حقيقة ماوراء مقتل جورج فلويد


عماد علي
2020 / 5 / 29 - 22:01     

لا نبالغ ان قلنا اننا نرى يوميا ما تقترفه الايادي الغاشمة من الجرائم ضد الانسان في كل بقع العالم و بدوافع مختلفة و لكل منها اغراض و اهداف سواء شخصية كانت مصلحية ام سياسية او اخطرها و هي فكرية عقيدية مبدئية تفرض نفسها على حامليها ان يتصرفوا وفق ما تمليه عليهم هذه الافكار و الفلسفات التي هي وليدة الانسان نفسه و منها ما فيه من الشرور النابعة من الانفس الشريرة التي تربت في واقع شرير.
هنا لا نريد ان ندخل في فلسفة الحياة و ما فيها و كيف اثرت كل تلك المباديء و القيم التي تعتبر حجر اساس للفلسفات المتعددة التي برزت بعد ان بدا الانسان بالتفكير و سار على خطا ما تنيرها به افكاره الطريق التي يسلكها، اي تعددت التوجهات و الطرق و الهدف دائما تحقيق ما يهم الانسان لدى الخيرين و ان وقعت بعضها عكس المراد و ادت الى الاضرار الكبيرة لحياة االنسان و معيشته. و عليه نرى تسلسل التغييرات الكبيرة في الافكار و الفلسفات و الايديولوجيات كلما افرزت منها السلبيات التي لم تطهر من قبل، و ثم يستمرون في التقدم و يتاملون عند مرورهم بمحطات كبيرة او حدوث قفزات معتبرة في ما هو دوافعهم و ما تمضن افكارهم و ما يسيرون عليه، الى ان وصلنا الى المرحلة التي تعد متنقلة فكريا و فلسفيا قبل ان ان تكون ما يمكن ان نمسيها فوضى كبيرة من عالم المتنقل انسانيا و هي ما نشاهدها في المرحلة الحالية.
شهدنا جميعا الجريمة المدوية في دولة تعتبر نفسها ديمقراطية و محافظة على حقوق الانسان و الحرية العامة و الخاصة, و من يمثلها يقتل بدم بارد مواطن بسيط في بدله امام انظار الحميع وفي وضح النهار, انه الشرطي الامريكي الابيض الحامل لكل تلك الاحقاد المتراكمة من تاريخ بلده من التمييز العنصري منذ تاسيس بلده على اكتاف و الشعب الاصلي و علي حسابه، و الذي ارتكب جريمة لا تُغتفر و بدم بارد و تمثلت هذه الجريمة النكراء بقتل المواطن جورج فلويد و لم يهتم هذا الامركي قلبا و قالبا و فكرا و عقلية و فكرا و تاريخا بما قيل له من قبل المارة بانه القتيل يحتضر من تحت رجله، الى ان توفي و هو يان تحت اقدام هذا المجرم, انها جريمة ليست بحق فلويد فقط و انما بحق الانسانية جمعاء.
انها ليست الجريمة الوحيدة التي تركتب هكذا و في العلن في العالم و انما يمكن ان تحدث مثل هذه في كافة انحاء العالم بل حدثت الكثير منها في تاريخ البشرية و في العصر الحالي في بقاعى كثيرة في العالم و بالاخص في الدول النامية و المتخلفة، و لكن في العصر و القرن الواحد و العشرين و في وقت تسمي هذه البلد انها محافظة على حقوق الانسان و تدعي بانها مكافحة من اجل تحقيق ما يهمها من تلك الشعارات و تعتبر نفسها قائد العالم و حاملة الفكر و الفلسفة (الصائبة) التي يجب ان يعتمدها العالم جميعا مستقبلا، نعم يحدث هذا في بلد العم سام و يمكن ان يقرا كل منا ما وراء هذه الجريمة بتفاصيلها الكثيرة من حيث تاريخ هذا البلد و الحياة العامة لها و السياسة التي تتبعها و النفاق و التناقضات التي تسيطر على السياسة العامة فيها، و لا يمكن ان نبعد ما رسخته الراسمالية بشكل عام و ما تحويه من مقومات الجريمة في تحقيق اهدافها و تجسيد نفسها في المرحلة المتنقلة التي تمر بها.
اما سياسيا، فان امريكا ترتكب الكثير من الجرائم بحق العالم من اجل ضمان مستقبلها فقط بعيدا عن كل الادعاءات التي تعتبرها انسانية و تدعي انها تؤمن بها، انها موجودة في كل بقعة من العالم و تفكر في نفسها فقط و لكن من يدقق في خطواتها عمليا على الارض و من يقتفي خطواتها في كل بقعة من العالم يرى بشكل واضح التناقض في تصرفاتها و سلوكها المعاكس لتلك الشعارات. و حتى و ان لم ترتكب هي بعض تلك الجرائم و هي تقع على ايدي حلفائها فانها تبكم نفسها امام اي جريمة ترتكب في العالم و ان كانت ضد المباديء الاساسية التي تدعي بانها تؤمن بها، ان كانت هناك مصالح مادية ضيقة لها في اتخاذ الموقف السلبي ذلك، و انها تكبر اي موقف تعتبره ضد مصلحتها و ان كان متوافقا مع ما تدعيه من المباديء الرنانة التي تعلنها يوميا و كانها تؤمن بها و تعمل من اجلها، انها تثبت عمليا بانها تعيش في مرحلة متنقلة من كافة الجوانب و هي امام اعتاب النقلة النوعية و يحدث ماهو منتظر و متوقع نتيجة المسيرة الاعتيادية للمراحل الطبيعية لتقدم حياة الانسان, و ما تؤثر هذه التنقلات بشكل مباشر و تلقائي على هذه الدولة قبل غيرها عاجلا كان ام اجلا.
و لابد ان نقول اننا لم نستغرب عن مواقف امريكا ازاء مثل هذه الجرائم في العالم و هي كثيرة، فهل هناك من ينسى ما ارتكب من مثل هذه الجرائم الخطيرة الكبرى ضد الكرد على اىيدي الطغاة و بالاخص الدكتاتورية الصدامية من الانفال و ضربهم بالاسحلة الكيميائية المحرمة دون ان تنبس امريكا ببنت شفة يو كان من مصلحتها عدم النطق بما يحدث، لا بل ساعدت هي نفسها هذه الحكومات الدكتاتورية على امتلاكها لهذه الاسلحة من اجل فرض توازن القوى التي تفيدها هي و من يحالفها في هذه المنطقة و في العالم.
و عليه، ان هذه الجريمة اعادت للجميع الذاكرة المليئة بمثل هذه الجرائم و التي تراكمت عليها الغبار و فضت من اثارها و اثبتت من جديد انها بلد المصلحة الذاتية فقط.