الحكومة التونسية تحمل شعبها الفشل في السيطرة على جائحة الكورونا


سفيان بوزيد
2020 / 4 / 9 - 01:39     

أثارت الندوة الصحفية التي انعقدت اليوم الموافق للسابع من افريل 2020 بمقر رئاسة الحكومة و بحضور وزيري الصحة و الداخلية العديد من نقاط الاستفهام و التساؤلات الحارقة بخصوص تفشي فيروس الكوفيد-19 او ما يعرف بالكورونا لدى العموم ، خاصة مع ضبابية انتشاره و شح المعلومات المقدمة من قبل الحكومة للعموم مع حملة تشكيك كبيرة حول مصداقية الأرقام و جغرافية المرض ، و ما على سبق و في اطار دموع التماسيح التي صرفها وزير الصحة تنم عن فشل ذريع في إدارة الأزمة ، علما ان الحكومة ارتكبت إخطاءا قاتلة في مواقيت الإجراءات الاستباقية و عليه
نستعيد تسلسل مطالب الخبراء للوقاية من الفيروس
-طالب علماء الأوبئة بوقف الدروس مبكرا ، برز لنا وزير الصحة يطمئن انه لا داع لإيقافها ، لتمر مدة ثم تقرر الحكومة إيقاف الدروس
-طالبنا بعزل الوافدين من الخارج و خاصة من بؤر انتشار المرض و تجمعيهم في أماكن مخصصة لهم ، ماطلوا ثم طبقوه و لم ينجحوا إلى حد اللحظة
-طالبنا بغلق الحدود البرية و الجوية و البحرية لم ينفذوا الأمر إلا بعد أسابيع
-طالبنا بضرورة تخصيص وحدات صحية للمصابين بالفيروس لم يكونوا في المستوى و أضحت كل وحدة صحية تستعين بامكانياتها الذاتية لانشاء وحدات خاصة
-طالبنا بضرورة تعميم الاختبار الطبي لدى كافة الولايات لم يكونوا في المستوى و لم يستطيعوا توفيره
-طالبنا بضرورة تسخير معامل النسيج لخياطة الكمامات و الأزياء العازلة تحت مراقبة وزراة الصحة ، فخافوا من أرباب العمل و صمتوا
-طالبنا بإجبارية استعمال الكمامات لكافة المواطنين ، ماطلوا ثم فرضوها
-طالبنا بضرورة اجراء الحجر الصحي العام ، لم ينجحوا إلى حد اللحظة في فرضه
-طالبنا بضرورة التنسيق اكثر مع المجتمع المدني ، همشوه و استهدفوه ، و عادوا اليوم يطالبون بضرورة مشاركة الجمعيات و الهيئات المدنية

و بناءا على ما سبق تواصل الحكومة أخطاءها القاتلة ، تواصل صرف المنح الاجتماعية تحت تعلة المساعدات و التضامن الوطني لتكون النتيجة كارثية أمام مكاتب البريد بسبب الازدحام بين المواطنين
ليكون بؤرة نوعية لانتشار الفيروس لتتهم الحكومة بانها قدمت حبل المشنقة للشعب .
رغم المعطيات التي لدى الحكومة بان التجمعات لزالت ، و لزالت الأسواق منتصبة ، و لزالت الشركات تشغل العمال بالمئات في انتهاك صارخ للقانون دون اجراءات عقابية او زجرية.

وقف أمامنا اليوم السيد وزير الصحة عبد اللطيف المكي ، الذي كان لمدة طويلة منذ انتشار الجائحة يطمئن عموم الشعب ، بأن الأمور تحت السيطرة ، و لداعللهلع و الفزع و أننا سنتجاوز الأزمة
رغم تكذيبهم من قبل المختصين بأننا هنالك مغالطات كبيرة حول الوضع الصحي في البلاد .
و عليه يا سيدي وزير الصحة : أنتم سبب الكارثة التي نحن على مشارفها ، فتلك الدموع التي ذرفتها اليوم و انت تتهم المواطنين بخرق الحظر الصحي و الجولان لن تكون لك شعرة معاوية .
و بل حتى في ما تسمونه الحجر الصحي كان أسلوب أجهزتكم الأمنية استعراضا للقوة أمام المواطنين العزل تنوعت بين الاعتداءات اللفظية و المادية في مشاهد توحي و كأننا في نظام الدكتاتورية
و لا بد من تذكيرك أن سجن الناس و سلب حرياتهم هو أمر مخالف للطبيعة البشرية الطواقة دائما للحرية و عليه ستجد خرقه و لكن بإمكانك اجبارهم بفرض سلطة الدولة و في احترام تام لحقوق
الناس .
و لم يكن خطاب وزير الداخلية التونسية اقل تشنجا و إرباكا من زميله وزير الصحة ، فقد كان خطابه الموجز مليئا بالتهديد و الوعيد للمواطنين ، رغم فشل قواته الأمنية الذريع في فرض الحجر الصحي
على غرار مغادرة مواطنين حاملين للفيروس جزيرة جربة الموبوءة و التي تخضع للعزل إلياكثر من ولاية بالجمهورية ليتسببوا بالعدوى ما يطرح اكثر من سؤال ، او في فرض حظر الجولان على غرار
التجمعات الليلية و ما حصل في منطقتي الكرم و الجبل الأحمر بضواحي العاصمة التونسية .
الاقتراحات تكررت دائما من المختصين في علوم الأوبئة و من الاقتصاديين التونسيين داعين الى ضرورة التعجيل بها على غرار
-الصدق في الأرقام و الوضعية الحالية لانتشار الفيروس
-التنسيق بين السلط المحلية و منظمات المجتمع المدني لمساعدة العمال اليوميين و تزويدهم بالمواد الأساسية خاصة مع تصاعد التضامن الاجتماعي بين التونسيين
-تمكين مدارس الهندسة بالإمكانيات اللازمة لصنع غرف واقية و أجهزة إنعاش و أسرة صحية خاصة مع تواتر الابتكارات من قبل المهندسين و نجاحهم في صناعة نماذج منها بكل من جامعة سوسة و صفاقس
و القصرين
-ضرورة احترام المواطنين لقضاء شؤونها الحياتية ، من قبل الأجهزة البوليسية و عدم ترك الاجتهاد لدى البوليس ليكون المواطن تحت رحمته
-الضرب بيد من حديد ضد كل محتكر او مضارب بالأسعار
-المنع الكلي لتصدير المستلزمات الصحية الوقائية و المواد الأساسية

ـ أن قراراتكم المرتجلة سوف يؤدي إلى تفاقم الكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي تتبلور منذ تفشي الوباء وإعلان الحكومة الحظر الصحي. فالتزام المنزل ليس بمتناول الجميع،
فهذا الأمر يشكل إفقاراً ، لا سيما في ظلّ تقاعس الدولة عن إيجاد أي بدائل مستدامة للأزمة الاقتصادية، على رأسها تمكين الناس من سحب ما تحتاج إليه من ودائعها المصرفية
ومنع صرف الأجراء وإلزام أصحاب العمل بتسديد الأجور وفق ما هو منصوص عليه في القوانين الجاري بها العمل، وإصدار قانون يعلق موجب المستأجرين بتسديد بدل الإيجار.
فبهذا القرار، وفي ظل غياب وسائل النقل العمومية أيضاً سوف يُحرم عدد هائل من المواطنين من الذهاب إلى عملهم في المؤسسات
المستثناة من قرار الإغلاق، الأمر الذي قد يفقدهم أجورهم وحتى وظيفتهم. أما مؤدّى هذا القرار فهو إلزام بعض المواطنين المضطرين إلى الخروج بأن يتشاركوا المركبات، وهو أمر يتعارض تماماً
مع مبدأ التّباعد الاجتماعي لمكافحة تفشّي الوباء وتالياً يتعارض ومقتضيات الصحة والسلامة العامة.

ختاما سيدي وزير الصحة ، اعترف بأخطائك القاتلة و كن شجاعا في تحمل مسؤولية قرارتك ، و تدارك الأمر بالإصلاح ، المواطنون لا يتحملوا مسؤولية فشلكم القاتلة لترمي اليهم الكرة و انت تحملهم
المسؤولية و الى سيدي وزير الداخلية كرامة المواطن و محاولة انتهاكها تحت تعلة "فرض الحجر الصحي" هي خرق للدستور و مساس بقيم ثورتنا المجيدة