موضوعات نيسان – مهمات البروليتاريا في الثورة الحالية


فلاديمير لينين
2023 / 4 / 23 - 14:40     

لقد وصلت إلى بتروغراد في ليل الثالث من نيسان فلم أستطع بالطبع أن أقدم تقريرا عن مهمات البروليتاريا الثورية في اجتماع الرابع من نيسان إلا باسمي الشخصي، ومبديا تحفظاتي بصدد أني لم أستعد الاستعداد الكافي.
وكل ما أستطعت القيام به من أجل تسهيل العمل – لنفسي وللمناظرين ذوي النية الحسنة – إنما هو تحضير موضوعات مكتوبة. وقد تلوتها وأحلت نصها إلى الرفيق تسيريتيلي. تلوتها ببطء بالغ، ومرتين: أول، في اجتماع البلاشفة، ثم في اجتماع البلاشفة والمناشفة.
وإني أقدم هنا موضوعاتي الشخصية هذه، مرفقة بملاحظات توضيحية غاية في الإيجاز؛ وقد طورتها في تقريري وأرفقتها بتفاصيل أكثر بكثير.

موضوعات

1- إن موقفنا من الحرب، التي لإنزال، بلا مراء، من جانب روسي، حربا إمبريالية لصوصية، حتى في عهد الحكومة الجديدة، حكومة لفوف وشركائه لكونها حكومة رأسمالية، لا يقبل أي تنازل، مهما كان طفيف، لنزعة “الدفاع الثوري”، إن البروليتاريا الواعية لا يسعها أن توافق على حرب ثورية تبرر فعلا نزعة الدفاع الثوري إلا بشرط : أ- إنتقال السلطة إلى أيدي البروليتاريا والعناصر الفقيرة من الفلاحين، الواقفة إلى جانب البروليتاريا ؛ ب- التخلي الفعلي، لا الشفوي، عن جميع الالحاقات ؛ ج- القطيعة الكلية الفعلية مع جميع مصالح الرأسمال.
وبما أنه لا مجال للشك في حسن نية الفئات الواسعة من أنصار نزعة الدفاع الثوري بين الجماهير، الذين لا يقبلون الحرب إلا بحكم الضرورة، لا من أجل الفتوحات، وبما أن البرجوازية قد ضللتهم وخدعتهم، فمن الواجب أن يشرح لهم خطأهم، ببالغ المثابرة والصبر والعناية، أن يشرح لهم الصلة الوثيقة التي لا تنفصم عراها بين الرأسمال والحرب الإمبريالية، أن يبين لهم أن إنهاء الحرب بصلح ديمقراطي حقا لا بصلح جائر، شيء مستحيل بدون قلب الرأسمال.
تنظيم أوسع ما يمكن من الدعاوة لهذه الآراء في صفوف الجيش المقاتل.
التآخي.
2- إن الشيء الأصيل في الوضع الراهن في روسي، إنما هو الانتقال من المرحلة الأولى للثورة، التي أعطت الحكم للبرجوازية نتيجة لعدم كفاية الوعي والتنظيم لدى البروليتاري، إلى المرحلة الثانية للثورة، التي يجب أن تعطي الحكم للبروليتاري، وللفئات الفقيرة من الفلاحين.
وهذا الانتقال يتصف، من جهة، بالحد الأقصى من العلنية (إن روسيا هي اليوم، بين جميع البلدان المتحاربة، أوفر البلدان حرية في العالم) ؛ ومن جهة أخرى، بانعدام تسليط العنف على الجماهير، وأخير، بثقة الجماهير ثقة ساذجة غير واعية بحكومة الرأسماليين، ألد أعداء السلام والاشتراكية.
إن هذا الوضع الفريد يتطلب منا أن نعرف كيف نكيف أنفسنا على الظروف الخاصة لعمل الحزب في صفوف الجماهير البروليتارية الكبيرة، الغفيرة، التي استيقظت للتو على الحياة السياسية.
3- لا تأييد للحكومة المؤقتة على الإطلاق، تبيان كل كذب وعودها كافة ولاسيما منها الوعود بالعدول عن الالحاقات. فضح الحكومة بدلا من “المطالبة” – وهو أمر لا يجوز أبد، إذ أن ذلك يبث الأوهام – بان تكف هذه الحكومة، حكومة الرأسماليين، عن أن تكون إمبريالية.
4- الاعتراف بأن حزبنا ما يزال أقلية، وأقلية ضعيفة في الوقت الحاضر، في معظم سوفييتيات نواب العمال، أمام كتلة جميع العناصر البرجوازية الصغيرة الانتهازية، التي وقعت تحت نفوذ البرجوازية والتي تنشر هذا النفوذ بين البروليتاري، ابتداء من الاشتراكيين الشعبيين، ومرورا بالاشتراكيين-الثوريين، حتى اللجنة التنظيمية (تشخييدزه، تسيريتيلي، الخ)، وستيكلوف، الخ، الخ.
الشرح للجماهير أن سوفييتيات نواب العمال هي الشكل الوحيد الممكن للحكومة الثورية، وأن مهمتنا لا يمكن أن تكون ادن، ما دامت هذه الحكومة خاضعة لنفوذ البرجوازية، إلا أن نوضح للجماهير أخطاء خطته، بصبر ومثابرة وانتظام، توضيحا مكيفا على الخصوص للحاجات العملية لهذه الجماهير.
وما دمنا أقلية، فإننا نقوم بالانتقاد وتوضيح الأخطاء، مؤكدين في الوقت نفسه ضرورة انتقال كل سلطة الدولة إلى سوفييتيات نواب العمال، لكي تتحرر الجماهير من أخطائها بالتجربة.
5- لا جمهورية برلمانية، – فالرجوع إليها بعد قيام سوفييتيات نواب العمال يكون خطوة إلى الوراء، – بل جمهورية سوفييتيات نواب العمال والأجراء الزراعيين والفلاحين في البلاد بأسره، من القاعدة إلى القمة.
إلغاء البوليس والجيش وسلك الموظفين.
إمكان انتخاب وعزل جميع الموظفين في كل آن ، يجب أن لا تتجاوز رواتبهم متوسط أجرة العامل الجيد.
5- نقل مركز الثقل في البرنامج الزراعي إلى سوفييتيات نواب الأجراء الزراعيين. مصادرة جميع أراضي الملاكين العقاريين. تأميم جميع الاراضي في البلاد، وضع الأراضي تحت تصرف السوفييتيات المحلية لنواب الأجراء الزراعيين والفلاحين. تمييز سوفييتيات نواب الفلاحين الفقراء. تحويل كل عقار كبير (من 100 ديسياتين إلى 300 مع حسبان الحساب للأوضاع المحلية وغيرها واخذ رأي الهيئات المحلية)، إلى استثمارة نموذجية توضع تحت إشراف نواب الأجراء الزراعيين وعلى نفقة المجتمع.
6- دمج جميع مصارف البلاد فورا في مصرف وطني واحد يوضع تحت إشراف سوفييتيات نواب العمال.
7- مهمتنا المباشرة لا “فرض” الاشتراكية، بل الانتقال فورا وفقط إلى مراقبة الإنتاج الاجتماعي وتوزيع المنتجات من قبل سوفييتيات نواب العمال.
8- مهمات الحزب:
أ- عقد مؤتمر الحزب بلا إبطاء
ب- تعديل برنامج الحزب، وبالدرجة الأولى:
1-حول الإمبريالية والحرب الإمبريالية
2-حول الموقف من الدولة ومطلبنا “دولة-كومونة”
3-إصلاح برنامج الحد الأدنى، الذي ولى زمنه
ج- تغيير اسم الحزب
9- تجديد الأممية.

المبادرة إلى إنشاء أممية ثورية، أممية ضد الاشتراكيين-الشوفيينيين وضد “الوسط”
ولكي يستطيع القارئ أن يدرك الدافع الذي دفعني إلى الإشارة بوجه خاص إلى حالة المناظرين ذوي النية الحسنة باعتبارها حالة استثنائية نادرة، ادعوه إلى مقارنة هذه الموضوعات بالاعتراض التالي الذي تقدم به السيد غولدنبرغ، إن لينين “قد نصب راية الحرب الأهلية في قلب الديمقراطية الثورية” (هكذا ورد في جريدة “ايدينستفو” للسيد بليخانوف، العدد5)

أليس هذا القول من درر الكلام حقا ؟

إني أكتب وأصرح وأكرر: “بما أنه لا مجال للشك في حسن نية الفئات الواسعة من أنصار نزعة الدفاع الثوري بين الجماهير… وبما أن البرجوازية قد ضللتهم وخدعتهم، فمن الواجب أن يشرح لهم خطأهم ببالغ المثابرة والصبر والعناية…”
ولكن هؤلاء السادة من البرجوازيين، الذين يقولون عن أنفسهم انهم اشتراكيون- ديمقراطيون، وليسوا لا من الفئات الواسعة ولا من أنصار نزعة الدفاع الثوري بين الجماهير، يعرضون آرائي بوجوه مشرقة كما يلي: “إن راية (!) الحرب الأهلية (التي لم يرد أي ذكر لها في الموضوعات ولا في التقرير!) قد نصبت (!)” “في قلب (!!) الديمقراطية الثورية…”
ما هذا ؟ وبم يختلف عن تحريض مسببي المذابح ؟ وعن تحريض “روسكايا فوليا” ؟
إني أكتب وأصرح وأكرر: “إن سوفييتيات نواب العمال هي الشكل الوحيد الممكن للحكومة الثورية وإن مهمتنا لا يمكن أن تكون إذن إلا أن نوضح للجماهير أخطاء خطتها بصبر ومثابرة وانتظام، توضيحا مكيفا على الخصوص للحاجات العملية لهذه الجماهير ..”
ولكن بعض المنظرين من طراز معين يعرضون أفكاري على أنها نداء إلى “الحرب الأهلية في قلب الديمقراطية الثورية”!!
لقد هاجمت الحكومة المؤقتة لأنها اكتفت بالوعود ولم تعين أي موعد قريب، ولا أي موعد بوجه عام، لانعقاد الجمعية التأسيسية. وقد بذلت جهدي لاثبت أن انقاد الجمعية التأسيسية ليس أمرا مضمونا وان نجاحها مستحيل، دون سوفييتيات نواب العمال والجنود.
وبعد هذا، يدعون أني أعارض انعقاد الجمعية التأسيسية بأسرع وقت!!
قد انعت هذه التعابير بأنها من باب “الهذيان” لو أن عشرات السنين من النضال السياسي لم تعلمني أن اعتبر حسن نية المناظرين حالة استثنائية نادرة.
لقد نعت السيد بليخانوف خطابي في جريدته بـ”الهذيان”. حسنا جدا، أيها السيد بليخانوف ! ولكن انظر إلى أي حد أنت أخرق، متقلقل، قليل الذكاء في مناظرتك. فإذا كنت ألقيت خطابي الهاذي طوال ساعتين، فكيف استطاع مئات المستمعين احتمال “هذياني” ؟ ثم، لماذا خصصت جريدتك عمودا كاملا لعرض هذا “الهذيان” ؟ هذا واه، هذا واه تماما يقينا أن من الأسهل كثيرا على المرء أن يصرخ، ويشتم، ويطلق الصيحات العالية من أن يحاول، أن يروي، ويوضح، ويذكر ما قاله ماركس وانجلس في 1871، و1872، و1875، عن تجربة كومونة باريس وعما كان يجب أن تكون عليه الدولة الضرورية للبروليتاريا.
إن الماركسي السابق السيد بليخانوف لا يريد، على ما يبدو، أن يتذكر الماركسية. لقد استشهدت بروزا لوكسمبورغ التي وصفت، في 4 آب 1914، الاشتراكية-الديمقراطية الألمانية بأنها “جيفة نتنة”. وإذا بالسادة بليخانوف وغولدنبرغ واضرابهم وشركاهم “يغتاظون”… لمن ؟ للشوفينيين الألمان الموصوفين بأنهم شوفينيون !

وهاهم في ورطة كبرى، هؤلاء الاشتراكيون-الشوفينيون الروس المساكين، الاشتراكيون قول، الشوفينيون فعلا.