هل تكون أمريكا بوابة الثورة العالمية ؟


محمد نجيب وهيبي
2020 / 6 / 1 - 16:02     

لماذا نهتم بمظاهرات شعبية في امريكا ؟ ولماذا نهتم بانتفاضة السترات الصفراء في فرنسا ؟ مثلا و لماذا نخشى من تنامي قوى اليمين والشعبوية في أوروبا وإيطاليا أكثر من خشيتنا من تناميها في مصر أو تونس مثلا ، بل لماذا يجب أن نهتم بكل حراك شعبي ونساند ونبارك نهوض الجماهير هناك في الغرب "المتقدم " ضد النظام بنفس الحماسة - ربما أكثر- التي نننخرط بها في حراك شعوبنا الثوري ؟؟
في أمريكا مثلا حيث الاقتصاد الرأسمالي الأكثر تقدما في العالم و حيث تتراكم الثروات بشكل مهول وانجزت الشعوب مراحل متقدمة في تطوير الأنظمة السياسية البرجوازية الديمقراطية ، تتكشف بشكل واضح وصريح كل أكاذيب المنظومة القائمة حول الرفاه والرخاء العام عبر الحفاظ على نظم التملك والإنتاج والحالية وتظهر بشكل جلي فشل كل النظريات الرأسمالية حول السوق الحر ، في امريكا عندما تنهض الجماهير ثائرة يكون نهوضها حادا وحاسما في مواجهة قاسية من أجل تغيير حقيقي لان التناقضات تكون قد بلغت حدًّا فاصلا حيث نضجت او تكاد أغلب شروط الصراع الطبقي وتجلت تناقضاته التي لم يعد بالإمكان تمويهها وإخفاؤها ببعض الإصلاحات السياسية أو "مسارات" تعزيز الديمقراطية البرجوازية و تطويرها .
القضية في مينيابوليس تتعدى و - تعدّت- الصراع او التحديدات الحقوقي حول العنصرية تجاه ذوي البشرة المختلفة ، بل وتجاوزت أوضاع العنف المنظم أو الفردي من قبل جهاز الشرطة أو عناصره حد القتل العمد وبدم بارد أمام الكاميرا "لجورج فلويد" ، ليظهر من تحت رمادها حنق وغضب طبقي واسع و حاد ضد منظومة الميز الطبقي التي تحرم الغالبية العظمى من سكان الدولة ذات الاقتصاد الأقوى من حقهم في تملك الرخاء الذي يحتاجونه وينتجونه ضمن أطر "الحلم الامريكي" ، و تنشر بينهم فقرا وبطالة مروعة خارج الصورة البراقة للرخاء الرأسمالي الزائف .
في أمريكا حيث تتحدد بشكل كبير سياسات الحرب والسلم العالمية جنبا إلى جنب مع التقسيم العالمي للعمل وتوزيع الثروة ، سيكون كل حراك ثوري حقيقي مزلزلا لكل العلاقات الاقتصادية والسياسية في العالم و دافعا قويا لحراك ثوري عالمي ، عندما تكف آلة الدولة التوسعية الأمريكية عن إقحام أنفها في حياة بقية الشعوب وتستكين لسلم إنساني ولو مؤقت تحت ضربات ثوارها سترتبك اغلب أجهزة الآلة البرجوازية العالمية و تجد مختلف الشعوب والطبقات المضطهدة .