ما العمل ؟


طريق الثورة
2020 / 4 / 12 - 21:33     

افتتاحية العدد 56 من طريق الثورة
تسير الأوضاع على غير عادتها في العالم قاطبة حيث قلب وباء الكورونا الموازين وأربك حسابات كثيرة عند صنّاع السياسة الدولية ولكنّه ضاعف أكثر سوء أوضاع المستعمرات وأشباهها فانضاف إلى أوبئة السياسة والفساد التي تنتهجها أنظمتها وباء المرض والجوع والمتاجرة بآلام الكادحين. وتقع تـــونس في خضم هذه العاصفة وتجد نفسها مثل الكثير من البلدان الشبيهة بها عزلاء أمـام هذا الوباء الذي ساهم إلى جانب عوامل أخرى متعددة في الكشف عن حقيقة سياسات النظام المستمرّة في تجويع الشعب وتفقيره وأدى الى مزيد فتح العيون لترى أكثر بشاعة الوضع الاجتماعي والاقتصادي ولتتأكّد أنّ ما كان يشير إليه الثوريون ليس مزايدة بقدر ما هو الحقيقة التي سعت الرجعية والانتهازية إلى حجبها بمساحيق الديمقراطية الكاذبة. لقد اِتّضح الآن أكثر من ذي قبل أنّ الرجعية الحاكمة في تونس عاجزة تماما حتى عن إدارة اختلافاتها في ما بينها، من ذلك مصاعب تشكّل حكومتها وظلّت أكثر من اربعة اشهر تهدر الوقت في تجاذبات رخيصة بسبب الصراع على الغنائم، وهي إن كانت بمثل هذا العجز عن حلّ مشاكلها فهي أعجز عن حلّ مشاكل الكادحين ولهذا أصابها الهلع والارتباك بمجرّد تفشّي وباء الكورونا.. ففي حين التجأت أطراف منها إلى النّأي بنفسها عن تحمّل المسؤولية باعتبار استثنائها جزئيا من غنيمة السلطة وجدت البقية نفسها عارية أمام مرآة الوقائع فاتّكأت على شريكها الانتهازي لتسويق ما ترتئيه من حلول هي في حقيقتها مجرّد بث أوهام وأضغاث أحلام من خلال الاجتماع في قصر الحكومة بين مختلف الأحزاب الرجعية والانتهازية. إنّ السلاح الذي توهّمت الطبقات الحاكمة اعتماده في هذه المرحلة هو نفس السّلاح الذي استعملته الرجعيات سابقا كلّما داهمها خطر وهو سلاح "الوحدة الوطنيّة" من أجل طمس حقيقة التناقضات الطبقية التي تحتدّ أكثر خلال الأزمات..
تستند الرجعية إلى أجهزة دولة ينخرها الفساد والاستبداد والمحسوبية والجشع. لذلك فهي من جهة تقدّم نفسها على أنّها ستقود البلاد نحو تجاوز الأزمة ولكنّها تخاتل لإخفاء عجزها عن توفير الدواء والغذاء للكادحين، إذ فقد كثير ممّن له شغل شغله ومورد رزقه وعجزت الأغلبية عن توفير أسباب الوقاية فما بالك العلاج وعجزت أيضا عن توفير الحدّ الأدنى من الغذاء والقضاء على الاحتكار والسوق السوداء، ناهيك عن أنّ الفقراء ليس لديهم المال ليقتنوا ما يمكنهم من العيش أثناء فترة الحجر الصحي العام.
وأظهرت السلطة أنّها أعجز من أن تتّخذ اجراءات ضدّ الأغنياء ومن استثروا طيلة عقود من ثروة الشعب وكدحه. لقد اتضحت أيضا حقيقة علاقات الصداقة التي كثيرا ما وقع ترديدها مع الدول الأخرى وظهر بالكاشف أنّ هذه الصداقة ليست سوى عمالة إذ أنّه وفي أوّل منعطف يتخلّى السيّد عن خادمه عندما يصبح عاجزا عن تقديم خدماته له.
إنّ المآسي بقدر ما هي آلام فهي محرار تقيس به المجتمعات أوضاعها وعلى أساس ذلك ترتّب حاضرها ومستقبلها وترسم معاركها للتحرّر من قيودها، مواجهة أعداءها معوّلة على ذاتها، وهذا ما يطرح اليوم أمام الكادحين إدراك ضرورة تنظّمهم والإمساك بسلاح النظرية الثورية والاتحاد للقيام بالثورة.
------------------------------------------
جانفي - فيفري 2020

جريدة طريق الثورة، جريدة ناطقة باسم حزب الكادحين