الوقاية الذاتية من أوهام كوفيد 19


امال الحسين
2020 / 4 / 5 - 23:26     

لماذا أوهام كوفيد 19 ؟

بكل بساطة لكون الكثير مما يروج حولة تلفه شكوك نظرا لكثرة الأكاذيب التي تروجها الدوائر الإمبريالية الأمريكية والصينية على السواء حول هذا الوباء، من منطلق الصراع السياسي والاقتصادي بينما من أجل التحكم في الإنسان والطبيعة بشتى الوسائل غير الأخلاقية، بعد الجرائم التي ارتكبتها في كوكبنا : الأرض، التي تم خنقها بشتى وسائل الدمار حد تحويل ومسخ المادية الحيوية التي تشكلت منذ 7 ملايين سنة عبر ما يسمى التعديل الجيني، أي كان مصدر كوفيد 19 فهو نتيجة هذه السياسات التدميرية التي نهجتها الإمبريالية منذ 1945.
هي أوهام لكونها تسعى من ورائها الإمبريالية التملص من مسؤولياتها في انتشار هذا الوباء في أوساط شعوب العالم، الشيء الذي تتوخى منه معالجة أزمتها المحدقة بعد وصولها إلى الباب المسدود، من أجل الهروب إلى الأمام وارتكاب جرائم عميقة في تاريخ الإنسانية في حق هذه الشعوب، ومن أجل السيطرة على حقوق العمال والفلاحين وتكبيل الطبقة الوسطى وإعادة هيكلة الرأسمال المالي الإمبريالي عبر إعادة تقسيم العمل، في شروط تمت فيها تكبيل الشعوب ووضعها وراء قطبان الحجر وسيادة ما تسميه الطوارئ الصحية.

لماذا هي حرب جرثومية ؟

فقط لأن تسلسل تاريخ الأوبئة في هذا القرن التي وصلت مستواها العالي من سارس مرورا إيبولا وصولا إلى أعمقها قساوة كوفيد 19، يوهموننا، كأن الإنسان عبر تاريخه العظيم على هذا الكوكب لم يتعايش مع الفيروسات والبكتيريات إلا في القرن 21، لما بلغ علم الأوبئة مستوياته العليا يتحكم في مكوناتها الأساسية الجينية ال ADN و ARN التي تشكلت مع ظهور المادة الحيوية منذ 7 ملايين سنة مضت.
هي حرب جرثومية بدأت بالحرب البيولوجية في الطبيعة ووصلت إلى المجتمع مع غطرسة الإمبريالية التي ترى في الحروب وسائل شفاءها من أزماتها المزمنة، خاصة وأن حرب كوفيد 19 الجرثومية بلغت حدا غير متوقع في تخمينات الإمبرياليين الإجرامية، بعدما مست القصور والقيادات الإمبريالية المجرمة في حق الشعوب، وليس بغريب أن تمس قمة هرم الرأسمالية فقد سبق وأن انتحر هتلر مجرم الحرب الإمبريالية العالمية الثانية في 1945.
إن التناقضات التي تعيشها الإمبريالية اليوم قد محدها لينين توسيعا علميا ماديا لأعمال ماركس وإنجلس، وركزها بشكل مادة في الواقع الموضوعي كل من ستالين وماو، لكن الانتهازية بروسيا والصين حولت هذين البلدين إلى خدمة الإمبريالية، وهي توهم الشعوب بقيادة التناقض المزعوم الذي يطبل ويزمر له الأساتذة البرجوازيين والبرجوازيين الصغار، من أجل مزيد من اضطهاد الشعوب وصل حد المصادقة على الإبادة الجماعية للشعوب المضطهدة بنشر حرب كوفيد 19 الجرثومية.
لماذا الوقاية ؟

من المعلوم أن الفكر الرأسمالي المدمر لا يمكن مواجهته إلا بالفكر الرأسمالي البناء الذي يعتبر الإنسان مركز أي تغيير، ومخ الإنسان عبارة عن مادة حيوية في شكلها الأعلى، وهو العضو القادر على حل جميع المشكلات المادية والمعنوية، ولا يمكن لأحد أن يشك في هذه المسألة التي يؤكدها العلم المادي، الذي يقرر بوجود قانون التناقض الذي يحكم المادة والحركة، وفي أرقى تعبيراته التناقض الموجود في مخ الإنسان، الذي أكدت علوم التشريح منذ عدة سنين مضت تقسيم المخ إلى جزأين متناقضين، يتحكم كل جزء في الجزء المعاكس له في أعضاء الجسم وهنا يبدأ التناقض.
وعلم التشريح يقر بوجود تناقض عميق في وظائف جزأي المخ حيث أن الجزء الأيمن يحتوي على مراكز المسائل الخيالية والجزء الأيسر على مسائل المنطق، ويتكامل التفاعل والتناقض بين الجزأين عبر التناوب في القيام بهذه الوظائف بشكل فعال، في أرقى أشكال الدقة وفي أقل جزيئ في المئة من الثانية حسب طلب حل نوعية الإشكالية المطروحة عليه، وبقدر تعقد عملية اشتغال المخ بقدر ما يسهل التحكم فيها بقدر كبير من الدقة، عبر التدريب على تسييره والتحكم في وظائفه لكن ذلك يتطلب طبعا وقتا طويلا ومعرفة بمكونات مراكزه العليا.
وقد عملت الشعوب الأسيوية التحكم في وظائفه في مستوى معين عبر رياضة التنفس والاسترخاء فيما يسمى اليوغا التي يمكن لأي أحد منا ممارستها، ولممارسة رياضة التحكم في المخ البشري توجد شروط أخرى لا تقل أهمية من الرياضة بحد ذاتها، وأهمها صفاء الذات الحاملة لهذا المخ.

لماذا صفاء الذات ؟

تتجلى في التدريب على خلو الذات ما أمكن من كل ما يمكن أن يلحق أداء بالآخرين مع السيطرة على الاتجاه المتناقض له، ويمكن نزع العدوانية من الذات البشرية كما فعل ماركس الذي تخلى عن مصالحة الذاتية، وربط كل مصالحه بالمضطهدين من الناس في العالم وسافر بعيدا في الزمان، وتخلى عن الثقافة السائدة في المجتمع وهي عبارة عن ترسبات تاريخية تراكمية طبعت الإنسان حتى أصبحت جزءا من طباعه، التي يورثها الآباء للأجيال القادمة وهي ذات منحى عدواني تخريبي، وجاءت الرأسمالية لترتكز عليها وتبني على أنقاضها مشروعها التدمير ومن بين خاصياتها الأساسية الاستعمار والحرب.
وقد أثبت علم الوراثة أن الطفل ينمو حاملا معه كل أشكال صفات الوراثة التي تطبعها الممارسات العدوانية الوراثة في عائلته، جماعته ومجتمعه، التي لا يمكن أن يتخلص منها إلا عندما يكتمل لديه الوعي بوجودها وهنا يبدأ الشروع في التخلص منها، ذلك ما قام به ماركس ورفيقه إنجلس وشرعوا في التفكير في لتغيير، وتشكل معرفة العلوم الطبيعية أحد أهمة الوسائل الضرورية لتعميق المعرفة الذاتية في علاقتها بالمادة :
ـ في علاقة الذات الداخلية للشخص الحامل للمخ بذاته في تناقضاته الداخلية كمادة في علاقتها بالأحاسيس، عبر العلاقة بالمراكز العليا المتحكمة في وظائف أعضاء الجسم من أبسطها إلى أعقدها.
ـ من علاقة الذات الحاملة للمخ بالمادة الواقع الموضوعي في التناقضات التي تحكم علاقاته بالطبيعة والمجتمع.
من البسيط إلى المعقد في المعرفة بمكانيزمات المادة والحركة في الأشكال ذات أبعاد المنحى في اتجاه اللامتناهي البسيط وفي اتجاه اللامتناهي الكبير، وفي السفر بعيدا في الزمان الكوني الذي يقاس بسرعة الضوء في تفعيل المركز الأعلى في المخ، الذي يحتوي على النسخ الأصلية لنشأة عالم المادة الحيوية وتطورها التاريخي، في تراكمه الكمي في علاقتها بتحولات تراكمه الكيفي للتحكم في تعبيراته الوظيفية، منذ نشأتها الأولى قبل 7 ملايين سنة بعد تشكل كوكبنا قبل 7 ملايير سنة من تكون الكون منذ 14 سنة.
هذا هو السفر عبر الزمان الكوني الذي يقاس بالسنوت الضوئية وليس بالضرورة أن يصل كل شخص إلى هذا المستوى حتى يستطيع ممارسة رياضة المخ البشري، كل حسب مستوى معرفته، قدراته وإمكانياته، هم قلة قليلة من المفكرين والفلاسفة والعلماء الذين يستطيعون الوصول إدراك وجود هذا المستوى، التقرب منه أقرب ما يمكن وملامسته، بعد التعرف على المركز الأعلى المتحكم في تاريخ نشأة المادية الحيوية.
في حرب كوفيد 19 اليوم يعمل الاحتكاريون الاقتصاديون والسياسيون، خوفا على فقدان مصالح كما يفعلون في كل الحروب، على نشر الإشاعة الغاية منها التحكم في الرأي العام وتوجيهه لصالحهم من أجل الوصول إلى أهدافهم الحقيقية، والتي لا تبتعد كثيرا عن تنمية الرأسمال المالي الإمبريالي، فتراهم تارة يتخاصمون ويهاجم بعضهم بعضا وتارة يتفقون ويتعاونون، جون أن يصل التناقض بينهم حد التناحر بعد تورطهم في الحرب القائمة باحثين عن الحلول الممكنة ولو على حساب إبادة مئات الملايين من شعوب العالم بلا شفقة ولا رحمة.
واليوم نعيش هذه الحرب القذرة وشعوب البلدان المضطهدة معزولة لا يند لها وتمارس علسها جميع أنواع الحروب النفسية الإرهابية، من طرف الإمبريالية وجميع أدواتها من منظمات دولية وأحزاب رجعية إلى حد طرده من الشارع الذي كان يلجأ إلى وقت الشدة، وقد بلغ عدد سكان العالم المحجوزين قصرا بمنازلهم ما يقارب 4 ملايير، بينما تحالف الاحتكاريين الاقتصاديين والسياسيين يجتمعون في الخفاء عبر وسائل الاتصال عن بعد لتقرير مصير الشعوب المعتقلة، في واقعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية جمعاء قد تنتج عنها أمراش نفسية عميقة تساهم في تطويع هذه الشعوب.
من هنا تأتي أهمية الوقاية الذاتية في ظل حرب جرثومية فتاكة تضرب الإنسان ماديا ومعنوا خاصة العمال والفلاحين المضطهدين، الذين يحتاجون اليوم للإسعاف من نوع آخر أكثر رقيا مما عهدناه في الحروب التقليدية التي تظهر فيها الجروح، ولا يمكن أن يكون هذا الإسعاف إلا بتقوية الثقة بالذات وذلك عبر فهم علاقة الذات بالموضوع، هذه الذات المريضة طبعا ولا شك في ذلك ماديا ومعنويا، مما يتطلب برفع الحجر عنها الذي تحول إلى قمع إرادة الشعوب ومحاربة جميع أشكال ترهيب الناس وتخويفهم وحجب الحقيقة عنهم، حقيقة قدرتهم على مواجهة هذه الجائحة التي يتم تغذية من أجل أهداف سياسية.
هذه محاولة لوضع أسس مفهوم المقاومة الجديد ضد الحروب الإمبريالية الجديد من أجل تحرر الشعوب من نير تحالف الاحتكاريين الاقتصاديين والسياسيين.