كأس من الخمر


فؤاد أحمد عايش
2020 / 4 / 6 - 10:05     

عندما أجلسُ مع نفسي أرى نفسي وحيدًا في هذا الفراغ ، لا أحد يرافقني إلا كأس من الخمر ، وموسيقى كلاسيكية وسيجارتي التي باتت جُزءًا لا يتجزء من جسدي ، لعنات الصداقة والعمل والمجتمع والدين تلاحقني ، وشبح الحزن يلتصق بي ، لا أُجيد التعبير بالصوت ، الكلمات تخنقني وأصابعي ترتجف عند الكتابة ، وكأنني لستُ شابًا بالعشرينات ، بل كأنني عجوز ناهز التسعين من عمره ، أتخيل نفسي سفينة تتلاطمها الأمواج ، رُبانها هرب و طاقمها قد مات ، أو ربما أنا قصيدة اندثرت ولَم يعد أحد يتذكر كلماتها الجميلة ، ولكنني بالنهاية أضحك وأقول إذا كان هذا العالم كالسرك فيجب أن أكون فيه المُهرج الكبير ، وأتذكر الأشياء الجميلة البسيطة التي تسكن عالمي.
هُنا وفي هذه اللحظة وعندما جلستُ مع نفسي رأيتُ أني لستُ ذلك المنافق الذي يظهر بواقع على مواقع التواصل الاجتماعي بعكس واقعه في حياته ،،، أنا لستُ ذلك الشخص الذي ينسخ وينشر كلمات ثقافية لا يعرفها في حياته ،،، أنا لستُ ذلك الشخص الذي يكذب و يُغازل البنات بـقصائد لا يعرف معاني حروفها ،،، أنا لستُ ذلك الشخص الذي ينشر صورة يوميًا كالإعلان ليقولوا عني جميل ،،، أنا لستُ ذلك الشخص الذي يتصور مع كأس خمر ليقولوا عني مهموم ،،، أنا لستُ ممن يتصورون بجانب ممتلكات الناس ليقولوا عني أملك ،،، أنا لا أدّعي الحب لحبيبتي بنشر صور القلوب حتى يقولوا عني أحب.
أنا ذلك الشاب المُسالم الذي أجلس مع نفسي في كل مساء لكي أشرب كأس من الخمر حتى يختمر عقلي ويغيب وعيي ،،، أنا الذي سوف أجلس مع نفسي بهدوءٍ تام وأذكر أجمل ما مضى من عمري ،،، أنا ذلك الشاب الذي سيصبح في نظر العالم منحرف.
لآ...أنا لستُ منحرف طالمآ لم أُوذي أحد،،،
أنا مجرد مخلوق ضعيف أشربُ اليوم وأتعلمُ غدًا،،،