موقف نعوم تشومسكي من فايروس كورونا

عبدالهادي محمد عبدالهادي
2020 / 4 / 11 - 12:16     

ترجمة : د . عبدالهادي محمد عبدالهادي

هوس الأرباح يهدد حياة البشر، والليبرالية الجديدة هي الجاني، وستفشل في مواجهة الوباء

يضرب وباء فيروس كورونا العالم كعاصفة عاتية، تجاوز عدد المصابين مليون ونصف، وتتزايد قائمة الوفيات يوميا، ودخلت الإقتصادات الرأسمالية إلى طريق مسدود، ويبدو الركود العالمي أمر لا مفر منه. في هذا السياق أجرى موقع منظمة “تروثاوت” وقناة تليفزيون حركة الديموقراطية في أوربا “دي آي. إم. إي-25 ” مقابلتين مع المفكر والفيلسوف وعالم اللغويات الأمريكي المعروف نعوم تشومسكي حول الوباء، ونشرت صحيفة “إكسبريس” البريطانية، وموقع سكوب للأخبار، وصحف ومواقع أخرى، مقتطفات من المقابلتين، وإليكم موجزا بأهم التفاصيل.
يرى تشومسكي أن الوباء كان متوقعا قبل وقت طويل من ظهوره، لكن قوانين السوق الليبرالية الجديدة منعت السلطات من إتخاذ الاحتياطات اللازمة والقيام بالإجراءات الضرورية لمواجهة الأزمة، لأنه ليس للشركات الخاصة مصلحة في منع الوباء، وليس هناك من يربح من منع وقوع كارثة في المستقبل، لذلك لم يكن الوباء مفاجئا في نظره، لكن المثير للدهشة والصدمة هو حجم الوباء وسرعة انتشاره. حذر العلماء قبل سنوات من حدوث جائحة محتملة، خصوصا بعد وباء “سارس” في عام 2003، الذي يسببه أيضا أحد الفيروسات التاجية.
كانت هناك فرصة لتطوير لقاح وعقاقير وطرق للعلاج، وتنظيم المبادرات الوقائية، وتطبيق نظم للإستجابة العاجلة، واتخاذ الاحتياطات المطلوبة وتخصيص الإمكانات اللازمة استعدادا لتفشي الوباء، لكن على الرغم من تلك التحذيرات، لم يتم تطوير لقاح مضاد له، ولم تزل التجارب عند المرحلة قبل السريرية. كان يجب أن يكون هناك من يلتقط الكرة ويركض بها، يقول تشومسكي، لكن النظام الاقتصادي والاجتماعي الرأسمالي في طبعته الليبرالية الجديدة، إستبعد هذا الخيار وجعله محظورا، لأن شعارات السوق خاطئة: ليس هناك أرباح في منع وقوع كارثة في المستقبل.

كان يمكن للحكومة أن تتدخل، لكن هذا التدخل محظور في عقيدتهم الليبرالية الجديدة التي تتبنى شعار أن “الحكومة هي المشكلة”، كما قال “رونالد ريجان” بابتسامته الصفراء. عمليا، يعني هذا تسليم عملية صنع القرار كاملة إلى الشركات ومؤسسات الأعمال، التي لا يعنيها الصالح العام، ولا تخضع لأي رقابة، ولا تهتم سوى بتحقيق أقصى الأرباح. كان لدى الإدارة الحالية تحذير واضح من احتمال حدوث جائحة، وبالفعل، تم إجراء تجربة محاكاة واسعة عالية المستوى في أكتوبر الماضي.
مع ذلك كانت استجابة إدراة ترامب متوقعة ومعتادة: خفض وإلغاء تمويل هذه المشروعات، والالتزام الصارم بتنفيذ تعليمات رؤساء الشركات الخاصة، بإلغاء القواعد واللوائح التي تعوقهم من تحقيق الأرباح، حتى في ظل الكوراث التي تهدد حياة الناس، وقيادة السباق إلى هاوية الكارثة البيئية، التي يمكن اعتبارها أكبر جرائمه، وإذا ما دققنا النظرفي العواقب، فيمكن القول أنها أكبر جريمة في التاريخ. لذلك لا يرى تشومسكي مفاجأة في أن يكون سجل الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع الأزمة هو الأسوأ.
فشلت الحكومة في التعامل مع الفشل الذريع للسوق، والذي يسبب الآن فوضى هائلة، وكشفت الأزمة عن عمق المرض الرأسمالي، وعن أحد أوجه الفشل الأكثر دراماتيكية وأشدها فتكا: الافتقار إلى أعداد كافية من أجهزة التنفس الصناعي. كانت وزراة الصحة والخدمات الإنسانية قد تنبأت بالمشكلة قبل سنوات، وتعاقدت مع إحدى الشركات الصغيرة لإنتاج أجهزة تنفس غير مكلفة وسهلة الاستخدام، لكن قوانين السوق سمحت لإحدى الشركات الكبرى بشراء هذه الشركة الصغيرة، وعطلت الشركة الجديدة المشروع ولم تسلم أجهزة التنفس للحكومة في 2014 كما كان مقررا، وأبلغ مسئولو الشركة السلطات الفيدرالية برغبتهم في التخارج من العقد، لأنه ليس مربحا بما فيه الكفاية للشركة.
وأوضحت صحيفة “نيويورك تايمز” أن “توقف إنتاج أجهزة التنفس الرخيصة سهلة الاستخدام، يسلط الضوء على مخاطر الاعتماد على الشركات الخاصة في مجال الصحة العامة، لأن تركيزهم على تعظيم الأرباح، لا يتفق مع هدف الحكومة في الاستعداد لمواجهة أزمة مستقبلية”، ويقول تشومسكي، إن نقص أجهزة التنفس يكشف عن وحشية الليبرالية الجديدة، وكيف أن الطمع والهوس بتحقيق الربح يكلف حياة الإنسان، ويضيف، إن التركيز على تعظيم الأرباح، لا يتوافق مع الأمل في بقاء البشرية.

يشير تشومسكي إلى مذكرة مسربة من “جي بي مورجان تشيز”، وهو أكبر بنك في الولايات المتحدة، تحذر من أن بقاء النوع البشري معرض للخطر، بما في ذلك استثمارات البنك الخاصة في مجال الوقود الأحفوري، ويلفت الانتباه إلى أن شركة “شيفرون” للطاقة ألغت مشروعا مربحا للطاقة المستدامة، لأن مزيدا من الأرباح يمكن تحقيقها من الإستثمار في الوقود الأحفوري وتدمير الحياة على الأرض، وكذلك أحجمت شركة “إكسون موبيل” عن المشاركة في مثل هذه المشروعات من البداية لأنها تريد تحقيق أرباح أكثر. وفقا للعقيدة الرأسمالية لميلتون فريدمان وغيره من رموز الليبرالية الجديدة، فهذه الحسابات صحيحة، لأن مهمة مديري الشركات في عقيدتهم هي تعظيم الأرباح، وأي انحراف عن هذا الالتزام “الأخلاقي” من شأنه أن يحطم أسس الحياة “المتحضرة”!
في اليوم الأخير من العام الماضي، أخطرت الصين منظمة الصحة العالمية بانتشار أعراض مرض مجهول السبب شبيهة بالإلتهاب الرئوي، وفي 7 يناير أبلغت المنظمة أن العلماء الصينيين اكتشفوا أن سبب المرض هو أحد الفيروسات التاجية، وأتاحوا التسلسل الجيني للفيروس للعلماء في العالم، الأمر الذي يعني أن كل شىء أصبح واضحا للجميع، ومع ذلك فشلت المخابرات المركزية الأمريكية في الوصول إلى آذان وعقل ترامب على مدار شهري يناير وفبراير، ومع أن أجراس الإنذار كانت تدق في شتى أنحاء العالم ومؤشر الخطر كان قد وصل إلى اللون الأحمر، أبلغ المسؤولون الصحافة بأنهم لم يتمكنوا من حمله على فعل أي شيء حيال الكارثة الوشيكة.
لم يقف ترامب صامتا، بل أصدر سيلا من التصريحات الواثقة قال فيها أن الأمر ليس أكثر من مجرد سعال، وأن كل شىء تحت السيطرة. هنا يستحق ترامب صفرا من عشرة على طريقة تعامله مع الأزمة، إنه أمر خطير للغاية، لأنه كان يعلم- قبل أي شخص آخر- أن هناك جائحة، وتعامل معها بطريقة فاشلة ومضللة أخفت الحقائق، طريقة تقوم على سرعة اختراع الأكاذيب وترويجها وإطلاق السهام بشكل عشوائي في كل الإتجاهات على أمل أن يصيب أحدها الهدف. وفي 10 فبراير الماضي، وعندما كان الفيروس يجتاح البلاد، أصدر البيت الأبيض مقترحا بالموازنة السنوية الجديدة، تضمن تخفيضات حادة في موازنة الصحة والرعاية الصحية (وفي كل ما يمكن أن يساعد الناس تقريبا) مع زيادة مخصصات التمويل لما يراه هو مهم حقًا: الجيش والجدار.
إحدى نتائج هذه الطريقة هو تأخر الاستجابة للوباء في الوقت المناسب وإجراء عدد محدود من الاختبارات مقارنة بدول أخرى، ما يجعل من المستحيل تنفيذ استراتيجيات ناجحة للتتبع، ومنع الوباء من الخروج عن حدود السيطرة، حتى أفضل المستشفيات تفتقر إلى التجهيزات والأدوات اللازمة، الولايات المتحدة الآن هي المركز العالمي للأزمة والبؤرة الرئيسية للوباء. لا يلوم تشومسكي الرئيس وحده على “الاستجابة الكارثية للأزمة”، ويرى أن ترامب وشركة إنتاج أجهزة التنفس، تصرفا بما يتماشى مع عقيدة الليبرالية الجديدة.

لسنا في حاجة إلى مزيد من التفاصيل عن أخطاء ترامب، يقول تشومسكي، فمن المغري إلقاء اللوم عليه في الإستجابة الكارثية للأزمة، لكن إذا كنا نأمل في تجنب الكوارث في المستقبل، علينا أن ننظر -أبعد وأعمق- إلى ما وراء ترامب. وصل ترامب إلى منصبه في مجتمع يعاني منذ 40 عاما من مرض الليبرالية الجديدة، التي كانت قد بدأت قبل فترة مع رونالد ريجان ومارجريت تاتتشر، ولسنا في حاجة إلى مزيد من التفصيل لعواقبها الكئيبة والمدمرة.
إن كرم ريجان البالغ مع الأثرياء له صلة مباشرة مع ما يتم تقديمه اليوم كحزمة إنقاذ للإقتصاد. رفع ريجان الحظر على الملاذات الضريبية، وبالتالي تحول عبء الضرائب إلى الجمهور، وإعادة شراء الأسهم، وهي آلية لتضخيم قيمة الأسهم، ومن ثم إثراء الأثرياء ومديري الشركات أكثر، وتقويض القدرات الإنتاجية للمشروعات، وكان لهذه التغييرات السياسية عواقب اقتصادية وخيمة، تقدر بعشرات تريليونات الدولارات.

عموما، تم تصميم السياسة بحيث تكون في صالح أقلية صغيرة، بينما ترك الباقون نهبا للتخبط. بهذه الطريقة أصبح لدينا مجتمع يمتلك فيه 0.1 % من السكان 20% من الثروة، بينما 50% الأفقر صافي ثروتهم بالسالب، مدينون، ويعيشون فقط على رواتبهم. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه الأرباح، زادت رواتب المديرين التنفيذين، عانت الأجور الحقيقية من الثبات، وكما أوضح الاقتصاديان إيمانويل سايز وجابرييل زوكمان، في كتابهما “إنتصار الظلم”، فقد ظلت الضرائب ثابتة تقريبا على جميع فئات الدخل لسنوات، باستثناء من هم في القمة، حيث انخفضت الضرائب المقررة عليهم.
في أواخر سنوات ريجان، كان حوالي 70% من الأمريكيين يرون أن الدستور يجب أن يضمن الرعاية الصحية الشاملة للجميع، ولفترة طويلة أظهرت الإستطلاعات مواقف إيجابية ومطالب قوية بالرعاية الصحية الشاملة، حتى بدأت هجمات الدعاية التجارية محذرة من أعبائها الضريبية الثقيلة والفلكية. وعلى الرغم من إعلان حالة طوارىء صحية في الولايات المتحدة ومعظم دول العالم، يواصلون إخبار الجمهور الأمريكي بأن الرعاية الصحية الشاملة ليست واقعية! هناك عنصر حقيقي في هذه الدعاية، نعم سترتفع الضرائب، لكن إجمالي النفقات سينخفض بدرجة كبيرة، وهناك بعض التقديرات التي تؤكد على ذلك. ويفسر ذلك وفقا لدراسة نشرتها مؤخرا مجلة “لانسيت” (المملكة المتحدة)، وهي إحدى المجلات الطبية الرائدة في العالم. تقدر الدراسة أن توفير الرعاية الصحية الشاملة في الولايات المتحدة، من المرجح أن يؤدي إلى تحقيق وفرا بنسبة 13% من إجمالي الإنفاق الوطني على الصحة، أي ما يعادل أكثر من 450 مليار دولار أمريكي سنويًا. (حسب سعر الدولار الأمريكي في عام 2017).
تقول الدراسة، أنه يمكن تمويل النظام بأكمله بنفقات أقل مما يتكبده أصحاب الأعمال والأسر الذين يدفعون أقساط الرعاية الصحية، جنبًا إلى جنب مع المدفوعات الحكومية الحالية، وأن من شأن هذا التحول إلى ممول واحد للرعاية الصحية، أن يوفر أكبر قدر من الراحة والأمان الصحي، خصوصا للأسر ذات الدخل المنخفض، علاوة على ذلك، نتوقع أن ضمان الوصول إلى الرعاية الصحية لجميع الأمريكيين، من شأنه أن ينقذ حياة أكثر من 68000 مواطن و 1.73 مليون سنة حياة كل عام مقارنة بالوضع الراهن. لكنه سيرفع الضرائب! يبدو أن الكثير من الأمريكيين يفضلون إنفاق المزيد من الأموال بشرط ألا تذهب هذه الأموال إلى الضرائب، حتى لو أدى ذلك إلى موت عشرات الآلاف سنويا! هذا مؤشر واضح على حالة الديمقراطية الأمريكية، كما يعرفها الناس؛ ومن منظور آخر، مؤشر على قوة النظام العقائدي لليبرالية الجديدة الذي صاغته الشركات ومؤسسات الأعمال ومنظروها. لقد كثف عدوان الليبرالية الجديدة هذا العنصر المرضي في الثقافة الوطنية، لكن جذوره أعمق بكثير.

إن عواقب الليبرالية الجديدة خطيرة، بشكل خاص في نظام الرعاية الصحية، يقول تشومسكي، فعلى الرغم من حقيقة أن الولايات المتحدة لديها نظام باهظ التكاليف، حيث تنفق 16.9٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية، مقارنة بما تنفقه دول الاتحاد الأوروبي، التي يقدم معظمها الرعاية الصحية الشاملة للجميع، وتنفق ما يزيد قليلاً عن 8٪ في المتوسط، لكن مع هذا الإنفاق المرتفع، لا توفر الولايات المتحدة الأمريكية سوى 2.8 سرير لكل 1000 نسمة، في حين يوجد في دول الاتحاد الأوروبي 5.4 سرير لكل 1000 نسمة. النظام الصحي في الولايات المتحدة يدار بطريقة تهدف لخدمة الشركات، تربح منه الشركات الوسيطة، وشركات الدواء، وشركات التأمين، أكثر مما يربح المواطنون، و إذا ما قورن بالنظام الصحي في مجتمعات أخرى متقدمة فهو يعتبر فضيحة، وإذا أخذنا بمعايير الكفاءة للأعمال التجارية، وتقديم الخدمة في الوقت المناسب، دون انقطاع، ودون انهيار للنظام، فهو نظام فاشل ولا يحقق أهدافه، والفشل هنا ينسحب أيضا على عقيدة الليبرالية الجديدة، وعلى النظام الاقتصادي العالمي الهش القائم على مبادئها.
كانت هناك ردود فعل مختلفة على انتشار الفيروس في العالم ، بعض الدول الأوروبية تعمل بشكل أفضل من غيرها، ويبدو أن الدول التي حققت نجاحا أكبر في هذه المهمة حتى الآن، مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وروسيا والصين، هي دول تقع خارج منظومة الليبرالية الجديدة. يبدو أن الصين نفسها قد سيطرت على الوباء، حتى الآن على الأقل، وكذلك تبدو الأمور في البلدان الواقعة على أطراف الصين، حيث تم الانتباه مبكرا إلى الإنذارات. بعض الدول الأوربية تدخلت بطريقة مناسبة، وتحقق ألمانيا الرقم القياسي العالمي في معدلات الوفيات المنخفض، وذلك بفضل توافر المرافق الصحية والقدرات التشخيصية والإستجابة السريعة، وتبدو الأمور كذلك في النرويج أيضا، أما في المملكة المتحدة فكانت استجابة بوريس جونسون مخزية، ووضع ترامب الولايات المتحدة في المؤخرة، حيث يوجد الآن أكثر من 400 ألف مصاب، ومات أكثر من 16000 مريض، ما يعنى أنهم يتعاملون مع أكثر من أربعة أو خمسة أضعاف عدد الإصابات والوفيات في الصين (حتى 9 أبريل).

يلفت تشومسكي النظر إلى أن ألمانيا لم تمد يدها للمساعدة خارج حدودها، وأن الإتحاد الأوروبي سقط في الإختبار حيث اتضح أنه ليس أكثر من لافتة، في الوقت نفسه، كانت كوبا، جاهزة لتقديم الدعم والمساعدة بالأطباء والمعدات إلى دول أوربية، كوبا التى كانت لزمن طويل ومنذ أيام حروب كيندي الضحية الأبرز للعقوبات والحصار الإقتصادي، لكنها نجت بأعجوبة، ولعبت دورها المناسب في الأزمة الأخيرة. بينما كانت جارتها الولايات المتحدة، تقلص المساعدات الصحية والإنسانية لليمن، وتساهم في خلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وتستخدم الأزمة الصحية المدمرة كفرصة لتشديد عقوباتها القاسية ضد إيران، لضمان تحقيق أقصى درجات المعاناة بين أعدائها المختارين.
ردا على سؤال حول خطة الإنقاذ الأمريكية بقيمة 2 تريليون دولار، وما إذا كانت تكفي لدرء خطر الركود الكبير المحتمل ومساعدة الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع الأمريكي، قال تشومسكي أن خطة الإنقاذ أفضل من لا شىء، لكنها تقدم إغاثة محدودة لبعض من هم في أمس الحاجة إليها، وأشار إلى أنها تضم صندوقا لمساعدة الضعفاء ويتسائل: هل الشركات التي امضت سنوات في تكديس الأرباح، وزيادتها عن طريق عمليات إعادة شراء الأسهم وتتوسل الآن من أجل الإنقاذ تعتبر من الضعفاء حقا؟ يقولون لا داعي للقلق، سيراقب ترامب ووزير الخزانة صندوق الرشوة، فهل يمكن الوثوق بأنه سيدار بطريقة عادلة ونزيهة؟ وإذا ما سارت الأمور على نحو غير ذلك، فمن يستطيع أن يفعل شيئا حيال ذلك؟ وزارة العدل؟ أم سيعزل ترامب؟! ويقترح تشومسكي، كبداية للتغيير في النموذج الليبرالي الجديد، حظرًا على إعادة شراء الأسهم، ويريد أن يرى زيادة لمشاركة العمال في الإدارة، ويطالب بإنهاء التدابير الحمائية في صناعة الأدوية، والتي تضمن أرباحًا هائلة لشركات الدواء العملاقة.
يرى تشومسكي أن العالم سيتعافي، عاجلا أو آجلا، من أزمة كوفيد-19، لكن بثمن فادح وتكلفة كبيرة ومؤلمة، وربما مروعة، سيدفعها في الأساس ملايين الفقراء والفئات الأكثر ضعفا، لكنه لن يتعافى من العواقب المدمرة لأزمات كونية أكبر، تنجم أيضا عن فشل السوق وتهدد الحياة على الأرض، مثل الاحترار العالمي وذوبان الجليد في القطبين وتغير المناخ. وعندما سئل كيف سيكون العالم بعد أزمة كورونا، أجاب تشومسكي: بالنسبة لأولئك المهتمين بإعادة بناء مجتمع قابل للحياة من بين الحطام الذي ستخلفه الأزمة، من الجيد أن يستجيبوا لدعوة الكاتب والمؤرخ الهندي “فيجاي براشاد” التي تقول أنه:” لن تعود الحياة إلى وضعها الطبيعي، لأن وضعها الطبيعي هو المشكلة”.

د. عبدالهادي محمد عبدالهادي
المصادر:
https://truthout.org/…/chomsky-ventilator-shortage-exposes…/
https://scoop.me/noam-chomsky-on-corona-greed-for-profit-c…/
https://www.express.co.uk/…/coronavirus-news-uk-cases-death
https://youtu.be/Pqqg00Dy_js