الفاعـل ونجـده يستخدم الليـل مضاف إليـه الكثيـرمن الجمل والعبـارات الشعريـة التي تملأ سطور قصائـده المختلفة حتى لتبدوبعض تلك الأوصاف والإضافات أشياء قد تكون مألوفة أو كصفة يضعها الشاعر في الليل عند معناها وإستعمالها الواقعي ففي قصيدة (جايتنه مِزنه)
جايتنه مِزنـه.....حبيبه يـا روحي
أظن الليله حته المَحِلْ يمطــر
حته عـود الفجـر فـّرع
عـود لآخــر وآنـه له أنطر
خضري فوگ البـاب
فوگ العتبـه فوگ الرزّه
خـاف السنـه .........تعبـر
لا.....يـروحـي إشگد محزنه
لا يقتصر في إضافة الليل الى أوصاف معينة أو إضافة تلك الأوصاف الى الليل وإنما يرسم صورة الليل التي يرغبها ويريـدها ويعطي الليـل مزيدا من الحيويـة والحركة والوجود العفوي بإستخدامات بلاغية رائعة ففي قصيدة(ما مش ريل)
والسنبل نگـّازه وعنبـر
يضويلك والليل إمعـاك
لا...تتجفل فاله ومنجل
والمـاي أزرگ
ويستمر العـزف بكلمات رائعة الجمال والتعبير لتصل لقلب القاريء....!
وگلادة مهـرك تتشامر
عالليل إنجوم.... إتضويلك
يمّشـرد بـزبـون الـزفـّه
شموع الزفّه إتطرز إشليلك
گـّلْ للعـايل مايل إلا ويغرگك
ويتدفق العطاء ويجعل ما النباعـي حلو المذاق في قصيدة(زرازبر البراري)
وإتعنيـت ليله ويه الگمـر
وصفولي عنك كل مسامه إتفيض
منـك عطـريّل حسنك نهر
وعنــد قصيدة (ريحان) .....!
وإشكثر هجـرك عاشر إليالي الهـوّه وما لمته
وإنته السحنـت الليـل بگليبي وگلـت موش إنته
إن الأسبـاب التي تقـف وراء تعلّـق الشاعـر بهـذه الكلمـة على هـذا النحـو المرّكـز وإستخدامها بهذه الكثافة والإصرار فسنجد أن ذلك ناتج عن إنعكاس تأثير التجارب الشعورية المرّة والقاسية والحزن المكبوت في أعمـاق الذات والتي عاناهـا الشاعـر خلال حياته السريّة ذلك النمط من الحياة الذي إضطر لممارسته سنين طويلة بسبب الموقف السياسي من قصيدة (سفن غيلان إزيرج)....!
زلمنه إتخوض مي تشرين
حدر البردي تتنطر
زلمنه... إتحـّز ظلام الليل
نشتل ذبحـة الخنجر
يساگي الشمس من عينك
إبعز الشمس حب أخضر
لـوّن حلّت نسمة الليل
شعرك تنشگ العنبـر
ويذكر في نفس القصيدة ويرسو عند ضفاف الليل ...
أحلفك بدم إرجالنه الحّزم سواد الليل
وبعز العشگ لو غـاب نجـم إسهيـل
إسمك بالکلب للصبـح شايل ...هيل
لـّن وّدت سفنهم....... يمّك أخباري
ليالي الصيف.... ما وّدتلك أخباري
دَ سِلْ الجاري يحچلك عله الجاري
سفن غيـلان راحـت تنحر الجاري
وحگ عيــن التشوفـك ميل
وأزود مـن مسافـة ....ميل
راحـت تنحـر الجـــــاري
إن الشاعر النواب سياسي معارض قديم ناهض عهودا سياسية مختلفة في العراق ونتيجـة لـذلك تعـرض للإعتقـال والمطاردة والتشرد وإضطـر للهـرب والإختفـاء والتعرض لخطر الموت عدة مرات إن ظروفا حياتيـة كهذه تدفـع الإنسان وتجبره على إنتهاج أساليـب الحـذرفي سلوكـه والسريّـة في تصرفاتـه والتكتـم في شؤونـه وحياته الخاصة وتجعله يميل الى التخفي والخلوة والإبتعاد عن الأضواء ولعل الليل في ظلامه وعتمته وغموضه من المستلزمات المصاحبة والمرافقة لمثل هذا النمط من الحياة لندرج نصوص قصائد أخرى من الشعر النوابي، ففي قصيدة أيام المزبّن
خـّل نوصل لفـّي الگصب ..وأذبحلك إميّة النفس
معگود ستري.... إبغتـرتك والليل بعيونك عرس
دگ سترك إبستـر العرس وبضحكتم حّني الچف
ويستمـر في نفس القصيدة.....
آنـه إگربـت بور الفله وطشيت صبري وصبرك
وإسگيت وضميت الشمس... لليـل عـود أنتظـرك
تاليهـه ريحـان وملح..... چـا هذا گدري وگـدرك
لا..وين گصدك شايـل بهالليـل رگـّـد روحك
خذنـي أذل الدولـه لـو رادت تـذل إجروحـك
معتب خلص بيه الجرف ما بيه صبرإدموعك
ويستمر في نفس القصيدة ......
إحنـّه إبنگيصـة مـاي يا ناعور وجرفك عالي
فـات الـوكت والليـل حّط حّزه إبكتر دلالي
خنجـر وچفيـّة غوه
وكـل گذلـه ريحـانــة طف
إن السِّرية والإختفاء أفضل بيئة لممارسة ذلك الإسلوب المطبوع بالسريّة والكتمان والحذر والتشكك والليل خير ملجأ لمن أراد أن يبتعد عن رقابة الآخرين وفضولهم ومن قصيدة (فوگ التبرزل)....
وديت جفـن إبكحل مشحوف نـاگل حِسِن
ناگل حنيـن العشگ شهگـات ليـل وحِـزِن
لا..وچـه ليـل إبـوصـل لا طيف كلـّك دفـن
وإميتـّك لذتي وفوگ التبرزّل...... طعـم
مــا بيـن شهگــه ونفس ليلتنه هـودج عـرس
تـآخـذنه حضنه ونـرد الشفاف تنگـط دبـس
زقنـي إبلـذيذ النفس گطـع النفـس للشمس
وإميـّتك لـذتـي وفـوگ التبـرزل.... طعـم
أمـّا قصيـــدة (الحصـاد).....!
هّبت ليالينه مـن... عـزهـه مسچ
السنابل طشّت إلهـه... بـذورهــه
وعمرينـه الليل سالـوفة... عشگ
عكس ما الفنجان إيـدور إندورهه
والليالـي إتعيش... دلينـه الليـالـي
تعيش سابگنه الرياح البل علالي
وطـوگينـه إنحـورهـه
وإجفلـت كبـره من عش العشگ
گضت الليـالي وسكن ناعـورهه
بمرور الوكت وبتكرار الممارسة اليومية يتعلق هذا الشاعر بصورة لا إرادية بالليل بعد أن يخلو إليه ويطمئن فيه فتنشأ بالتدريـج بينهما صداقـة وتـآلف ومودة ، فالليـل هـوالأسرار والعتمـة والإختفـاء ، وهو الظـلام الـذي يخفي كل شيء وهو الغموض والكتمان والظنون وهو بعد كل ذلك صديق المناضلين ورفيق المظلومين المطاردين في كل مكان على هذه الأرض ....وفي قصيدة (جّـد إزيرج)
تركناله گمـر من دم عله مخدته
ومـزگينـه الليلـه خـط عـرسه
ومكـاتيب الهــوه السته
ومـن قصيــدة (بـاگوك ) .....!
بحـزامك مفاتي؛ السوالـف
وإنته تدري ضيعينه الباب والمفتاح
وشـراعـك شليل الليـل
تحچــي للسمـچ سألـوفـة ....القدّاح
حِـرت راويتهـم گلبــي
وگلـت يـرهـم عليه مفتاح
هذا ما حصل مع النواب فقد قامت بينه وبين الليل صداقة حميمة تعززت على مر الأيام والسنين كنتيجة طبيعية لتلك الحياة السياسية المليئة بلأخطار والمطاردة وهواجس الإعتقال والسجن والعذاب ففي قصيــدة ( ولا أزود )....
تـرافه وليل دگ ريحـان يسمـّر لا..تواخذنه
يلـّن كـل دگه من حسنـك شتل ريحـان للجنّه
ليـالـي ودگ نحـر حدّاد وإحنـه الشوگ نـاحرنه
لقد شكل الليل عند النواب شاطيء الأمان النشبي والطمأنينة العابرة والسلام المؤجل والهدنـة القلقـة طيلـة اعـوام نضالـه السري ، وحياتـه السياسيـة المشحونـة بالخـوف والمصير المجهول فصار الليل بحكم الواقع هو الزمن المشبع بالحريـة بالنسبة إليـه وهو زمن التنفيذ والفعل الملبّي لطموحات الذات ورضا النفس ،وهو الصديق الثابت الحنـون الذي أخفى الشاعـر بظلمته المعتمة عـن عيـون أعدائـه ومطارديـه ساعـات المحنة والمراقبة والخطرولعل الإحساس بالوفاء هو الذي دفع بالنواب لعشق الليل ،وملازمته والعيش معه وإطرائه بالأوصاف الحلوة المحببة ومن قصيدة (بسّك)...
بسّك يـا زحير الـوّن
ضاف الليل حزن جديد
عدن،ه وساهـر الضنون
بسـّك يا زحيـر الـّون
بسـّك ما أظن إدروب روحي
الليله ظل بيهه درب مامون
ونقف عنـد قصيـدة (شماليّـه) ونطـر الليـل....
إشمـا تهب نسمة شمـال إبليل..يفـلانه أهبْ
الشوگ بضلوعـي رطبْ ....كلـش رطـبْ
كبـرن أيام الحنين سنين يـا طفلـه
وغده الزهدي چسبْ
هبـّت إبنـومي شمال الليللـه
وإستبرد عله إدموعـي العشگ
لقد أصبحت كلمة الليل تعني له الدلالات والمعاني ما لا توحيه لإي إنسان آخر فمن قصيدة (الشهيد البطل صلاح)...
المنايه الما تزورك.... زورهه
خطوه التسلّم ....ذبايح سورهه
صگر والبيده تعـز إصگورهه
وبـأثر چدمه.. تلوذ إطيـورهـه
وسفه... ما حفضت صگـرهـه
وسلمته بليله عِمَتْ ناطـورهـه
لقد إنعكست تلك الصداقـة والمحبة بين النواب والليل على مفرداتـه وألفاظه ولغتـه الشعرية دون قصد فصارت كلمة الليل تتسلل من بين أنامله لتستقر في ثنايا سطوره وجمله وصياغتها الشعرية وتثبت فوق دفاتر قصائده بدلالات حية موحية يستحلي قربها ويأنس لمرءاها ويطمئن لمعانيها فمن قصيدة (شباچ)....
اخذ مني الناهي ذبحه وگتله زيـدْ
وإنته يا گلبي ...أريد ..ومـا أريدْ
يـامه تـانيت الهـوه إبليـل الشتـه
وإشعلت الدمـوع إبدروب البريدْ
شـلّت شبـاچـي وراهـه
ومـن ما تمشي أعاتب من بعيدْ
نعـم هكذا الليل عند النواب إنه الأمل وبداية النور، بداية الخلاص لجميع ثوار العالم إنه تباشير الأماني الكبيرة ، إنه الإسطوانة الرائعة المتجددة في أغلب قصائد النواب ، ىإنها اللوحة المرسومة بدقة متناهية تناغي الحزن ورافعة شعار الأمل ..إنها مقدمة للخلاص ففي ملحمة(حسن الشموس) الرائعة تتردد كلمة الليل في أكثر من مكان...
عمد للسيل .. گلهه ولا شماتة عدو
يتشمشم خبر موتك وراي إبليـل
يا ....زين الـذي بطـرواك
مهـره مـن بنـات إكحيـل
نجمتهـه عزيزه إتدگغمامة ليل
وإتشگاللهب لنهه إبغمامة هيل
چبـاشه وراحت وي الليـل
تتراگص وراك إمراگص وتثگل
چثيره إحگوگ حزمّهه الحزب لليل
ولا مرت ليالي إبغير گمره ..الگمره گمرتنه
ننطي أرواحنه لكل طيّب المعشر
أخذ ليل اليضـّوي إسيوف إهّن ثارات من ثارات
حگ ودّم ...وراهـن ليل ومساهـر
وراهـم ليلتن ليلـه
هلهلن يا تفگ زرگـات روسيـات
اوخيطن أول الريح إبتواليهه واشخطن ليل
يا قصـة شعبنه ويا غنانـي الليل
طوّلتي علينـه المـّده والغيبـه
عله الليل إشكثر طالت تراچيبـه
ولبس إحزامـه واوي الليل
وليالي الثار من دون الليالـي إطوال
كل گذله ربات الليل ويه إسهيل مفجوعه
ومسچهه إبنارك يلهلب
لقد ذكر النواب كلمة الليل في جميع قصائد ديوان (للريل وحمد) بإشتثناء ثلاثة قصائد فقط إنها مسيرة طويلة مع الليل ومع الهيل ومع الريل ومع سفن وبحور القوافي ولنا لقاء مع روائع النواب .