التعليم والنظام السياسي الطائفي/قراءة في المقاربة بين الحرية والعبودية/الثانية


عبد جاسم الساعدي
2020 / 6 / 16 - 02:27     

التعليم والنظام السياسي الطائفي/قراءة في المقاربة بين الحرية والعبودية/الثانية
احتلت التربية مكان الصدارة لدى الرواد الاشتراكيين وتجذرت قضايا البحث والدرس والمقارنة والإبداع فخرجت إلى عالم الإنسان والصراع، لغايات إنسانية وثقافية، وصارت فضاء حرا للحوار والنقد الثقافي والتربوي وتحريات الوعي الإجتماعي فمن خلال التربية نشأت نظريات ومباحث اجتماعية ومدارس نقدية، ولعل الاشتراكيين بتنوع مذاهبهم كانوا الأكثر حضورا وانغمارا في البحث لأنهم وجدوا في التربية مساحة واسعة لكشف التناقضات والصراعات ومحاولات الهيمنة والاستبداد.
لذا وجدنا أن فلاسفة التربية نشاوا من خلال العملية التربوية وعلاقتها بالحرية والمجتمع وآفاق الحياة.
فيمكن القول أنهم كانوا من المدافعين والمنظرين لحقوق الإنسان وكرامته ورفع أشكال الضيم والقهرعنه، وخلق بنية وعي اجتماعي وثقافي ونشر ثقافة المعرفة والتجديد.
ذهب توماس مور في القرن الخامس عشر في كتابه (يوطوبيا ) إلى المطالبة بوجوب تعليم كل شخص رجلا كان أو امرأة الفلاحة لمدة سنتين، يتعلم بعدها حرفة أو مهنة أخرى تناسب قدراته وميوله، وطالب بأن يكون التعليم متاحا للجميع وان يكون الزاميا.
كذلك دعا (جيرارد وينستانلي ) زعيم حركة الحفارين في إنكلترا في كتابه (قانون الحرية) إلى التعليم العام ووجوب التحاق كل الأطفال بالمدارس ليتعلموا قوانين المجتمع والفن واللغات ووفقا لما رآه وينستانلي، أن يدرب المجتمع المتكامل جميع الاطفال على (العمل) والتعليم في وقت واحد، كما يجب أن يصبح العلم أساسا التعليم كما يجب أن تحل المعرفة والتجربة العمليتان على المعتقدات الوهمية.
وذهب ماركس إلى أبعد من ذلك، حينما وجد بأن الفلاسفة المتقدمين عليه اشتراكيبن وغير اشتراكيبن، بأنهم قامنوا بتفسير العالم فقط ولكنهم اغفلوا المهمة الحقيقية وهي تغيير العالم، هذا هو جوهر التربية الاشتراكية وطور(لينين) مفهوم التربية والتعليم لدى(توماس مور) و(وينستانلي) حينما رأى استحالة تخيل المثل الأعلى لمجتمع المستقيل من دون الربط بين التربية وبين العمل المننج.
فوضع لينين بذور مبدأ، (التربية البوليتكنيكية ) التي تمت بلورته في المؤتمر الأول للتربية البوليتكنيكية لعموم روسيا المنعقد في 5 آب 1931 .
ووفقا لما أتفق عليه في هذآ المؤتمر، أصبحت التربية البوليتكنيكية تعني تربية منتظمة عن القوى الإنتاجية الأساسية للمجتمع الصناعى كالطاقة الكهربائية وإنتاج آليات العمل والإنتاج الكيميائي والزراعي.
أصبحت معاهد وجامعات البوليتكنيكية لدى الدول الاوربية الصناعية بخاصة بعد الحرب العالمية الثانية فضاء حرا للتدريب والمهارات واستيعاب طاقات الشباب والأيدي العاملة بوصفها قوة مدربة ومعدة للعمل كما عملت به ألمانيا وانكلترا وفرنسا.
وحققت هذه البلدان تقدما صناعيا كبيرا بفضل برامج معاهد التدريب، وأعدت الشباب للعمل في بلدانها وبلدان العالم.
لذا يبدو من الضروري الاستفادة من تلك التجربة الرائدة لمعالجة أزمات البطالة وتسكع الشباب من جهة وتفعيل الحياة الإقتصادية والصناعية.
ولقد كانت لي تجربة غنية في الثمانينيات وما بعدها أن أتعرف على عمق التجربة الإنسانية والاقتصادية في لندن وأعجبت إيما إعجاب بتلك التجربة التي أنقذت بعض البلدان الاوربية من جراء المضاعفات الجسيمة للحرب العالمية الثانية وصارت تعد جموعا من الشباب بحرية لاستيعاب طاقاتهم، بل صارت من أهم مصادر الدخل على مستوى بريطانيا وفرنسا وألمانيا.