واقتربت الساعة


رضي السماك
2020 / 4 / 25 - 04:13     

ثمة مقالات ودراسات ذات عناوين جاذبية بمضامين خاوية ، واخرى عناوينها مثيرة ونصوصها ثرية ، كعنوان مقالنا هذا أعلاه المقتبس من عنوان دراسة مهمة لواحد من أكبر صنّاع السياسة الخارجية الاستراتيجية العسكرية الأمريكية ، ألا هو روبرت مكنمارا وزير الدفاع الأسبق ، وقد نُشرت في عدد مايو / يونيو 2005 من مجلة " Foregn PoLicy " الذائعة الصيت ، تذكرتُ هذا العنوان المثير خلال الأزمة الراهنة التي يعيشها العالم جراء تبعات تفشي جائحة كورونا والتي بموازاتها عمدت الادارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب إلى توظيفها في تصعيد حروبها النفسية التي تشنها على عدد من دول العالم ، وعلى الأخص روسيا والصين وايران . ويمكننا القول أن خلاصة الدراسة التي أعدها الرجل بعد 15 عاماً من انتهاء الحرب الباردة : إن الأسلحة النووية غير أخلاقية ، غير قانونية وخطرة خطراً مفزعاً ، كما أن السياسة النووية المتشددة لبلاده لم تتغير بعد ، وأن من شأن إطلاق أسلحة نووية ضد دولة نووية أن يكون انتحاراً ، أما ضد دولة غير نووية فيصفه " مقزز أخلاقياً ولا يمكن الدفاع سياسياً عنه " . كما فنّد مكنمارا خرافة الاستخدام المحدود للأسلحة النووية التي عادةً ما يروج لها صقور الساسة والعسكريين في البنتاجون والإدارة الاميركية ومؤسسات الدراسات القريبة منها ؛ مؤكداً : إن القول بأن أسلحتنا النووية لا تستهدف السكان المدنيين كان ومازال مضللاً ؛ مضيفاً : " إنها تفجر ، وتشع بسرعة من دون تمييز وبحتمية لا يمكن فهمها " ثم موجهاً تحذيره : " يجب أن نتحرك فوراً لاستئصال الأسلحة النووية " !
وإذا ما علمنا أن مكنمارا جاءت تحذيراته هذه تحت تأثير قلقه لتلبد سحب حرب باردة جديدة لاحت في الأفق بوادرها إثر بدايات تعافي روسيا آنذاك في منتصف العقد الماضي ، فماذا عساه يقول اليوم مع تفشي الجائحة التي تكاثفت معها طردياً نذر غيوم سوداء مخيفة من جراء اتباع واشنطن سياسة " حافة الهاوية " المغامرة في علاقاتها مع عدد من دول العالم ، لعل أخطرها الدولتان النوويتان روسيا والصين ؟ ومما يكسب تحذيره أهميةً أن كلامه ليس وليد تجريد فكري في صوامع التنظير ، بل لكونه عايش أخطر لحظة وقف فيها العالم فعلاً على حافة حرب نووية وشيكة خلال ما عُرفت ب " أزمة الصواريخ الكوبية " عام 1962 . وإذا كان مكنمارا من مستشاريي الرئيس جون كيندي الذين لهم الفضل في اسداء نصيحة عقلانية للخروج بتسوية تحفظ ماء وجه القوتين العظميين ، بلاده والاتحاد السوفييتي ، بما يجنب العالم محرقة فناء عالمية حقيقية لا تبقي ولا تذر ؛ بكل ما لهذا التعبير من معنى ، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا : هل ثمة عاقل بين مستشاريي الرئيس يهمس في إذنه بخطورة سياسته المغامرة إن -تبقت في عقله ومستشاريه مساحة من العقل - قد تفضي إلى مغامرة كارثية تهدد ليس فناء البشرية فحسب ، بل وفي عدادها سكان الولايات المتحدة نفسها التي طالما يحلو له في شعاراته الشعبوية التغني بأولوية مصالحها وأمنها !