الأعياد وثقافة المحبة..


سيمون خوري
2020 / 5 / 24 - 01:06     

ثقافة المحبة والأعياد
سيمون خوري:
كل عام وانتم بخير، وعيد فطر سعيد، وقيامة مجيدة ..الخ إختصرنا علاقاتنا الإجتماعية وتواصلنا بعبارات، حلت محل الزيارات التي كان متعارف عليها سابقاً. إختفى ساعي البريد ولن يعد يطرق الباب حتى لمرة واحدة . وإختفت لهفة الأهل لحضور أبنائهم . فرضت التكنولوجيا حضور شرطيها الإلكتروني ؟،وهكذا إحتلت الرسائل النصية عبر جهاز الموبايل مكان الصدارة في علاقانتا . وكفانا الله شر النفقات والهدايا .
بيد أن هذا التغير الخطير في حياتنا وعلاقاتنا الإجتماعية ، يكشف في الحقيقة عن تغير كبير في سلوكنا ومدى عمق التأثير التكنولوجي على حياتنا ، سلباً أو إيجاباً ". بل ربما ساهم هذا التغيير فى تصحر عواطفنا ...؟فأصبحنا نتعامل مع من حولنا برسائل قصيرة " مسج " عبر عالم إفتراضي وأصدقاء إفتراضيين .حتى الأهل تحولوا الى رموز وظلال لماضي فقد ظله.
.ترى هل تحولنا الى شخصيات إفتراضية محاصرة ، ومقيدة . هل إفتقدنا القدرة في التعبير الحرعن احساسنا بهويتنا الإنسانية . كنا نراهن منذ زمن على ان التكنولوجيا قد تساهم بتحريرنا من قيود الزمن الماضي .. لكن على ما يبدو سقطنا في فخ التفاؤل من أعلى الجبل . نحو المجهول القادم . وتولى الإعلام ومختلف أشكال الميديا قيادة موجة الخوف من الزمن القادم. وفي عقلنا الواعي لم نعد نميز بين إنتظار القيامة ، وقيامة " إيلياء " .
لكن فرضت علينا مفاهيم جديدة مثل العزل والتباعد الإجتماعي ...الخ نحن أصلاً كنا في حالة إنعزال . بل ربما جاء هذا الوباء فرصة للإستيقاظ أو للصحوة . ولكي نصبح أكثر وعياً بما ينتظرنا من تغييرات قادمة بفضل صراع الكبار، من دول وشركات معولمة .
احزنني كثيرا مشاهد دفن ضحايا الوباء دون حضور أحبائهم . دون نظرة وداع أخيرة . وبصفتي من العجائز فأنا أيضا احد المرشحين لتذكرة ذهاب واحدة . وهكذا اغلبنا وجد نفسه في وضع الإختيار بين السىء والأسوء . إذا كنا ننوي فهم افضل لما يجري حولنا . لأن هناك تطورات مفاجئة لا أحد يستطيع التنبؤ بها . وهكذا عجزت كما يقال ، كل تلك التكنولوجيا النانوية على هزيمة فيروس وزنة فقط 85-0 من نانو غرام . وبما اني احيانا من انصار نظرية المؤامرة في التاريخ ، أتساءل هل فعلاً عجزت مختبرات العالم أم هي افضل طريقة لدفع البلدان الفقيرة أصلاً الى إعلان إفلاسها وإغراقها بديون صندوق النقد الدولي..؟ انها عملية القتل الرحيم لمرحلة افرزتها تطورات سابقة. وهذا يعني ان القوانين الأخلاقية السائدة مؤقته ونسبية تخدم مرحلة محددة .وتخدم قوانين سوق عالمية جديدة . شعارها أن الجميع يعمل في تراكم أرباح ال5 % من حيتان العالم .
لكن اذا تحررنا من عقدة " الأميبيا " التي لا تمتع بأية حرية ، ولا تحمل بالتالي اية اعباء تاريخية . فإنه يفترض ذلك خطوة الألف ميل في مواجهة ما فوق العولمة الجديدة . واعادة بناء إنسان جديد بدون أحقاد ولا عنف مجتمعي أو أسري .تحويل مناسبات الأعياد الى فرصة حقيقية لمقاومة التصحر التكنولوجي الداهم وغزو الجراد الأفتراضي . وذلك عبر اعادة غرس ثقافة المحبة مرة اخرى فإذا لم تستطع أن تحب جارك فكيف يمكن أن تحب " الله " الذي لا تراه .