ما بين الفقر والعطاء


فؤاد أحمد عايش
2020 / 4 / 12 - 10:06     

يُحكى أن شيخاً عالماً كان يمشي مع أحد تلاميذه بين الحقول وأثناء سيرهما شاهدا حذاءًا قديمًا اعتقدا أنه لرجل فقير يعمل في أحد الحقول القريبة والذي سينهي عمله بعد قليل
التفت الطالب إلى شيخه وقال هيا بنا نُمازح هذا العامل بأن نقوم بتخبئة حذاءه ونختبئ وراء الشجيرات وعندما يأتي ليلبسه يجده مفقوداً فنرى دهشته وحيرته !!!
فأجابه العالم الجليل "يا بُني يجب أن لا نُسلي أنفسنا على حساب الفقراء ولكن أنت غني ويمكن أن تجلب لنفسك مزيداً من السعادة والتي تعني شيئاً لذلك الفقير بأن تقوم بوضع قطع نقدية بداخل حذائه ونختبئ كي نشاهد مدى تأثير ذلك عليه"
أُعجبَ الطالب بالإقتراح وقام بوضع قطع نقدية في حذاء ذلك العامل ثم اختبأ هو وشيخه خلف الشجيرات ليريا ردة فعل ذلك العامل الفقير
وبعد دقائق جاء عامل فقير رث الثياب بعد أن أنهى عمله في تلك المزرعة ليأخذ حذاءه وإذا به يتفاجأ عندما وضع رجله بداخل الحذاء بأن هنالك شيئا ما بداخله وعندما أخرج ذلك الشيء وجده نقوداً
وقام بفعل نفس الشيء في الحذاء الآخر ووجد نقوداً أيضاً
نظر ملياً إلى النقود وكرر النظر ليتأكد من أنه لا يحلم ، بعدها نظر حوله بكل الإتجاهات ولم يجد أحداً حوله
وضع النقود في جيبه وخر على ركبتيه ونظر إلى السماء باكيًا ثم قال بصوت عالِ يخاطب ربه "أشكرك يا رب يا من علمت أن زوجتي مريضة وأولادي جياع لا يجدون الخبز فأنقذتني وأولادي من الهلاك" واستمر يبكي طويلاً ناظرًا إلى السماء شاكرًا هذه المنحة الربانية الكريمة
تأثر الطالب كثيرًا وامتلأت عيناه بالدموع عندها قال الشيخ الجليل "ألست الآن أكثر سعادة مما لو فعلت اقتراحك الأول وخبأت الحذاء ؟؟؟
أجاب التلميذ "لقد تعلمتُ درسًا لن أنساه ما حييت ،،، الآن فهمت معنى كلمات لم أكن أفهمها في حياتي "عندما تعطي ستكون أكثر سروراً من أن تأخذ" فقال له شيخه والآن لتعلم أن العطاء أنـواع :-
- العفو عند المقـدرة عطـاء
- الدعاء لأخيك بظهر الغيب عطـاء
- التماس العذر له وصرف ظن السوء به عطـاء
- الكف عن عرض أخيك في غيبته عطـاء
فهذه بعض العطاءات حتى لا يتفرد أهل الأموال بالعطاءات وحدهم

دعونا نُكمل هذه الحياة بكل تفاؤل وسرور ... لربما قد نرى الشمس تُشرق من أجلنا يومًا