هل جائحة كورونا استولت على المُتعية والنرجسية وحب الترؤُس وحب التسيد من حوارنا مع الكاتب والمحلل السياسي شاهو القره داغي- عن تيار جائحة كورونا وتيارات القيادة السياسية والناس- الحلقة الخامسة


فاطمة الفلاحي
2020 / 4 / 11 - 14:09     

يا لقوة الوهم ! الناس سريعو التأثر لدرجة أنهم قد يلقون حتفهم من مجرد خيال.
- جيفري تشوسر

-جائحة كورونا كشفت معادن البعض، ومستوى الوعي لديهم وطرق تفكيرهم،خصوصًا لمن تستولي على مُلكه الأهواء -المُتعية والنرجسية – ومابعد أخلاق كورونا يعود إلى حب الترؤُس وحب التسيد ، أم سيكون هذا في زمن أخلاق الكورونا فقط، وتقلب صفحة المتغيرات بعد كورونا؟

مستشار مركز العراق الجديد للبحوث والدراسات شاهو القرة داغي يتحدثنا قائلًا:

كشفت كورونا الكثير من الأوهام لدى الأفراد ورجال الدين في العالم، بمختلف الأديان والطوائف، حيث فشل الكثير منهم في تفسير الفيروس، ولذلك لجأوا لنظرية المؤامرة واتهام الآخرين بخلق الفيروس ونشره للإضرار بالدين أو المذهب.
فقد حرض رجال الدين من المسيحيين والمسلمين و اليهود اتباعهم للاستمرار في طقوسهم الدينية دون الإكتراث بالفيروس، وتسبب هذا التعنت والعناد والجهل في انتشار الفيروس بشكل أوسع.
في الجانب الآخر صُدم الكثيرون من إغلاق أماكن العبادة والمراقد والمزارات وخاصة في الدول الإسلامية، لأن المسلمين وبسبب الوهم المنتشر كانوا يتمسكون بهذه المراقد والأماكن المقدسة وكأنها مصدر الرحمة والشفاء وتحقيق دعواتهم وأحلامهم، ولكن كورونا كانت صدمة لأصحاب هذه العقائد، حيث لم تستطع هذه الأماكن المقدسة، المقاومة ولم تنجح في إيجاد العلاج لفيروس كورونا، وهذا الأمر هو روح الأديان الإبراهيمية التي تؤكد أن الله سبحانه وتعالى مصدر الرحمة والشفاء؛ وهو فقط يستحق الدعاء والعبادة ولا يصح أن ينتظر الإنسان الشفاء والرحمة من أي شيء آخر مهما كان مُقدسًا، حتى الحجر الأسود وأحجار الكعبة وأستارها لاتحمي أحدًا من الأمراض أو تمنع المصائب، وهذه روح الاديان الحنفية الإبراهيمية التي تؤكد بأن الله سبحانه وحده يملك المغفرة والشفاء كما قال خليفة المسلمين عمر ابن الخطاب، وهو يقبل الحجر: والله إني لأعلم أنك حجر لاتضر ولاتنفع، ولولا أني رأيت رسول الله " صلى الله عليه وسلم " يقبلك ما قبلتك.

عندما يعجز الإنسان عن فهم ظاهرة معينة، يلجأ فورًا إلى نظرية المؤامرة حتى لايتعب نفسه بالبحث والتفكير، وهذه الآلية تولد الكسل وتغييب الوعي والحقيقة، وتؤدي لتغليب الوهم وسيطرته على عقل الإنسان، ومنذ بداية ظهور الفيروس انتشرت العديد من الأفكار الغريبة، البعيدة عن الواقع، لتفسير أسباب ظهور وانتشار الفيروس، وقد يكون آخرها تغريدة للزعيم الديني العراقي- مقتدى الصدر - الذي قال: بأن "تشريع زواج المثليين يُسبب انتشار الفيروس" .
وهذه الأطروحات تُسبب المزيد من الجهل ويؤثر على تصرفات وسلوك الإنسان في التعامل مع الأوبئة وعدم أخذ الاحتياطات باعتبار الفيروس بلاء وامتحان من عند الله.
الكثيرون لديهم مصالح في بقاء المجتمع جاهلًا، لأن رجال الدين ممن يديرون المراقد ويخطبون على المنابر، ويكسبون الجاه والنفوذ السياسي والاجتماعي من خلال جمع المواطنين، شعروا بتهديد حقيقي بسبب الفيروس، لأن هالة قدسيتهم قد ضُربت. وانهاروا تمامًا في نظر اتباعهم بعدما عجزوا عن تقديم تفسير منطقي ومقنع للفيروس، وهؤلاء سيعودون لممارسة وظيفتهم السابقة في التجهيل ونشر الوهم بإسم الدين بين المواطنين، حتى يعيدوا بناء حاضنتهم الشعبية من جديد.

يقول جاك دريدا " الوهم أشد رسوخًا من الحقيقة" ، وفي ممارساتنا اليومية عندما نحاول إقناع الآخرين بالإبتعاد عن الوهم وتوجيههم للحقيقة نشعر بصعوبة بالغة ونتأكد من قوة الوهم ورسوخه عند الآخرين على حساب الحقيقة التي تحتاج للبحث والتقصي للحصول عليه ولن يأتي بسهولة مثل الوهم.

انتظروا قادمنا