مداخلة حول مبادرة الحملة الشبابية لدعم الوفاق الوطني


رامي مراد
2006 / 6 / 18 - 11:06     

في البداية لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر العميق لمعهد كنعان لاستضافته لنا في حوار الأربعاء كي يتيح لنا منبر يمكننا من خلاله أن نخاطب مجموعة من المثقفين و رواد المعهد علنا نستطيع أن نوضح فكرتنا الوحدوية و نعيد الاعتبار للشباب الفلسطيني و الدور الذي يجب أن يلعبه هذا القطاع الواسع للمساهمة في رسم ملامح مستقبله.
لن أتحدث بلغة الأدب المتكلف، أو المثقف البعيد عن هموم و مشاكل الشارع، سيتركز حديثي حول فكرة لمجموعة من الصبايا و الشباب الفلسطينيين عبرت عن نفسها بتفاعلات مست هموم الناس.
ولدت الفكرة في أعماق مجموعة شبابية لم يكن يعرف أفرادها أنهم جميعا يفكرون بذات المنطق و التوجه، احدهم قرر أن لا يبقي الفكرة حبيسة أعماقه فذهب إلى حيث يجتمع الآخرين وقال دون مقدمات: ماذا سنفعل؟ هل سنقف مكتوفي الأيدي كما يفعل الجميع تجاه ما يحدث من جرائم ترتكب بحق فلسطين و قضيتها التي غلبتها الحزبية و الذاتية؟،
أجاب الجميع بصوت واحد بالتأكيد لا، يجب أن نفعل شيئا،
ماذا سنفعل؟ كان هذا السؤال محور أول لقاء جمع مجموعة شباب و صبايا الحملة الشبابية لدعم الوفاق الوطني.
قررنا أن نكون شيئا مختلفا ليس لأننا مختلفون بل لأننا مؤمنون تماما بضرورة أن نكون جزءا من الناس نعبر عما يفكروا فيه جميعا، فجميعنا يعتقد جازما أن النزول إلى الشارع و مخاطبة المارة و الواقفين على جنبات الشوارع و التأثير على شخص أو شخصين خير ألف مرة من كتابة مجلدات أو تنفيذ مشاريع تبقى رهينة و حبيسة الأرفف يعتليها الغبار، أو تنحصر مداولتها بين مجموعة صغيرة لا تعبر إلا عن ذاتها، و تبقى تلعن الظلام، أما نحن فقررنا أن نضيء شمعة خير من أن نلعن الظلام ألف مرة.
اسمنا الحملة الشبابية لدعم الوفاق الوطني إستراتيجيتنا العفوية و التلقائية و المبادرة و التفاعل مع الأحداث، هدفنا الوصول إلى حملة شبابية في أعماق كل فرد كل أسرة وسط كل زقاق و حارة، حملة شبابية ليس باسمها بل بمضمونها تعمل على بناء سدا بشريا يحول دون إراقة الدم الفلسطيني الذي طالما استمعنا إلى كونه خط احمر لا يمكن تجاوزه؟؟ لكننا للأسف نراه بحرا احمر يغمر أروقة مخيماتنا و مدننا.
جمعنا شعار فلسطين اكبر منا جميعا، و نسعى لإعادة الاعتبار لعلم فلسطين و اللحن الفلسطيني الذي قاربنا أن ننساه، فقد كدنا ننسى إني اخترتك يا وطني، و دقي أجراس العودة، و موطني، لصالح حركتي و جبهتي و غيرها.
كدنا ننسى اللون الأبيض و الأحمر و الأخضر و الأسود مجتمعين في علم طالما قدم الآلاف أرواحهم و زهرات عمرهم من اجله، لحساب ألوانا مشتتة يقتل احدها الآخر.
لسنا حزبا سياسيا، و لا تحكمنا الايدلوجيه الضيقة، فقط تجمعنا فلسطين و حبها، فقط تجمعنا ألوان العلم الفلسطيني، فقط يجمعنا خوفنا على مستقبل بات اشد حلكة من الليل.
قررنا أن ننزل إلى الشارع لنلتحم بالجماهير التي فقدت الثقة بكل ما حولها، تفاجئنا بالمعارك الدامية التي راح ضحيتها سائق السفير الأردني، و كان مكان تجمعنا وسط النيران المنطلقة من فوهة البنادق الفلسطينية لتخترق أجساد فلسطينيين يقفون على الجانب الآخر من الطريق، و كان الامتحان الصعب هل نغادر و نؤجل فعاليتنا ليوم أكثر هدوءا أم نبادر لنكون أول سد بشري يدفع بنفسه في وجه المتصارعين علهم يلقون بالا لعلم فلسطين أو للأبرياء و العزل ممن يتوسلون إليهم كي يوقفوا القتل و التخريب و الدمار الذي لن يفيد إلا عدونا الصهيوني المتربص بنا و بوحدتنا.
و هنا تغلبت حماسة و اندفاعية الشباب على صوت العقل و المنطق فرمينا بأنفسنا و بأجسادنا وسط إطلاق الرصاص مسلحين بعلم فلسطين و بعض الشعارات المنادية بالوحدة الوطنية و صون الدم الفلسطيني، واجهنا الناس في الشارع تلقينا نظراتهم و تعليقاتهم، المؤيدة حينا و المترددة أحيانا و المستفسرة أحيانا أخرى، سمعنا أصواتا تشكرنا و تشد على أيادينا و سمعنا أصواتا تخوننا و تسب عل أهالينا. لكننا قررنا أن نبقى و نستمر، في اليوم التالي نظمنا اعتصاما في باحة الجندي المجهول فقط لنقول للناس عليكم أن تغادروا السلبية فلا يوجد أحدا منا ليس له علاقة بما يحدث و شعارات ( مليش دعوة و مليش علاقة بهدول و هدول ) ليست صحيحة فأكثر من نصف الضحايا للانفلات الأمني و الصراعات المتزايدة من أصحاب شعار مليش دعوة، لقد أقحموا في هذه اللعبة رغما عنهم، لذا عليكم أن تختاروا الانضمام إلينا كي نقول بصوتنا جميعا كفى استهتارا بأرواح الأبرياء.
و انتم أيها القادة العظام ألا تدركون حجم المعاناة في الشارع؟ ألا ترون الدم الفلسطيني يسيل بأيدينا؟ أنقتل أكثر من سبعة أبرياء في يوم واحد برصاص فلسطيني؟ أين انتم أيها القادة؟ و إلى أين تقودوننا؟ و أين انتم أيها المثقفون؟ أيها الكتاب؟ هل اكتفيتم بكتابة بضع كلمات لا يستطيع ابن الشارع أن يقراها؟ أين مسيراتكم الجماهيرية، يجب أن تنزلوا إلى الشارع لتقفوا إلى جانب الناس، أين مؤسساتنا العملاقة التي تصرف الملايين؟ الم يحن بعد وقت النزول إلى الشارع؟ ألن نغادر البيتش و الكومودور و نلتحم بأهالي الشجاعية و المخيمات؟
إننا في الحملة الشبابية لدعم الوفاق الوطني نستثمر وجودنا اليوم بينكم لنقول و بصوت كله محبة و إخلاص و استغاثة انزلوا إلى الميدان شاركونا في اعتصاماتنا، إن اكبر انجاز حققناه بالأمس في فعاليتنا أمام التشريعي أن نجعل من بائع كبدة من احد العائلات المشهورة بالبلطجة و الذي كاد أن يتشجاجر مع احدنا أن نجعله يشاركنا اعتصامنا يحبنا و يقف إلى جانبنا و يوعدنا بشرفه أن لا يضرب أحدا بعد اليوم.
صدقوني الخيار و الحل فقط أن نغادر المكاتب، أن نقتحم قلوب و عقول الشارع، فالناس ليسوا أشرارا بطبيعتهم فالخير موجود و لكنه يحتاج إلى رعاية و إظهار كي ينمو و يعبر عن ذاته.
الحل فقط بأيدي الجماهير فقياداتنا السياسية للأسف غادرت و منذ زمن فكرة الوحدة و الوطن و القضية و احتكمت للذاتية و الحزبية و التبعية.
و في الختام نقول بان باب الحملة الشبابية مفتوحا ليس فقط للشباب بل لكل من يؤمن بان الحل بأيدي الجماهير و بضرورة مغادرة مربع السلبية باتجاه الايجابية و التحرك العفوي و المبادرة الذاتية الصادقة البعيدة عن الحزبية و المصالح الفئوية.
و نعدكم بأننا سنستمر و سنعيد فلسطين الطاهرة الصادقة، سنعيد الاعتبار لعلم فلسطين سنبقى نستمع للسلام الوطني ، و لفلسطين، و سننجح لأننا نحن من يعبر عن الناس.