كورونا والعاطلين وبدل البطالة


نادية محمود
2020 / 4 / 13 - 13:27     

يناقش البرلمان العراقي تسريح 100 الف متعاقد مع شركة الكهرباء، بعد ان امضى عمال العقود في قطاع الكهرباء 13 عاما من النضال من اجل ان يجري تثبيتهم، وتم تعيينهم بعد انتخابات 2018، الا انه تجري الان اعادة نظر في امرهم لاحالتهم الى البطالة بحجة عدم امتلاك الدولة لسيولة مالية. من جهة اخرى تمت احالة أكثر من أربعة مواليد من الموظفين إلى التقاعد وفق قانون التعديل الاول رقم (26) لسنة 2019 لقانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 والذي صدر في شهر اذار الماضي بذريعة توفير فرص عمل ومنح الشباب فرصة للحصول على وظيفة في القطاع الحكومي متخذا من الراتب الاسم كاساس للتقاعد دون حساب لاية مخصصات اخرى. هذا يعني تخفيضا حادا في دخول المتقاعدين من العاملين في القطاع الحكومي( العاملين في القطاع الخاص اساسا بلا حقوق في التقاعد).

اضافة الى "التشغيل المجاني"، اي بدون رواتب ولا اجور لحملة الشهادات من الخريجين وبالالاف منهم، وخاصة في قطاع التعليم، على " أمل" تعيينهم في هذا القطاع يوما ما في المستقبل. اي احالة تأمين امر معيشتهم في اليوم وفي الغد الى المجهول. هذا ناهيك عن البطالة التي كانت اساسا عند معدل 40% فقط في اوساط الشباب، وحسب احصائيات مؤسساتهم البرجوازية، عند اندلاع الانتفاضة. اضافة الى معيشة ما يقارب 3-4 اشخاص معتمدين على دخل الموظف/ة الحكومي/ة. اي دون احتساب الزوجات، والابناء الذين يعتمدون في معيشتهم على ابائهم وامهاتهم. علاوة على العمالة الهشة التي هي بلا حقوق، وباجور منخفضة وبدون اية ضمان. والجماهير في العراق كانت قد دخلت انتفاضة لم يسبق لها مثيل قبل وباء كورونا، من اجل شروط حياة ومعيشة انسانية، من اجل فرص العمل، خدمات، ضد الفساد، وضد النظام السياسي بمجملة.

الان، ومع وباء كورونا، ومع الازمة الاقتصادية التي يمر بها النظام الرأسمالي، والتي يتناقص بل وقد يتوقف فيها الطلب على سلعة العراق الوحيدة القابلة للبيع وهي النفط، بسبب هذه الازمة والكساد، اي افق كالح الان موضوع امام الجماهير في العراق؟ خاصة وان قطرات الغيث الاولى قد نزلت، حيث ان الحكومة واحزابها من اجل تأمين " حصصها" وارباحها ومصالحها اولا وقبل وفوق كل شيء، بدأت باجراءات جديدة، لتسريح موظفيها وعمالها من القطاع العام، تسريح الاشخاص ممن لهم خدمة سنوات في هذا القطاع، مع عدم صرف رواتب للشباب الخريجين. اي اذا كانت نسبة البطالة 40% قبل وباء كورونا، فمن المتوقع ان تزداد هذه النسبة اكثر واكثر، حيث سينضم الى جيش البطالة، اولئك المسرحون من القطاع الحكومي. لذلك يجب ان يطرح السؤال الان: من سيكون المسؤول عن معيشة هؤلاء الملايين؟

الان، نرى، وبغض النظر، عن ان الرأسماليات العالمية وضعت تريليونات الدولارات من اجل حماية شركاتها، فانها قد "وضعت شيء ما الى العاطلين عن العمل"، حتى تبقي على ايدي عاملة قادرة على العمل من اجل ان تدير عجلات الانتاج مرة اخرى. لذا، يمضي المعطلون في انحاء عديدة من العالم الى تسجيل اسمائهم من اجل الحصول على بدل البطالة، والذي نالوه عبر نضال امتد لقرن كامل. لكن اذا كان هذا موجودا في الدول الاوربية وامريكا، كيف سيكون الموقف في العراق؟ بلد المحاصصة، والفساد، والميلشيات، وانعدام وجود دولة بالمعنى المتعارف عليه؟

لقد كانت الجماهير في لجة انتفاضة جماهيرية عارمة تواصلت لما يقارب الستة اشهر من اجل حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حين بدأ وباء كورونا. وكانت تطالب الجماهير بفرص عمل، بانهاء الفساد، بتقديم خدمات، وانهاء النظام الرأسمالي المحاصصاتي الرث في العراق.
الان ومع وباء كورونا، ومع هذه الازمة العالمية، التي سيكون للجماهير حصة اكبر من الفقر، هنالك ما يتوجب على الجماهير القيام به الا وهو تنظيم نفسها في تنظيم واسع وشامل للعاطلين عن العمل، يبدأ من صعيد المحلة والحي الى ان يكون له قيادة على صعيد البلاد، بقيادة موحدة، وخطط استراتيجية. فلتحقيق هذا الامر، ليس اقل من "ثورة"، ستجعل السلطة التي اهملت اهمالا تاما مطالب المتظاهرين على امتداد 6 اشهر، ان تعيد التفكير مرة اخرى بمطلب" فرصة عمل او ضمان بطالة". حين تفكر بان خسارتها اكثر من ربحها ان لم تقم بالاستجابة لهذا المطلب. عندها ستجلس مع ممثلي العاطلين عن العمل للتفاوض حول هذا المطلب. لذا، هنالك حاجة ماسة وتامة تعني ربات البيوت، والعاطلين عن العمل، والعمال، والطلبة ليعملوا مع بعضهم البعض، وبوحدة وبمؤازة تامة من اجل تحقيق مطلب " بدل بطالة" لكل شخص غير قادر على ايجاد فرصة عمل.
10 نيسان 2020