تسليم كوشيب للجنائية خطوة نحو العدالة والسلام


تاج السر عثمان
2020 / 6 / 13 - 00:52     

جاء تسليم علي كوشيب للمحكمة الجنائية الدولية ليمثل خطوة مهمة نحو العدالة والسلام، بعد 13 عاما من مذكرة توقيفه في 27 /4/ 2007، باعتباره الرابع في قائمة المطلوبين بعد الرئيس البشير وعبد الرحيم محمد حسين ووير الدفاع ، وأحمد هارون وزير الداخلية، المتهم بارتكاب جرائم ابادة جماعية وحرب وضد الانسانية من قتل للسكان المدنيين والاغتصاب وتدمير ونهب الممتلكات. الخ، مما يفتح الطريق لتسليم الآخرين الذين تلكأت حكومة الفترة الانتقالية في تسليمهم للجنائية ضمن البطء في تنفيذ مهام الثورة في محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية، وتفكيك التمكين، وتحقيق السلام والأمن، واستعادة الممتلكات والأموال المنهوبة، والقصاص لشهداء مجزرة فض الاعتصام ومتابعة المفقودين، وتكوين المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين وتكوين المفوضيات، وارجاع المفصولين المدنيين والعسكريين، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وقانون الأمن 2010 ، وقانون النقابات 2010 ( قانون المنشأة)، وعدم إعادة هيكلة الأمن والشرطة، وحل كل المليشيات الإسلاموية والدعم السريع في إطار الترتيبات الأمنية لتكوين قوات نظامية مهنية قومية، وإعادة كل شركات الجيش والأمن والدعم السريع للمالية، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تمّ التوافق عليها من مكونات قوى الثورة، والتي يجب تصعيد النضال الجماهيري لتحقيق الأهداف، كما هو مقرر في موكب 30 يونيو وغيره من النشاط الجماهيري المتعدد الأشكال.
ما حدث في دارفور من جرائم يتحمل مسؤوليته نظام الإنقاذ الذي تجاهل الحل السلمي الذي تمّ التوصل اليه في مؤتمرات صلح سابقة وآخرها في ملتقي الفاشر فبراير 2003 ، بعد انفجار الأحداث، الذي توصل الي توصيات وقرارات في مجملها سليمة، وكان مدخل الملتقي صحيحا في حل المشكلة سلميا عن طريق التفاوض ، ولكن حكومة الانقاذ سارت في طريق الحل العسكري والقمع وحرق القري، والاغتصاب، وتدمير ونهب الممتلكات والابادة الجماعية، مما أدي الي تفاقم الوضع المأساوي، وحدث التدخل الدولي الذي تتحمل الحكومة مسئوليته، وكان الضحايا حسب احصاءات الأمم المتحدة 300 ألف قتيل، 2 ألف قرية محروقة، و2 مليون نارزح (لكن احصائيات حديث تقدر الضحايا بأكثر من 500 ألف ، وحرق أكثر من 10 ألف قرية، والنازحين أكثر من 2,5 مليون، باعتبار أن الجرائم ما زالت مستمرة) ، وكانت الحصيلة ابادة جماعية وجرائم حرب وضد الانسانية وانتهاكات لحقوق الانسان ، استوجب المساءلة حسب ميثاق الأمم المتحدة وقرار المحكمة الجنائية بتسليم المتهمين.
جرائم دارفور لا تنفصل عن جرائم نظام الإنقاذ منذ انقلاب 30 يونيو المشؤوم الذي دبرته الجبهة الإسلامية بقيادة د. الترابي، وكان كارثة بحق حلت بالبلاد وشعب السودان، أدي الي :
- تصاعد نيران الحرب في الجنوب وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق، مما أدي لفصل الجنوب.
- صادر الحقوق والحريات الأساسية ، وشرّد حوالي 400 ألف من الخدمة المدنية والنظامية ، واعتقال وتعذيب الالاف.
- اتخاذ سياسة التحرير الاقتصادي ورفع الدعم عن السلع الأساسية ، والتعليم والصحة، والخصخصة وتشريد العاملين ، مما أدي لافقار 95 % من شعب السودان، ونهب ممتلكات الدولة : سكة حديد ، نقل نهري ، خطوط جوية وبحرية ، ومؤسسات وشركات رابحة، وتم بيعها بأثمان بخسة لمحاسيب الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية.
- تمت مصادرة حرية الأحزاب والعمل النقابي ، وتزوير الانتخابات العامة والنقابية ، وتكوين تنظيمات فوقية علي حساب الدولة
- التفريط في سيادة البلاد بربط البلاد بمحور حرب اليمن وقوات الآفريكوم، والتفريط في " ا حلايب – شلاتين – الفشقة".
- ارتكب النظام مجازر وجرائم ضد الانسانية مثل : اعدام مجدي وجرجس بسبب حيازتهم دولارات !!، ومجزرة شهداء 28 رمضان ، ومجزرة العيلفون، والمجازر ضد الطلاب، واستهداف طلاب دارفور..الخ ، ومجزرة شهداء أبناء البجا وكجبار، وشهداء الهبات الجماهيرية ضد النظام ،مثل :مجزرة شهداء هبة سبتمبر 2013 ، ومجازر شهداء ثورة ديسمبر 2018 . الخ.
- وجد الانقلاب مقاومة كبيرة بدأت باضراب الأطباء في ديسمبر 1989 ، واضرابات العمال وانتفاضات الطلاب والمدن ، والحركات المسلحة ، ومقاومة المزارعين ومتضرري نهب الأراضي والسدود، وتأجير الموانئ ، كما حدث في الميناء الجنوبي لبورتسودان ، وتأجير ميناء سواكن ، ، وهبة سبتمبر 2013 التي هزت أركان النظام ، ويناير 2018 ، حتي تم تتويج ذلك التراكم بثورة ديسمبر 2018 ، وما تبعها من اعتصام القيادة العامة ومجزرة فض الاعتصام، والتوقيع علي الوثيقة الدستورية المعيبة التي كرّست السلطة في يد المكون العسكري، وأدت للبطء في تنفيذ أهداف الثورة وتحقيق السلام،
وأخير ، يستوجب تحقيق السلام تجاوز منبر السلام بجوبا الذي يقوم علي المسارات والمحاصصات، والحلول الجزئية، التي تعيد إنتاج الأزمة والحرب كما أكدت التجربة السابقة ، والعمل تحقيق السلام العادل والشامل الذي يقوم علي الحوار بين الثورار و يخاطب جذور المشكلة ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، لضمان تحقيق العدالة، والمحاسبة التي من شروط تحقيق السلام، ومشاركة جميع الحركات، والنازحين وأصحاب المصلحة، والقوى السياسية والمنظمات المدنية، ، ووقف الحرب ، وجمع السلاح وحل المليشيات وفق الترتيبات الأمنية ، وعودة النازحين لقرارهم وتعويضهم ، وتعمير مناطقهم وتوفير خدمات التعليم والصحة والبيطرة، والمياه والكهرباء، وتحقيق التنمية المتوازنة في الاقليم، والتعويض العادل للمتضررين، وعودة المستوطنين لبلدانهم.