إلى الكاظمي : ألجم وزير ماليتك لئلا تطير


حسين علوان حسين
2020 / 6 / 19 - 16:35     

منذ تسنم وزارة الكاظمي مهام عملها في 6/5/2020 ، بأن واضحاً مدى التخبط العشوائي الحاصل في قراراتها المالية الارتجالية و المصيرية التي أثرت و تؤثر على وضع شرائح اجتماعية كبيرة من متقاعدي و موظفي العراق الشرفاء دونما قشة من وجه حق . فقد أقدمت هذه الوزارة يوم الأربعاء المصادف 10 /6/2020 على سرقة ما نسبته 10-15% من الحقوق التقاعدية الشهرية للمتقاعدين الذين تزيد رواتبهم الشهرية على 500 ألف دينار من حلاقيم كافة مئات الآلاف المتقاعدين في العراق ممن خدموا العراق بشرف . هذه الجريمة حصلت بالضد من المادة (28) من الدستور العراقي التي تنص بالحرف الواحد على أن :"لا تفرض الضرائب و الرسوم و لا تعدل و لا تجبى و لا يعفى منها إلا بقانون ". و إزاء الاهتياج الشعبي الآني و الواسع الذي ثار فور اتخاذ وزارة المالية مثل هذا القرار الكارثي بجرة قلم عشوائية مخالفة للقانون و لأبسط ضوابط و سياقات العمل الحكومي الرشيد ، فقد تم التراجع عن هذا القرار بعد يومين أثنين . السؤال هو : أي دواع دفعت وزير المالية لاتخاذ هذا القرار أصلاً ، ليلغيه الكاظمي بعد يومين على نحو فضائحي مثير للسخرية ؟ !
ليس هذا فحسب ، بل و لقد طالت السرقة رواتب السجناء السياسيين الذين لم يستلموا مستحقاتهم الشهرية حتى هذا اليوم ـ و إن وُعدوا بدفعها بعد شهر – حتماً بعد "قرضها" بغير وجه حق و خلافا لنصوص القوانين النافذة المفعول و التي لا يحق لا لوزير المالية و لا لوزارة الكاظمي تأخيرها أو التلاعب بها حسبما تشاء بدون إصدار البرلمان للقوانين اللازمة بصددها !
و لكن الأمر وصل الآن لأبعد من كل هذا ، فقد اتخذ وزير المالية قراراً متخبطاً آخر هذا الأسبوع يقضي بوقف صرف الرواتب الشهرية لموظفي المصارف الحكومية (مصرف الرافدين ، الرشيد ، التجارة الخارجية ، الصناعي ، الزراعي ، العقاري) دونما أي أساس قانوني و دون تحديد موعد لاحق لصرف هذه الرواتب (تاريخ الصرف المقرر هو 17 من كل شهر) رغم واقع الغبن الرهيب الذي تعرضت و تتعرض له بشكل مستديم هذه الشريحة العاملة منذ عام 1964 و لحد الآن . و من المعلوم أن هذه المصارف هي ذاتية التمويل و ليست مركزية التمويل من خزينة الدولة ، بل إنها هي الممولة للدين العام ، و هي عصب النظام المالي للدولة ، و أن رواتب موظفيها و مخصصاتهم لا تصل إلى 20% من رواتب زملائهم العاملين في المصارف التجارية في المنطقة رغم أنهم من أكفأ موظفي الدولة و أكثرهم انتاجاُ .
من الواضح أن القرارات التخبطية أعلاه – وما سيأتي منها – من السيد وزير مالية وزارة لكاظمي تبتغي تمويل غنائم سراق المال العام ليس من السراق أنفسهم من كواسج الأحزاب و المافيات المعروفة للعراقيين جميعاً ، بل من كد موظفيه الشرفاء في مرافق الدولة كافة لكي يواصل هؤلاء الحرامية هبرهم للمال العام بلا حساب و لا عقاب . يحصل كل هذا في ظل وزارة يؤمن وزير ماليتها أنه فوق القانون ، و أن من حقه الطبيعي إصدار كل قرار متخبط و لا قانوني يرتأيه بقطع رواتب و مخصصات موظفي الدولة مثلما كان يحصل في زمن الطاغية صدام – و كأنك يا بو زيد ما غزيت . لم يسأل هذا الوزير نفسه قبل اتخاذه قرار وقف صرف الراتب الشهري لموظفي المصارف الحكومية أهم سؤال يجب على الوزير أن يسأله : هل أن القانون يجيز لي اتخاذ مثل هذا القرار ؟ الجواب هو قطعا لا ؛ لا يجوز لوزير المالية و لا لرئيس الوزراء العراقي استقطاع و لا تأخير صرف أي راتب شهري مستحق البتة . السؤال الموجه للكاظمي هو : على أي اساس تسمح لوزير ماليتك اتخاذ القرارات الرعناء و تمريرها دون وجه حق و بما من شأنه تدمير كل الاقتصاد العراقي ؟ هل باستطاعة هذا الوزير أن ينقذ العراق من كارثة إضراب موظفي المصارف الحكومية احتجاجا على وقفه لصرف رواتبهم الشهرية تجاوزاً على صلاحياته – و هو أمر متوقع ؟ و ما ذا عن تجدد ثورة أكتوبر الجماهيرية قريباً جدا ً في ضوء دأب وزير المالية على صب الزيت على النار ؟