منطقة الريف و -حزب- -الاستقلال-


كوسلا ابشن
2020 / 6 / 23 - 20:45     

أثارني عنوان لمقال نشر في الموقع الالكتروني فري ريف "إستقلاليو الحسيمة يلتئمون بإمزورن و يؤكدون أنهم أمل المستقبل".
ما يحير أي أمازيغي من منطقة الريف , يعتز بإنتمائه الهوياتي وإنتمائه الجغرافي و كرامته الانسية, ان يسمع أو يشاهد تغلغل القوى العرقية الاجرامية في الساحة " الريفية" أو تشكيل كتل بربرية ( محافظة على اللسان الامازيغي), إرتزاقية وإنتهازية فاعلة و مدافعة عن أجندة أعداء الذات الأبوية, وهي كذلك فقد نسيت بسرعة أو بالأصح لم تهتم بقضايا المنطقة و بالانتماء الهوياتي و الجغرافي, همها الوحيد خدمة مصالحها الشخصية حتى وإن باعت خدماتها لأعداء الذات الامازيغية,رغم إدراكها الواعي للفعل الاجرامي الشنيعي والوحشي والغيرالإنساني الذي إقترفه المخزن العروبي وميليشيات الزاوية (((الاستقلالية))) في منطقة الريف وأهله ( يعني في أهله الكتلة وأرضها).
العصابة الاجرامية التي قادها بعد مؤامرة (الظهير العروبي (إكس ليبان) 1956) علال الفاشي و المهدي بن بركة و آخرون والمسؤولة المباشرة عن المذابح الاجرامية الدموية و اللاإنسانية بمنطقة الريف و أهله بين سنة 1958 و1959, وهي نفس العصابة التي صرح قائدها علال الفاشي في لقاء ل "حزب" "الاستقلال" سنة 1957, مايلي:" أيها الإخوة إن جلاء الجيش الفرنسي قد تم, و إجلاء القواعد الأمريكية في الأفق, لكن المشكل الكبير: كيف يمكن جلاء البربر", كما ينسب اليه القول:" المغرب لنا لا لغيرنا". نفس العصابة توهم أهل الريف اليوم بالمستقبل الجنوي, وكأن أهل منطقة الريف أطفال لم ينضجوا بعد لتأخذ العصابة "الاستفلالية" بأيديهم لتوصلهم الى النعيم والرخاء المستقبلي.
التاريخ الدموي للعصابة ((الاستقلالية)) في الريف, لن تمحوه الشعارات الرنانة والوعود المزيفة مادام جرح الريف لم ولن يندمل, فدماء أهل الريف التي سفكت بدماء بارد في مسرحية تراجيدية عبرت عنه لحظة ضوئية مأساوية عاشها ايمازيغن منطقة الريف وهم يواجهون الآلة العسكرية العروبية الاستعمارية الدموية, المتفننة في الاستمتاع بالقتل و التنكيل بالجثث. الجريمة الرهيبة مازالت تختزنها الذاكرة الجماعية وكذا شهود العيان للمجزرة ما زال بعضهم على قيد الحياة, يروون لأحفادهم بشاعة الإبادة الجماعية وتفاصيل حملة التطهيرالعرقي, التي خطط لها ونفذها النظام الكولونيالي, بقيادة الحسن الفاشي و زمرته أمثال أحمد بلافريج (رئيس الحكومة "الاستقلالية" من (21 ماي 1958 إلى دجنبر 1958) إتخذ قرار القضاء على إنتفاضة الريف الأمازيغية) ,عبد الله إبراهيم (رئيس الحكومة "الاستقلالية" من (24 دجنبر 1958 الى 23 ماي 1959) نفذت حكومته المجزرة الوحشية, أحمد اليزيدي (وزير الدفاع من ((حزب)) ((الاستقلال))),إدريس المحمدي ( وزير الداخلية "حزب" "الاستقلال") و بعض الوجوه القيادية في العصابة الاجرامية ((الاستقلالية)) أمثال الفقيه العماري, علال الفاشي, عبد الرحيم بوعبيد, بن بركة وغيرهم, وعلى سيرة بن بركة السكرتير التنفيذي أنذاك لزاوية ((الاستقلال)), فهو مخطط عملية إغتال رئيس جيش التحرير في الريف, عباس مساعدي في يونيو 1956, كما كان وراء أغتيالات وإختطافات لرجال المقاومة آخرين.
في أنتظار التعزيزات العسكرية المتوحشة (المتمركزة في مدينة تطاوين) الوصول الى منطقة الريف (20 ألف جندي) وجه المقيم العام العروبي أنذاك محمد الخامس خطابا موجها للامازيغ, كما نشرت جريدة لومند الفرنسية (نوفمبر 1958) ب ثلاثة لغات منها الامازيغية, يطالب الساكنة بالنزول من الجبال و وضع السلاح والرجوع الى مساكنهم وأعمالهم, وبعد هذا الخطاب وجه علال الفاشي نداء الى الساكنة طالبهم بالنزول من الجبال والعودة الى منازلهم من دون متابعات "قانونية" و لا أعتقالات وقد أستجاب البعض للطلب المخادع, إلا ان إستجابتهم أوقعتهم امام نيران بنادق الجنود العلوية و رصاص ميليشيات "حزب" "الاستقلال" وكلابه البوليسية. بدأت المذبحة الرهيبة في شهر يناير 1959, بعمليات بشعة من بقر بطون الحوامل و قنبلة العزل الابرياء بقنابل تفجر عن بعد وقصف القرى والمداشير والجبال بقنابل النابلم المحظورة دوليا بطائرات حربية فرنسية و طيارين فرنسيين, ولم يتغير في الطائرات الحربية الا إستبدال لون العلم الفرنسي بالعلم العلوي-الليوطي, وإطلاق النار العشوائي على العزل لا فرق في القتل بين رضيع وطفل و عجوز وإمرأة, والتنكيل بالجثث وأحراق القرى والمداشير و مصادرة أملاك الساكنة, وتلت المذبحة عمليات المطاردة والاعتقالات العشوائية, ومن سقط في أيدي رسل القتل والبطش, فقد أساقوهم الى السجون السرية لميليشيات علال الفاشي و المهدي بن بركة, التي أعدها عبد الكريم الخطابي, ب 96 معتقل سري أشهرها دار بريشة بتطاوين , تمارس فيها شتى أنواع التعذيب والإذلال و البطش, من رسالة محمد بن عبد الكريم الخطابي (يوليوز 1960) إلى الأمين العام محمد حسن الوزاني في قضية الاعتقالات والاختطافات السياسية ندرج جزء من الرسالة لفضح جرائم ميليشيات " حزب" "الاستقلال" الشوفيني الخائن:
"أما المعتقلون فلقد بلغ عدد الذين عذبوا في هذه المعتقلات الجهنمية التي ذكرناها بالضبط والتدقيق (9672) كلها معروفة بالاسم واللقب والعمر والمهنة وحتى الحالة المدنية، لا يتسع المجال لذكرها في هذه الآونة. وأطلق سراح ( 6520) لغاية (26/02/1960) وجلهم مازالوا مشوهين ومبتورين من الأعضاء التناسلية أو الأرجل أو العيون أو الأذن، أما الباقي فما زال في غياهب السجون والمعتقلات المجهولة، على أن جلهم قد لاقوا حتفهم من جراء التعذيب.
أما المختطفات من بنات المغرب العزيز فلقد بلغ عددهن (235) ما بين المتزوجات والأبكار، ومن الشمال فقط اختطفت (75) حشروا منهن (25) في دار معروفة بحومة (سانية الرمل) بتطوان، حيث ظلوا يترددون عليهن صباح مساء ليل نهار، لهتك أعراضهن، إلى أن اختفين نهائيا من الوجود. وفي عزبة معروفة على شاطئ وادي ورغة حشروا (15) لنفس الغرض والغاية، وهو هتك أعراضهن. وفي دار معروفة ومشرفة على مدينة الحسيمة بالريف الأوسط حشروا (15) لنفس الغرض، وقد استطاعت ثلاث منهن أن ينجين بأرواحهن إلى مدينة سبتة، وما زلن لحد الساعة هناك. وفي مدينة الناضور ونواحيه، فلقد وقع ما تشمئز منه النفوس، وتقشعر منه الجلود، في هتك الأعراض وسلب بكارة البنات والعذارى.
مساجين حوادث الشمال في أوائل سنة (1959) فلقد بلغ عددهم (8420) أطلق سراح (5431) بعدما ذاقوا ما لا يوصف من أنواع التعذيب والتنكيل في المعتقلات العسكرية التي كانوا يحيطونهم فيها بالأسلاك الشائكة، وحكم على (323) بأقسى حكم سمعنا به لحد الآن، والباقي ما زال محتفظا به في السجون بدون محاكمة ولا إطلاق سراحهم.
أما المبعدون إثر حوادث الريف فقط, فلقد بلغ عددهم (542) موزعين على " إسبانيا وإيطاليا والجزائر وألمانيا" وفي جهات أخرى معروفة والمسجونات والمعتقلات فلقد بلغ عددهن (110) أطلق سراح (95) منهن فقط ". الجرائم البربرية ل "حزب" "الاستقلال" يندى لها جبين الانسانية نظرا لبشاعة الجرائم المقطرفة و دمويتها و وحشيتها وكذا إنتهاك لحقوق الإنسان "المحمية" بقوانين دولية.
المرجعية العرقية ل"حزب" "الاستقلال", هي وراء المذابح اللاإنسانية والإبادة الجماعية المحددة في القانون الدولي والمعترفة بها كجرائم حرب , وهذه المرجعية العرقية هي من أنتجت سيكولوجية الكراهية لدى السلالة "الاستقلالية" ورفضها المرضي للمكون الاصلي, و المسؤولة عن العداء التاريخي لهوية الشعب الأمازيغي وإقصاءه وتهميشه في كل المجالات السوسيوثقافية والاقتصادية والسياسية. إنطلاقا من هذا التوجه السياسي والايديولوجي نستنتج أن جينوسيد أهالي الريف الامازيغي, لم تكن حدث عابر, أو موقف متشدد وخاطئ من هذه الجهة أو تلك, وإنما هي ايمان وقناعة بعقيدة عرقية أستعمارية, لها إستراتيجيتها المرحلية و لها استراتيجيتها البعيدة المدى, ولتطبيق المرحلتين لديها مناهجها و تكتيكاتها, والأكيد أن إستراتيجية العروبة الاستعمارية هي إبادة الامة الامازيغية سواء بالقتل أو بالاذابة الهوياتية ( تغيير الهوية الامازيغية بالهوية العربية الاستعمارية) و المجازر الجماعية والاحداث والقرارات التي أتخذت ما بعد جينوسيد الريف يؤكد إستنتاجاتنا, سواء مواجهة الانتفاضات السلمية بالرصاص الحي والإبادة الجماعية والاعتقالات العشوائية وما يرافقها من التعذيب الوحشي والمحاكمات الصورية ( إنتفاضة الريف 19 يناير 1984), الانتفاضة السلمية ( 2016-2017) التي وصلت أحكامها القسرية الى 20 سنة سجن. وفي كل هذه المأسي و انتهاك لحقوق الانسان كان "حزب" "الاستقلال" مدعم و مدافع عن السلطة الاستبدادية العروبية و مدين للانتفاضات الشعبية الريفية المطالبة للعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية والحرية الذاتية الجمعية, وكلما كثرت التنديدات بالسياسة العنصرية الاستبدادية يبدأ تكتيك (الجزرة) "التنازلات" الشكلية كخظوة الى الوراء بهدف التقدم خطوتين الى الامام وكذا تنشيط العامل الايديولوجي في التنويم المغنطيسي وتزييف الوعي.
"حزب" "الاستقلال" ملطخ بدماء أهل الريف, و رغم الاستقطابات وشراء ضمائر البربر الإنتهازيين, المستعدين للإغتراب الهوياتي, ورغم التصريحات الموسمية المزيفة للمنافقين الزوياتيين, مثل ( إعلان بركة ) المخادع حول( التحقيق في مسؤولية "الاستقلال" في أكبر مجزرة عرقية في المروك المعاصر , و المكاشفة والاعتذار), فإن التاريخ لا يرحم ولا جراح الريف تندمل و لا أحرار الريف قد ينسوا المجزرة الوحشية التي أقترفها النظام المخزني وميليشيات ((الاستقلال)), ولا ينسى الامازيغ عنصرية "الحزب" و مواقفه العنصرية المعارضة لكل ما هو أمازيغي, مثل معارضته ولوج اللغة الامازيغية للتعليم كما عارض رسميتها, هذا ما أدلى به الأمين العام السابق ل"لحزب" عباس الفاسي أمام الشبيبة الاستقلالية (2006):" سأكافح لكي لا تصبح الامازيغية رسمية في الدستور".
تجربة "حزب" "الاستقلال" طيلة وجوده التنظيمي مارس سياسة عنصرية تسييرها سيكولوجية عقدة الامازيغ و الامازيغية, التي كافح "الحزب" من خلال المؤسسات المخزنية أو خارجها من أجل إماتة اللغة الامازيغية وتعريب الشعب الأمازيغي, إذابة الهوية المحلية الامازيغية واحلال محلها الهوية الدخيلة الكولونيالية العروبية و نهج سياسة آبارتهايدية في السياسة التنموية التي همشت وإقصيت الامازيغ, الثروة للسلالة "الاستقلالية" والاستبداد والإضطهاد الاجتماعي لإيمازيغن أصحاب الخيرات والثروات الحقيقيين ( السياسة الاستعمارية الجديدة).
الايديولوجية العرقية ل "حزب" "الاستقلال", وراء الممارسة والمواقف العنصرية و منها المتوغلة في أشد أشكال الشوفينية, كإقتراح "الحزب" لمشروع يغرم كل من إستعمل غير اللغة العربية ( المقصود الامازيغية) داخل المؤسسات العامة أو في التجمعات "الحزبية" أو الجمعيات المجتمع المدني. "حزب" "الاستقلال" سعى منذ مؤامرة الظهير العروبي ( إكس ليبان) من أجل "الحزب" الوحيد والايديولوجية الوحيدة واللغة العربية الوحيدة, و في نفس الوقت إماتة اللغة الامازيغية وإبادة الشعب الامازيغي.
لقد ترسخت لدى أحرار الريف قناعة واعية ان ايديولوجية وسياسة العنصرية ل "حزب" "الاستقلال" لا تتغير ما دام "الحزب" يختزل الوطنية في العروبة ( الاستعمارية) ويتنكر للهوية الاصلية الامازيغية للبلد, ويكافح بكل قواه من أجل تصفية الهوية المحلية, وممارسة كل أشكال الاضطهاد والقهر القومي والارهاب, وعليه على كل القوى الامازيغية المناضلة المطالبة بإجلاء هذا "الحزب" من مدنهم وقراهم, وخصوصا أهالي الريف غير محتاجة للتنظيمات العرقية الشوفينية, وعليها النضال الجاد لا هوادة فيه لتعجيل رحيل "حزب" "الاستقلال" العرقي العروبي وأمثاله من منطقة الريف الامازيغية.

كوسلا إبشن