في الذكرى 72 تأسيس اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق ... سفر مجيد ، ونضال مضىء


حافظ الجاسم
2020 / 4 / 19 - 13:12     

ان الناظر الى التاريخ السياسي الحديث وما جرى فيه من ثورات وانتفاضات ادت الى تغيرات كبيرة في المفاهيم السياسية للدول والتوجهات الحكومة لا يلبث الا ان ينبهر ويعجب بما سطره الطلاب في هذه الحركات ودورهم المتعاظم فقي تبنى الافكار التقدمية والثورية وقيادة الحركات الاحتجاجية , او على الاقل دورهم الكبير في دعم حركات الاحتجاج .
وفي العراق فان التاريخ السياسي حافل بما سطرته الفئات الطلابية في تاريخة الحديث عبر تنظيم الحراك الاحتجاجية والجماهيرية المناهضة للاستعمار والرجعية , وكذلك ال الدور الكبير الذي لعبه الطلاب في احداث عمليات التغيير في البنية السياسية والاجتماعية والثقافية للبلد منذ عشرينات القرن السابق بفضل تحركات الطلبة.
- بواكير العمل الطلابي
نشطت الحركة الطلابية العراقية بعد ما يسمى بالحكم الوطني عام 1920، فقد أدى تأسيس المدارس الحديثة إلى قيام أولى التجمعات الطلابية. وكان النشاط مقتصراً أول الأمر على هذه التجمعات في النشاطات والفعاليات الاجتماعية والثقافية والرياضية، غير أن تطور الأحداث في العراق وتنامي الوعي الوطني دفع الطلاب إلى المساهمة أكثر في نضال الشعب ضد السيطرة الاستعمارية، وضد المعاهدات الجائرة منها
- الاضراب الطلابي عام 1926 لطلاب الاعدادية المركزية في بغداد.
- الاحتجاجات والتظاهرات التي شارك فيها الطلاب احتجاجا على زيارة الداعية الصهيوني(الفريد موند)الى بغداد عام 1928.
- التظاهرات والاعتصامات والاضرابات في الفترة من بداية الثلاثينات حتى عام 1948 تعاضدا مع فصائل الحركة الوطنية العراقية،وفي خريف 1945 ظهر التنظيم الطلابي لطلبة دار المعلمين العالية في بغداد(كلية التربية لاحقا).
ووقوفهم ضد اتفاقيات النفط الجائرة , كما لعب الطلاب دوراً بارزاً في المظاهرات التي قامت بها القوى الوطنية وجماهير الشعب ضد زيارة الصهيوني (ألفرد موند) عام 1928 وضد معاهدة عام 1930. وساهموا ضد حكومة ياسين الهاشمي وأيدوا الانتفاضة الوطنية التي أطاحت بها. عام 1945 تأسس اتحاد الطلاب العالمي - المنظمة الطلابية العالمية المناضلة ضد الاستعمار، ومن أجل ديمقراطية التعليم والحقوق الطلابية، فتأسيس اتحاد الطلابي العالمي أعطى زخماً قوياً للحركات الطلابية في العالم، وازداد وعيها بضروره قيام تنظيمات طلابية. وقد ارتبطت الحركات الطلابية منذ نشأتها بتجربة جماهير الشعب ونضاله ضد الاستعمار , وكان هذا ملموساً بشكل واضح في الانتفاضات والحركات لاجماهيرية التي خاضها الشعب العراقي والتي كان للطلبة الدور الكبير في تنظيمها وتسييرها والدفاع بروح ثورية في سبيل الخلاص من الاستعمار واعوانه والذي تكلل في سقوط الملكية في تموز 1958.
- التنظيمات الطلابية في العراق وتاريخ اتحاد الطلبة العام العراقي:
بقيت الفئات الطلابية في العراق تمارس نضالها في سبيل الخلاص من الاستعمار وتوجه الحراك الاحتجاجية والاضرابات والانتفاضات دون ان تشكل تنظيم يوحد صفوفها في عموم العراق , الا ان هذا الامر لم يدم طويلاً , ففي عام1948 وبعد وثبة كانون المجيدة ادرك الطلبة بانه لابد من وجود اتحاد عام ومنظم يظم في صفوفه الطلبة من عموم ابناء الشعب العراقي ويهدف الى تاسيس وترسيخ اوتاد منظمة مهنية طلابية اجل تأمين الحقوق المهنية والطلابية في التعليم واشاعة حرية الرأي والفكر والعلوم ونشر الكتب العلمية والادبية التقدمية، ودفاعا عن كرامة الطلبة المهنية والانسانية والنضال ضد الاستعمار , حيث احتشد جمع غفير من الطلبة في ساحة السباع ببغداد ، بمشاركة 250 مندوبا يمثلون 56 مدرسة ثانوية ومعهد من اصل 71 مؤسسة تعليمية موجودة آنذاك وتحت شعار ( في سبيل حياة طلابية حرة من اجل مستقبل أفضل ) ، وأعلن عن عقد المؤتمر التأسيسي الأول للطلاب العراقيين وضمن منهاجه ونظامه الداخلي مضامين ديمقراطية ومهنية . ومنذ ذلك اليوم بدأ العمل الطلابي المنظم الذي اعتمد البرنامج المذكور . ومن الجميل ذكره ان اجتماع ساحة السباع جرى بحماية عدد من العمال المنضويين للحركة الثورية التقدمية في العراق ، وبمشاركة شاعر العرب محمد مهدي الجواهري.
وقد انبثق عن مؤتمر ساحة السباع اتحاد الطلبة العام العراقي الذي اصبح بذلك اول اتحاد طلابي منظم يظم في صفوفه طلبة الجامعات والمعاهد والكليات والمدارس الثانوية في عموم العراق , وتم انتخاب قيادة الاتحاد وسكرتيرها حيث انتخب جعفر اللبان كاول رئيس للاتحاد وبعضوية أبو زيد صلال نائبا للرئيس , خلدون أمين تركي سكرتيرا , عبد الجبار شوكت أمينا للصندوق , محمود الجنابي , هادي هاشم , محمد عبد الله رستم ..
وقد تصاعد نضال الحركة الطلابية في بلادنا بعد تأسيس اتحادهم ،وساهمت في التعبئة الجماهيرية الى جانب المنظمات المهنية والقوى السياسية آنذاك لانتفاضات شعبنا،في مقدمتها:
• انتفاضة تشرين عام 1952 والتي تفجرت شرارتها من كلية الصيدلة وتضامنت معها المدارس،وهزت اركان الحكومة واجبرتها على انزال الجيش الى الشوارع.
• انتفاضة عام 1956 والتي انطلقت شرارتها مع العدوان الثلاثي على مصر وتأميم قناة السويس،وشارك الطلبة في التحشدات بزخم كبير.
بعد ثورة 14 تموز المجيدة عقد المؤتمر الثاني للاتحاد في 16 شباط 1959 وحضره الزعيم عبد الكريم قاسم وكذلك الشاعر الكبير الجواهري ووزير المعارف ونقيب المعلمين وممثل عن اتحاد الطلاب العالمي حيث تغير اسم الاتحاد من "اتحاد الطلبة العام العراقي" الى " اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق". بعدها جاء انقلاب شباط الاسود 1963،وقدم اتحاد الطلبة الى جانب الحزب الشيوعي العراقي وكل ديمقراطيي بلادنا المئات من القادة والكوادر الاماجد ضحايا لذلك الانقلاب الاسود.
ولم يتوقف نضال الاتحاد منذ لحظة تاسيسه , وقد كان ذلك جلياُ في الحراك الجماهري الذي نضمه الطلبة وشارك في الاتحاد بقوه ومنها ثورة القمصان البيضاء عام 2016 حيث خرج الآلاف من طلبة الجامعات العراقية بقمصانهم البيضاء، بتظاهرات حاشدة مطالبين بإقالة وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني، ومحاسبة الفاسدين في الحكومة العراقية .
والى يومنا هذا ما زال اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق وهو يدخل عامه ال72 يناضل في سبيل اهدافه التي تبناها في الدفاع عن مصالح الطلبة وحقوقهم , ومناهضته لجميع انواع التعسف والاضطهاد والسياسات الجائرة ونهج الحكومة المحاصصاتية , وقد تجلى هذا النضال في الانتفاضة التشرينية الغراء التي انطلق في الاول من تشرين1 عام 2019 وما سطره الطلبة في هذه المظاهرات من ملاحم البطولة والفداء والدعم الذي قدمه اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق وزملائه في تحريض الطلبة للمطالبه بحقوقهم , حتى اصبح الطلبة عمود الانتفاضة وداعمها الاكبر بين فئات المجتمع الاخرى.
فالمجد كل المجد لذكرى 72 لتأسيس اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق ونضالاته وتضحياته.
المجد لطلبة العراق ومنتفضوه وثائروه .
المصادر:
- الحركة الطلابية العراقية،تاريخ حافل ومهمات نضالية- سلام ابراهيم عطوف كبة
- حدث في مثل هذا اليوم: مؤتمر ساحة السباع عام 1948 – مجلة المدى العدد 3622
- اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق 68 عاما من الكفاح -في سبيل حياة طلابية حرة ومن اجل مستقبل افضل –عدنان يوسف
- موقع ويكيبيديا - اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق
- مقررات مؤتمر السباع لاتحاد الطلبة العام العراقي.