دردشة عن بعض الاستخدامات اللغوية


علاء الدين الظاهر
2020 / 6 / 16 - 14:41     

غالبا ما اسمع عربيا وقد يكون استاذا جامعيا في اميركا او بريطانيا يصف نفسه I am an Arabic والصحيح ان يقول I am an Arab لأن Arabic تعني اللغة العربية. اليوم تستخدم Arab لتعني في اللغة الانكليزية الاسم والصفة معا. هناك شبه اختفاء تام لإستخدام الصفة Arabian ربما بسبب توسع الاستخدام الاميركي للغة الانكليزية لذلك تجد Arab Culture تعني الحضارة العربية. بينما استخدام الصفة الصحيحة في Arabian Nights (ليال عربية) تعني جوا ساحرا لا تجده في استخدام Arab Nights .
في الواقع هناك اشكالية في تعريف (العربي). إذا كان المقصود به من يتحدث باللغة العربية فليس هناك مشكلة اذا وصف مثلا المصري نفسه بأنه عربي. لكن اذا كان المقصود به العنصر فهذا خطأ لأن المصريين افارقة تم تعربيهم وفي هذه الحال يجب ان يصف نفسه بأنه (مصري) وهذا مفهوم تاريخي جغرافي معروف. ما ينطبق على المصري ينطبق على الليبي والتونسي والجزائري او المغربي الذين يمكن ان يوصفوا بالشمال افريقيين او المغاربيين. هنا سيحتج وينفعل العروبيون لأن هذا يقوض مفهموهم للعروبة والقومية العربية وهذا يدل ضعفهم حالهم في هذا حال المؤمنين عندما يتعرض دينهم للنقد او النقاش او الشيوعيين عندما تذكر فشل الانظمة الشيوعية ولاعملية العقيدة الشيوعية. القضية تعتمد على تعريف (العربي) اولا وعلى اختياره لهذه الهوية ولن يضر ابدا هوية ثانية تعتمد على التأريخ والجغرافية ومن حقه المعني بالأمر ان يختار هذه كهوية اولى إذ لا معنى من فرض هوية عليه لا يرغب ولا يرغب ان يتعرف بها.
من الاخطاء الشائعة في اللغة الانكليزية هو استخدام The Middle East (الشرق الاوسط) وترجمته العربية لوصف الصراع بين العرب والاسرائيليين. الشرق الاوسط يضم دولا مثل العراق وتركيا وايران والباكستان ولايضم فلسطين او سوريا ولبنان. هذه الدول تقع جغرافيا ضمن منطقة الشرق الادنى The Near East وهو الاسم الذي تستخدمه الجامعات الغربية لوصف اقسام دراساتها لهذه المنطقة. الاستخدام الخاطئ لمصطلح (الشرق الاوسط) جاء بسبب استخدام الصحفيين الاميركيين له بعد حرب حزيران ويعود لضعف الاميركيين العام في الجغرافية. هناك ايضا مفهوم جغرافي آخر قلّ استعماله وهو الشرق الاقصى The Far East والذي يعني الدول الآسيوية مثل فيتنام والصين.
هناك تركيبة بين صفتي العرب والاسلام في وصف الحضارة الرائعة التي بُنيت تحت الدولة الاموية والعباسية ودولة الاندلس بـ (الحضارة العربية ـ الاسلامية). هذه التركيبة تتعرض للاختزال من قبل الاسلامويين عندما يصفوها بـ (الاسلامية) فقط ومن قبل العروبيين عندما يصفوها بـ (العربية) فقط، كلٌ منهما لاسباب ايديولوجية واضحة. في الواقع ليس هناك توصيف دقيق لهده الحضارة. العلماء المسلمون من بلاد فارس والدول التركي ـ آسيوية والهند وافغانستان ومصر والامازيغ كان لهم الدور الاكبر في تطوير هذه الحضارة التي كانت لغتها بلا منازع (العربية) لكنهم لم يكونوا بعرب وإن تعرّبوا. وللانصاف لم يكن هناك تحت تلك الحضارة مفهوم قومي بل كان المفهوم الديني هو الغالب. من ناحية اخرى لم يكن كل هؤلاء العلماء من المسلمين بل كانوا ايضا من المسيحيين واليهود والصابئة ولكل منهم لغته السريانية او الآرامية او العبرية او المندائية.
هناك ايضا امرٌ طالما وجدته صعب القبول وهو ان الحضارات البابلية والسومرية والأشورية انقرضت واختفت مع سكانها من الوجود وعندها جاءت الهجرات العربية لتستوطن ارضها. هذا الاسلوب الايديولوجي في تقديم التأريخ لا يختلف عن الدعاية الصهيونية التي تقول انها اسست دولة اسرائيل على ارض خالية من السكان. اليوم يعرف العالم ان هذه اكذوبة. فلسطين لم تكن خالية من السكان بل اطلق الرومان على سكانها الكنعانيين اسم الفلسطينيين الذين تعرّبوا لاحقا. حضارة وادي الرافدين لم تختفي بل اندمجت بالحضارة الفارسية بعد احتلال قوروش ثم عادت من خلال الحضارة الفارسية لتثري الحضارة العربية ـ الاسلامية. وما حصل لسكان فلسطين حصل لسكان وادي الرافدين.
لطالما حاولت ان اجد تعبيرا دقيقا يصف الحضارة العربية ـ الاسلامية مثل الحضارة الشرقية Oriental Culture لكن في هذا ايحاء الى الرقص الشرقي. لا يمكن ايضا وصفها بالحضارة السامي ـ شرقية لأنها متعددة الاعراق واللغة العربية هي الطاغية في نشر وترجمة العلوم فضلا عن الادب. ربما يبقى تعبير (الحضارة العربية ـ الاسلامية) هو الاقرب للتعبير عنها.