حول تشكيل شبكات التضامن الاجتماعي!


عادل احمد
2020 / 5 / 18 - 02:54     

ان شبكات التواصل الاجتماعي في يومنا هذا أدت الى سهولة التواصل والارتباط بين الناس بشكل عجيب، ومن خلالها تمكن الناس من التعرف اكثر عن بعضهم البعض وعن الإمكانيات المتوفرة لدى الافراد والجماعات. وكذلك تعتبر هذه الشبكات الوسيلة السريعة والفورية لتجمع الناس للقيام بعمل ما على النطاق الاجتماعي، ومن ناحية أخرى فأن قمع السلطات وتطاول المليشيات لن يستطيع الوصول اليها بسهولة، ولهذه الأسباب تعتبر شبكات التواصل الأجتماعي أداة ووسيلة مهمة في يومنا هذا وأصبحت جزء من المعالم اليومية.
نظرا لأهمية شبكات التواصل الاجتماعي في وقتنا الحاضر، فيمكن الاستفادة منها اكثر للعمل المنظم والمثمر ومن خلالها بالإمكان الوصول الى البيوت والمناطق السكنية، المصانع والشركات والجامعات والقيام بالأعمال الاجتماعية. واليوم وخاصة في زمن الكورونا والتي اشتدت فيها معانات الجماهير وخاصة الجماهير المحرومة من العمال والكادحين والفقراء، تزداد الأهمية لهذه الشبكات من اجل التضامن والدعم والتماسك الاجتماعي. وهنا اريد ان ادعوا الى تشكيل شبكات التضامن الاجتماعي للمناطق السكنية. لنوضح اكثر الجوانب الضرورية لهذه الشبكات.
الشبكات: ان شبكات التواصل الأجتماعي قلنا بانها الوسيلة الاكثر فعالية لارتباط الناس بعضهم مع البعض، سواء في الفيسبوك او تويتر او الهاشتاغ او اليوتيوب وغيرها، نظرا لسهولة الاستعمال وسهولة التعرف على هوية بعضنا البعض بالصورة والصوت وسهولة التعرف على أصدقائنا المشتركين وما الى ذلك.. او لإرسال الأخبار او الدعوة الى القيام بعمل ما او القيام بتجمع او احتجاج او مشاركة في الحزن أو الفرح وغيرها.. هذه الشبكات تنشر الأخبار بسرعة كون أكثرية الناس تستخدمها لأغراضهم الشخصية والتجارية والاجتماعية.. وان أي خبر ينتشر بسرعة كبيرة كأنتشار النار في الهشيم. وهذا ضروري للعمل الاجتماعي كونه يحتاج الى جهد اقل من اجل التوصل الى الناس.
التضامن: تضامن الناس مع بعضهم البعض وخاصة في زمن المحن الاجتماعية مثل الفقر والبطالة والحروب او الكوارث الطبيعية، وهذه الصفات الإنسانية موروثة منذ قدم الزمان وهي من اجمل وأحلى الأواصر بين الإنسان حتى الان. التضامن بين الناس علاوة على كونه من الصفات الأصيلة للإنسانية، هو ايضا حاجة ضرورية وملحة للإنسان من اجل البقاء والنضال لبناء حياة أفضل.. التضامن والوحدة بأستطاعتهما ان يؤمنا النجاح في أي نضال بالضد من الطبيعة او بالضد من الانظمة السياسية المتسلطة. وحدة العمل تكمن في تضامن الناس مع بعضهم البعض ومن ثم القيام بالعمل المناسب. واليوم بالتزامن مع جائحة كورونا، يواجه المجتمع في العراقي الفقر والبطالة والجوع من جهة، والفساد والطائفية ونهب الأموال العامة من قبل السلطات المليشيات الإسلامية والقومية من جهة أخرى.
الانتفاضة الجماهيرية بأحتجاجاتها وتظاهراتها مستمرة منذ شهر أكتوبر من العام الماضي لكنها الى الأن لم تحقق ولو جرء من مطالب الجماهير الكبيرة المشاركة فيها، وقد رأينا أن من اهم نقاط ضعفنا فيها هو عدم التضامن الكافي بين الجماهير وخاصة في مناطق ومحلات سكن الجماهير المنكوبة والمحرومة.. ان التضامن هو الضرورة التي سترفع الشعور والإحساس بأستخدام الإرادة للوصول الى مبتغى الجماهير في أنشاء حياة حرة وكريمة.. فلو كان هنالك في محلات السكن شبكات للتضامن الأجتماعي توحد الأرادة بين الجماهير، لأستطاعت الانتفاضة الشعبية والتظاهرات في الساحات والميادين النجاح في والوصول الى أهدافها.. القوة تكمن في الإرادة والوحدة.. وكل هذا يكمن في التضامن الاجتماعي، وهذا ضروري جدا للتقدم الى الإمام وتعلم الدروس من الأخطاء بشكل جماعي..
الاجتماعية: المقصود بالعمل الاجتماعي يعني مشاركة الناس جميعا لإنجاز مهمة ما.. وهنا العمل الاجتماعي يعني مشاركة العوائل والأفراد صغارا وكبارا، شبابا وشيوخا، نساءا ورجالا، مع البعض في جميع ميادين الحياة، لكل حسب ضرورته ومكانته وطاقاته واحتياجاته.. النظافة هي للكل في الشوارع والحدائق، الرياضة للشباب وزج الأطفال في الدورات الترفيهية والتعليمية وهكذا.. ان هذا بالأصل مهمة الدولة والسلطات ولكن كما قلنا لا توجد دولة في العراق بمعناها السياسي والإداري، كل ما هو موجود عصابات ومليشيات يترأسها مجرمون وقتلة مهمتهم الرئيسية النهب والقتل بغطاء الطائفية المقيت.. لذا فأن مسؤلية الأدارة السياسية والأجتماعية ومهامها تقع في الوقت الحالي على الجماهير أنفسهم ومحاولة فرض وإجبار السلطات القيام بها، ولكن مع المحاولة والضغط علينا نحن بانفسنا القيام بدور الأدارة قدر المستطاع.
تشكيل شبكات التضامن الاجتماعي هي مهمة ملحة اليوم في مواجهة فايروس كورونا ومواجهة فايروس الفقر والبطالة والجوع ومواجهة فايروس الطائفية والقومية.. وهي الوسيلة الآكثر تاثيرا والأكثر عملية من اجل تخفيف معانات الجماهير المحرومة. ان تشكيل هذه الشبكات سوف يرفع الوعي الجماهيري للعمل الجماعي وتقوية الإرادة للقيام بأعمال لمصلحة الناس في مناطقهم، وهذا ستؤدي الى أنحسار قوة المليشيات الطائفية والقومية والسيطرة على تطاولاتها، وتركز اكثر نحو الإدارة الذاتية في كل منطقة، وفي حالة توسع نطاق تلك الشبكات وأنتشارها في جميع المناطق سيكون بأمكانها القيام بمهام المدن والمحافظات.. ان هذا ليس مبالغ فيه وليس خيال وانما هو واقعي وعملي. انظر كم من الناس المخلصين الموجودين في مناطقنا، وكم من الناس المختصين من المعلمين والمهندسين والأطباء والممرضين والزراعيين والمدربين الرياضيين و..إلخ.. ان مشاركة هؤلاء في العمل الاجتماعي في كل منطقة وتخصيص جزء من أوقاتهم للعمل الاجتماعي والطوعي في كل منطقة، قد تبني أكواما وجبالا من الإنجازات المهمة تفيد شوارعنا وحياتنا وأطفالنا وحدائقنا ومدارسنا.. وهذا ممكن بنائه عندما يوجد لدينا في مناطقنا السكنية "شبكات التضامن الاجتماعي"، ان هذه التجربة موجودة في عدة أماكن وكمثال حي لها "شبكة التضامن الاجتماعي في منطقة الحرية" في محافظة كركوك.. والتي تقوم بمهام عدة وتجبر يوميا مدراء البلديات والدوائر الخدمية على العمل معهم من اجل خدمة مصالح الجماهير. ان تشكيل هذه الشبكات الاجتماعية علاوة على تقديم الخدمات الضرورية، لها الفائدة الكبيرة في تقوية الإرادة الجماهير للتدخل في رسم مصير حياتهم ومستقبلهم نحو الحياة الحرة الكريمة.