تفاصيل صغيرة في قضايا كبيرة - من دفتر يوميات

إبراهيم إستنبولي
2006 / 6 / 16 - 11:50     

(1)
غريب عجيب
أن يجلس رئيس جمهورية ... تحت صورته !
هذا يحصل في البلدان العربية فقط .. فشخص الرئيس هنا مقدس و هو جزء من الكرامة الوطنية بل كل الكرامة و أي مساس بشخصه أو بصورته يعتبر مساساً بالأمن الوطني .. علماً أن الرئيس هو مسؤول يمكن أن يرتكب الخطأ و يخضع للقانون .. و يمكن أن يُسأل أمام مجلس الشعب أو أمام محكمة دستورية .
و قد دفعني إلى التوقف عند ذلك ما أراه باستمرار على شاشة التلفزيون ، حيث غالباً ما تعرض لقطات لرؤساء و هم يجلسون تحت .. صورهم .
و هذا ينطبق على جميع الرؤساء الأحياء : كلهم يجلسون تحت صورهم .. !؟
فهل في ذلك منطق أو صحة ؟؟ و لماذا لا يوجد هذا التقليد إلا عندنا بشكل عام ؟ و لو كانت الصورة للرئيس بعد رحيله فقط لما كان في الأمر أي غرابة . و ألكثر غرابة أن يفاخر محمود عباس بصورته " المُبَرْوَظة " كرئيس لسلطة يموت شعبها أو يموّتُ من الجوع و القهر !؟
******
(2)
كارثة
إنه لأمر مؤسف و مؤلم إلى حد اليأس و الإحباط أن يقتتل الفلسطينيون من جديد كما فعلوا على مدى تاريخ النكبة : فسابقاً كان الاقتتال يدور بين يسار و يمين ، بين منظمات تقدمية أو تدعمها أنظمة تقدمية و أخرى رجعية أو تدعهمها أنظمة رجعية .. و الآن يدور القتال بين سلطة تضم النخبة السياسية التي أثرت و بذخت على حساب القضية الفلسطينية و بين حكومة تضم إسلاميين خرجوا من الجوامع و من الأزقة و فقدوا الكثير من أبنائهم و من مالهم ، بين مشروعين : واحد أضاع كل فلسطين و لا أمل عنده بإعادتها و لكنه يتمسك بخارطة طريق أمريكية و إسرائيلية و ينتظر الحصول على شرعيته منها .. و آخر إسلامي يريد استرجاع كامل فلسطين و لكنه يسلك طريقاً لم يعد يرغبه أحد . الأول تدعمه مصر و الأردن و السعودية و ... أولمرت . و الثاني مدعوم من قبل إيران و سوريا و ... حزب الله .
لكن المشكلة أن كلا المشروعين قد صارا بعيدين عن هموم المواطن العربي المثقل بكل شيء .
******
(3)
قهر
وصلتني رسالة بالبريد الإلكتروني تتضمن خبراً مفاده ما يلي : تم حرمان الطالب في السنة الثانية ... في جامعة " البعث " في حمص من تقديم امتحاناته .. !!لأنه نشر مقالاً في موقع الحوار المتمدن تحت عنوان " إذا كنتَ بوذياً فلا تقترب من جامعة البعث " .. و المقال مكتوب بلغة ساخرة و قريبة من القلب و كاتبها يوصف واقع المجتمع السوري كما هو بدون أية رتوش أو يافطات طنانة ... و يصور كيف أنه تجري في المجتمع الشبابي السوري عملية فرز مذهبي و طائفي مريعة .. فترى الطلاب المسيحيين يجتمعون ببعضهم و لهم عاداتهم و آدابهم و لباسهم و صلبانهم و دخانهم ... و كذلك الأمر مع الطلاب العلويين بنطقهم القاف و بسيوفهم المعلقة في رقابهم و بفقرهم و بدخانهم و بفتياتهم .. و في الركن الآخر يجتمع الطلاب السنة بذقونهم و مسابحهم و صلواتهم و على مسافة منهم الفتيات المحجبات بكل ما للحجاب من معنى .. إنها قصة حقيقية عن الحياة في سوريا في ظل دولة البعث .. و لن تخفيها لا الشعارات القومجية حول الوحدة الوطنية و لا الحرمان من تقديم الامتحانات .
و السؤال : إلى متى سيبقى القهر و الطرد و السجن هو اللغة الوحيدة التي يجيد استخدامها المسؤولون عندنا .
******

(4)

لا مبالاة
نشرت جريدة الثورة السورية على صفحتها الأخيرة خبراً مرفقاً بصورة يشير إلى الاحتفال التأبيني ( المتأخر ) الذي أقامته وزارة الثقافة للمربي و الأديب الراحل عبد المعين الملوحي في مكتبة الأسد بدمشق . الخبر مفرح . لكن بمجرد أن تدقق في الصورة إياها فإنه ينتابك شعور باليأس و بالأسى : كان عدد الحضور في القاعة محدوداً جداً .. إذ تظهر الصورة أن الحضور - من الصف الثاني للكراسي بعد وزير الثقافة مباشرة - لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة أو اليدين على أحسن تقدير !! اللهم إلا إذا كان الحضور ممنوعين من الجلوس خلف مقعد الوزير ؟!
فلماذا هذا التقاعس في دعوة الناس لحضور مثل هكذا مناسبة عزيزة ؟ و لماذا لم تتم دعوة طلاب الجامعة ، كلية الآداب مثلاً ، لتعرفوا على هذا الأديب الراحل الذي عمل بكد و جاهد لنشر الكلمة الطيبة ؟!
لو كان المحتفى به يا ترى من المنافقين و من المتهافتين على أبواب السلطان لكانت القاعة ضاقت بالحضور و بالمحتشدين .
كلا ، ليس للثقافة الرسمية عندنا سوى فصل واحد : الخريف .
*****
(5)
تنويه
طرأ تطور نوعي ملحوظ على مجلة الموقف الأدبي شكلاً و مضموناً بعد مرت بفترة سوداوية كانت فيها المجلة بلا طعم و لا رائحة . حتى أن أعدادها صارت تنفد من السوق قياساً لما كانت عليه قبل أن يتسلم رئاسة تحريرها الكاتب حسن حميد ..
الشيء ذاته يمكن أن يقال بخصوص الآداب العالمية ( الأجنبية سابقاً ) .
******
(6)
أين الشعر
نشرت الصحف الرسمية خبراً حول افتتاح يوم الشعر في جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب بدمشق .. و عندما استعرضت أسماء المشاركين ، أدركت على الفور مستوى الإبداع الشعري عندنا .
لستُ بشاعر . و لكنني مستعد لأن أدفع رأسي ثمناً لعدم صوابيتي إذ أؤكد أنه لا يعرف تلك الأسماء ، و الأهم أنه لا يعرف من إبداع هؤلاء سوى عدد ضئيل جداً من المواطنين على مستوى سوريا ككل .. و على الأرجح لأنهم يعرفونهم شخصياً لا أدبياً .
******
(7)

" زعرنة " ثقافية

نشرت منذ فترة جريدة الثورة مقالة لفاتح كلثوم تحت عنوان : " مديح مجاني .. لهيفاء بيطار " .. و هذا حقه . ثم ردت الكاتبة هيفاء بيطار على هجوم كلثوم بمقالة تحت عنوان " شهية الرد " في الصفحة الأخيرة من جريدة الثورة بتاريخ 7/6/2006 . و قد لفت نظري ورود عدد كبير من الأخطاء الطباعية و المطبعية و المقصودة على الأرجح . لكثرتها و بسبب تبديل مكان أحد المقاطع ، لا شك أن القارئ عانى من قراءتها و تململ .. و أنا أعتقد أن العملية تكشف عن الانحطاط في الإعلام الثقافي عندنا و تكشف عن عدم احترام لا للكلمة و حسب بل و للقارئ أيضاً . و فيها قلة ذوق كمان .
علماً أنني لا أعرف الكاتبة إلا من خلال الصحف و الإنترنت

******
(8)
مفارقة
قرأت ما كتبه مدير تحرير الملحق الثقافي لجريدة الثورة حسين عبد الكريم في افتتاحية الملحق بتاريخ 6 / 6 / 2006 في زاوية " كلمة أولى " بعنوان : حكمة الفن . حكمة المال .
و من يعرف واقع الملحق الثقافي لا بد و أن يذكره كلام السيد مدير التحرير حول حكمة الفن و حكمة المال بالأغنية المعروفة : اسمع ( أقرأ ) كلامك أتعجب .. أشوف أفعالك استغرب .
******
(9)
من وحي المونديال
أثبت مونديال الكرة في ألمانيا أن الأثرياء العرب و السعوديين خصوصاً لا ينظرون إلى المواطن العربي ( بمعنى الذي يقطن في البلدان الناطقة بالعربية ) إلا كمادة للاستغلال .. و إلا كيف يمكننا تفسير أن تقوم الفضائية التركية الفقيرة نسبياً أو بلد آخر مثل سلوفينيا ( و هذه أفقر من السعودية أو الكويت أو قطر ... ) بنقل مباريات كأس العالم بشكل مفتوح .. في حين أن مصاصي دمائنا لا يقبلوا أن ينقلوا المباريات بدون مقابل و بدون استغلال .. ألا يكفي المواطن ما لديه من هموم و من قهر و من حرمان .. ليضاف إليه الحرمان من العرس الكروي و من توفير فرصة لـه ليضحك و ليفش خلقه ببلاش ؟؟ و كيف سيحب الناشئة عندنا كرة القدم و كيف سيتعلم لاعبونا فنون كرة القدم و الأخلاق الرياضية و أبناؤنا و أخوتنا محرومين من متابعة هذه المباريات ؟؟!! ألا فلتصبكم صاعقة أيها المالكون للقنوات الفضائية من أمثال ذلك الشيخ الذي لا أعرف اسمه و لا أريد أن أعرف .