الشعب الليبو و مصالح القوى الخارجية


كوسلا ابشن
2020 / 6 / 1 - 22:47     

الحرب المفروضة على الشعب الليبو لسنوات عدة بعد إسقاط الزمرة الشوفينية الفاشيستية لأل قدافي لم تنتهي أوزارها بعد وخصوصا بعد ظهور المطالبين بإرث النظام السابق من راسمي خريطة الشوفينية والاستبداد وعلى رأسهم حفتر, مجرم حرب سابق (حرب التشاد) وأحد صانعي الجرائم الحالية, وفي الجهة المقابلة الجماعة الظلامية الارهابية و الجبهة السراجية الشوفينية و اللاوطنية و اللاديمقراطية, و بين هذا و ذاك, تنشط المنظمات الجريمة المنظمة التي تحارب في هذا الخندق أو ذاك.
الإبادة الجماعية والجرائم المنظمة اللتين يتعرض لهما الشعب الليبو على يد المنظمات الجريمة المنظمة و الجماعات الفاشستية الارهابية و على رأسها الميليشيات الارهابية النازية التي يقوده حفتر وريث الدكتاتورية ال قدافي في دربه الوحشي الارهابي الدموي.
تهيكلت هذه الميليشيات والمنظمات والجماعات على أساس قبلي وعشائري أو عقائدي أو الجرائمي لها قوانينها الخاصة و لغة التفاهم الواحدة وتحدد كل منها من هم الاعداء و من هم الاصدقاء, وعيها الجمعي القبلي والعشائري او العقائدي أو الجرائمي يجعلها أكثر تزمتا و أكثرإنسجاما و أكثر إيمانا بأهدافها وأشد بطشا و بربرية على أعدائها و خصوصا ضد القوميات الغير المعربة و كذا الابرياء المحايدين من لا يملك لا قوة له ولا حوله له.
الوعي والايمانية بالضرورة لتحقيق أهدافها في الحروب الغير العادلة و اللامشروعة, سواء الحرب من أجل الغنيمة أو للدفاع عن الوجود, (هذا ما يتمظهر في الحرب على طرابلس بين الدفاع والهجوم), تتكون لدى هاته الميليشيات والجماعات الفاشستية الشوفينية والارهابية قابلية الخيانة والتبعية للقوى الاستعمارية ( العثمانية الجديدة) والقوى الامبريالية العالمية.
إستغلت القوى الشوفينية الارهابية لظروف الحرب لشن حملات الترهيب الشوفيني وآلإبادة الجماعية للقوميات الغير المعربة, كما كانت حصة المنظمات الجريمة المنظمة التابعة لهذه الجهة أو تلك دورها في المتاجرة بالبشر سواء من خلال عمليات الهجرة السرية نحو أوروبا أو ما هو أخطر من هذا بتنظيمها لأسواق النخاسة, بيع فقراء افارقة جنوب الصحراء واستغلالهم أبشع أنواع الاستغلال العبودي, فأصبحت بلاد الليبو أرض خصبة لممارسة كل أشكال الجرائم اللاشرعية واللاإنسانية التي يتعرض لها الشعب الليبو وكذا المهاجرين من جنوب الصحراء من طرف هذه الجماعات الشوفينية والارهابية والاجرامية, وخصوصا بعد التدخل الاجنبي وإستعانة قوى الحرب الدموية بالمرتزقة الاجانب ( السودانيين والتشاديين وسوريين وروسيين...) المتخصصين في القتل الوحشي والتخريب وإهانة كرامة الانسان.
الثروات الباطنية التي حرم منها الشعب الليبو طيلة سيطرة النظام الدموي الفاشي الشوفيني لأل قدافي, أصبحت اليوم سبب آبادتها الجماعية وبؤسها اليومي بين نيران البنادق والصواريخ والقنابل المنهمرة على رؤوس الابرياء والمدمرة لما تبقى من أسوء بنية تحتية تركها النظام النازي السابق, هذه الحرب الغير العادلة التي فرضتها الميليشيات و الجماعات الفاشستية و الارهابية والتكتلات الجريمة المنظمة خدمة للاجندة الخارجية, ونيابة عن القوى الاستعمارية والامبريالية التي تمول حاليا أمراء الحرب بالسلاح والاموال والدعم السياسي والدبلوماسي بهدف استمرارية الحرب والتواجد العسكري في ليبيا, مثل التواجد ( التركي والروسي والفرنسي) أو التواجد الخليجيين نيابة عن أسيادهم, زيادة عن المرتزقة السودانيين والسوريين و التشاديين والروس المقاتلين بجانب ميليشيات حفتر, كما تهدف الحرب بالدرجة الاولى فرض أجندة هذه القوى الاجنبية أو تلك في عملية تقاسم الكعكة الليبية, وهذا ما يطيل زمن الحرب, فالصراع الامبريالي على ثروات ليبيا, يمنع الوصول الى حل ملموس لقضية ليبيا, فلا الامم المتحدة قادرة على ذلك في معزل عن القوى الامبريالية ذات المصالح في ليبيا ولا التجمعات الدولية والاتفاقيات المبرمة (صخيرات 2015, باريس 2018, مؤتمر باليرمو في نفس السنة, ابو ظبي 2019 و برلين 2020 ), كل هذه الاتفاقيات لم تكن قادرة عن وقف القتال بين بيادق الانظمة الاستعمارية, فالحل لا يتم الا بإتفاقيات المصالح بين القوى الامبريالية المتصارعة على ثروات ليبيا أو بحرب شعبية بقيادة محلية " وطنية". قد يكون التاريخ أعاد نفسه في عملية تقسيم مناطق النفوذ في منطقة شمال افريقيا, الحدث يتكرر حاليا كما عرفته ليبيا في القرن 19 (1805) بالتدخل الامريكي المسلح بليبيا تحت مبرر محاربة القراصنة الا أن كنهه الحقيقي هو الحصول على وضع مميز لمزاحمة المستغلين (كسر الغين) الاوروبيين بالاستلاء على ليبيا, وفي نفس السنة تكررت العملية مع المروك وتانيس وفرضت عليهما إتفاقيات مماثلة. بعد قرن من ذلك (1905) حدث نزاع استعماري على تقسيم المرك, والذي قال عنه لينين في مجموعته " أهم الأزمات في السياسة العالمية": "سنة 1911 المانيا على قيد شعرة من الحرب ضد فرنسا وبريطانيا ينهبون يتقاسمون المروك" لينين, المؤلفات الكاملة. ها هو التاريخ يعيد نفسه في الحرب التي اشعلتها القوى الامبريالية بأيدي الجماعات والميليشيات الشوفينية والارهابية و الاجرامية التي ربطت مصالحها بالمصالح الامبريالية والتبعية لهذ الاخيرة التي أشعلت الحرب و ما زالت تأجيجها, وهو الفعل الذي أعلنت عنه الادارة الامريكية مؤخرا لزيادة حدة التوتر تعبيرا عن إرادتها بالتدخل المباشر في ليبيا بعدما كانت سياستها الليبية مقتصرة على الإعتماد على عملائها الخليجيين بالخصوص, التدخل المباشر في ساحة القتال يعني تسوية الحسابات بالمساومات على الارض للتوصل للتوافق المصلحي في تقسيم الكعكة الليبية, اما السلام للشعب الليبو فهو آخر ما يمكن ان تفكر فيه.
الشعب الليبو صاحب الارض والخيرات والثروات, يتعرض يوميا لمأساة و ويلات الحرب التي تنفذها القوى العروبية الشوفينية الارهابية الاجرامية وفق الإملائات والاهداف السياسية للانظمة الامبريالية المتورطة في الحرب الدموية ضد الشعب التواق للاستقلال والسلام والحرية والدمقراطية والمساواة, وهو الشعب الذي يؤدي ثمن حرب المصالح الاجنبية, وعليه ان يعي حقيقة الحرب واللعبة القذرة للامبريالية و المتواطئين معها من الشوفينيين والارهابيين "المحليين", وفضح جرائمهم الدموية و مناهضة مصلحهم وأهدافهم الاستراتيجية, وذلك بتوحيد صفوف مكونات الشعب الليبو على أسس الإعتراف المتبادل دون إقصاء وتهميش و تمييز لإحدى مكونات الشعب وإحلال فعل التحالف الجمعي الليبي "الوطني" محل الفعل التناقضي والتمييزي, وتوجيه التحالف بقيادة القوى الحية " الوطنية" الحقيقية بمشروع التصدي و المواجهة للمشروع الامبريالي وبيادقه الدخلاء على المجتمع الليبو من جماعة الشوفين والارهاب المتعطشين لسفك الدماء و نشر الخراب وإثارة النزعات كلما سنحت لهم الفرصة لذلك بدعم خارجي أو من دونه وبيع البلد بتقسيمه بين بين العثمانيين الجدد والامركان والاوروبيين الاستعمار القديم - الجديد في شكله الامبريالي.