التنمية الاقتصادية في السودان من وجهة نظر الحزب الشيوعي السوداني


عادل عبد الزهرة شبيب
2020 / 6 / 20 - 10:43     

يعتبر الحزب الشيوعي التنمية بأنها عبارة عن عملية تغيير شاملة في المجتمع السوداني اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ضمن الطريق الوطني الديمقراطي الذي يتجاوز طريق التطور الرأسمالي . واعتبر الحزب تجربة التنمية الرأسمالية السابقة للسودان فاشلة لم تؤد الى تطوير البلاد وانقاذها من التخلف الاقتصادي والاجتماعي , بل بالعكس فقد ساهمت في تعميق هذه الجوانب . وشخص الحزب نتائج فشل هذه السياسة بـ :
1) تدمير القطاع الزراعي السوداني الذي يعتبر النشاط الاقتصادي الرئيسي للبلاد والمصدر الأساسي لتأمين الغذاء للسكان .
2) زيادة وتعمق ظاهرة الفقر في صفوف الشعب السوداني والبالغة نسبة 95 % من السكان .
3) زيادة التبعية للدول الرأسمالية مع زيادة ديون السودان الخارجية وتكبل السودان بها .
4) اهدار الاستثمارات والموارد الوطنية في برامج التصنيع الفاشلة .
حيث ادى التخلف الاقتصادي للسودان وتبعيتها الاقتصادية للدول الرأسمالية الى تفشي مظاهر الفقر والمجاعة وعدم الاستقرار والحروب وعدم تجانس المجتمع السوداني بين قطاع حديث وقطاع تقليدي واقتصاد جامد ومفكك .
ويشير الحزب الشيوعي السوداني الى ان التخلف الاقتصادي في السودان كان احد نتائج الاحتلال التركي – المصري السابق للسودان منذ عام 1821 فقد تم نهب واستنزاف موارد البلاد وارهاق الناس بالضرائب المرتفعة .
اما في فترة الاحتلال البريطاني للسودان للفترة ( 1898 – 1956 ) فقد خضع الاقتصاد السوداني للاحتياجات البريطانية وتجهيز المصانع البريطانية بالقطن السوداني الذي كان المحصول النقدي الرئيسي للسودان ويشكل 60% من عائد الصادرات . كما سيطرت الشركات والبنوك البريطانية على معظم التجارة الخارجية وازدادت التبعية الاقتصادية للسودان للنظام الرأسمالي العالمي في علاقات غير متكافئة . ولم يسمح الاحتلال البريطاني بقيام أي صناعة وطنية بل تم تدمير صناعات النسيج والأحذية وغيرها . وبسبب السياسة الاستعمارية في السودان تم تعميق مظاهر التخلف فيه وانتشار الأمية وتخلف التعليم والصحة وانخفاض دخل الفرد الى جانب التنمية غير المتوازنة بين الأقاليم السودانية . كما ان الوضع في السودان لم يتحسن بعد الاستقلال بل استمر الوضع بتخلفه وتعمق التبعية للعالم الخارجي وازدادت ديون السودان وعجز الحكومات الانقلابية عن تأمين سلة غذاء الشعب السوداني ما ادى الى انتشار المجاعة والفقر المدقع واستمرار الحروب ومن ثم انفصال الجنوب .
ولغرض تجاوز التخلف الاقتصادي في السودان وسلبياته فقد اكد الحزب الشيوعي السوداني على التنمية وضرورة احداث التغيير الشامل الاقتصادي والاجتماعي , واعتبر الحزب ان الاستعمار الحديث هو العدو الرئيسي للبلاد في مرحلة العولمة والذي يتسلل للبلاد من خلال حليفه الطبقي في الداخل السوداني والمتمثل بالرأسمالية السودانية التابعة له من اجل ابقاء السودان في حظيرة النظام الرأسمالي العالمي وتشجيع التطور الرأسمالي في السودان والذي لم يستطع قبل الاستقلال وبعده ان يحرر البلاد من التخلف والتبعية , ولذلك اكد الحزب الشيوعي السوداني على ان مهام التنمية ينبغي ان تتجه لحماية السيادة الوطنية وتصفية التخلف عبر الطريق الوطني الديمقراطي غير الرأسمالي , مؤكدا على ضرورة قيام سلطة وطنية ديمقراطية تمثل القوى الاجتماعية ذات المصلحة في التحرر من نفوذ وسيطرة الاستعمار الحديث , الى جانب اعتماد التخطيط العلمي ووضع خطط مرحلية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والعمل على تطوير القوى المنتجة , اضافة الى ضرورة توظيف قدرات القطاع الخاص السوداني ضمن اطار خطة التنمية ووضع الضوابط لجعل نشاط القطاع الخاص خاضعا لمصلحة الوطن ككل . كما يؤكد الحزب ضمن خطته التنموية على عدم رفض تعامل السلطة الوطنية الديمقراطية مع السوق الرأسمالي العالمي في التجارة الخارجية وانما تسعى للحصول على شروط افضل للتبادل والتعامل مع رأس المال الأجنبي من مواقع استقلالها وسيادتها وعدم قبول شروطه التي تمس السيادة الوطنية , وتحدد له مجال الاستثمار بما يخدم خطة التنمية في البلاد وتضمن له ارباحه وحقوقه وتدفع له تعويضات عادلة في حالة تأميم نشاطه اذا اقتضت المصلحة الوطنية ذلك , وتشترط عليه استثمار جزءا من ارباحه في السودان ولا يصدرها كلها للخارج , اضافة الى الطلب منه قبول جزءا من اقساطه وفوائده بالعملة السودانية لتنشيط السوق المحلي وتخفيف الضغط على حصيلة النقد الأجنبي . كما تشترط عليه تدريب كادر سوداني يتولى ادارة المنشآت والمشاريع . ويهدف الحزب الشيوعي السوداني ضمن برنامجه الى بناء مجتمع زراعي صناعي متقدم في السودان وبناء قاعدة صناعية وتصنيع في السودان من خلال استثمار الخامات المحلية في البلاد , وان تلعب الصناعة دورها في عملية تغيير المجتمع وتطور القوى المنتجة ولمساهمة الصناعة في تطوير الزراعة الى جانب التأكيد على الاصلاح الزراعي الديمقراطي لتحرير جماهير الريف الذي يشكل غالبية السكان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . ويشير الحزب الشيوعي السوداني ابلى ان بناء المجتمع الصناعي الزراعي المتقدم في السودان يتطلب تفجير وانجاز ثورة ثقافية شاملة والعمل على محو الأمية واصلاح مناهج التعليم والتفاعل مع الثقافات الانسانية وسيادة الفكر العلمي وحرية البحث. ويهدف برنامج الحزب الشيوعي السوداني في النهاية الى الوصول لبناء مجتمع اشتراكي متطور بالطريق الممتد عبر تاريخه السياسي وخصائصه الاجتماعية والقومية حيث ان الاشتراكية هي امتداد وتطور طبيعي لشخصية كل شعب قدمي ليست مسخا لها, وهي بعث وتجسيد لكل ما هو خير وانساني وتقدمي في تراث وتاريخ الشعب .
فلندعم الحزب الشيوعي السوداني من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية والوطن الحر والشعب السعيد وتحقيق العدالة الاجتماعية والتطور الاقتصادي – الاجتماعي .