كيف نبني شبكاتنا الاجتماعية


عادل احمد
2020 / 6 / 1 - 01:30     

ان وجود شبكات التضامن الاجتماعي في محلات السكن او في مكان العمل لها فوائد ضرورية وملحة في يومنا هذا، وخاصة في هذه الأيام والتي تميزت بانتشار فايروس كورونا ويرافقه انتشار البطالة والفقر والجوع في كل مكان في العراق. حيث لا يوجد لدى عصابات الأسلام السياسي المتسلطة أي اهتمام بحياة ومعيشة الجماهير المحرومة، ديدنهم السلب والنهب ونشر الفقر والبطالة وأحتكار خيرات المجتمع وثراوته لصالحهم وصالح تقوية وأدامة سلطاتهم ليخلفوا ماسي وأوجاع لاحصر لها للجماهير الكادحة. ومن منطلق هذه الأوضاع المأساوية لابد ان تقوم الجماهير بالدفاع عن حياتهم عن طريق تقوية الأواصر الإنسانية بينهم وان يتضامنوا ويساعدوا بعضهم البعض في مجابهة سواء فايروس كورونا او فايروس الجوع والفقر والبطالة. وقد صار من البديهي أن نعرف بأن تلك العصابات مهما تجدد أو تغير من شكل حكوماتها تبقي على جوهر واساس تواجدها والذي يحاول أن يركع الجماهير ويرضخها لهذا الواقع سواء بالقتل أو بالأعتقال أو بنشر الأكاذيب.
أصبح علينا التفكير بجدية لحالنا ومعيشتنا وحياتنا ومصيرنا، بانفسنا وكيفية معالجتها بطريقتنا.. نحن فقط بانفسنا سنتمكن من تغيير اوضاعنا ومعيشتنا نحو الأفضل وذلك عن طريق تضامننا ووحدتنا. ان بناء شبكات التضامن الاجتماعي هو الخطوة الأولى نحو هذا الاتجاه.. نحاول ان نبين الصورة المبسطة لهذه الشبكات وكيفية عملها وأهدافها المباشرة لكي يكون لدينا صورة اكثر وضوحا لأهمية وجود هذه الشبكات للدفاع عن حياتنا..
ان ساكني الأحياء والمناطق وخاصة ما يعرف بالاحياء أو المناطق الشعبية تتوفر فيها العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، وتكون اكثر تماسكا وتربطهم علاقات أنسانية ويشتركون في تقاليد أجتماعية معينة بعيدا عن تأثيرات السلطة مهم ما تبثه من رعب أو أكاذيب، وهذا الترابط الأنساني بينهم عادة مايشكل نمط حياتهم ومعيشتهم حيث أن نسبة كبيرة من ساكني هذه المناطق والتي تسمى بالمناطق الشعبية هم من العمال والكسبة وتحديدا من ذوي الدخل المحدود. والذي عادة مايكونوا هم الحلقة الأضعف أوقات الأزمات أو المصائب حيث تلقي بتبعاتها على حياتهم وحياة عائلاتهم. ان علاقات الأحياء الشعبية عادة ما تتسم بالتعاون والتضامن بين ساكنيها في حالات المحن والفرح ويحتاجون بعضهم لبعض. أي ان العلاقات والتعاون الاجتماعي هي موجودة أصلا بين الناس ومتجذرة في تقاليدهم ونمط حياتهم. من هنا يأتي تشكيل شبكة التضامن الأجتماعي في الحي أو المنطقة السكنية كي تعطي شكلا تنظيميا واضحا لهذه العلاقات ويحولها الى قوة في مواجهة الضروف والأوضاع المأساوية.. ان تأسيس وتشكيل شبكات التضامن الاجتماعي المنظمة هي خطوة في هذا الاتجاه. في هذه الشبكات نسعى ان نحول روابطنا الاجتماعية الى مؤسسة في مواجهة أي طارئ. ومحاولة مساعدة الحلقات الأضعف في المجتمع كي لاتقع فريسة سهلة بين أنياب الجوع والحرمان.
كما وبإمكان فعالي هذه الشبكات الاجتماعية مساعدة الأحياء الأخرى ونقل تجاربهم اليها وأحيانا القيام بالعمل التعاوني فيما بينهم لإنجاز أعمالهم. وعن طريق هذه الشبكات بالإمكان التواصل مع الفعالين في الحركة العمالية في المعامل والمصانع، وربط العمال اكثر بهذه الشبكات يعني إيجاد شبكات عمالية قوية في أماكن العمل. ان هذه الشبكات هي شبكات اجتماعية غير مسيسة أي لا تقوم بمقام الأحزاب أو المنظمات، وانما بإمكان أي فرد من ساكني المنطقة الأنخراط فيها بعيدا عن انتمائاته السياسي أو الفكري، أي يمكنهم الانخراط فيها والعمل فيها من اجل تقوية التضامن الاجتماعي والدفاع عن كرامتهم ومعيشتهم وأنسانيتهم. عندما تمتلك الجماهير الإرادة والعزم لتغير أوضاعها بنفسها سيكون بإمكانها فرض أكثرية المطاليب على السلطات، وهذا بدوره متوقف على نوع شبكات التضامن الاجتماعي ونوع العمل ونوع الأفق السائد على هذه الشبكات.. عندما يكون أفق التضامن الإنساني سائدا سيكون اكثر نجاحا في فرض مطاليبها وسيقوي صفوفها والتي بدورها ستكون أكثر أستقلالا عن صفوف السلطات. بتطور هذه الشبكات الإرادة الجماهيرية ستقوى وسلطة الجماهير ستكون قريبة اكثر الى مصالحها..
في بداية الأمر كل ما نحتاجه ان يقوم الفعالين بتشكيل شبكاتهم على مواقع التواصل الأجتماعي لتكون منبرهم الأعلامي في التحشيد والدعاية من أجل تجميع ساكني المنطقة، ومن ثم تحويل هذا التجمع الى العمل الواقعي مثل جمع التبرعات لشراء المواد الغذائية وتوزيعها على العوائل الفقراء، بعدعا نشكيل فرق للأهتمام بمنطقتهم من تنظيف الشوارع والحدائق العامة وغيرها. ويجب ان نعيد ونذكر هنا بان هذه الشبكات ليس منظمات خيرية ولاتقوم مهامها على أساس المنظمات الخيرية، وانما هي شبكات من اجل تنظيم الجماهير في محلات سكناهم، كي تكون نواتهم الأولى في أستعادة أرادتهم من أجل تغيير حياتهم نحو الأفضل. وهذا سيؤدي الى تنامي الوعي الجماهيري اكثر وستشعر الجماهير في أولى خطوتها بقوتها وإمكانية طاقاتها اللامتناهية… وهذا ما نحتاجه اليوم في مواجهة الظروف الغير إنسانية التي خلقها الاحتلال وما أسسه من سلطات بمسمى العملية السياسية. والتي حاولت وتحاول جاهدة منذ تشكيلها الى هذا اليوم أن تشل الأرادة الأنسانية للجماهير وتضعفها. بتجويع الجماهير وزجهم في طوابير الأنتضار للحصول على لقمة عيشهم عن طريق الأحسان والصدقة وليس الأستحقاق. فمن المفترض أن تكون المعادلة معكوسة أي أن الجماهير هي من تعطي الحكومات وجودها واستمرارها..