حزب العمال الشيوعى المصرى - حول العضوية فى حزبنا


سعيد العليمى
2020 / 6 / 21 - 03:31     

الصراع : نشرتنا الداخلية- العدد الثاني صيف 1972
حول العضوية في حزبنا
هذه المقالة التي يبدأ بها طرح القضايا التنظيمية ، مكرسة لتناول أبرز الانحرافات التي اتضحت في العمل الحزبي بصدد شروط العضوية في التنظيم الشيوعي ، وخاصة شرط تبني العضو للخط السياسي، الذي يعد محورا تدور حوله الانحرافات في حياتنا الحزبية الراهنة. وهذه المقالة لا تستغرق كل شروط العضوية بالتفصيل ، ولذا يمكن اعتبارها في الحد الأدنى مجرد دعوة للرفاق حتى يتصدوا لطرح مفاهيمهم لا حول مفهوم العضوية فحسب، بل حول كل القضايا التنظيمية. إن هذا التصدي هو الشرط الرئيسي لإرساء خبرات العمل التنظيمي المكتسبة. وخطوة نحو تعميق التقاليد الثورية لحزبنا .
تحتل مسألة العضوية مكانة بارزة في تنظيم الحزب الماركسي اللينيني، لأنها تتعلق بنوعية العناصر التي يتشكل منها الحزب ، وترتبط تبعا لذلك بقدرته على مواصلة النضال بين صفوف الجماهير الشعبية ، وبصلابته في مواجهة وقمع المحاولات التي تقوم بها البيروقراطية الحاكمة لتصفيته سياسيا وأيديولوجيا وتنظيميا ، والحزب حين يخوض النضال الثوري فإنما يخوضه من خلال مجموع منظماته ومستوياته التي تكونه ، أي من خلال أعضائه وكوادره المرتبطة بالجماهير ضد النظام القائم ، وأجهزته القمعية بهدف نهائي هو الإطاحة الثورية به.
والعضوية في التنظيم الشيوعي ليست بأي حال منحة شرفية تمنح لهذا الفرد أو ذاك ، وإنما هي مشروطة بأسس حزبية دقيقة ، تحدد من هو الجدير بشرف أن يكون عضوا في الحزب ، وتنبع أهمية أن يكون هناك حزب ثوري من كون البروليتاريا الصناعية والزراعية المصرية في ظل النظام البيروقراطي لا يمكن أن ترتقي في مجملها للدرجة التي تكتسب فيها الوعي الطبقي الذي يستهدف الإطاحة بالنظام الرأسمالي القائم ، وتأسيس ديكتاتورية البروليتاريا ، وذلك بسبب البؤس ، وظروف التخلف الذي تفرضه عليها الطبقة الحاكمة ، أي أنه لا يمكنها أن تواجه الطبقات المستغلة ، وتحطم سيطرتها بعفويتها وحركتها الذاتية ، لذا فإن وحدة الطبقة الحاكمة وقوتها التي تستمدها من كونها طبقة سائدة اقتصاديا وسياسيا ، ونظرا لسيطرتها على أجهزة القمع ، والمنابر الأيديولوجية ، يقتضي وجود تنظيم شيوعي ، أي طليعة تستوعب من الطبقة العاملة في الريف والمدينة أفضل وأبرز كوادرها ، تلك التي اكتسبت خبرة ثورية في النضال اليومى ، والتي تتميز بروح كفاحية ، وبإخلاص متناه لقضية تغيير المجتمع وبناء الاشتراكية ، ومن المثقفين الثوريين المرتبطين بخط سياسي ثوري يعبر عن المصالح الطبقية للبروليتاريا ، بحيث يحدد هذا التنظيم المهام الثورية التي يجب القيام بها والوسائل ، والأساليب الكفاحية التي تنجز بها هذه المهام ، تنظيم يكتسب الخبرة الثورية من خلال ممارسته الثورية وقيادته للجماهير بحيث يكون سلاحا في يدها تطيح به بالطبقات الرجعية المستغلة.
وتثير مسألة العضوية في التنظيم قدرا من الغموض لدى بعض الرفاق، بحيث أدى هذا الغموض إلى بروز بعض المفاهيم الانتهازية اليمينية التي سادت بهذا القدر أو ذاك في عدد من المنظمات الحزبية ، والشرط الرئيسي الذي يكتنفه الغموض وتدور حوله الانحرافات، هو شرط تبني العضو للخط السياسي الذي يطرحه التنظيم ، وهذا الانحراف يتميز عن الانحراف المنشفى القديم الذي ساد لفترة في صفوف حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي ، والذي كان وفقا له يعطي الحق لكل مضرب وعاطف من الطلاب والأساتذة بأن يعلن عن نفسه عضوا في الحزب ودون أن ينتمي إلى واحدة من منظماته. إن محور الانحراف لدينا ينصب حول ضرورة تبني العضو للخط السياسي تبنيا كاملا، لكن هذا لا يعني إلا أنه الانحراف الرئيسى فحسب ، ففي بعض المنظمات الحزبية ينتهك بعض الرفاق شروط ضرورة الانتماء لمنظمة حزبية بشكل فعلي ، رغم اعترافهم النظري بضرورة هذا الانتماء في حالات معينة .
وحين نتناول مفهوم العضوية في حزبنا لا يمكن أن نتجنب التعرض لتطور هذا المفهوم ، والذي كان يعكس دائما في تطوره مدى تطور عملنا السياسي والفكري والتنظيمي ، ويمكن أن نميز بين مرحلتين في تطور هذا المفهوم ، ودون أن نضع بينهما خطوطا ميتافيزيقية جامدة ، تبدأ المرحلة الأولى بتأسيس الحلقة الدعائية السياسية ، والمرحلة الثانية هي مرحلة الانتقال من حلقة دعائية سياسية إلى تنظيم سياسي ، وتبدأ خلفية المرحلة الأولى بحل التنظيمات الشيوعية المصرية ، وتخليها عن وجودها السياسي والتنظيمي المستقل تحت الشعار التصفوي “ وحدة القوى الثورية “ ، أي وحدة الحزب البروليتاري مع البيروقراطية ، وحدة الرأسمالي المستغل مع العمل المأجور، وتحول أبرز كوادر هذه التنظيمات إلى منظرين، ومنظمين في خدمة البيروقراطية الحاكمة ومؤسساتها الرسمية بعد أن استطاع هؤلاء الكوادر من خلال خطهم الذيلي تجاه النظام أن يقنعوا ممثلي البيروقراطية بأنه يمكن الاعتماد عليهم كشيوعيين في حماية وتدعيم رأسمالية الدولة.
لقد سيطرت الاتجاهات التحريفية ، واغتصبت هيبتها من مكانة الاتحاد السوفييتي باعتباره أول قطر اشتراكي وقائد للحركة الشيوعية العالمية لفترة طويلة. هذا من ناحية، والتقت الاتجاهات التحريفية في القيادة السوفيتية بالاتجاهات المماثلة لدى القادة البرجوازيين للتنظيمات الشيوعية، من ناحية أخرى، فأصبحت رأسمالية الدولة – بعد أن تم ابتلاع التفاحة التحريفية هي“ الطريق العربي للاشتراكية“ وتحولت البيروقراطية إلى مجموعة من ” الديمقراطيين الثوريين“ تنتقل بشكل خلاق إلى الاشتراكية، وصارت الديكتاتورية البوليسية وتصفية الحياة السياسية نوعا من الديمقراطية الموجهة، وبالتالي لم يكن هناك ما يدعو لوجود حزب سياسي مستقل معبر طبقيا عن البروليتاريا، مادامت البرجوازية بذاتها يمكن أن تقود عملية الانتقال إلى المجتمع الاشتراكي، ذلك المجتمع الذي ستهديه إلى البروليتاريا فوق طبق من الذهب وتوفر عليها مشقة القيام بالثورات الدموية العنيفة التي ترهق حساسية هؤلاء الديمقراطيين الثوريين .
لم يكن قد برز بعد على نطاق واسع النضال الأممي الماركسي اللينيني ضد التحريفية ، والذي قادته في البداية ألبانيا والصين، ومن جهة ثانية لم يبرز في واقع الحياة السياسية المصرية خط ثوري يشق طريقه عبر الركام البرجوازي والتحريفي ، فقد كانت هذه الفترة هي شهر العسل البيروقراطي ، أي فترة الصعود الطبقي ، ولم تكن قيادات الحركة الشيوعية السابقة بمجملها قادرة على تحليل ظاهرة البيروقراطية الجديدة أثناء تشكلها ، هذا باستثناء بعض التنظيمات التي كانت تتبنى خطا ثوريا من الناحية الأساسية ، لكنها لم تكن قادرة على متابعة التغيرات الجدلية التي اعترت الطبقات الاجتماعية والمجتمع بأكمله ، بالإضافة إلى أخطائها التنظيمية والجماهيرية التي أدت في النهاية إلى عدم قدرتها على صدالتيار البيروقراطي والتحريفي .
على هذه الخلفية بدأت تتشكل العناصر الجديدة حول الخط الثوري لأحد أنشطة الحركة الشيوعية القديمة ( 1 ) ، ولا يعني ذلك أن وجودها الراهن هو امتداد على أي نحو لهذا القسم سياسيا وتنظيميا ، لقد استطاعت هذه العناصر أن ترتبط بالماركسية في مرحلة اشتد فيها على النطاق العالمي ، النضال ضد التحريفية الجديدة ، وفي الداخل بدأ يتضح زيف الشعارات البيروقراطية ، والطبيعة الطبقية للسلطة ، خصوصا بعد هزيمة 5يونيو، لكن الارتباط بالفكر الماركسي في هذه المرحلة لم يرق إلى الحد الذي كان يمكن فيه لهذه العناصر أن تبدع نظرية ثورية للواقع المصري، أي أن تكتشف القوانين التي تحكمه، وتقيم استراتيجية كفاحية على أساس هذه القوانين ، فماركسية هذة الفترة كانت ارتباطا نظريا خالصا ، يبتعد عن الممارسة العملية ، لقد كانت البيروقراطية تصفي الحياة السياسية ، وتصادر الصراع الطبقي بانتزاع أسلحته من يد الجماهير، وتوجه هذه الأسلحة نحو صدورها، كالنقابات والاتحادات- وتلف أجهزتها القمعية حول جسد المجتمع بأكمله، بقصد خنق براعم الحركة الثورية النامية ، وكانت هذه العناصر تتبنى موقفا متعاليا على الواقع وتنأى بنفسها وبنقائها الثوري عن النضال ضد هذا الواقع الزائف الذى خلقته الطبقة الحاكمة ، وكان الشكل الرئيسي للنضال هو النقاشات الحامية الممتدة حتى الفجر للنظرية الماركسية.
لكن الارتباط بالفكر الماركسي تحول في بعض الظروف إلى ممارسة نضالية فردية ومنعزلة، خلال المشاركة في هبات الطلبة أو اضطرابات العمال أو أثناء الاحتجاجات أو جمع التوقيعات بصدد حدث سياسي معين – كانت هذه العناصر تمارس حركتها السياسية من خلال حلقاتها وتجمعاتها الخاصة والمبنية على العلاقات العائلية والشخصية، وبشكل موسمي مرتبط خاصة بالأحداث السياسية المتفجرة، ولم تكن الممارسة النضالية، ممارسة يومية مسترشدة بفهم سياسي واضح للمهام الثورية ولا لأساليب إنجازها.
بدأت النواة الأساسية في هذه العناصر ( 2 ) وبعد أن انصهرت في تجارب حلقية عديدة ذات طابع دعائي بحت ، تشكل حلقة دعائية سياسية ، وقد اكتسبت الحلقة الصفة السياسية من الوهلة الأولى ، لأنها لم تكن تضع في اعتبارها فقط الطابع الدعائي ، بل كان في مخططها المباشر، الارتباط بالحركة العفوية التي بدأت تتنامى عقب 67 للعمال والفلاحين وممارسة النضال السياسي العملي ، ونظرا لتخلف الجانب السياسي في الحلقة وجنينيتة ، فقد شكلت الدعاية ، الجانب البارز . لقد كانت عناصرهذه الحلقة في مجملها – ليس بأفرادها – أصلب العناصر في المجموعات والحلقات السابقة ، والتي استطاعت أن تحتفظ بجذوة حماسها الثوري وقدرتها على الاستمرار ، ولكن لم يكن هناك بعد خطا سياسيا متبلورا ، إنما بعض التحديدات السياسية العامة حول طبيعة النظام القائم وتوجت هذه المرحلة التي لم يكن قد تشكل فيها بعد مركز قيادي حقيقي قادر على طرح المقومات الأساسية للحزب ، وقادر على بناء التنظيم في النطاق القومي، بإصدار وثيقة ” طبيعة النظام الاجتماعي“ التي حددت الاتجاه العام للحلقة في خطوطها الرئيسية ، واستطاعت في هذه المرحلة المبكرة أن تتبنى منهجا واتجاها ثوريا ميز بينها سياسيا وفكريا وبين السياسة والفكر البيروقراطي ، والتحريفية ، والبرجوازية الصغيرة المعروضة في السوق القومي . فقد رفضت الوثيقة المزاعم الخاصة بطريق النمو اللارأسمالي ، والاشتراكية القومية ، وحددت طريق ثورة أكتوبر كطريق للثورة الاشتراكية المصرية المقبلة في مواجهة الانحرافات اليسارية البرجوازية الصغيرة التي كانت تطرح سياسات وأساليب تنظيمية منقولة بشكل آلي ، ضيق الأفق من واقع أمريكا اللاتينية ، حول البؤر الثورية ، والعصابات المسلحة.
كان لهذا الواقع الحلقي الذي يتميز بافتقاره للخط السياسي، ويتسم بضيق الأفق في نطاق الارتباط بالحركة العفوية للبروليتاريا ، وبكون الدعاية هي النشاط الرئيسي للحركة ، وبانعدام الخبرة والتقاليد التنظيمية ، وبعدم وجود مركز قيادي حقيقي خاضع أيضا لتغيرات متوالية في تركيبه ، أن ينعكس على مفاهيم وشروط العضوية . فالعضو في تلك الفترة هو من يحوز قدرا من الوعي بالماركسية وتتوافر فيه الثقة القائمة على العلاقات الشخصية ، ويوافق على الاتجاه السياسي العام الوارد في الوثيقة الوحيدة سالفة الذكر، ويدعم الحلقة تدعيما ماليا ، وينتمي إلى إحدى خلاياها . لقد كان هذا المفهوم انعكاسا للأوضاع السابقة في مجملها ولم يكن ممكنا تجنبه بسبب الشروط الموضوعية التي أحاطت بالعمل الثوري في مصر، لكن تخلف هذا المفهوم وبقائه أصبح يشكل عقبة رئيسية أمام ضرورة الوحدة السياسية المركزية للتنظيم .
تبدأ المرحلة الثانية بتعمق المفاهيم الماركسية اللينينية المعادية للتحريفية واستقرارها داخل الحلقة وخارجها ، وبظهور بعض الرفاق والمجموعات التي تطرح خطوطا سياسية متباينة ، وتحلل الطبيعة الطبقية للسلطة ، وبافلاس البيروقراطية أمام الجماهير في بناء اشتراكية الدولة ، وفي حل القضية الوطنية عن طريق المساومات ، وبتعري القيادة السوفييتية خاصة بسبب موقفها المؤيد للبيروقراطية في أسلوب حلها للقضية الوطنية ، ومعها عناصر التحريفية المصرية. ومن ناحية الشكل التنظيمي بدأت تتشكل داخل التنظيم لجنة مركزية متماسكة استطاعت أن تضع خطا سياسيا ثوريا يتضمن تحليلا للبيروقراطية السائدة ، ولطبيعة الثورة المقبلة ضدها ، ولنوعية التحالف الطبقي الذي يقوم بهذه الثورة. لقد استطاعت اللجنة المركزية الجديدة التي تشكلت في مجملها من أبرز وأوعى العناصر من داخل الحلقة ، واستوعبت أبرز الكفاءات الثورية في النطاق القومي ( 3 ) ، أن ترسي الخط السياسي وتستكمل الجزء الرئيسي من المقومات ، وبدأت عن طريق دراسة منهجية للواقع في تعميق وتوسيع ارتباطها بالحركة العفوية التي تزايد نطاقها في المجالات العمالية والفلاحية والطلابية على أساس سياسي بالدرجة الأولى خصوصا بعد موت زعيم البيروقراطية الذي فتح الباب واسعا أمام الجماهير الشعبية ، ثم ما أعقب موته من صراعات داخل الطبقة الحاكمة أضعفت هيبتها أمام الجماهير خصوصا وأنها لم تكن تمتلك رصيدا قوميا مماثلا لرصيد عبد الناصر أمامها.
لم يكن ممكنا إذا بعد إرساء المقومات الحزبية أن يظل مفهوم المرحلة الأولى المرتبط بالنشأة قائما.
والآن من هو الذي نعتبره عضوا في التنظيم الشيوعي إذن؟ وما هي الشروط الحزبية التي يعد على أساسها فرد ما عضوا في التنظيم..؟
إن العضو وفقا للائحة الحزب هو من يوافق على المقومات الأساسية للحزب ، ويناضل فى إحدى منظماته ، ويلتزم إلتزاما كاملا بكافة قراراته ، ويسهم بشكل منتظم فى تدعيم ماليته . ولايشترط فى العضوية منذ البداية إنتماءً طبقيا معينا او إقرارا مسبقا بإتجاه فلسفى محدد أو مدرسة فنية بعينها ، أى أن نظامنا الداخلى يفترض فى العضو أن يوافق على المقومات الأساسية أى الخط السياسي ، والبرنامج ، وأساليب وأشكال النضال ، والمبادئ التنظيمية ، ويدعم ماليته ، وينتمى الى احدى منظماته .
حول تبني الخط السياسي
إن الخط السياسي يتضمن فهم التنظيم الشيوعي للطبقة البيروقراطية، ومجتمعها ، وعلاقتها بوسائل الإنتاج وشكل سيطرتهاعليها وأسلوب استغلالها للبروليتاريا ، يحتوي أيضا تحليلا لأيديولوجيتها الطبقية ومؤسساتها السياسية التي ارتدت شكلا قوميا خاصا، نظرا للطابع النوعي الذي ارتدته الرأسمالية المصرية ، ويقدم أيضا الفهم الثوري لجوهرعلاقة هذه الطبقة بالطبقات الاجتماعية الأخرى وبالبلدان الإمبريالية ، والاشتراكية ، والعربية ، ويطرح تصوره لطبيعة الثورة المقبلة ضد النظام، والخصائص النوعية لهذه الثورة ، ويحدد طبيعة التحالف الطبقي وقواه الأساسية التي تقوم بهذه الثورة . يتبنى الحزب أيضا في خطه السياسي موقفا خاصا من القيادة السوفييتية التحريفية ، ويشجب انعكاساتها المخربة في الواقع المصري ، في نفس الوقت الذي لا يلتزم فيه بمجمل الخط السياسي للقيادة الصينية ، وإن كان لا ينكر استفادته منها في النضال ضد التحريفية – بل يعارضها في بعض القضايا المتعلقة بطبيعة النظام القائم في الاتحاد السوفييتي ، وبطبيعة الثورة فيما سمي بالعالم الثالث – وبصدد أحداث سياسية معينة كموقفها من تصفية الحزب الشيوعي السوداني ، أو أحداث بنجلاديش والتي وقفت الصين فيها جانب الولايات المتحدة وباكستان .
إن الحزب تأسيسا على اتجاهه العام وسياستة المبدئية يحدد موقفه إزاء الأحداث السياسية المتغيرة . فحين يطرح " فى ذكرى اتحاد الجمهوريات العربية " فهو يحدد موقفه السياسي بناء على فهمه لقضية القومية العربية من ناحية، وعلى طبيعة فهمه لهذه الاتحادات الفوقية التي تقوم بعيدا عن مشاركة الجماهير وتستهدف تدعيم نفوذ البرجوازية من ناحية أخرى، وحين يطرح موقفه ” حول التغيرات الأخيرة ” فهو يحدد موقفه تأسيسا على فهمه للاتجاهات الأساسية داخل البيروقراطية والعلاقات بينهما ، والأصول الطبقية التاريخية ودرجة تبلورها والظروف النوعية التي برزت فيها هذه التغيرات، وحين تطرح السلطة السياسية ” الدستور“ فإن فهم الحزب لا يمكن أن يتأسس إلا على موقفه الخاص من قضية الحريات الديمقراطية ، وتقديره لموقف البرجوازية التاريخي من هذه القضية .
إن الخط السياسي هو البوصلة التي ترشد التنظيم في حركته ونضاله ، لأنه يقدم تصورا خاصا للمهام الثورية المطروحة على الحركة الشيوعية المصرية ، وكيفية إنجاز هذه المهام ، وبالتالي فإن أي تنازل عن خط التنظيم السياسي الثوري ، إنما يعني ترك الساحة اختيارا للسياسة الرجعية. إنما يعني في التحليل الأخير تدعيم الاتجاهات السياسية المعادية للثورة . ونجد أن بعض الرفاق المنتمين إلى صفوفنا يطرحون عدم ضرورة تبني الخط السياسي تبنيا كاملا كما لو كان الحزب كرنفالا يملك كل من شارك فيه أن يرتدي ما يشاء من القبعات السياسية ، وفقا لهذا المفهوم الانتهازي يمكن للتنظيم أن يتحول إلى ناد سياسي حافل بالألوان المختلفة ، ولا يعود منظمة مركزية تقود البروليتاريا في مجرى العملية الثورية لتغيير المجتمع ، إن هذا المفهوم اليميني والذيلي تجاه السياسات الشائعة يحمل في جوهره اتجاها نحو التصفية السياسية للتنظيم ، ويعبر عن نفوذ السياسة البرجوازية وأسلوبها الرئيس في تصفية العمل الثوري من داخله.
إن البروليتاريا المصرية لا يمكن أن تقوم بالنضال الثوري دون أن تنتظم ، دون أن تشكل فصيلة الطليعة ، أي الحزب ، وهذا الحزب هو السلاح الذي تخوض به الصراع الطبقي ، وحين تخوض البروليتاريا معاركها الطبقية فإنها يجب أن تتسلح بفهم كامل للمهام والأساليب التي تنجز بها هذه المهام ، لكنها إذا خاضت هذه المعارك دون أن تتسلح بالفهم الثوري للمهام ، والأساليب وشاركت كل فئة منها وفقا لتصورها فإن ذلك يعني الهزيمة المحققة، والتنظيم يعني المركزية ، أي القيادة السياسية والفكرية والتنظيمية الموحدة . كيف يمكن أن يسمى شكلا مثل هذا تنظيما للقادة ، إذا كان يحق للعضو فيه أن يتلقى نتفا من مختلف الاتجاهات ويناضل على هديها، وهل يمكن أن يعتبر عضوا في حزبنا من يعتقد أن الطبقة السائدة هي "البرجوازية الوطنية" التي يجب التحالف معها . أو أن هناك "مجموعة اشتراكية في السلطة" أو أن شكل نضالنا الرئيسي هو النضال "داخل الاتحاد الاشتراكي" أو أنه يجب حمل السلاح ضد النفوذ الروسي الأوكراني ؟! وان هذا المفهوم حين يطرح عدم ضرورة تبني الخط السياسي فإنما يفتح باب قلعتنا الحزبية على مصراعيه لتغلغل مختلف السياسات البرجوازية والبيروقراطية والتحريفية المعادية للثورة ، ويصفي الحزب بعد أن يحوله إلى ذيل أنيق للطبقات الرجعية داخل المجتمع ، وخطورة هذا المفهوم الذيلي تتكثف بسبب أنه يطرح في الوقت الذي مرت فيه الحركة الشيوعية بتجربة تاريخية نادرة تتمثل في حل الأحزاب وإنهاء وجودها السياسي والتنظيمي المستقل، وقد وصلت هذه التنظيمات إلى تلك النهاية لا بسبب أعمال القمع وحملات الاعتقال ، وإنما بسبب تغلغل السياسة البرجوازية ، والفكر البرجوازي لقيادات وقواعد هذه التنظيمات أي لتسلل السياسة البرجوازية إلى قلاع هذه التنظيمات والاستيلاء عليها من داخلها . إن أعمال القمع وحملات الاعتقال لا يمكن أن تصفي – مهما اشتدت – تنظيما ثوريا تصفية كاملة إذا كان ينتهج خطا سياسيا بروليتاريا ، فأعمال القمع في هذه الحالة توسع من قواعده وتعمق من ارتباطاته الجماهيرية ، ولا تزال بعض المنظمات والحلقات التي تنشأ عاجزة عن فهم المغزى التاريخي السياسي للحل ، وهي تعيد من جديد بمقتضى خطها السياسي الذيلي تجربة تخلي التنظيمات الشيوعية عن وجودها المستقل ، وخطها المستقل ، إن مهمة التنظيم الشيوعي هي أن يقود البروليتاريا من خلال تشكيل أوعى وأصلب عناصرها في حزب طبقي يعاونها على فهم ووعي أهدافها التاريخية – باعتبارها حفارة قبر المجتمع البرجوازي – ويهيئها للنضال من أجل تحقيق هذه الأهداف. وهذا يفترض أن يتبنى عضو هذا التنظيم خطا سياسيا محددا يسترشد بة فى ممارسته النضالية. وهذا التبني يختلف عن "الموافقة الشكلية" أو ترد يد نصوص الخط السياسي مائة مرة دون خطأ في النحو " ولا يعني مجرد دراسته واستيعابه . إن استيعاب الخط السياسي ضروري بالطبع ، ولكن إذا كان هذا الاستيعاب كتبيا منعزلا عن الممارسة العملية فإنه يكون استيعابا لا قيمة له. إن تبني الخط السياسي يعني ممارسته في أحد المجالات الجماهيرية ذلك أننا لا يمكن أن نقتصر على مجرد فهم الواقع السياسي ، وإنما نحن كماركسيين لينيين نسعى إلى تغييره وخلق واقع بروليتاري جديد بدلا منه. إن الممارسة العملية هي المحك الوحيد الذي يمكن منها أن نتثبت من أن عضوا ما هو متبني حقيقة للخط ، وإن تبنيه هذا لا يقتصر على مجرد الاعتراف الأفلاطوني به ، فالعضو لا يتبنى الخط السياسي في رأسه ، وإنما في مجال كفاحي جماهيري ، إذ كيف يمكن للتنظيم أن يتأكد من تبني العضو الحقيقي للخط السياسي ، من مواقفه السياسية إزاء الطبقة السائدة ومؤسساتها السياسية والقمعية ، أي نضاله السياسي والفكري والجماهيري ، إذا ظل تبنيه مجرد أفكار واتجاهات في رأسه ، اللهم إذا جاء هذا التأكد بوسائل أخرى "ربانية" !!
إن عضو التنظيم الشيوعي يتميز عن عضو المدارس الفلسفية أو الشيع الدينية المضطهدة ، والخط السياسي الذي يتسلح به يجب أن يكون هو موقفه السياسي العملي اليومي ، وعدم تبني الخط السياسي أو تبنيه بطريقة شكلية بالنسبة لأعضاء الحزب يعني تركهم فريسة في يد التلقائية السياسية ، أي في يد السياسة البرجوازية السائدة . لقد سبب الانحراف اليميني الذي يطرح عدم ضرورة تبني الخط السياسي أضرارا فادحة ، فهذا المفهوم قد تسبب في دخول بعض الأعضاء إلى التنظيم على أساس غير سياسي ،وقد استطاع بعضهم أن يتطور وأن يرقى من وعيه السياسي بخط التنظيم ويتبناه في مجال كفاحي جماهيري ، والبعض الآخر لا تزال هناك مراحل حتى يبلغ تلك الدرجة ، ولكن عدد من هؤلاء الأعضاء قد إنسحب من التنظيم مما شكل خرقا لسرية التنظيم الواجبة ، وأن هذا الخرق قد تم لأن الرفاق الذين جندوا هؤلاء قد أحلوا العلاقة الشخصية محل الشرط الذى يقتضى تبني الخط السياسي ، وهناك مثل بالغ على ذلك فقد قدم الرفيق السابق صاحب ” الأسلوب البورجوازى الصغير ” مرشحا للتنظيم لم يحضر الا اجتماعا حزبيا واحد ثم انسحب فى أعقابه ( 4 ) . وذلك يعكس دائما نفاذ الصبر البرجوازي الصغير المتعجل دائما إلى "المفاتحة" وتقديم "الوثائق" دون أن يمهد لذلك ببذل جهود سياسية وفكرية متنوعة في تطوير وتقديم الأعضاء للتنظيم .
إن نزعة تجنيد الأعضاء "باللوريات" وإدخالهم إلى التنظيم تحمل خلطا شديدا بين الحزب السياسي والطبقة البروليتارية ، فالحزب يتشكل من أفضل وأوعى وأصلب عناصر هذه الطبقة ولا يمكن أن يرتقي وعي كل الطبقة حتى يصبح وعيا ثوريا والتجربة التاريخية لعديد من الأحزاب الشيوعية تثبت أنه لم يحدث مطلقا أن طبقة بكاملها قد جندت في حزب شيوعي ، ولذلك فإن الحزب الشيوعي هومنظمة لقادة البروليتاريا ، وهذا الحزب يكتسب متانته وصلابته من وحدته أي من ترابط خطه السياسي وبرنامجه التكتيكي والاستراتيجي ومن بنائه التنظيمي، وأي تنافر بين هذه العناصر المكونة للحزب تعني تفتيته وتدميره.
وما يشوب بعض شروط العضوية من غموض ينسحب أيضا بهذا القدر أو ذاك على المرشح الحزبي لدى بعض الرفاق ، والمرشح هو شخص موثوق به أولا من الناحية البوليسية ، بمعنى أنه ليست له أي صلات مريبة بجهاز من أجهزة حماية النظام الطبقي ، أو صلات وعلاقات بأية تنظيمات أخرى ويكون متبنيا لخطنا السياسي في مجال كفاحي جماهيري . إذ ان ما ينطبق عليه هو ما ينطبق اصلا على العضو باستثناء ان هناك فترة ترشيح تتيح للحزب القدرة على الحكم على جدية واخلاص وتفانى المرشح ، وتضع امكانياته الثورية فى المجالات السياسية والفكرية تحت مراقبة الحزب الذى يتابع العضو فى أداء مسؤولياته النضالية فى قضية الطبقة العاملة . كما ان ما يميزه عن العضو هو فترة الاختبار التي يمر بها – ثلاثة شهور كحد أدنى – والتي يستطيع التنظيم خلالها أن يراقب مدى تبني المرشح للخط السياسي ووفقا لهذا التبني يمكن للتنظيم أن يقلل هذه الفترة أو يزيدها ، ومن ناحية ثانية فهو لا يملك حق التصويت في منظمته الحزبية إلا بعد أن يكتسب العضوية الكاملة.
أما العاطف فهو الشخص الذي يوافق على الاتجاة العام للخط السياسي ومطروح في أفق العلاقة بينه وبين التنظيم أن يكون عضوا فيه ، وان زيادة عدد العاطفين هى مهمة رئيسية للحزب الثورى فهم الذين يشكلون الحماية الحقيقية له خصوصا حينما يتصاعد الصراع الطبقى ويصبح صداما مكشوفا ، فالعاطف يمكن أن يدعم التنظيم بأشكال متنوعة ، ولكن توسيع هالة العاطفين لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال جريدة للحزب تطرح خطنا السياسي بين أوسع الصنوف ، وتربي الجماهير بروح هذا الخط، بحيث يبرز من خلالهم الأعضاء الجدد والمرشحون الجدد للتنظيم ، وعلى العاطف أيضا أن يتبنى تدريجيا خطنا السياسي ، ولا يمكن أن يكون هناك عاطف "لوجه الله" وبعيدا عن خطنا السياسي ، ويتصور بعض الرفاق أنه لا ضرورة فى أن يدخل العاطف صفوف تنظيمنا مادام قد درس الخط السياسي خارجه ، كما لو كان الحزب مدرسة فلسفية تقدم برنامجا تثقيفيا أو "كتابا لتحفيط وتجويد الخط السياسي" وليس حزبا مناضلا يستهدف تغيير الواقع.
الإنتماء لمنظمة حزبية
يفترض المبدأ اللينينى فى العضوية أن ينتمى العضو الى منظمة حزبية معينة ذلك لأن الأفراد المبعثرين لايمكن ان يشنوا نضالا منسجما ضد سلطة الدولة التى تركز كل أجهزة القمع فى يدها ، ولذلك فإن الحزب هو السلاح التنظيمى الذى يوجه كل المناضلين الثوريين والمرتبطين بالجماهير فى مجرى عملية تغيير النظام القائم تغييرا ثوريا ، ولكن ارادة التغيير الثورى لايمكن ان تتحقق الا من خلال حزب مركزى يترابط خطه وبرنامجه السياسي مع مبادئه وتكتيكاته التنظيمية ، ووحدة الإرادة لايمكن ان يعبر عنها الا من خلال كل منظم هو الحزب . فخلال الاعتصامات والاضرابات بالذات سواء فى المجال الطلابى او العمالى نجد ان الرفاق الذين يشاركون فى هذه الحركات يغفلون تماما الاتصال بالمنظمة التى ينتمون اليها مما يخل بوحدة الارادة السياسية للحزب حيث يتصرفون وفقا لتصوراتهم هم لا وفقا لقرارات وتوجيهات التنظيم . فمثلا عقب اغتيال وصفى التل كان لحزبنا موقف محدد ازاء هذا العمل الثورى ، ولكن بعض الرفاق لعدم ارتباطهم بمنظماتهم الحزبية اختلفوا فى مواقفهم واعتبروه مناورة امريكية . لقد وصل مبدأ اهدار ضرورة الانتماء لمنظمة حزبية حد أن احد الرفاق السابقين وهو صاحب ” صوت الجماهير دائما ” الى ان يطرح فى اجتماع حزبى بجدية تامة ضرورة انهاء الشكل التنظيمى ، والنزول الى الجماهير بعد اكتساب الفهم السياسي أي أن يناضل كل عضو بشكل مستقل دون قيادة أو انتماء لمنظمة حزبية تتابع ما يقوم به هذا العضو ! ورغم ان هذا الرفيق السابق فشل فى اكتساب الفهم السياسي ، فانه قد نجح فى ان ينهى مسألة وجوده فى حزبنا على الأقل . ( 5 )
المسألة المالية
إن أحد الالتزامات الرئيسية بالنسبة للعضو والمرشح، هي أن يدعم التنظيم ماليا، وهذا الدعم المالي يمكن الحزب من تطويركفاحه السياسي والأيديولوجي والتنظيمي ، وبدونه يقف عاجزا عن تخطي كثير من العقبات التي تواجه نضاله ، وتوسيع صفوفه بين الجماهير، وتطور المالية ينعكس دائما على تطور قدرات التنظيم في مختلف الجوانب . وفي العمل السري هناك وجوه مختلفة للإنفاق ، الشقق السرية ، الاتصال ، الأجهزة ، المطبوعات ، المحترفين... الخ ، وهذه الاحتياجات لا يمكن أن تأتي من ثمرات "وقف" شيوعي وإنما من اشتراكات وتبرعات الأعضاء والعاطفين . والحال أننا نجد قصورا شديدا في هذا الجانب ، فبعض الرفاق يهملون أحيانا ولمدة طويلة – شهورا أو أكثر – دفع الاشتراكات أو جمع التبرعات من العاطفين ، أو يسهمون بمبالغ ضئيلة وزهيدة لا تتناسب مع دخولهم كما لو كانت الاشتراكات نوعا من الضريبية السيادية المفروضة عليهم . ولا يدركون أن قدرة التنظيم على الحركة تتوقف على قدرته المالية. وهؤلاء الرفاق يخطئون في وضع وترتيب الأولويات ، فهم يضعون أولا احتياجاتهم الفردية ، ويضعون ثانيا احتياجات التنظيم ، أي أنهم يكيفون مصالح الحزب وفقا لظروفهم ، ولا يكيفون ظروفهم تبعا لمصالح التنظيم ، ومما يعمق هذا التصور هو عدم عناية بعض المنظمات الحزبية في متابعة المسائل المالية ، وعدم اهتمامها بتطويرها حتى يواكب هذا التطور تطور الحزب من الجوانب الأخرى المختلفة ، وفي بعض المنظمات تبرز بعض الاتجاهات المحلية التي تضع الأولوية لاحتياجات المنظمة الحزبية ولا تراعي مصالح الحزب في مجمله .
إن تطور الحزب بصفة عامة مرتبط بقدرته على توفير احتياجاته في المنظمات الحزبية من الناحية المالية، وهناك ارتباط وثيق بين تطور المساهمة وتطور الوعي عند الرفاق، فبعضهم لم تتحسن ظروفهم المالية ، وإنما ازداد وعيهم بأهمية المالية ، وبتدعيم التنظيم في نضاله وتسهيل حركته السياسية وسط الجماهير – لذا فمن الغريب أن نرى بعض الرفاق يقدمون وقتهم وحياتهم للقضية الثورية ومع ذلك لا يدركون أهمية المسألة المالية للتنظيم .
إن أحزاب الفقراء هي دائما أغنى الأحزاب – ولكن هذا لا ينطبق بعد على حزبنا ، ذلك أننا إلى الآن لم نتحول إلى حزب بروليتاري كبير مرتبط بالجماهير العمالية والفلاحين، ولا يمكن حتى الآن أن نلجأ إلى الأسلوب الثوري المعروف في مصادرة أموال البرجوازية. ذلك إن هذا لا يتم إلا وقت انتفاضة ثورية جماهيرية ضخمة.
إن تطور الوعي السياسي لدى أعضاء الحزب وحث الرفاق والمرشحين والعاطفين على الانتظام في دفع الاشتراك، واهتمام المنظمات الحزبية بمسألة المالية وتوسيع صفوف التنظيم بتعميق ارتباطه بالحركة العمالية والفلاحين على أسس ثورية ، هي الأساليب الصحيحة التي يجب اتباعها في زيادة الدعم المالي للحزب حتى يستطيع أن يقوم بدوره الثوري في مواجهة النظام البيروقراطي المصري .
إن عضو التنظيم الشيوعي هو رجل "جبل من طينة خاصة" على حد تعبير الرفيق ستالين، ذلك لأنه يتملك خواصا ثورية كفاحية، تمكنه من النضال لتغيير الواقع ، وواجبات هذا العضو هي واجبات عديدة. فعليه أن يرفع دائما من مستوى وعيه النظري، وأن يتعمق في دراسته الماركسية اللينيينية من مصادرها الأصلية ، وأن يربطها دوما بدراسة وفهم الواقع المصري ، أي السعي الدائم لاكتساب ووعي القوانين الخاصة بالثورة المصرية ، وأن يدرس خبرات الأحزاب الشيوعية العالمية والعربية ، وأن يدرس ويتابع المشاكل النوعية التي تواجه العالم الثالث.
إن عضو الحزب هو أشد الناس ولاءً للطبقة البروليتارية ، ومصالحها، أشد ولاءً للقضية الثورية وحزبها الذي يرفع راية هذه القضية، لذا فواجبه أن يكافح عمليات التسلل البرجوازي السياسي والأيديولوجي إلى الحزب ، وأن يكافح التخريب البوليسي الذي يتزايد كلما زاد ارتباط الجماهير الكادحة بالحزب ، وأن يكافح في المجالات السياسية والأيديولوجية لإلحاق الهزيمة بسياسة البرجوازية وأيديولوجيتها، حتى اجتناء النصر النهائي للجماهير الشعبية ، أي بالإطاحة بالنظام البيروقراطي القائم وتأسيس ديكتاتورية الطبقة العاملة المصرية.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------

هذه الهوامش أضيفت للنص الأصلى ولم تكن فيه .

1 - المقصود هو تنظيم وحدة الشيوعيين المصريين الذى تشكلت نواته من منشقين على ” حدتو“ عقب حركة يوليو 1952 ، رفضا لتأييد حدتو لها وخاصة بعد إعدام خميس والبقرى فى سبتمبر من نفس العام . وضمت وش م فى فترات مختلفة عبد الرحمن الناصر وابراهيم فتحى ، ومحمد مستجير مصطفى ، وعلى الشوباشى ، وإيدى ليفى ماير ( عادل رفعت ) وبهجت النادى ، وعلى الشوباشي ، وإبراهيم عامر وغازى عزام واحمد العزبى . جدير بالذكر أن التنظيم المذكور قد أصدر وثيقة هامة وصلت بعضنا هى ” حول إشتراكية رأس المال الكبير عام 1961 - كاتبها هو رفيقنا إبراهيم فتحى - أنظر : الوثائق الـتأسيسية / الجزء الأول / أعمال الكاتب إبراهيم فتحى / إصدار دار المرايا . 2020 .
2 - تشكلت النواة القيادية الاولى من الرفاق الراحلين عبد السلام الشهاوى ، وخليل كلفت ، وحسنين كشك ، وبقى منها زين العابدين فؤاد وحسن شعبان طالت أعمارهما . راجع جينارو جيرفازيو ، الحركة الماركسية فى مصر ( 1967 - 1981 ) ترجمة بسمة عبد الرحمن وكارمينى كارتولانو ، المركز القومى للترجمة 2010 .
3 - كان إنضمام إبراهيم فتحى حدا فاصلا فقد وضع استراتيجية وتاكتيكات الحزب وقام بمهام المسؤول السياسي بين 1970 - حتى نهاية النصف الأول من 1973 . أنظر : مقدمة الوثائق الـتأسيسية / الجزء الأول / أعمال الكاتب إبراهيم فتحى / إصدار دار المرايا . 2020 .
4 - الإشارة تتعلق برأس أول إنشقاق حزبى داخل التنظيم ، حيث كتب إبراهيم فتحى الوثيقة المعنونة ” حول الأسلوب البورجوازى الصغير فى العمل السياسي والتنظيمى ” آخر 1971 نقدا له ( الوثيقة موجودة فى المصدر السابق ذكره عاليه ). وقد إستبعدت هذه السطور من النص الذى نشره من قرصن 29 وثيقة من موقعى بالحوار المتمدن . وسطور مشابهة وردت فى موضع آخر حول ” صاحب صوت الجماهير ” . الدقة فى نشر النصوص لاتستهدف الإساءة الى أحد ، وانما الى التمسك بالأمانة التاريخية ونقد النموذج الشائع فى حياتنا السياسية حتى الآن . ومن المؤسف أن تكون نيابة أمن الدولة أصدق فى تلخيص وثيقة العضوية فى حزبنا من القرصان ” الثورى ” - أنظر للمقارنة : محاكمة الشيوعيين المصريين ص ص 41 - 50 - الجزء التاسع - عادل أمين المحامى - القاهرة 2001 . والكتاب يتضمن تلخيصا لبعض وثائقنا من ملف القضية رقم 501سنة 1973 - الرمل المقيدة برقم 65 لسنة 1974 أمن الولة العليا .
5 - الإشارة تتعلق بذات الرفيق المشار اليه أعلاه وقد إستبعدت ايضا من النص المقرصن المنشور .