قطار الموت الجزء الاول


سعدي جبار مكلف
2020 / 5 / 5 - 14:45     

جريمة قطار الموت
الحلقة 1
سعدي جبار مكلف / سيدني
قطار الموت افزعت الجنوبا
واطلقت الردى يقتات منا
فكم اما توج على بنيها
وكم ابن يكن على أبيه
وكم تكلی تولول لا تبالي
وصوت الموت يفجعنا ولكن
وفجرت المدامع والنحيبا
صبيا كان او زوجا حبوبا
وترسل بمعها جمرا لهيبا
ويبعن حزنه ممتكرهيبا
. بلطم الخد او شقت جيبا
حتى الموت طهرنا القلوبا
اه يا جريمة العصر ..
اه يا جريمة العصر .. لن ينساك التاريخ ودونك بأحرف سوداء قاتلة كان يوما ليس كبقية الأيام قبل اكثر من خمسين عام وفي ليلة 3 على 4 من تموزسنة 63 استيقظ عبد عباس المفرجي على وقع ضربات صاخبه على باب بيته الواقع في حي العباسية بغداد كرادة مريم ...فتح الباب على عجل وقلص عينيه ليتعرف على ضيوفه الطارئين في تلك الليلة التي سيذكرها طويلا حتى بعد وفاته كان قلقا على مصير اخيه المعتقل وسط احداث رهيبه عصفت بالعراق في صبيحة ذلك اليوم الذي شهد اندلاع انتفاضة الرشيد بقيادة الشهيد حسن سريع البطل وكان كل ما يعرفه شأنه شأن كل
العراقين جميعا هو ان انقلابا جديدا قد وقع وان الموقف لازال غير معروف ولكنه ما فوجئ بمفرزه من حراس المحطة العالمية تبلغه عن رحلة مفاجئة تتطلب حضوره على
الفور لقيادة قطار حموله لحمل مواد حديدية خاصة إلى السماوه فرك عينيه كثيرا وهو يتبين البلاغ الطارئ ويتفحص وجوههم أن تلبية نداء الواجب أوجب من نومة قلقه الساعات اعتاد على ضياعها المتكرر ولذلك جهز نفسه على الفور وذهب مع المفرزه الى المحطه ليتسلم تعليمات رحلة اعتيادية الى السماوه تستغرق أكثر من عشر ساعات في العاده كان عبد عباس المفرجي يذهب حال وصوله الى المحطه في رحلات كتلك الى مأوى القطارات لجلب القطار وحده بدون عربات ويتجه به الى محطة غربي بغداد الغرض ربطه بالعربات ولكنه لاحظ للمره الاولى ان العربات كانت منقوله ومربوطه بالقطار وان ابوابها كانت مقفله تماما بالسلاسل الحديدية تدعى سير وربد وعندما تسلم عدة السفر ومعدات الرحلة كانت مفاتيح العربات غير موجوده وان المحطه خاليه تماما من العمال المدنيين وان جميع الحضور هم من المسؤولين العسكريين وحراسهم اضافة الى بعض المسؤولين الحزبيين وعدد من رجال الحرس القومي وعلى رأسهم
عبد السلام عارف وطاهر يحيي ورشيد مصلح التكريتي ومصطفى الفكيكي حدق سائق _ القطار وجوه الحرس ولاحظ حركتهم السريعة وأزيائهم المدنية المنتحله وكأنهم في حفله تنكريه بسبب عدم اتقانهم لارتدائها وادرك أن من ارسلهم بهذه الازياء يهدف الى الامعان في التمويه لكي يظهروا بمظهر عمال وفلاحين من ابناء منطقة الفرات الاوسط وان مهمتهم الحقيقية هي منع او احباط أي محاولة قد تأتي من الخارج لكسر الأقفال طالما فتح الاقفال من الداخل مستحيل فكر عبد عباس المفرجي مرة اخرى بتعليمات الرحله والتأكيد على السير بصوره بطيئه تامه للحفاظ على المواد الحديدية الخاصة وثارت شكوكه مرة اخرى حول نوع المواد التي يحملها القطار وسبب تعينه بالذات القيادة هذه الرحلة الغامضه فهو رجل مسالم وليس سياسي ولكنه امهر سائق قطار وخبير بالقطارات ورحلاتها وسار القطار وقطع اكثر من 140 كيلو متر وهو يسير
ببطئ شديد تنفيذا للتوجيهات القاضية بضرورة الالتزام بسرعه القطار البطيئه جدا ونحن العنق الذي أصاب عبد عباس لم يستمر طويلا القطار الذي تهادى كثيرا ملتزمة وw بالتعليمات سيتحول الى صاروخ أما الشكوك التي احاطت السائق ستصبح صاعقه وتنزل على رأسه بعد جملة بدت وكأنها معجزه من السماء اثناء توقف القطار قبل منتصف الطريق في احدى المحطات صعد شخص مجهول في الثلاثين من عمره وقال
لي ..خالي تعرف ان حمولتك ليس حديد بل بشر وهم من افضل ابناء شعبنا ..ارتعد المفرجي منذهلا من هول الصدمه ومن حقيقة لا يمكن تصديقها فكيف يمكن لأي انسان
معرضه لأشعة الشمس اللاهثه منذ عدة ساعات متواصله بل كيف سيكون عليه الحال داخل تلك الأفران المستمره بعد أن قطع القطار اكثر من 288 كيلو مترحتى وصوله الى السماوه وهو يسير بهذه السرعة البطيئة التي تتطلب ساعات اضافيه كثيره على معدل العشر ساعات المقررة لرحله اعتيادية لم يصدق عبد عباس هذه الجمله الصاعقه ولكن المشاهد العديده المثيره للظنون عادت وتلبسته مرة اخرى بوجوه اكثر وضوحا مما كانت عليه ولكن اكثر حيره ايضا ما دعاه الى تبليغ مساعده بالذهاب فورا الى العربات ومحاولة التأكد من صحة ادعاء ذلك العراقي المجهول لماذا يبقى مجهولا حتى هذه اللحظه وبعد لحظات بعمر الاعوام عاد المساعد مصعوقا وهو يصرخ بأعلى صوته ..حجي طلع الحچي صدگ ...اي ان المعلومات كانت صحيحة تماما مالم يعرفه السائق عبد عباس انه في حوالي العاشره من نهار الثالث من تموز أي بعد ساعتين تقريبا على تغير الموقف لصالح السلطه انعقد في وزارة الدفاع في ظل أجواء مشحونه بروح الانتقام اجتماع خاص لمجلس قيادة الثوره لدراسة حركة معسكر الرشيد العسكرية واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها وكان عبد السلام اول المتحدثين بضرورة الانتقام العشوائي يقف وراءه كل من احمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وعبد الغني الراوي وعدد من العسكريين الاخرين وفي الاجتماع الثاني الذي عقد في وزارة الدفاع ايضا كان الاقتراح اعدام جميع الضباط والمدنيين المعتقلين في السجن العسكري رقم واحد ويقدر عددهم اكثر من الف معتقل وفي ساعة متأخرة من تلك الليله اتفق الجميع على تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة المشاركين والمتهمين بأنتفاضة حسن سريع العسكرية والغاء فكرة الاعدام العشوائي وتقليصها الى مجزره دمويه محدده تشمل اعدام عدد من الضباط والمدنيين من سجن رقم واحد ولكن العدد تصاعد الى 520 معتقلا من داخل السجن وخارجه بعد أن شمل معتقلين من ذوي التعليم العالي يمثلون كل خريطة المجتمع العراقي وتم انتقائهم من قبل المجلس نفسه وشكلوا هؤلاء الركاب ما يعرف بقطار الموت حين تقرر اعدامهم خارج بغداد بعد نقلهم الى سجن نقرة السلمان قرب الحدود العراقية السعودية وفي تلك الليلة التموزيه الساخنه سمع المعتقلون في سجن رقم واحد وغيره من السجون حركة اصوات غريبه تتصاعد ثم فتحت أبواب الزنزانات الواحدة تلو الأخرى وتليت قوائم بأسماء عدد كبير من المعتقلين بعدها قام حرس السجن بجمع المعتقلين على الرصيف وتم ربط ايديهم بالحبال خلف ظهورهم وراح الضباط الأشاوس يكيلون الشتائم والاهانات بينما كان ضباط الصف يهمسون في آذانهم بعبارات التشجيع اثناء عملية الربط التي تعمدوا ان تكون خفيفه ثم دفعوا بعدها الى عربات نقل عسكرية اتجهت بهم إلى الطرف الاخر من بغداد ادركوا أن حركة السير تبدو طبيعيه وان الحياة ما زالت هادئه على عكس تصوراتهم حول ارتباك النظام واضطراب الحياة وهذا ما زاد من احباطهم وبمجرد لاحظوا أن العربات الناقلة تتجه الى صوب المحطة العالمية اعتقد اغلبهم انهم ذاهبون الى ساحة الرمي في ام الطبول . لنا لقاء معكم في الجزء الثاني