الإتجاه الماركسي المعاصر


فؤاد النمري
2020 / 6 / 10 - 20:20     

المآثر العظمى لا يقوم بها غير الشيوعيين العمالقة (Giants)حسب ونستون تشيرتشل .
إنتظم مؤخراً نفر من الشيوعيين العراقيين في منظمة أطلقوا عليها اسم "الإتجاه الماركسي المعاصر" وأعلنوا أن هدف منظمتهم هو إستعادة الماركسية بريقها ولا يتم ذلك إلا بالإنخراط في النضال بين صفوف العمال .
أفضال هذا النفر من الشيوعيين العراقيين تتمثل في تذكير الشيوعيين وقد أصابهم الدوار بعد انهيار المعسكر الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفياتي بعبثية العمل السياسي بغير الإسترشاد بمنارة الماركسية . وبناءً عليه سيناضل هؤلاء الشيوعيون في خدمة منارة الماركسية وسطوع أضوائها حتى في المجاهيل البعيدة المظلمة .

أطروحة هؤلاء الرفاق الإستثنائيين الهامة جداً تستدعي بعض الأفكار الهامة جداً أيضاً والتي تشير لبالغ الأسف إلى فشل هؤلاء الشيوعيين الخلّص في تحقيق أي من أهدافهم .

يفوت هؤلاء الرفاق أن الماركسية بمختلف أبوابها وأدراجها إنما هي في نهاية المطاف قراءة التاريخ كما هو بموضوعية لا تشوبها شائبة . منارة الماركسية لا ترشد لغير قراءة التاريخ كما هو بموضوعية تامة وبناءً عليه يمكن القول بأن منارة الماركسية لم تكن يوماً بحاجة إلى تلميع فهي ذات ألق دائم فإما أن يُقرأ التاريخ كما هو بموضوعية تامة أو لا يُقرأ.

يقول الرفاق في منظمة "الإتجاه الماركسي المعاصر" أن الماركسية لا تستعيد ألقها بغير الإنخراط في النضال بين صفوف الطبقة العاملة ؛ وهذا زعم باطل حيث من المؤكد أن إستعداد طبقة البورجوازية الوضيعة لقراءة التاريخ هو كامل متكامل في حين يُفتقد مثل هذا الإستعداد لدى الطبقة العاملة التي لا وقت لديها للقراءة . ولذلك كان آباء الشيوعية ماركس ولينين وستالين من طبقة اليورجوازية الوضيعة وإنجلز من الطبقة الرأسمالية، ولم يبرز أي قائد شيوعي ذي شأن من طبقة البروليتاريا . صحيح أنه لدى البروليتاريا نوازع لقراءة التاريخ بموضوعية تامة في حين تنزع البورجوازية الوضيعة إلى الإنحراف الأمر الذي زاد من وعورة طريق البروليتاريا نحو الشيوعية .
ثم إن الماركسية نظرية علمية والعلم ينتمي إلى الطبيعة ولا ينتمي إلى أي طبقة إجتماعية بعينها كما جرى القول بأن الماركسية هي نظرية الطبقة العاملة . فأن تقول الماركسية أن طبقة العمال هي آخر طبقة تتواجد في المجتمعات البشرية فذلك لا يعني أن النظرية الماركسية تخص طبقة العمال دون غيرها .
كارل ماركس لم يشتغل في الصناعة مع العمال ليبدع نظريته العامة في التطور الإجتماعي ؛ بل لو استمر يدرس الحقوق في جامعة بون كما رغب والده لما ابتدع النظرية التي تحكم حياة الإنسان، لكنه انتقل إلى برلين ليدرس الفلسفة في كلية هيجل . في كلية هيجل عارض ديالكتيك هيجل المثالي واكتشف الديالكتيك المادي الذي هو أصل الطبيعة وقانونها العام إذ يحكم كل أشيائها ومنها المجتمعات البشرية .

الرفاق الشيوعيون الخلّص في منظمة الإتجاه الماركسي المعاصر أخذوا على عاتقهم الإندماج في صفوف طبقة العمال في العراق لأجل استعادة الماركسية بريقها الأخاذ غير أن الوقائع تعاكس قرارهم هذا فلولا أن بريق الماركسية خطف أبصارهم لما اتخذوا مثل هذا القرار . وبافتراض أن هذا القرار صحيح فالماركسية هي مرشد البروليتاريا وليس عمال الصناعات التعدينية والاستخراجية الذين في الغالب يتناولون أجوراً قيمتها أعلى من القيمة التبادلية لقوى العمل المبذولة ولا ينتجون فضل القيمة مثل البروليتاريا الذي هو مثار صراع العمال ضد الرأسماليين . الإقتصاد في العراق هو اقتصاد ريعي والإقتصاد الرأسمالي لا يكاد يّلمح فيه ؛ ومجمل عمال العراق ليسوا من البروليتاريا ولا يسترشدون ببريق الماركسية .

نحن البلاشفة الجدد نختلف مع هؤلاء الجماعة في أمرين كبيرين ومفصليين وهما أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي أولاً ثم طبيعة النظام الدولي القائم حالياً من بعد . أي من هذين الأمرين هو حد فاصل بين من هو ماركسي ومن هو غير ماركسي، بين الشيوعي من غير الشيوعي .
برنامجنا نحن البلاشفة الجدد يقثصر على التفصيل في هذين الأمرين اللذين فتتا الجبهة الشيوعية العالمية إلى ألف سرية وعصابة . الوصول إلى حقيقة هذين الأمرين من شأنه أن يعيد اللحمة لجبهة الشيوعية موحدة وعالمية . ولذلك ندعو جميع الراغبين في أن يكونوا ماركسيين شيوعيين لأن ينكبوا على مناقشة كل من هاتين المسألتين بكل إخلاص وموضوعية حتى الوصول إلى حقيقة أمرهما حيث بعدئذ يزهر ربيع الشيوعية .