الثقة إن وجدت بالحكومة جيدة، الرقابة على أفعالها هي الأجود!


كاظم حبيب
2020 / 5 / 10 - 21:33     

لم يكن حكماء الشعوب، وفي جميع لغاتهم، على خطأ حين أكدوا: "الثقة جيدة، ولكن الرقابة أجود". في ضوء هذه الحكمة القديمة والسليمة نشير إلى صدور مجموعة من القرارات المهمة عن أول اجتماع لمجلس الوزراء العراقي الجديد التي أعلن عنها رئيس المجلس، والتي تمس مباشرة حياة المواطنين وتتجاوب مع العديد من مطالب المنتفضات والمنتفضين والشعب عموماً. والشعب ينتظر قرارات مهمة أخرى.
أشار السيد مصطفى الكاظمي إلى تشكيل لجان لتنفيذ تلك القرارات تحت إشراف مجلس الوزراء. هذه هي الطريقة التي مارسها جميع من وصل إلى رئاسة مجلس الوزراء حيث أعلنوا عن تشكيل لجان لتقصي الحقائق أو تنفيذ مهمات أو قرارات معينة. ولكن أياً من هؤلاء الحكام الطغاة لم ينفذ تلك القرارات التي اتخذها، ولم يتعرف الناس على أعضاء تلك اللجان، وإلى أين انتهت أعمالهم، إن كانت قد عملت فعلاً، أو إنها لجان كانت على الورق فقط وللضحك على ذقون الشعب!!! من هنا جاء قول الناس الصادق: "إن كنت تريد قتل قضية في العراق فشكل لها لجنة!". ولهذا أطالب رئيس الوزراء العراقي الجديد، وقد جلس على إرث طائفي فاسد وحقير وملطخ بدماء الأبرياء من بنات وأبناء الشعب العراقي عبر عمليات قتل جماعي واغتيال واختطاف وتغييب وإفقار وتجويع وأحكام سجن مريعة، بما يلي:
1) استكمال تلك القرارات بقرارات أخرى لم تتخذ في الجلسة الأولى، لاسيما في موضوع الفساد وتقديم ملفات الفاسدين الكبار المكدسة في الأدراج إلى القضاء والادعاء العام العراقي ليأخذ مجراه، وتشكيل لجنة لمتابعة هذا الأمر أولاً بأول.
2) إعلان أسماء أعضاء هذه اللجان ليتعرف عليهم الشعب ويعرف سيرهم الذاتية ومدى نظافة أيديهم وسلامة مواقفهم إلى جانب الشعب وقضاياه العادلة.
3) تحديد فترة زمنية مناسبة للانتهاء من أعمال هذه اللجان وليس جعلها مفتوحة إلى الأبد.
4) إعلان بين فترة وأخرى عن سير أعمال هذه اللجان، ومن ثم نشر نتائجها علناً ليطلع عليها الشعب وتقييمها ومن تقويمها إن كانت هناك ضرورة.
5) سبل تنفيذ نتائج أعمال اللجان وتحديد موعد للبدء بالتنفيذ والانتهاء منه.
لقد تشكلت الحكومة الجديدة على أرضية هشة وبتوازنات قلقة ومتغيرة، فكل من عارض تشكيل الحكومة كان صريحاً ومعبراً عن إرادة الطغمة الحاكمة والقول الذي نطق به الطائفي الفاسد والتابع بامتياز "أخذناها بعد ما ننطيها، هو ليش أكو واحد يگدر يأخذها!!!" تباً له من بدائي متوحش. ولكن ليس كل من أيد تشكيل الحكومة هو مخلص في تأييده، بل التوازن القلق والخشية من عواقب الوضع المتأزم والمعقد القائم قد أجبره على الموافقة المشروطة، والتي برزت في منع تأييد مجموعة من الوزارات التي يراد لها أن تكون ضمن المحاصصات الطائفية والأثنية بذريعة "الاستحقاق الانتخابي" الذي لا يعني سوى التشبث بما يسمى بـ "الاستحقاق الطائفي والأثني"، الذي لم يعد ملائماً، بأي حال ومهما كانت الذرائع، لمرحلة البدء بالتغيير التي يتطلع لها الشعب بقوى الانتفاضة الشعبية الباسلة.
إن موقف الانتفاضة من الحكومة الجديدة واضح جداً لا غبار عليه: إن تأييدها سوف يستند إلى ما ستقوم به الحكومة وما تنفذه من مهمات ناضل ويناضل من أجلها المنتفضات والمنتفضين والشعب كله، وقدم في سبيلها أغلى التضحيات وعانى الأمرين على ايدي الحكومات السابقة ولاسيما حكومات النظام السياسي الطائفي الفاسد والتابع إبراهيم الجعفري ونوري المالكي والسفاح الجديد عادل عبد المهدي.
ليس في مقدور قوى الانتفاضة الانتظار طويلاً بل هي تحتاج إلى أفعال سريعة وجادة وملموسة، وخطاب السيد مصطفى الكاظمي عبر عن وعي لهذه الحقيقة، ويأتي الآن دور الأفعال الجادة والملموسة والمقنعة.
إن سلمية الانتفاضة الشعبية هي الأداة المركزية والديمقراطية القادرة على إركاع المستبدين والطائفيين والفاسدين لإرادة الشعب، وهي الطريقة الناجحة في الوصول إلى أهداف المجتمع فلنحافظ على سلمية المظاهرات ورفض العنف الذي مارسته قوات السلطة الغاشمة وقوى الدولة العميقة التي لا تزال فاعلة والتي لا بد من إسكاتها وإنهاء وجودها وعملها في العراق.