موقف الحزب الشيوعى الهندى ( الماركسي ) من المراجعتين اليمينية السوفييتية واليسارية الصينية


سعيد العليمى
2020 / 6 / 23 - 11:10     

ترجمة سعيد العليمى
نشرت الوثيقة فى ( الصراع ) نشرتنا الداخلية – العدد السابع - 20 / 7 / 1975 . وكذلك فى العدد الأول من مجلة الشيوعى المصرى الصادر فى سبتمبر 1975 - - وقد كانت مجلتنا النظرية - كتب المقدمة خليل كلفت ، وترجم النص سعيد العليمى مع هانى شكر الله ونشرت بأسماء الأقلام : صالح محمد صالح ، فهد إسماعيل شكرى ، ومجدى محمد إبراهيم .
مقدمة
نترجم هنا ما ورد تحت عنوان ( الحركة الشيوعية العالمية ) ضمن نشرة أصدرها الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي ) في عام 1975 باللغة الإنجليزية ، لقد امتلأت قلوبنا بالبهجة والثقة لدى اطلاعنا على هذه النشرة ، وتعرفنا من خلالها على الموقف الحاسم الذي يتخذة هذا الحزب الشيوعي الثوري من المراجعة السوفييتية ، والعقائدية الصينية في نفس الوقت. لقد اتخذنا منذ بداية نشأتنا الحلقية الأولى موقفا قاطع الحسم من المراجعتين اليمينية السوفييتية واليسارية الصينية ، وبرغم استفادتنا من فكرماوتسي تونج بمواقفه الماركسية في مواجهة المراجعة السوفييتية ، فإننا حددنا موقفنا بوضوح في رفض الأخطاء الخطيرة التي انساق إليها الحزب الشيوعي الصيني لتتبلور في النهاية في سلسلة من المواقف المترابطة التي أصبحت تشكل خطرا لا يمكن الاستهانة به على الموقف الماركسي الثوري في أي مكان في عالمنا اليوم . وعندما نجد الرفاق الهنود يتخذون هذا الموقف منذ وقت طويل ، وبالأدق عندما نجدهم يتخذون موقف الرفض القاطع إزاء الموقف الجديدة التي جاء بها المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني ( 1 ) فى أبريل 1969على الفور كما فعلنا نحن الذين نشأنا في أعقاب ذلك المؤتمر دون أن يكون له بالطبع أي علاقة بشروعنا في العمل الحزبي .. عندما نجد هؤلاء الرفاق يتخذون هذا الموقف ، أي نفس موقفنا فإن هذا يشعرنا بالسعادة، سعادة من يكتشف في الواقع المحدد ما كان يتصوره فقط من أنه لا يسير وحيدا في طريق موحش.. لسنا إذن حزبا شيوعيا صغيرا واحدا في بلد واحد أي مصر يسبح ضد التيارات العاتية لأنواع المراجعة اليمينية واليسارية المسيطرة داخل الحركة الشيوعية العالمية ، بل جزء من حركة شيوعية منظمة تتخذ موقفا ماركسيا لينينيا وتواجه وتقاوم على أساسه المراجعة اليمينية واليسارية التي تعادي الماركسية باسمها وتمثل أفدح الأخطار على قضيتها .
وليس الحزب الشيوعي الهندي الماركسي حزبا صغيرا مثلنا ، فهذا الحزب الذي انشق عن الحزب الشيوعي الهندي المراجع سوفييتي الطراز ، وذيل حزب المؤتمر الحاكم ( في النصف الأول من الستينات ثم انشقت عنه مجموعات ماوية في أعقاب المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني ) ، إتخذ موقف الرفض الحاسم إزاء مواقفه الجديدة مثل القول بأن الاتحاد السوفييتي بلد امبريالي اشتراكي.. الخ بما يترتب على ذلك.. نقول إن هذا الحزب الشيوعي الثوري حزب جماهيري أكبر عدديا من الحزب الشيوعى اليمينى ، فلقد بلغ عدد اعضاءة فى عام 1975 مايزيد عن 529 الف عضو . وفي العدد القادم أو الذي يليه سوف نقدم ترجمة لجزء آخر من نشرة الحزب الشيوعي الهندي الماركسي يتعلق بأوضاع الحركة الشيوعية الهندية ، ويوضح موقف هذا الحزب من المراجعة الهندية والعقائدية الهندية من خلال مواقفهما وممارستهما العملية ، والنتائج التي تؤدي إليها. وبوجه عام فلا اختلاف مع هذا الموقف من الحركة الشيوعية العالمية ( 2 ) ، بل إن مهمتنا المشتركة ، مهمة جميع الماركسيين الحقيقيين في العالم ، هي إغناء وتعميق هذا الموقف والصراع على أساسه وحتى النهاية ضد مختلف أنواع المراجعة وبالأخص المراجعة اليمينية السوفييتية ، والمراجعة اليسارية الصينية وإليكم النص المشار إليه أعلاه :
الحركة الشيوعية العالمية
إن نظرة حزبنا تقوم على أساس الأممية البروليتارية ، وعليه فنحن مهتمون اهتماما حيويا بكل انتصارات طبقتنا على النطاق العالمي ، وتقدم أوتراجع الحركة الشيوعية العالمية. وأننا نعتبر الانتصارات التي أحرزتها الطبقة العاملة في العديد من البلدان – في أكثر من ثلث العالم – وانتصارات ثورات الطبقة العاملة بمثابة ميراث مشترك للطبقة العاملة في العالم أجمع ، وأنها لمسئوليتنا المشتركة أن ندافع عنها.
إن الذين يشجبون هذه الثورات فحسب هم الذين يمكنهم أن يتجاهلوا هذا الواجب ، لذلك فإن حزبنا قد أيد بدون تردد الكفاح العظيم لشعب فيتنام تحت قيادة إخواننا من حزب العمال ، وقد بذل حزبنا ما في استطاعته في هذا البلد من أجل دعمه ، ويجب أن نعي جميعا أن علينا أن نعمل أكثر كثيرا من أجل الإخوة الطبقيين الأبطال ، من أجل الشعب الفيتنامي الشجاع العظيم .
إن الانشقاق في الحركة الشيوعية العالمية ، والمعسكر الاشتراكي قد أضعف إلى حد كبير من قوة ووحدة حركة الطبقة العاملة العالمية ، وقدرة المعسكر الاشتراكي على مواجهة المعسكر الإمبريالي ، قدرته على تدعيم الحركة الثورية خارجه ، ونضالات حركات التحرر الوطني . لقد سلب من الحركة العالمية العديد من الانتصارات ، وساعد الإمبريالية على إبطاء تقدم الحركة الثورية ، وإن الأحداث الفريدة التي تتعلق ببنجلاديش حيث أيدت الصين الشعبية النظام الدموي ليحى خان ، وما تلاها من أحداث مفجعة فيما يخص الانتفاضة السيلانية حيث تنافست الصين ، والاتحاد السوفييتي في تقديم خدماتهما للحكومة السيلانية من أجدل ذبح الشباب. إن هذه الأحداث مازالت ماثلة في أذهاننا. إن الانحرافين يؤديان أحيانا إلى وضع نجد فيه بلدا اشتراكيا بدعم مباشرة قوى الثورة المضادة . لقد لاحظ حزبنا بألم هذه التطورات وهو يبذل مافي وسعه للدفاع عن الماركسيين اللينينيين ضد الهجمات الآتية من اليمين ( التحريفية السوفييتية ) والآتية من اليسار ( العقائدية الصينية) وبهذا الصدد نحن لا ننسى لا المعسكر الاشتراكي ، والطابع الاشتراكي للمجتمعات في هذه البلدان ، ولا ضرورة توحيد المعسكر الاشتراكي ، والحركة الشيوعية العالمية على أسس مبدئية من تبني الماركسية اللينينية. إننا نعتبر أيضا ضمن مسئوليتنا أن يكون نقدنا لهذين الحزبين الكبيرين بما يحملان من أكثر المواريث روعة وغنى وثورية بحيث لا يجب أن يقوض الثقة في المذهب الماركسي اللينيني ، أو في الاشتراكية ، في الوقت الذي يعمل فيه كل الإمبرياليين من أجل استغلال خلافاتهما، وهز ثقة الجماهير في النظام الاشتراكي ، لذلك فنحن ندين بشدة التيارات اليمينية للحزب الشيوعي التي انغمست في أسوأ أشكال الهجوم على الصين التي التقت مرارا مع حزب جان سانج . إننا نرفض مفاهيم الصين عن الدول التحريفية ، أو وصف الاتحاد السوفييتي كاشتراكية إمبريالية هذا بالرغم مما نشعر به من مرارة تجاه التحريفيين ( 3 ) . إننا نرفض أيضا وصف الصين الشعبية بأنها دولة قومية عدوانية بكل ما يترتب على ذلك . إن حزبنا وطبقتنا كانا من أشد من عانى على أيدي التحريفية السوفييتية والعقائدية الصينية ، لقد دعم قادة الحزب الشيوعي السوفييتي التحريفيون الذين شقوا صفوف حزبنا ويعملون اليوم على تدعيم خط الوفاق الطبقي الذي يمكن حزب المؤتمر من أن يموه إرهابه شبه الفاشي، وأن يقيم ديكتاتورية الحزب الواحد. إن الحزب الشيوعي السوفييتي يحاول من خلال نفوذه ودعايته أن يغطى على طابع الإرهاب في الهند عن طريق التأييد الأعمى له . وقد شجعه الحزب الشيوعي الصينى بالتأييد المباشر الذى لا صلة له بالماركسية اللينينينية،
ليس فقط الانشقاق في حزبنا ، بل خلق أداة لعملاء المخابرات المركزية الأمريكية وللطبقة الحاكمة في الهند تستخدم ضد حزبنا، لقد تم قتل عدد من أفضل أبناء حزبنا بوحشية من قبل هؤلاء المغامرين اليساريين الذين قدم عملهم المبرر الاستفزازي الضروري للحكومة حتى تقمع الشعب. ومع ذلك فإن حزبنا حافظ على ضبط النفس وانتقد وهاجم هذين الحزبين عندما كان ذلك ضروريا للغاية من زاوية أن ندافع عن حركتنا أو أن ندافع عن مبادئ الماركسية اللينينية أو نحتج على خطوة انتهازية ذات أهمية عالمية من هذين الحزبين .
إن المكتب السياسي واللجنة المركزية قد عبرا عن وجهة نظرهما في وثيقتين لهما أهمية عالمية ، الوثائق الخاصة بالمؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني، والوثيقة الخاصة بمؤتمر الأحزاب الشيوعية في موسكو سنة 1957 .
* حول المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني
إن تصريح المكتب السياسي بخصوص وثائق المؤتمر الصيني يقول :
في خطة العام الذي قدم من جانب الحزب الشيوعي الصيني في خطابه بتاريخ 15 يونية يتبنى موقفا محددا حول التحليل المقدم في وثيقتين شيوعيتين عالميتين ، في بيان 1957 وتصريح 1960 والمبادئ الثورية التي يحتويانها . نه يتحدث عنهما كوثيقتين تم إعدادهما بعد تبادل كامل لوجهات النظر ، والوصول إلى الإجماع عن طريق التشاور "كوثيقتين تبرزان خصائص عصرنا والقوانين المشتركة للبناء الاشتراكي وتضع الخط المشترك لكل الأحزاب الشيوعية والعالمية ، إنه يصف هاتين الوثيقتين باعتبارهما البرنامج "المشترك للحركة الشيوعية العالمية" ويستنتج بصورة قاطعة أنه قد أصبحت المهمة الملحة والحيوية للحركة الشيوعية العالمية هي الدفاع بصلابة عن المبادرة الثورية لبيان 1957 وتصريح 1960 ، في الواقع فإنه من ضمن الخمسة والعشرين نقطة التي يحتويها خطاب 15 يونية فإن كل الجمل المستشهد بها أعلاه تحويها النقطة الأولى التي يبدأ بها الخطاب ، ولكن وثائق المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني تغفل بشكل استثنائي وربما كلية أي إشارة لهاتين الوثيقتين العالميتين ، وتقدم نظرية جديدة تماما تنفي كل مبدأ تحتويه هاتين الوثيقتين .
تصريح المكتب السياسي حول المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي الصيني
وفي تناوله لبعض الانحرافات الرئيسية يبرز التصريح : إن النقطة الثانية التي يجب إبرازها بشدة هنا هي هذا التقسيم الطبقي الجديد تماما والعجيب للبلدان التي يتم وصفها بأنها بلدان إمبريالية ، وإمبريالية اشتراكية ، وتوصيف التناقضات بين الاتحاد السوفييتي والبلدان الإمبريالية بأنها تناقضات داخل المعسكر الإمبريالي . إن الاختراع الثالث هو تعبير "بلدان تحريفية" الذي يشير بوضوح إلى البلدان الاشتراكية حيث قيادة الأحزاب الشيوعية العالمية واقعة في الإصلاحية اليمينية والتحريفية... لكنة وبغرابة شديدة يتم تعريف النظام الاجتماعي للبلدان والأقطار بتعبيرات متعلقة بأسس الأخطاء الأيديولوجية ، وانحرافات قيادة الدولة وحزبها الحاكم بمعزل عن العلاقات الطبقية المحددة هناك.
وهكذا فإن استنتاجا آخر يمكن أن يستمد من ذلك وهو أن معظم الدول الاشتراكية القائمة بما فيها الاتحاد السوفييتي – حيث يتبع قادتها سياسات تحريفية قد كفت عن أن تكون دولا اشتراكية ، وقد أصبحت دولا وبلدانا تحريفية ، وأن التناقضات بين هذه البلدان التحريفية والبلدان الإمبريالية هى تناقضات داخل المعسكر الإمبريالي (نفس المصدر ص 101 )
ويصرح المكتب السياسي حول نقطة أخرى :
"إن النقطة التي يود المكتب السياسي إبرازها بخصوص هذا التحديد الجديد للتناقضات من جانب تقرير المؤتمر التاسع هو أن جميع الاختلافات الإيديولوجية السياسية في الحركة الشيوعية العالمية يتم تصعيدها بقفزة وتحمل تناقضات اجتماعية.. إذا كان يمكن تناول الانحرافات الانتهازية اليمينية والانتهازية اليسارية في دول المعسكر الاشتراكي باعتبارها تناقضات اجتماعية عدائية تحل فقط بواسطة طرق ووسائل ثورية، حينئذ لايبقى شيء يمكن أن يعرف باعتباره معسكر الاشتراكية العالمي كما وصف وحدد في الوثيقتين الأمميتين لعامي 1957 ، 1962 ( نفس المصدر )
( وفيما يتعلق بالنظام الداخلي الجديد للحزب الشيوعي الصيني فإن المكتب السياسي ينتقد مقولة أن أفكار ماوتسي تونج هي الماركسية اللينينية في العصر الذي تتجه فيه الإمبريالية إلى الانحلال الشامل وتتقدم الاشتراكية نحو انتصار عالمي واسع النطاق.. إن تصريح المكتب السياسي يقول : لا يمكن أن نرى أنه من الصواب أن كل ما يفكر به ماوتسي تونج يجب بالضرورة أن يكون ماركسية لينينية معصوما من الخطأ ، بالإضافة لذلك فإذا كان ما يحتويه التقرير السياسي للمؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني هو أفكار ماوتسي تونج وأن على كل ماركسي لينيني أن يفعلها باعتبارها الماركسية اللينينية فإن المكتب السياسي يختلف معه ، ولا يمكن أن يعتبره حزبا بالنسبة له.
إن المكتب السياسي ينتقد النص الوارد في النظام الداخلي القائل "الرفيق لين بياو هو أقرب رفاق ماوتسي تونج في السلاح وخليفته" إن هذا النهج ربما يلائم التنظيمات والأحزاب التي تبنى على أساس "الإيمان" لكن ذلك محظور على حزب شيوعي مبني على علم الماركسية ، ومؤسس على مبدأ المركزية الديمقراطية ، مما يعنى أنه سيستبدل المبدأ الديمقراطي في اختيار القادة بمبدأ الخلافة. حقا إن هذا غريب وفظيع. والآن بعد أن سقط لين بياو، فيبدو أن أفكار ماوتسى تونج ليست دائما صائبة. لقد جعل قادة الحزب الشيوعي من أنفسهم شيئا مثيرا للضحك بمثل هذه المقولات الشاملة غير الماركسية.
* حول وثيقة موسكو 1957
لقد كان مؤتمر عام 1957 للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية الذي عقد في موسكو حدث آخر هام في الحركة العالمية ، وقد عقد بعد هجوم الثورة المضادة في المجر التي لم يكن ممكنا هزيمتها دون تدخل الجيش الأحمر السوفييتي ، كان هذا الظرف يستدعي أن يقوم المؤتمر بإعادة النظر في نظريات وخطوط عمل هذه الأحزاب ، وأن يبذل ما في وسعه لمعالجة الانشقاق في الحركة الشيوعية العالمية. وبالرغم من التصريحات الصحيحة حول توازن القوى العالمية وقوة الإمبريالية.. الخ فإن الوثيقة تمد جذورها بعمق في الفهم التحريفي القديم الذي أدى إلى الانقسام الحاد في الحركة الشيوعية العالمية، ويستمر في الوثيقة الحالية التشوية التحريفي لمفهوم التعايش السلمي ، المباراة الاقتصادية السلمية ، والانتقال السلمي الذي أدى إلى الانشقاق في الحركة الشيوعية العالمية بالرغم من محاولات تعديل النظريات الفجة السابقة ، ومع عدم إغفال الأهمية الحيوية للسلام العالمي فإن الوثيقة تؤدي مرة أخرى إلى التأكيد الخاطئ المعكوس على النضال من أجل السلام العالمي ، بينما تقلل من أهمية النضال المباشر المتعدد الجوانب ضد الإمبريالية اقتصاديا وسياسيا وأيديولوجيا وعسكريا ، مقللة بشكل خاص من الدور الهام للنضال من أجل التحرر الوطني على الصعيد العالمي في المرحلة الحالية ، إنها تزرع الأوهام حول قبول الإمبرياليين للتعايش السلمي ، وحل المشاكل بروح التعايش السلمي . نفس النظرة التحريفية تبدر تجاه دور المنافسة الاقتصادية بين الأنظمة الاشتراكية والإمبريالية مرة أخرى ، فإن الدعم المباشر المتعدد الجوانب من قبل المعسكر الاشتراكي للشعوب التي تخوض كفاحا شرسا ضد الإمبريالية يتم استبداله بنجاح البلدان الاشتراكية في المنافسة الاقتصادية ، وهو مفهوم انتهازي يؤدي فقط إلى طمس وعي البلدان الاشتراكية بواجبها تجاه الحركة الثورية العالمية ، وتقرب من اختزال الأممية البروليتارية إلى مجرد الكفاح من أجل مستوى معيشة أرقى في البلدان الاشتراكية . مرة أخرة هناك إعادة التأكيد ذاتها على النظرة التحريفية تجاه مسألة الانتقال السلمي من الرأسمالية إلى الاشتراكية وكتنازل أبعد مدى لهذه النظرة التحريفية فإن الفقرة المحررة في وثيقة 1957 التي أعلنت " أن اللينينية تعلم والخبرة تؤكد أن الطبقات الحاكمة لا تتنازل عن السلطة طواعية أبدا " قد تم حذفها .
تحتفظ الوثيقة بالوهم التحريفي القائل بأن تغيرات اجتماعية بعيدة المدى يمكن أن تحدث في البلدان المتحررة حديثا ، وأن هذه البلدان يمكنها أن تقرر حتى توجها اشتراكيا دون حزب منظم للطبقة العاملة قائم على الماركسية اللينينية ، وبدون الدور القائد للطبقة العاملة ، أي بشكل محدد أن الثورة الديمقراطية المعادية للإقطاع والمعادية للإمبريالية يمكن أن تستكمل دون قيادة الطبقة العاملة وحزبها. لقد تم الكشف عن افتقاد الفهم المشترك للكفاح المعادي للإمبريالية بشكل شديد الوضوح في القضية الحيوية الخاصة بأحداث العام الماضي في تشيكوسلوفاكيا ( 3 ) . فبينما تطلق دعوة عامة من أجل الوحدة ، والعمل المعادي للإمبريالية يغفل المؤتمر المهمة الهامة والحيوية في رأب الصدع في المعسكرالاشتراكي ، والحركة الشيوعية العالمية بصفة خاصة بين أكبر حزبين شيوعيين، الحزب الشيوعي السوفييتي والحزب الشيوعي الصيني.
إن نقدنا للحزب الشيوعي الصيني لا يربطه شيء مشترك مع الإدانات التي أطلقها هذا المؤتمر ، إدانات كانت مجرد شعار تبرر به هذه الأحزاب المهاجمة سياستها التحريفية. ويجب أن نذكر هنا في هذا الصدد أن الموقف الذي تبنته بعض الأحزاب أبرز وجود دعوة أكبر من أجل الوحدة ، لقد احتججنا على هذا الهجوم ، على هذه الجدالات في مؤتمر كان من المفترض فيه أن يأتي بوحدة في العمق بين الأحزاب الشيوعية. إن المؤتمر وهو يناقش النضال المشترك ضد الإمبريالية أغفل تقريبا القوى الجبارة المعادية للإمبريالية التي تمثلها الصين الشعبية وبينما لا يوجد في الوثيقة نفسها سوى هجوم على الصين ، فإنه أيضا لا توجد أي إشارة تقريبا لهذه الدولة الاشتراكية والمؤامرات الأمريكية التى تحاك ضدها .
تصريح اللجنة المركزية بخصوص مؤتمر موسكو 1957
بعد أن رفضت اللجنة المركزية النتائج التحريفية التي وصل إليها هذا المؤتمر أكدت في نفس الوقت على الحاجة إلى الوحدة الشيوعية في الكفاح ضد الإمبريالية. بالرغم من الاختلافات الحادة في الحركة الشيوعية العالمية فإن حزبنا يقف من أجل العمل المشترك بين جميع الأحزاب الشيوعية ضد الإمبريالية ، ضد السياسات العدوانية للإمبرياليين الأمريكيين من أجل تحرير الشعوب المنا ضلة من أجل حريتها ، من أجل التدمير النهائي للإمبريالية ، من أجل الدفاع عن المعسكر الاشتراكي ، من أجل السلام والديمقراطية والاشتراكية. إن البيان السياسي للمؤتمر الثامن لحزبنا يصرح بوضوح ( أن من الضروري على كل البلدان الاشتراكية بالرغم من الخلافات الأيديولوجية السياسية الحادة القائمة أن تجد الوسائل والأساليب من أجل أن تحقق الوحدة في العمل ضد المعتدين الإمبرياليين ، التي تلعب دورا حيويا في تسهيل عملية الوحدة الإيديولوجية السياسية للمعسكر الاشتراكي ) .
وبينما نعبر عن تأييدنا الحازم لكل الجهود من أجل العمل المشترك ضد الإمبريالية فإن اللجنة المركزية تتمسك بوجهة نظرها في أن النضال المتماسك ضد الإمبريالية غير ممكن بدون التغلب على الانحرافات المراجعة والعقائدية .
لقد قام حزبنا مع الحركة العالمية بالاحتفال بالذكرى المئوية للينين ، وأصدرت اللجنة المركزية وثيقة حول لينين نحيي فيها ذكرى المعلم العظيم وتبرز تعاليمه الأساسية ، وفي هذا الصدد فقد واجهت بقوة كل من الانحرافيين المراجع والعقائدي.. وتم تنظيم احتفالات على نطاق جماهيري في البنغال الغربية ، وفي كلكتا حضر الآلاف من الناس اللقاءات الخاصة بأسبوع لينين حيث ألقيت المحاضرات حول الجوانب المختلفة للينين ، بالإضافة لذلك كانت هناك عروض ثقافية ونشاطات أخرى احتفالا بهذا اليوم .
زيارة نيكسون للصين والاتحاد السوفييتي
جددت اللجنة المركزية موقفها بناء على هذه النظرة الموضوعية من الأحداث والتطورات التي ارتبطت بها الدولتان الاشتراكيتان الكبيرتان والحزبان الشيوعيان الرئيسيان.. فبينما رأى قادة الحزب الشيوعي السوفييتى ومتملقوهم من الهنود في زيارة نيكسون للصين موقفا ضد الاتحاد السوفييتي.. اعتبرها حزبنا تعبيرا عن فشل سياسة الولايات المتحدة التي دامت 20 عاما مستهدفة احتواء وحصار الصين، وفي نفس الوقت حذرت من أن نيكسون يحاول أن يستفيد من الخلافات في المعسكر الاشتراكي ، ويحرف الأنظار عن حربه العدوانية في فييتنام – كما ذكرت أيضا أن إعلان الولايات المتحدة في بيان نيكسون – شواين لاى أن الولايات المتحدة اعترفت بأن (تايوان هي جزء من الصين .. الخ) كان تنازلا من الولايات المتحدة .
لم يفت اللجنة المركزية أن تسجل في نفس الوقت أنه بينما أكدت الصين في البيان على تأييدها لاقتراح السبع نقاط للحكومة الثورية المؤقتة ، لم ترد فيه كلمة إدانة أو احتجاج ضد القصف الجوي المكثف على جمهورية فييتنام الديمقراطية ، كما أن القلق الذي تبديه الحكومة الصينية في بيان نيكسون – شواين لاى حول تقرير المصير لشعب كشميرلهو في تناقض شديد مع موقفها من النضال التحرري لبنجلاديش .
إن الخلافات في المعسكر الاشتراكي والشكوك الشديدة المتبادلة والتي تصل إلى حد العداء بين الاتحاد السوفييتي والصين قد أدت إلى وضع بدلا من أن يكون المعسكر الاشتراكي ككل في موقف يتيح له الاستفادة من أزمة الإمبريالية ، والصراعات داخل المعسكر الإمبريالي ، ويسدد ضربات قاصمة للإمبريالية نجد أن الإمبرياليين الأمريكيين يجرؤون على الاستفادة من الخلافات في المعسكر الاشتراكي ويوظفونها لصالحهم . إن انعدام الوحدة والاختلافات بين الاتحاد السوفيتي والصين قد أدت إلى وضع أمكن فيه تصدير الثورة المضادة المسلحة على نطاق ضخم لبلدان الهند الصينية ، حيث شنت الولايات المتحدة هجمات عدوانية ضخمة على جمهورية فييتنام الديمقراطية ، عضو المعسكر الاشتراكي وأصبح على شعوب هذه البلدان أن تواجه ثقل هذا الهجوم و، حصار لا يشترك الاتحاد السوفييتي والصين بشكل خاص في بذل جهود جبارة والقيام بخطوات فعالة لوضع حد فورا للعدوان البحري والجوي ، ولكن يكتفيان فقط بمساعدة الشعوب المناضلة عن طريق تزويدها بالسلاح . إن فشل الدولتين الاشتراكيتين في أن تتحدا عندما كانت القنابل شبه النووية تنهال على فيتنام ، والتراجع الذيلى في مواجهة استعراض القوة الأمريكي في تلغيم ميناء هايفونج تمثل فصلا مشينا وتكشف عن المخاطر التي تؤدي إليها الاختلافات في المعسكر الاشتراكي ، وانتهاج سياسات انتهازية ... وبينما رحبت اللجنة المركزية بالموقف السوفييتي من بنجلاديش والمعاهدة الهندية السوفييتية التي ساعدت الحكومة الهندية في أن تأخذ موقفا حازما من هذه القضية وبينما قدرت الإنذار السوفييتي للقوى الأخرى بعدم التدخل في النزاع.. ودوره في مجلس الأمن فإنه كان عليها أن تنتقد بشدة بيان بريجينيف – نيكسون .
"إن المبادئ الرئيسية للعلاقات الدولية مع الاتفاق السابق حول نظام الحد من الصواريخ عابرة القارات وبعض الحدود المتفق عليها بالنسبة لأسلحة الدمار الاستراتيجية لا يشكل في الحقيقة أي تأكيد للعالم أنه سيتحرر من الابتزاز والتهديدات الأمريكية بأسلحتها المدمرة، إذا كانت التحديدات العددية مقبولة بالنسبة لبعض الأسلحة النووية بهدف تصفيتها فهو في أفضل الأحوال اتفاق للوصول إلى توازن بين البلدين محتفظا بقوة أمريكا العدوانية ضد بقية العالم على حالها..
لا يستطيع قادة الاتحاد السوفييتي أن يهربوا من تهمة العدمية الشديدة والانتهازية في التوقيع على تصريح حول المساواة بين الأمم مع نيكسون الذي يمطر فييتنام بالقنابل ويحاول أن يبيد المناضلين من أجل الحرية .
إن البند الذي يطرح أن "على كل من الطرفين أن يتفقا على ألا يحدث تفوق من جانب واحد على حساب الآخر" يتم طرحه على أنه خطوة في سبيل السلام العالمي، إنه في الحقيقة يقنّع الطابع العدواني للإمبريالية ويمكن نيكسون من أن يظهر نفسه كمناضل من أجل السلام .
يحارب الملايين من الناس في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بشكل مباشر أو غير مباشر الإمبريالية الأمريكية في نضالهم من أجل التحررالوطني.. إن الحركة الشيوعية العالمية قد اتخذت موقفا صحيحا في إدانة الإمبريالية الأمريكية كشرطى الرجعية العالمية.. إن القادة السوفييت بقبولهم الاعتراف بمصالحها الأمنية يشجعون موضوعيا شهيتها العدوانية.“
يجب أن نتذكر أن الإمبرياليين الأمريكيين يدعون أنهم في فييتنام لحماية الولايات المتحدة " اتفق في بيان المبادئ على أن الطرفين سيفعلان ما في وسعهما لتلافي مواجهة عسكرية بينهما" إن الحركة البروليتارية العالمية ترحب وتؤيد السلام بين الأمم ولكن هل يعني هذا أنه سيسمح للولايات المتحدة أن تستمر في عدوانها على الآخرين بلا جزاء كما سمح لها عندما صعدت الحرب قريبا بتلغيم بحار فييتنام الشمالية ؟!
وأيضا فيما يتعلق بالبند الذي يحدد أن الاتحاد السوفييتاني والولايات المتحدة يتحملان مسئولية خاصة كما يتحملها الأعضاء الآخرون الدائمون في مجلس الأمن ليبذلا كل ما في وسعهما من أجل ألا تنشأ نزاعات أو أوضاع مما قد يؤدي إلى تصعيد التوتر الدولي إنما يعني ضغط كل من البلدين من أجل إبطاء معدلات النضالات المعادية للإمبريالية والديمقراطية باسم تجنب الحرب العالمية ، لقد كانت هذه خبرة الماضي، وإن اتفاقا من هذا النوع مع الإمبريالية لا يمكن أن يكون له أثر آخر .
إنه من الواضح جدا أن نيكسون قد بذل ما في وسعه أثناء زيارته إلى بكين ، وأيضا في محادثات في موسكو لاستغلال العلاقات الصينية السوفييتية لصالح الإمبريالية الأمريكية بدون إعطاء تنازلات فعلية ، فقد استمر في هجماته الإجرامية على فييتنام ، وهو يتحدث عن السلام في كل من بكين وموسكو ، وقد نجح في صرف الأنظار عن دوره الإجرامي .. وهو يفعل هذا كان واثقا من أن القوى الاشتراكية لن تتضافر لإحباط مسعاة.. إن التصريح المشترك هو في الحقيقة شهادة سوفييتية له بأنه صالح للتفاوض بالرغم من جرائمه التي لا تحصى في فييتنام .
إن محصلة مفاوضات موسكو تبرز مرة أخرى ضرورة التفاهم السوفييتي الصيني من أجل إحباط هزيمة الإمبريالية الأمريكية ( تصريح المكتب السياسي حول البيان السوفييتي الأمريكي) في سعيهما وراء الحاجات قصيرة المدى لسياساتهما الخارجية فإن كل من الحزب الشيوعي السوفييتي والحزب الشيوعي الصيني يسعيان لأن يفرضا على الأحزاب الشيوعية للبلدان المستقلة حديثا سياسات من نوع يؤدي إلى تصفيتها واندماجها بأحزاب السلطات الحاكمة وتحويلها إلى توابعهاا المطيعة. إن الانحرافين المراجع والعقائدي قد أديا إلى ثورات للحركة الثورية العالمية، إن حزبنا يعتبر كلا من الانحرافين على نفس الدرجة من الخطورة ويضع على عاتقه مهمة الكفاح ضدهما وأن يرفع راية الماركسية اللينينية ، إنه ليس موقفا من التوازي بل من النضال الشرس ضد كل من التشويهيين للماركسية اللينينية. ( ص 77 -96 )
الحزب الشيوعي الهندي الماركسي
هوامش أضيفت للنص ولم تكن فيه - واستبعد الترقيم اكتفاءً بالعناوين الفرعية .
1 - كان المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي الصيني مؤتمرًا محوريًا للحزب الشيوعي الصيني في ذروة الثورة الثقافية. عقد في بكين ، في قاعة الشعب الكبرى ، الصين ، بين 1 و 24 أبريل 1969. وقد اختط نهجا جديدا خالف ماتبناه قبلها فى اطروحاته ” مناظرة حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية ” دار النشر باللغات الأجنبية بكين 1965. وهى المناظرة التى تبناها معظم ثوريى جيلنا الستينى - السبعينى ووصفنا على اساسها كماويين .
2 - انظر ، إبراهيم فتحى ، الوثائق التأسيسية ، وثيقة ملاحظات أولية حول خطوط الحركة الشيوعية العالمية ص ص 129 - 146 - دار المرايا 2020 .
3 - دخول حلف وارسو لتشيكوسلوفاكيا، والمعروف رسميًا بعملية الدانوب، هو عملية غزو مشتركة لتشيكوسلوفاكيا من طرف 5 دولٍ تابعة لحلف وارسو – الاتحاد السوفياتي وبولندا وبلغاريا وألمانيا الشرقية والمجر– في الليلة الواقعة بين العشرين والحادي والعشرين من شهر أغسطس عام 1968.