مجرمون حتى في زمن كورونا بدون حساب


مصطفى محمد غريب
2020 / 4 / 29 - 00:42     

في الوقت الذي أصبح واقع البلاد أكثر مأساويا بانتشار وباء كورونا، وفي أكثرية دول المعمورة والعراق منها، نجد كم هو هزيل القطاع الصحي الذي اثبت أن الحكومات المتعاقبة منذ الاحتلال والسقوط كانت في وادٍ سحيقٍ من اللهث خلف الكراسي والهيمنة على السلطة ولم تكترث لصحة المواطن بشكل جيد ومسؤول وعدم الاهتمام الكافي للقطاع الصحي الذي هو العامود الفقري لصحة الشعب بكل مكوناته وأطيافه، وكشف وباء كورونا القدرة الضعيفة لوزارة الصحة والقطاع الصحي وهي تكفي لمواجهة هذا الوباء وتقلل من أخطاره، مع تسجيلنا التحية والتثمين للعاملين في هذا القطاع وهم يقدمون اكبر التضحيات وبإمكانيات لا تتناسب مع حجم المأساة، ويدل هذا على ما أكدنا حوله : أن الفساد لم يكن في موقع واحد دون آخر في الدولة بل ضرب أطنابه في جميع المرافق بما فيها القطاع الصحي، واليوم نشاهد أبطال الانتفاضة وهم مصممين على حكومة وطنية بعيدة عن المحاصصة والفساد المستشري فذلك يذكرنا كم هي المعاني الوطنية مرتفعة وبمسؤولية عالية لهؤلاء الأبطال على الرغم من مخاطر الوباء الذي يتغلغل رويداً رويداً الذي يقف بالضد منه وعدم انتشاره العاملين في القطاع الصحي والإمكانيات الضعيفة لدى القطاع الصحي، ومع كل ذلك تقوم الحكومة بالتغاضي عن المجرمين الذي مازالوا يوجهون رصاصهم الحاقد نحو صدور المواطنين المحتجين على الفساد وغيره، ولهذا لا نستغرب لأننا خُبرنا مواقف الحكومات بما فيها حكومة عادل عبد المهدي ونسأل
ــــ كيف يمكن السماح لهؤلاء القتلة ومَنْ خلفهم الاستمرار حتى في زمن كورونا المأساة المروعة أن تَتَكرر لا بل تصبح نهجاً للأعمال الإجرامية وبالضد من انتفاضة الشعب في 1 تشرين الأول/ 2019 ومن الإبطال الذين يُسَطرون أحرفا من نور لاستمرار الانتفاضة وديمومتها بدمائهم الذكية ولصالح الوطن والشعب المبتلى بهذه الفئة المصممة على تخريب البلاد وإخضاعها للقوى الخارجية وتدمير الجماهير بشكل واسع ومنهجي، والحكومة لا تحرك ساكناً والمشهد التراجيدي بالاغتيالات أصبح تلفزيونياً يشاهد ليس من قبل الشعب العراقي فحسب إنما أكثرية شعوب المعمورة، الاغتيال والقتل والخطف والقنابل الغازية السامة المميتة والدخانية المصنعة خصيصاً لقتل الإنسان والصوتية والخرق الفاضح للأوضاع الأمنية وجميعها تحت أبصار ومعرفة القوى التي تقود السلطة بامتياز، هذا ما يقترف ضد ممن يقفون ضد هذه الخروقات والأعمال الإجرامية التي أصبحت " علمٌ فوقه نارٌ " منذ حوالي ( 17 ) عاماً، ولا نتذكر أن الحكومة ومؤسساتها الأمنية قد قامت بإلقاء القبض على واحد من المجرمين ومن يقف خلفهم ويمدهم بالدعم المعنوي حيث يحميهم ويمنع اتخاذ أي إجراء قانوني لإيقافهم وتقديمهم للعدالة، كما أن الدعم المادي الذي لا يتوقف كالمطر ينهمر عليهم من قبل اللصوص الفاسدين ومن خلفهم دول لها مصلحة حقيقية في بث حالة الخوف والرعب بين المواطنين باتجاه استمرار الاضطراب الأمني ، ومنذ أن قامت انتفاضة تشرين ازدادت شراسة المجرمين في المواجهات وتفاقمت بين متظاهري تشرين وبين قوى مسلحة تختفي خلف واجهات حكومية وجزء من ميليشيات مسلحة موجَهة لإفشال الانتفاضة وإغراق المتظاهرين بالدم وإطلاق الرصاص الحي والقيام بالاغتيالات والاعتقال الكيفي والتعذيب البربري على الرغم من سلمية الانتفاضة وسلمية المتظاهرين الأبرياء، لم تقتصر هذه العدائية غير الطبيعية ونقول غير الطبيعية بسبب سلمية الانتفاضة وسلمية المتظاهرين الذي شاهدناهم لا يحملون حتى " قصاصة" لتقليم الأظافر، ومنذ أن بدأت الانتفاضة نوهنا بمخاطر الاعتداء على المتظاهرين والعنف غير المبرر الذي تستخدمه الميليشيات التابعة لبعض القوى داخلياً ولقوى خارجية أيضا يهمها عدم الاستقرار وأجراء عمليات إصلاح ومحاربة الفساد وتقديم الفاسدين إلى القضاء العادل من بينها إقامة علاقات طبيعية مع دول الجوار ورفض التدخلات في الشؤون الداخلية للعراق .
لقد عرت انتفاضة تشرين الوجوه والعقول المتآمرة التي مازالت تؤمن بالتصفيات الجسدية والتدمير الروحي النفسي طريقاً للانتصار على الجماهير وبخاصة الجماهير الكادحة بكل أطيافها وتكوينها الاجتماعي والوظيفي، لهذا كانت طرق القمع تتباين ما بين تواطؤ البعض من القوات الأمنية والاغتيال المباشر وبين المجرمين القناصة من بعيد لقنص الأجساد البشرية لا تفرق بين رجل وامرأة وإنسان أو إنسان آخر إلا في قضية واحدة أن الذي يجب قتله هو من المتظاهرين السلميين وما يهم هو قنص اكبر عدد من المتظاهرين ، إلا أن المشكلة ليس في القتلة المجرمين فحسب إنما في الجهات التي جندتهم لهذه الجرائم وهم القابعين خلف مكاتبهم وفيلاتهم وبيوتهم الفارهة ويتغنون بالوطن والوطنية ، أن استشهاد أكثر من ( 750 ) متظاهر وأكثر من ( 30 ) ألف مصاب وآلاف المعتقلين الذين تم تعذيبهم بشكل سادي لا يمت بأي صلة للأعراف السماوية وقوانين حقوق الإنسان والقوانين الوضعية للبلاد، كل ذلك " والمخفي أعظم " بكثير نجد الحكومة في وادٍ أو في بلدٍ غير العراق لا يهمها الأمر وتحاول أن تنأى عن نفسها، لكن هيهات ثم هيهات فهي شريكة بهذا الشكل أو ذاك، لأنها تعتبر المسؤولة المباشرة عن حماية وأمن المواطن، الانكى من كل ذلك وجدنا التواطؤ مع المجرمين المسلحين وهم يطلقون الرصاص الحي ضد المتظاهرين وهي جرائم ضد الإنسانية والحجة التي تطلقها الحكومة والقوى الظلامية اتهام المتظاهرين بالاعتداء على الأموال والممتلكات العامة والخاصة هذا الادعاء المردود من أساسه هي أساليب رخيصة لن تنطلي حتى على الذين لا يمتلكون ذرة عقل بعدما تكشفت الحقائق بأن الذي يقوم بالتخريب والدمار والاعتداء على الممتلكات العامة هم أزلام القوى المتنفذة والميليشيات الطائفية المسلحة ثم إلصاقها بالمتظاهرين لتبرير جرائمهم.
أمام هذه الجرائم تضاف جريمة عدم تشكيل الحكومة لا بل التماطل "والجرجة" ( في تشكيل الحكومة ) وصحيح كل الصحة ما كتبته افتتاحية طريق الشعب بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة "المشاهد الجديدة - القديمة تتكرر على العراقيين، ويعود مخاض تشكيل الحكومة المتعسر وفق السيناريو ذاته المعتمد من قبل القوى المتنفذة والذي تناقله من دورة برلمانية إلى أخرى. "
نعم المشهد والسيناريو المنصوص على الكوميدي التراجيدي يتكرر بين فرٍ و كر والقوى المتنفذة نائمة في العسل حيث تستولي على المال العام وخيرات البلاد
بينما الملايين من الجماهير الكادحة تتلظى من ضنك العيش وعسر الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية والأمنية وكما تؤكده افتتاحية طريق الشعب " من أن نهج المحاصصة الطائفية والأثنية هو أس أزمات البلاد والحاضن للفساد والمسؤول عن الفشل في عملية إعادة بناء الدولة"
العراق مقبل على كارثة هي الأكبر من الكوارث السابقة إذا لم يجر الإسراع في إنقاذه عن طريق حكومة وطنية مخلصة وتنفيذ خطوات ثابتة للتخلص من المحاصصة ثم التوجه لمحاربة الفساد ولجم الميليشيات الطائفية المسلحة التابعة لقوى خارجية ثم العمل الجاد لمحاربة داعش الإرهاب الذي يطل برأسه مرة أخرى في العديد من مناطق البلاد، ونقول وإذا ما حصلت الكارثة فسوف يضرب فيها الأمثال ويدفع الشعب الثمن باهضاً بدون أي شك، ولن نتعجب أو نستغرب عندما نرى رؤوس الفساد والجريمة وهم يحملون ما كسبت أيديهم من المال الحرام وما وضع في البنوك والمصاريف الخارجية يعيشون عيشة السلاطين الطغاة خارج العراق .