الضحك من غير سبب..؟! يصنع العجب .


قاسم حسن محاجنة
2020 / 5 / 4 - 19:19     

لا تضحك ..!! عيب ..!! شو انجنيت (جُننت) بتضحك لحالك؟
في الثقافة العربية ، لكي تكون رجلا معتبرا وعليك القيمة ، يجب أن تصل تكشيرتك أجواز السماء، وأما المرأة التي يعلو صوت ضحكتها، فهي عاهرة فاجرة .. ومع ذلك من المسموح أن يفترّ الثغر عن ابتسامة بين الفينة والأُخرى ..
وكذا هو الحال ، لدى "الأحزاب" الجادة ، التي تكرس كل همها وجهودها لتحقيق الإنجازات والمُنجزات وخدمة القضية والدين ، فهي لا وقت لديها لابتسامة ولهذه السفاسف ، فما بالك بقهقهة تهز أركان المكان ؟
وكثيرا ما تساءلتُ بيني وبين نفسي ومع أصدقائي ، عن أولئك الأشخاص الذين يقضون حياتهم دون بسمة أو ضحكة ، كيف تكون حياتهم الخالية من القهقهة والضحكة الصاخبة ؟ هل هي حياة طبيعية ؟ أم انها أفضل بكثير من حياتنا ، نحن المُنحلّين المقهقهين ، الذين نفتقد الى الجدية العابسة ..
لكن بالمُقابل ، ما زلتُ أتذكر ببسمة تعلو وجهي كله ، ذلك الصديق ، من أيام الشباب ، حينما كُنا نسافر في الصباحات الباكرة (يعني قبل شروق الشمس ) للعمل في المدينة البعيدة ، وحينما نلتقي تعلو أصوات ضحكاتنا ، في الحي القريب ، وتلفت انتباه المارة ... وربما تحظى امهاتنا ببعض السباب أيضا.
وذات صباح توجه لنا، أحد معارفنا، وسألنا بكل حب الاستطلاع: كيف تستطيعون الضحك هكذا وفي الصباح الباكر؟!! وهكذا، فأصحاب التكشيرة الأزلية ، يستغربون ممن يستطيع الضحك بعفوية وفي كل الأوقات.
وللمقارنة فقط ، فهذا "الصديق" البعيد ، والذي ربطتنا به الجيرة والإنتماء السياسي ، إبن لرجل غني على عكسنا تماما ، ورث عن أبيه مالا منقولا وثابتا ، ويعتبر من الأغنياء حاليا ، على عكسنا تماما، لكنه ما زال يحمل تكشيرته وعجزه عن الضحك ..
يُقرر البحث العلمي ، بأن المزاج الشخصي لدى الأطفال حتى جيل 6 شهور ، يتأثر كثيرا بمزاج الوالدين ،وهذا المزاج سيستمر معهم مدى الحياة . وهو أمر موروث ومولود ، لكنه متأثر بشكل كبير من مزاج الأهل . ولا يرتبط لاحقا بالانجاز الشخصي أو الوضع الاقتصادي – الاجتماعي . فقد يكون الشخص ثريا ، ولا تثقله الحياة بأعبائها المادية ، لكنه شخص عبوس ، نزق ، غير سعيد ، وبالمقابل فقد يكون الشخص، فقيرا ، مثقلا بالهموم ، ومع ذلك تراه مبتسما ، مرحا ، وسعيدا ، ضحكته عالية وإبتسامته طاغية ...!!
وبالعودة الى الوصية الثقافية المقدسة والقائلة ، بأن الضحك من غير سبب ، من قلة الأدب ... فالشخص المؤدب والذي تربى تربية صالحة لا يضحك لمجرد الضحك ، فهذه قلة أدب ...!!! وإنما يجب أن يكون هناك سبب وجيه لكي تضحك أيها العربي .... ههههههه
لكن هل هناك من أسباب وجيهة للضحك ؟!! وعلى المستوى العالمي وليس العروبي (فخر الأمم- هههههه)...
اعتقد بأن الحروب ، الأوبئة ، الفقر ، العجز عن توفير متطلبات الحياة ، القمع ، الاستغلال، الخوف مما يخبئه المستقبل من "مفاجآت" ، وانعدام الحرية بمعناها المُطلق ، كلها أمورٌ تجعل من التبسم أمرا شبه مستحيل ، فما بالكم بالضحك العالي ؟!
لكن ، الضحك من غير سبب ، أو رغم كل مُعيقات الضحك ، هو الحل الآني ، لكل "هموم" الحياة ..
وقبل سنوات ، ولم أكن حينها قد تخلصتُ من تأثير، "الحكمة" القائلة بأن ، الضحك من غير سبب هو قلة أدب .. شاركتُ في مؤتمر يخص العمل في تأهيل المرضى النفسيين ، ومن ضمن البرامج والفعاليات في هذا المؤتمر ، كانت ورشة تحت عنوان "يوغا الضحك " ....
سخرتُ في دواخلي من هذه اليوغا ، لكن حب استطلاعي قادني للمشاركة ... كانت البداية صعبة ، فكيف تضحك دون سبب؟ فقط اضحك ، وبصوت أعلى ، وهكذا ... ومع نهاية الورشة ، احسستُ كما الجميع بالراحة والخفة ، بالمرح والسعادة ، وكأن هموم الدنيا قد زالت ...
وبما أن حال عالمنا العربي ، يُبكي من جفت الدموع في مآقيه ، وكل ما فيه يبعث على الحزن والكآبة ، فهذه دعوة للضحك من قلوبنا وبصخب شديد ... لما للضحك من أثار نفسية إيجابية . ههههههه
اضحكوا : https://www.youtube.com/watch?v=iR-QM7RA-4c