اليسار و المغالطات الكبرى


فوزي النوري
2020 / 5 / 25 - 05:51     

اليسار و المغالطات الكبرىاليسار و المغالطات الكبرى

إنّ العمل السياسي هوّ حقل صراعي بصفة مستمرّة و الثبات من حيث التموقع أو الأداء أو حتّى الأشخاص يجعل من التنظيمات السياسية كيانات طائفية معزولة و متناثرة تفقد العمل السياسي طابعه الموضوعي و جدواه.
لكي نكون أكثر جرأة و وضوحا لقد آن الأوان لهذا الجيل من اليسار أن يؤسّس لنفسه بأدواته و أطروحاته الأكثر عمقا وتشبّعا بالقضايا المطروحة فيما اصطلح على تسميته بالجدل المعاصر تصوّراته في علاقة بالمسائل الايديولوجية و التنظيمية .
إنّ من سبقونا في بناء تصوّرات تتعلّق بالمسألة الايديولوجية أو بالمسألة التنظيمية أصبحوا عاجزين حتّى عن تقديم مقاربات جدّية للظواهر السياسية أو الاجتماعية و ذلك في تقدير عائد لثلاث أسباب رئيسية
- تحنيط الماركسية و التعامل معها كمقولات مستقلّة و منعزلة و اتخاذ مواقف سياسية ثمّ محاولة تأصيلها نظريّا
- عدم الاستفادة من المراجعات الكبرى كتجربة فوكو و هابرماس و فلاسفة ما بعد الحداثة
- التصوّرات الاختزالية التي يكون فيها تماسك البناء النظري هوّ نتيجة حتميّة للسطحيّة و الفكر الأحادي. لكي لا يشبه حديثنا حديثهم و جب التذكير ببعض الأخطاء منها الحديث عن مشروع للاسلام السياسي في حين أنّ للاسلام السياسي دور في مشروع وهو خطأ دفع بتنظيمات اليسار لجعل لاختزال مشروعها في الوقوف على الطرف النقيض للاسلام السياسي و أصبحت تنظيمات بدون خطاب و بدون هويّة سياسية كما أنّ اليسار صنّف الخط الدستوري على أنّه خط حداثي تقدّمي في حين أنّه خط محافظ بامتاز ولم يجد هذا الخطّ صعوبة في التأقلم و التعايش مع الاسلام السياسي (تجربة 2014) و حتّى الخط المعادي للاسلام السياسي فإنّ معركته مع الاسلام السياسي هيّ معركة لوبيات على مركز النفوذ و المال و ليس صراع ايديولوجيات أو مشاريع.
لم يعد لليسار رسالة سياسية حقيقية بمضمون سياسي يستند الى تصوّرات مبنيّة على قراءة موضوعيّة لواقع موضوعي و أصبحت هواجسه هيّ الاستجابة البفلوفية لما ينتجه المزاج العام بغاية كسب المعركة الانتخابية مع العلم أنّه بمجرّد تجميع العناصر الموضوعية و قرائتها يمكن استشراف كلّ هذه الخيبات و الاحبطات و لا يفوتني التذكير بأنّ قادة اليسار أصبحوا ارادويين أكثر من العقائديين أنفسهم .
و الأمثلة على الثغرات و النقائص في مستوى الطرح أو الخطاب أو الممارسة لا تحصى نكتفي بما ذكرنا منها و نكتفي بالتذكير بأنّه لم يعد لليسار مضامين سياسية سوى الانخراط في الدفاع عن المسألة الديمقراطية كسائر المكوّنات الأخرى " و لا علامة تدلّ على وطن من الأوطان"
أقول للمحنّطين من قدماء اليسار لم يعد بإمكانكم" غلق باب الاجتهاد" سنفتحه على مصراعيه مستندين على المراجعات الكبرى لمفهوم السلطة كما تحدّد عند فوكو و للتواصل كما صاغه هابرماس دون الاعتقاد في عقل أداتي كما ذكر أدرنو و كما أصبحتم تعتقدون في الديمقراطية.