عودة البولشفية تستدعي القلق !!


فؤاد النمري
2020 / 7 / 1 - 19:10     

قيما أنا أقرأ مقالة للكاتبة الأميركية آن أبلباوم (Anne Applebaum) بعنوان " عودة البولشفية بعد 100 عام يتوجب أن تثير قلق الغرب " تزاحمت برأسي أفكار كثيرة منها مقالة قديمة لونستون تشيرتشل قال فيها أن الغريب في الديانة اليهودية أنها لا تستحضر الملائكة فقط بل وتستحضر الشياطين أيضاً فالكاتبة آن أبلباوم التي حصدت كل جوائز الأدب الغربي المعادي للشيوعية تشارك القائدة الشيوعية البارزة روزا لكسمبورغ، التي استدعت قادة الأحزاب الإشتراكية في العالم في اجتماعهم التأسيسي للأمية الشيوعية في العام 1919 أن يقفوا دقيقة صمت تكريما لاستشهادها، تشاركها في الأصل والدين فكلتاهما بولنديتان أصلاً ويهوديتان وهو ما استدعى استذكار مقالة تشيرتشل عن شياطين وملائكة الديانة اليهودية .

قلق الغرب الذي تستلزمه عودة البولشفية بعد مائة عام كما كتبت أبلباوم ذكرني بقلق مجرم الحرب هاري ترومان الذي تذلل كثيراً لستالين في بوتسدام (يوليو 45) من أجل أن يساعد أميركا في حربها على اليابان كما أكدت الصحف الأميركية مؤخرا، بل إن قلق ترومان البالغ من البولشفية تحول إلى رعب شديد تملك الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ نهاية الحرب وحتى العام 70 وأفقدها كل تعقل مما أدى إلى انهيار أميركا إقتصاديا حين أعلنت في العام 71 إنكشاف الدولار من كل غطاء واستعطفت البنوك المركزية الغربية لأن تتكفل بأسعار صرف الدولار وهو ما تقرر في إعلان رامبوييه في نوفمبر 75 بعد أن فقد الدولار أكثر من 40% من قيمته في السنوات الأربعة السابقة، وانهيارها عسكريا حين هرب قادة جيوش اميركا في فيتنام بالحوامات فوق سطح السفارة الأميركية في سايجون في 30 ابريل 75 .

مر في خاطري وأنا أقرأ هذه الكاتبة وهي تحذر الغرب من عودة البولشفية بعد مائة عام، وقد كرست كل حياتها لمحاربة الشيوعية، أن أنبّهها إلى أن دماء البلاشفة التي أريقت في الحرب ضد اليايان في منشوريا ما بين 9 – 31 أغسطس 45، وتصفية كامل القوى العسكرية لليابان، ما كانت اليابان لتستسلم للولايات المتحدة في الثاني من سبتمبر 45 ولما كانت آن أبلباوم أكثر من نادلة في حانة من الدرجة الرابعة تخدم عسكر اليابان . دماء البلاشفة السوفييت هي التي مكنت أبلباوم أن تحتفظ بحريتها وتتعلم لتصبح كاتية تحصد جوائز الكتابات المعادية للبلشفية وللشيوعية .
أنبهها أبضاً إلى أن امبراطور اليابان كان قد اقترح على حكومته العسكرية استسلام اليابان في 16 أغسطس أي بعد أسبوع من إلقاء القنبلة الذرية الثانية على مدينة ناغازاكي إلا أن الحكومة العسكرية رفضت اقتراح الإمبراطور وأخبروه أن قائد الحامية في ناغازكي التي قصفت بالقتبلة الذرية الثانية قبل أسبوع موجود آنذاك في القيادة العسكرية . القنابل الذرية لا تجدي في الحروب البحرية ولا حتى البرية . حاربت اليايان الولايات المتحدة وبريطانيا لأربع سنوات مع احتفاظها بالغلبة لكنها لم تستطع محاربة الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي لأكثر من ثلاثة أسابيع فقدت خلالها أكثر من مليون جندياً في منشوريا في مواجهة السوفييت فكان أن استسلمت اليابان في الثاني من سبتمبر إلى الولايات المتحدة وليس للسوفييت طبقاً لمقررات مؤتمر يالطا، مهزومة أمام السوفييت وليس بفعل القنابل الذرية التي لم بستخدمها ترومان لولا الإفلاس العسكري . هل كانت العسكرية الأمريكية لتقصف المدنيين بالقنابل الذرية لو كانت اليابان على وشك الاستسلام !!؟

الإعتقاد السائد اليوم هو أن البولشفية اننهت مع انتهاء الإتحاد السوفياتي ويعتقد الشيوعيون أن البلشفية انتهت حين قرر المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي السوفياتي في العام 1952 إلغاء وصفه بالبولشفي . جناح لينين في المؤتمر الثاني لحزب العمال الاشتراكي الديموقراطي في روسيا أقترن وصفه بالبولشفي (الأغلبية) مقارنة بالجناح الآخر الموصوف بالمنشفي (الأقلية) بسبب الخلاف حول اعتماد الفلاحين كقوى أساسية في الثورة الاشتراكية . المؤتمر التاسع عشر للحزب قرر إلغاء صفة البولشفية من اسمة لأن خطة التنمية الخمسية الخامسة التي أقرها المؤتمر العام للحزب في أكتوبر 52 كانت ستؤدي إلى محو طبقة الفلاحين في المجتمع السوفياتي . تقرر إلغاء المعنى التاريخي للبولشفية غير أن تقاليد الصراع الطبقي التي كرسها البلاشفة باتت شرطا لازما من شروط هيئة أركان الطبقة العاملة .
حال اغتيال ستالين بالسم من قبل ثلاثة أعضاء في المكتب السياسي كان ستالين قد أعلن للملأ أنه يسعى للإستغناء عن خدمات كامل القيادة القديمة بل وكان قد ناشد مؤتمر الحزب في أكتوبر 52 عدم انتخاب القيادة القديمة لأنها لم تعد صالحة للعمل الشيوعي الصعب ولم يوافق المؤتمر على اقتراح ستالين، حال اغتياله قبض الجيش على صولجان السلطة وانقلب على البلاشفة وطردهم من المكتب السياسي بانقلاب عسكري خلافاً للقانون في يونيو 57 واستكمل تصفية كل روح بولشفية في الحزب يعاونه خروشتشوف على ذلك . الحزب متذ سبتمبر 53 حين قرر إلغاء الخطة الخمسية من أجل التسلح بات حزباً معادياً للشيوعية .
ما يجب أن يَقِرَّ في الأفهام هو أن الثورة البلشفية بقيادة ستالين كانت قد نقلت العالم إلى مسار آخر غير المسار الرأسمالي والبلشفية لا تغيب عن هذا المسار لتظهر من جديد .
تشيرتشل وروزفلت من دهاقنة النظام الرأسمالي في العالم اعترفا بالنصر العالمي الحاسم للنظام الإشتراكي بصريح العيارة، فكيف بصعاليك البورجوازية الوضيعة الذين لا يجدون سبباً لانحرافهم والعداء للثورة البلشفية غير الادعاء المثير للهزئ والسخرية برأسمالية الدولة للإشتراكية السوفياتية . يبلغ الغباء بهؤلاء الصعاليك أنهم لا يميزون بين الاشتراكية وبين الرأسمالية بين الإشتراكية التي تنعدم فيها علاقات الإنتاج وبين الرأسمالية حيث علاقات الإنتاج فيها ثابتة وحدبدية .
عدوة الشيوعية آن أبلباوم الني حصدت جمبع جوائز الآداب المعادية للشيوعية لأنها تدين الصراع الطبقي الحقيقي في النظام الإشتراكي هي أقل عداء للشيوعية من منصور حكمت الذي يدين الصراع الطبقي في الإتحاد السوفياتي ويدعي الشيوعية .
الكاتبة البولونية اليهودية آن أبلباوم تدين نفسها بنفسها غير أن أنصار منصور حكمت لا يدينهم غير الشيوعيين الماركسيين حقاً .
آخر تقليعة لصعاليك الحكمتيين هي أنهم سيشكلون حكومتهم حال استلامهم للسلطة عن طريق الانتخابات العامة وليس بفرض دولة دكتاتورية البروليتاريا كما اشترط ماركس ورغم ذلك ينافقون بكل وقاحة ويرسمون وجه ماركس على رايتهم الزائفة