يمكن وضع نهاية للإضطهاد العنصري – لكن ليس في ظلّ هذا النظام


شادي الشماوي
2020 / 6 / 17 - 22:02     

بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 652 ، 15 جوان 2020
https://revcom.us/a/652/bob-avakian-racial-oppression-can-be-ended-en.html

حيثما توجّهنا و في كلّ ما نفعله ، نحن الشيوعيين الثوريين ، نضع بجرأة : الثورة – لا شيء أقلّ من ذلك !
و هذا ليس مجرّد شعار – مع أنّه شعار جيّد و هام جدّا . إنّه موقف مكثّ لحقيقة عميقة للغاية ، يلتقطعا أيضا شعارنا : هذا النظام لا يمكن إصلاحه – يجب أن نُطيح به !
لكن ماذا نقصد بقول إنّ هذا النظام لا يمكن إصلاحه ، و لماذا الأمر صحيح ؟ في " لماذا نتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا القيام بالثورة " ، تحدّثت عن " الخمسة أوقفوا " – وهي تناقضات عميقة و محدّدة لهذا النظام – و كافة العذاب الرهيب الذى يعرّض له هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي جماهير الإنسانيّة ، و لماذا كلّ هذا لا يمكن أن توضع له نهاية في ظلّ هذا النظام (1). و هنا سأركّز على الإضطهاد النظامي و الإجرامي للسود ، و الإضطهاد العنصري ككلّ – الذى قد إفتضح أمره بشدّة بفضل الإحتجاجات الغاضبة التي أشعل نيرانها قتل جورج فلويد – و أناقش الأسباب الأساسيّة للماذا لا يمكن القضاء على هذا افضطهاد في ظلّ هذا النظام ، لكن يمكن وضع نهاية له ( فقط )عبر الثورة .
إنّ الإرهاب و جرائم القتل المستمرّين الذين تقترفهم الشرطة و بصفة خاصة ضد السود ( و كذلك اللاتينو و الأمريكيين الأصليين [ الهنود الحمر ] ليست في الأساس لأنّ أعوان الشرطة عنصريّين – بالرغم من أنّه إذا تحدّثنا عن الشرطة بصفة عامة ، يصحّ عليهام ذلك بالتأكيد . و واقع أنّ أعوان الشرطة عنصريّين في حدّ ذاته تعبير عن و وظيفة تخدم واقع أنّ الإرهاب و القتل الموجّهان ضد السود (و آخرين من أصحاب البشرة الملوّنة ) أمر يتطلّبه هذا النظام – ضروري من أجل الحفاظ على" نظام " كامل النظام الإضطهادي. و سيكون سير هذا النظام أعسر بكثير لو لم تكن الشرطة عنصريّة.
الأسباب الجوهريّة لهذا الإضطهاد
ولنتعمّق أكثر ، لماذا يُعدّ هذا الإرهاب وتعدّ هذه الجرائم ضروريّة لهذا النظام، لأجل ضمان " نظامه " وسيره المستمرّ؟ و الجواب هو أنّه منذ بدايات هذه البلاد ، كان تفوّق البيض مسكوبا ، مبنيّا في أساس المؤسسات و السير العادي لهذا النظام. و بصورة خاصة ، بالنظر على السود ، قرون الإضطهاد التي عانوا منها – من أيّام العبوديّة إلى أيّام الفصل العنصري جيم كرو و إرهاب الكلو كلوكس كلان ، إلى الوقت الحاضر ، مع تواصل التمييز العنصري الممنهج ضد السود ، في كلّ مجال من مجالات المجتمع ( الشغل و السكن و التعليم و الرعاية الصحّية و ما إلى ذلك ) – كلّ هذا أفرز وضعا حيث السود اليوم، لا سيما الشباب منهم ، قد حُرموا وسائل العيش اللائق ، و العديد يبقى عليهم في ظروف فقر و حرمان يائسين. و هذا مرّة أخرى ، ليس ببساطة مردّه أنّ الموجودين في مواقع السلطة و يقرّرون سياسات الحكم عنصريّون ( و إن كان هذا صحيحا بالنسبة لغالبيّتهم ). الأمر مردّه في جوهره طبيعة النظام نفسه و متطلّباته المتطوّرة تاريخيّا و ديناميكية هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي .
الآن ، هذا كلام كبير ( طبيعة النظام نفسه و متطلّباته المتطوّرة تاريخيّا و ديناميكية هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي ) لذا توجّب الشرح . لقد تأسّست هذه البلاد على إستعباد جماهير الأفارقة و كذلك على الإخضاع و الإبادة الجماعيّة للأمريكيين الأصليين و على الإستيلاء على أراضيهم ( و مزيد تطوير ذلك بغزو و الإستيلاء على أجزاء من المكسيك ، و تحويل ذوى الأصول المكسيكيّة إلى مواطنين من درجة ثانية كذلك). و قد إقتضى ذلك نشر العنصريّة ل " تبرير " كلّ هذا الإضطهاد الرهيب . ثمّ عندما إندلعت الحرب الأهليّة ، نظرا لكون تفوّق البيض كان و ظلّ مكوّنا هاما من " اللصق " الموحّد للبلاد ، الوسيلة الوحيدة ل" إعادة تجميعها " على أساس النظام الرأسمالي ، كانت مرّة أخرى ، التأكيد بالقوّة على تفوّق البيض . و لهذا ، بعد نهاية الحرب الأهليّ’ ، سرعان ما وُضع السود تحت نظام الفصل العنصري لجيم كرو ( مدعومين بإرهاب نظامي و من وقت لآخر و بصفة متكرّرة بالقتل بوقا )، بينما تصاعد العدوان الإبادي الجماعي ضد و الإستحواذ على أراضي الأمريكيين الأصليين ، و صار المهاجرون من المكسيك يتعرّضون للتمييز العنصري و العنف المستمرّين على يد فارضى هذا النظام .
و عقب أجيال ، خلال الحرب العالميّة الثانية ، إعتبارا لحاجيات حكّام هذه البلاد في خوض تلك الحرب ن إستطاعت أعداد كبيرة من السود أن تهاجر إلى الشمال و أن تحصل على مواطن شغل في الصناعات التي خدمت المجهود الحربيّ. و تاليا ، إلى درجة كبيرة نتيجة واقع أنّ الولايات المتّحدة كانت على الجانب المظفّر في تلك الحرب – و واقع أنّ الحرب لم تخض على أراضيها و أنّها لم تعرف أضرارار في خدماتها و بنيتها الصناعيّة – جدّ توسّع للإقتصاد ، في هذه البلاد بعد الحرب. و في هكذا وضع ، تمكّنت أعداد هامة من السود من مواصلة الحصول على شغل بأعداد هامة ، بما فيها بعض العمال الأفضل أجرا ( صناعة الفولاذ ، السيارات و هكذا ) .
لكن في الوقت نفسه ، نظرا لتفوّق البيض المبني في أساس النظام طوال قرون – و واقع أنّ التحرّك الفعلي لتجاوز هذا سيمزّق مصنع هذا النظام و يزعزع أسسه ذاتها – واصل السود التعرّض إلى التمييز العنصري الممنهج بما في ذلك في الشغل ( ب " آخر من يتمّ تشغيله و أوّل من يتمّ طرده " جملة تصف بدقّة وضع السود في علاقة بالتشغيل ). و لذكر مثال سيّء آخر ، شملت السياسة الحكوميّة في ما يتّصل بالسكن تمييزا عنصريّا واعيا و متعمّدا : فعقب الحرب العالميّة الثانية ، قدّمت الحكومة قروضا للبيض تخوّل لهم شراء منازل لهم خاصة و الإنتقال بصفة متزايدة للعيش في الضواحى بينما حُرم السود قدماء الحرب ( و غيرهم ) من تلك القروض ، و بدلا من ذلك ،وقع تكديس السود في مشاريع إسكان في أحياء داخل المدن تكرّس الفصل العنصري. و مثّل ذلك جزءا من الفصل العنصري و الميز العنصري المتواصلين ضد السود.
و نتيجة حكة الحقوق المدنيّة ثمّ حركة تحرّر السود الأكثر راديكاليّة في ستّينات القرن العشرين ، وقع تقديم بعض التنازلات، و سُجّل ارتفاع في عدد " الوجوه السود في المناصب العليا " و نموّا في الطبقة الوسطى من السود ، على أنّ وضعها إلى درجة كبيرة ظلّ أكثر هشاشة من وضع الطبقة الوسطى من البيض ( وهو شيء تبيّن بحدّة في أزمة 2008 التي أفضت إلى خسارة عدد كبير من السود لمنازلهم و لقدر كبير إن لم تكن كامل مدّخراتهم ). و في الأزمنة الأحدث ، أغلقت أعداد هائلة من المصانع و الموارد الأخرى لمواطن الشغل لسكّان الأحياء داخل المدن ، أبوابها و عادة ما كانت تنل نشاطها إلى أماكن أخرى – بخاصة إلى بلدان في العالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الوسط و آسيا ) أين يترك الوضع اليائس الجماهير ، و منها الأطفال ، عُرضة للإستغلال الفاحش ، بأجور بالكاد تبعد عنهم الجوع.
كلّ هذا ، إلى جانب تصاعد الأتمتة و إنتاج " التواصل على الأنترنت " ، حين يمزج مع الفصل العنصري و الميز العنصري المبنيّن في أساس هذا النظام ، قد أدّى إلى وضع يتميّز بأنّ أعدادا ضخمة من السود ، لا سيما الشباب منهم ، لأجيال الآن ، ليسوا فقط في بطالة بل هم متروكون بلا أفق تشغيل له معنى في الاقتصاد العادي ( " الرسمي ").
" المزيج السام " للرأسماليّة و العنصريّة
هنا نلاحظ " المزيج السام " من الفصل العنصري الممنهج المتطوّر تاريخيّا و الميز العنصري ، المفروضين بواسطة عنف وحشيّ من قبل السلطات القائمة ، إلى جانب السير الأساسي و المتطلّبات الأساسيّة للإقتصاد الرأسمالي – ما يعنى المزيد و المزيد من المراكمة ليس للثروة فحسب بل أيضا لوسائل الإنتاج ( التكنولوجيا و المصانع و الهياكل الماديّة الأخرى، و موارد المواد الأوّليّة و ما إلى ذلك ) على ملكيّة و تحت تحكّم المؤسسات الرأسمالية الكبرى و المؤسسات الماليّة الكبرى، وهي واقعة في تنافس قاتل مع بعضها البعض ، ليس داخل بلاد معيّن فقط بل بصورة متزايدة على الصعيد العالمي ، وهي بالتالى مندفعة نحو الإستغلال بلا رحمة للناس و البحث المستمرّ عن طرق لحتّى مزيد منتهى الإستغلال الخبيث لأعداد كبيرة من الناس اليائسين ، بمن فيهم الأطفال ، في شبكة عالميّة من المعامل الهشّة . ( و على سبيل المثال ، الهواتف الجوّالة و الحواسيب مرتهنة بمناجم الكلتن الذى يستخرجه أناس و منهم أطفال يعملون في ظروف مريعة ، في الكنغو بأفريقيا ، و جزء كبير من الثياب التي تباع في الولايات المتحدة تصنعها أعداد ضخمة من النساء العاملات في ظروف مريعة في بنغلاداش ، بآسيا ).
في هذا الوضع ،و خاصة مع نموّ تجارة المخدّرات العالميّة ، و توغّلها العميق في الولايات المتّحدة ، تحوّل العديد خاصة من الشباب الذين وجدوا أنفسهم خارج دورة " الإقتصاد الرسمي " إلى تجارة المخدّرات و إلى أنشطة إجراميّة أخرى . و هذا شيء شجّعته سياسة الحكومة التي أفرزت عمليّا إدخال كمّيات كبيرة من المخدّرات إلى الأحياء الشعبيّة داخل المدن، حتّى و السلطات تستغلّ هذا الوضع لتسلّط قمعا منهجيّا ضد الشباب بوجه خاص ، بأشياء مثل " أوقف و جمّد ". و نتيجة كلّ هذا كانت نموّا هائلا في السجن الجماعي و كذلك في تواصل قتل الشرطة لأعداد كبيرة من شباب " الأقلّية ".
و في الوقت نفسه ، الطريقة التي تمادت بها الولايات المتّحدة في الهيمنة على المكسيك ،و أيضا أنحاء أخرى من أمريكا اللاتينيّة ، و في تشويه إقتصاديّاتها ، و إفساد الحكومات وتدمير العلاقات الإجتماعيّة في ضفوف شعوب تلك البلدان – كلّ هذا أفضى بأعداد كبيرة من الناس إلى أن يجدوا أنفسهم مجبرين على الفرار من تلك البلدان و الهجرة إلى الويلاات المتّحدة أين هو عُرضة لخطر الإستغلال الفاحش في المصانع و المزارع و أقستم أخرى من إقتصاد هذه البلاد. و أيضا ، شكّل عدد كبير من ألجيال الأصغر سنّا من هؤلاء المهاجرين عصابات ( أو إلتحقوا بالموجة ) و إنخرطوا في تجارة المخدّرات و الجريمة المرتبطة بها .
و في المدّة الأخيرة الأحدث ، مع ذلك ، في على الأقلّ عدّة أحياء شعبيّة داخل المدن ، لعدد من الأسباب – منها واقع أنّ " نزول الوباء " قد ألحق أضرارا كبرى بالناس – تراجعت تجارة الكوكايين و الأرباح العالية التي تحقّقها فئة صغيرة نسبيّا من " المراكز العليا " في سلّم تجارة المخدّرات. و لفترة ، خاصة خلال ثمانينات القرن العشرين و تسعيناته ، نظرا للخراب و اليأس ، كانت تجارة المخدّرات " أكبر مشغّل " للشباب – إيناثا و ذكورا - في الأحياء الشعبيّة داخل المدن ، و أهمّ مورد لعلى القلّ دخل أساسي للكثيرين ( حتّى و إن ظلّ وعد " أن نصبح أغنياء " وهما بالنسبة للغالبيّة ). و الآن ، حتّى هذا المورد للشغل و الدخل – على فساده و ضرره – قد جفّ أو تقلّص كثيرا بالنسبة للكثيرين. و قد زاد هذا أكثر الوضع بؤسا بالنسبة للأعداد الضخمة من شباب أحياء داخل المدن الذين ليس لديهم أي مستقبل – في ظلّ هذا النظام – لا مستقبل عدا السجن ، موت مبكّر أو حياة إنهماك في اليأس ، بشكل أو آخر ، في محاولة للبقاء على قيد الحياة و العناية بالناس الأعزّاء عليهم.
كلّ هذا لا يمكن أن يتغيّر – لا يمكن أن يُحوّل و يُتجاوز – ضمن حدود هذا النظام أو في إطاره . و بالرغم من ما يمكن لأي سياسي ( " ليبرالي " أو فاشيّ صراحة كترامب ) أن يقوله ، لا طريقة تمكّن النظام من أن " ينقلب على نفسه " ، و يعيد أجزء كبيرة من الصناعة إلى الأحياء الشعبيّة داخل المدن و يوفّر مواطن شغل هامة ، ب " أجورا للعيش " لكافة الذين هو الآن بصدد حرمانهم من ذلك. حتّى و إن وجدت " إرادة سياسيّة " لدى الحكومة لمحاولة القيام بذلك ، فإنّ تلك المحاولة ( تشغيل الملايين من المعطّلين عن العمل سابقا أو " شبه العاطلين " موفّرة لهم " أجورا للعيش " ) ستقوّض تقويضا جدّيا المواقع التنافسيّة للرأسماليين الأمريكان في الاقتصاد العالمي. و إن سعوا للقيام بذلك و في الوقت نفسه سعوا بجدّية إلى تجاوز كامل علاقات تفوّق البيض المتطوّرة تاريخيّا ، فإنّ هذا سيفكّك تماما " الوحدة " الإجتماعيّة التي تجعل هذه البلاد متماسكة ، و تفوقّ البيض جزء حيوي من ذلك .
إنّه لشيء بالنسبة " لأصحاب القلوب الطيّبة "- و خاصة الكثير من البيض - أن يقولوا ( و يقصدوا ذلك صراحة ) إنّه من الخطإ أن تقتل الشرطة ببساطة الناس إتباطيّا و بوحشيّة ، و التعبأة للإحتجاج ضد ذلك . لكن تصوّروا ما الذي سيحدث لو حاولت الحكومة ، في ظلّ هذا النظام و بالطريقة التي يسير بها إقتصاده ، تبنّى سياسات تتعاطى مع البطالة المديدة للسود ى أحياء داخل المدن ، التي لم تحرم من مواطن الشغل فحسب بل كذلك من التدريب للحصول على مواطن الشغل المتوفّرة في أماكن أخرى- تصوّروا ما ستكون ردّة فعل عديد البيض الذين سيخسرون في الواقع مواقعهم الأفضل نتيجة هذه السياسات. و تصوّروا ما الذى سيحدث إذا وقع تطبيق هذه الأنواع من السياسات ليس في الشغل و حسب بل أيضا في التعليم و هلمّجرّا .( لقد رأينا بعدُ " الموجة المناهضة للسود " التي تمّ تشجيعها كردّ على حتّى الجهود الدنيا لتطبيق برامج " الحركة التأكيديّة " في الشغل و التعليم ).
و مرّة أخرى ، ليس هذا مجرّد مسألة " البيض عنصريّون " . العديد منهم عنصريّون مع أنّ العديد لا يريدون أن يكونوا كذلك. لكن المشكل الأعمق هو أنّه نظرا للطريقة الأساسيّة التي يسير بها الاقتصاد الرأسمالي ، و كيف يشجّع الجميع على " الخروج من أجل نفسك" – و بأكثر جوهريّة ، واقع أنّ الناس هم عمليّا مدفوعون و مجبرون على التنافس مع بعضهم البعض في كالّ مجال هام من مجالات الحياة ، و من ذلك الشغل و التعليم – سيخلق ذلك فعلا فوضى و نزاع صلب الناس و سيمزّق " وحدة " المجتمع ، أن يحاول حقّا و تماما تفكيك و تجاوز الواقع و تأثيرات قرون من الإضطهاد العنصري – في ظلّ هذا النظام .
و هذا بالصفة الأكثر نهائيّة و تأكيدا ليس حجّة للتراجع عن النضال ضد كلّ شكل من أشكال الميز العنصري و اللامساواة و الإضطهاد في كلّ جزء من أجزاء المجتمع . إنّ التصدّى للإضطهاد و إقتلاع تنازلات من السلط القائمة أمر غاية في الأهمّية – في تمكين الجماهير الشعبيّة من الشعور بقوّتها الخاصة في الوقوف و الوقوف معا في معارضة الإضطهاد و جلب الناس من كافة مجالات المجتمع ليلتحقوا بهذا النضال – بدلا من الشعور بالعزلة و الإحباط و اليأس . و من المهمّ في المساهمة في تمكين الجماهير الشعبيّة من أن تكسب الفهم و بناء التنظيم الضروري للنضال الشامل النهائي للإطاحة بكامل النظام الإضطهادي. لكن هذه مجرّد نقطة – مهما كانت هذه النضالات الجماهيريّة هامة ، إذا لم تُبن بإتّجاه ، و لم تبلغ في نهاية المطاف نقطة ن مهاجمة النظام برمّته ، بهدف الإطاحة به ن و إنشاء شيء أفضل بكثير ، حالئذ ، مثلما قد شدّدت على ذلك قبلا ، حتّى متى تمّ تحقيق تنازلات ، " طالما بقي هذا النظام في السلطة ، ستوجد قوى ذات نفوذ ستتحرّك نحو الهجوم على و تقويض و البحث عن الإنقلاب على ، حتّى هذه " المكاسب الجزئيّة " و سيظلّ الناس مضطهَدين و مرّة أخرى " مسحوقين بشعور اليأس لأنّهم من جديد سينقسمون و يسيُدفعون لتوجيه الضربات إلى بعضهم البعض ." (2)
النقطة الأساسيّة و الحيويّة هي أنّ النضال ضد الإضطهاد العنصري ( و الإضطهاد كلّه ) يجب أن لا يبقى منحصرا داخل حدود هذا النظام ، و عوضا عن ذلك ، يجب أن يُخاض و يتقدّم كجزء من النضال الشامل بإتّجاه هدف القضاء على هذا النظام . واقع أنّ هذا الإضطهاد لا يمكن إلغاؤه في ظلّ هذا النظام ليس سببا في التخلّى عن النضال و اليأس – إنّه سبب آخر للماذا يجب و تمكن الإطاحة بهذا النظام – وهو الأساس الجوهري للماذا يمكن كسب الناس لخوض نضال ثوريّ للإطاحة به في آخر المطاف !
لكلّ هذا لن تتّخذ السلطات القائمة ( و أي من سياساتها و أحزابها السياسيّة ) أي تحرّك حقيقي و له معنى لتجاوز تجربة و إرث قرون طويلة من الإضطهاد العنصري الوحشي و الوضع الذى أدّى إليه اليوم ، حيث الملايين و الملايين من شباب السود و الشباب الآخرين أصحاب البشرة الملوّنة لا يملكون أفقا لمستقبل لائق – في ظلّ هذا النظام .
و كما أشرت إلى ذلك قبلا : و عندئذ ماذا يفعل هذا النظام بالشباب الذين ليس لديهم أي مستقبل و أيّة آفاق ؟ يحاصرهم ... يحارهم بعنف ". (3)
و كلّ هذا يمثّل سبب وجود إرهاب شرطة نظامي و ممنهج موجّه ضد السود و الآخرين من أصحاب البشرة الملوّنة . و لهذا يسلّط ذلك على ليس الشباب فحسب ( و آخرين ) في أحياء داخل المدن ، بل لماذا يمكن وهو يؤدّى إلى الهرسلة و التعنيف و القتل لأي شخص أسود ، في أي مكان ، حتّى الذين لهم مستوى تعليمي أعلى و مكانة أعلى . لئن كان النظام يحتاج إلى الشرطة " لتحاصر بعنف " الجماهير الشعبيّة في أحياء داخل المدن – وهي تفعل ذلك – بالتالى ينزع هذا نحو " الفيضان " و الانسحاب على السود و غيرهم من أصحاب البشرة الملوّنة ، بصوة أعمّ .ليست للشرطة لا المصالح و لا القدرة و لا الإرادة للتمييز بين " الجيدين "... ( أكملوا الفراغ بالكلمات العنصريّة التي يستخدمونها ) و الأشخاص " السيّئين ".و فوق ذلك ، الطبيعة " العشوائيّة" للعنف و القتل تجعل ذلك أكثر فعاليّة في ترويع الناس – تجعل الجميع ، حتّى " الفضل " يشعرون ، وهم على حقّ في ذلك ، بأنّهم يمكن أن يكونوا هدفا لهذا .
هناك حلّ : ثورة و عالم جديد و مغاير راديكاليّا
لجميع هذه الأسباب سيتواصل الإضطهاد العنصري طالما أنّ الناس يعيشون في ظلّ هيمنة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي. ليس صحيحا فحسب بل حيويّ الأهمّية النهوض و خوض قتال مصمّم ضد هذا ، لكن من الحيويّ أيضا الإقرار بأنّ هذا الإضطهاد العنصري لن و لا يمكن أن يُلغى في ظلّ هذا النظام – و لوضع نهاية له في آخر المطاف ، نحتاج إلى نظام مغاير راديكاليّا .
إنّنا في حاجة إلى نظام إقتصادي مغاير راديكاليّا – نظام إقتصادي إشتراكي ( نمط إنتاج ) يتلاءم مع و ينطلق من التطوير و الإستخدام الجماعي لوسائل الإنتاج ، تلبية لحاجيات الجماهير الشعبيّة ، ماديّا ( الشغل و الغذاء و السكن و الرعاية الصحّية و هكذا ) و كذلك حاجياتها الفكريّة و الثقافيّة ،و مدّها بوسائل ليس الحياة فحسب حياة تليق بالبشر ، بل أيضا لتفهم عمليّا الأساس و الحاجة ،و لتساهم عن وعي أكثر فأكثر في التقدّم في تغيير المجتمع و في نهاية المطاف القضاء النهائي على كافة علاقات الإضطهاد و الإستغلال ، و لدعم ذلك النضال عبر العالم قاطبة . و كأولويّة من أعلى أولويّاته و أهدافه ، سيشمل ذلك النضال المصمّم لتخطّى و في آخر المطاف القضاء على الإضطهاد العنصري في كلّ مظهر من مظاهر المجتمع .
سيوفّر الاقتصاد الإشتراكي ( نمط الإنتاج ) المختلف راديكاليّا أساسا عليه يمكن للسيرورة القائمة لإجتثاث الإضطهاد العنصري و الإضطهاد كلّه ، أن يُخاض على أرضيّة مواتية ، و يمكن في نهاية المطاف أن تنجح في تخطّى كلّ هذا . و التالى من كتابى " إختراقات ..." يتحد!ث عن هذه العلاقة و السيرورة المفتاح :
" في نهاية المطاف ، نمط الإنتاج يحدّد أساس التغيير و حدوده ، بمعنى كيفيّة معالجة أي مشكل إجتماعي ، مثل إضطهاد النساء ، أو إضطهاد السود أو اللاتينو ، أو التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، أو وضع البيئة ، أو وضع المهاجرين و ما إلى ذلك . و في حين أنّ لكلّ هذه الأشياء واقعها و ديناميكيّتها الخاصة و ليست قابلة للتقليص إلى النظام الاقتصادي ، فإنّها جميعا تسير في إطار و ضمن الديناميكيّة الجوهريّة لذلك النظام الاقتصادي ؛ و ذلك النظام الاقتصادي ، ذلك النمط من الإنتاج ، يحدّد أساس و في نهاية المطاف حدود التغيير في ما يتعلّق بكافة المسائل الاجتماعية . ومن ثمّة ، إذا أردنا التخلّص من جميع هذه الأشكال المختلفة من الإضطهاد ، ينبغي علينا أن نعالجها في حدّ ذاتها ، لكن ينبغي علينا كذلك أن نحقّق هذه التغييرات بالمعنى الجوهري . و لوضع ذلك بصيغة أخرى : يجب أن يتوفّر لدينا نظام إقتصادي لا يمنعنا من إحداث هذه التغييرات ، و بدلا من ذلك لا يسمح لنا فحسب بل يمدّنا بأساس مناسب للقيام بهذه التغييرات . " (4)
و يوفّر " " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " نظرة شاملة و مخطّط ملموس لمثل هذا النظام الاقتصادي المغاير راديكاليذا و لمؤسّسات الحكم و القوانين و النظام القانوني و كذلك مقاربة للتعليم و العلم و الفنّ و الثقافة الذين يتناسبون مع مط الإنتاج هذا و يساهمون في تطوّره المستمرّ ، معبّين الطريق للقضاء في نهاية المطاف على الإضطهاد كلّه و على الإستغلال كلّه .(5) و في " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا القيام بالثورة " ( و كذلك في غيرها من أعمالى ) يجرى عرض الإستراتيجيا الأساسيّة فنجاز الثورة التي ستجعل ممكنا تطبيق هذا الدستور سعيا لإنشاء عالم خالى من كافة العذابات غير الضروريّة و من الجنون الذين تتعرّض لهم جماهير الإنسانيّة في ظلّ هيمنة هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي .
لهذا و هكذا يمكن أن نضع نهاية للإضطهاد العنصري و كافة الإضطهاد المبني في أساس هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي – لكن فقط عبر ثورة تقضى على هذا النظام .
لهذا نستمرّ في التشديد على هذه الحقيقة الأساسيّة :
بالمعنى الجوهري ، أمامنا خياران : إمّا التعايش مع كلّ هذا - و الحكم على الأجيال القادمة بالشيء نفسه ، أو أسوأ منه ، إن كان لها مستقبل أصلا ، و إمّا القيام بالثورة !
و لهذا نستمرّ في الرفع الجريئ لشعار : الثورة – لا شيء أقلّ من ذلك !
هوامش المقال :
1. The text and video of this speech by Bob Avakian (Why We Need An Actual Revolution And How We Can Really Make Revolution) is available at revcom.us.
2. The statement quoted in this part of this article is from Why We Need An Actual Revolution And How We Can Really Make Revolution.
3. Bob Avakian On Police Brutality And Murder: Consent Decrees Won’t Stop This—We Need A Revolution! This excerpt from a Question and Answer Session with Bob Avakian, after his presentation in 2018 in Chicago of the speech Why We Need An Actual Revolution And How We Can Really Make Revolution, is also available at revcom.us.
4. This statement is contained in Breakthroughs: The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary, by Bob Avakian, which is available at revcom.us. It originally appeared in the book by Bob Avakian, The New Communism: The science, the strategy, the leadership for an actual revolution, and a radically new society on the road to real emancipation, Insight Press, 2016. Italics in the original.
5. The Constitution for the New Socialist Republic in North America, authored by Bob Avakian, is also available at revcom.us.