رحلت صغري عائلة صلاح حسين : وقلّبت شجونا ومواجع شتي


بشير صقر
2020 / 4 / 1 - 20:54     

في العام 1957 كنا نقطن مدينة شبين الكوم في منزل مواجه لمنزل صلاح حسين بشارع المدراس. وكان حمودة شقيقه الأصغر هو من نراه كثيرا من أفراد الأسرة خصوصا قبيل التحاقه بكلية الطيران.

في العام التالي – 1958 – تولي محمود فريد علام تدريس مادة الكيمياء لى في الثانوية العامة ، ولأنه كان يسكن في منطقة أخرى من المدينة لم أعرف أنه صهر حمودة ومتزوج من شقيقته نازك. وبعد سنوات ( عام 1963) بلغنا خبر اسشهاد حمودة في حرب اليمن.

هذا وأتذكر أنه بعد أسابيع معدودة من تسلمي لعملي في مارس 1966 برعاية الشباب بالأزهر بالقاهرة تناقلت الصحافة والتليفزيون أخبار اغتيال صلاح حسين في قرية كمشيش وتداولتْ نشاطه ودوره مع فلاحي القرية في كشف تهرب عائلة الفقي الإقطاعية من قانون الإصلاح الزراعي ؛ فضلا عن مصادرة الأرض المهربة وتوزيعها علي فقراء الفلاحين. وساعتها عرفتُ أن الشهيد صلاح حسين هو الشقيق الأكبر للشهيد حمودة ولنازك زوجة معلمي.

و أمس31 مارس 2020 رحلت نازك محمد حسين آخر عنقود أسرة الشهيدين صلاح وحمودة ومع رحيلها قلّبت شجونا قديمة ومواجع شتي وشريطا دراميا من الذكريات..خصوصا وأن آخر لقاء بها كان يوم جنازة وسيم ابن أخيها صلاح في كمشيش عام 2008 .
ورغم أنها كانت بعيدة عن النشاط السياسى – لأسباب متعددة- إلا أنها كانت وفية لقريتها وأهلها وبارة ليس- بوالديها فقط - بل بكل من له صلة بقريتها.

كان رحيلها مفاجئا؛ ومواراة جثمانها بمقابر الأسرة تمت علي عجل بسبب حالة حظر التجول التى تشمل مدن مصر وقراها .. وتقيّد الحركة في طرفي النهار توقّيا لفيروس كورونا.

لا أعرف ما الذي أصابني وأنا أقرأ الخبر في المساء بعد تشييع الجنازة حيث كان الوجوم والأسف هما الشعور الذي انتابني لحظتها وظل ملازما لي حتي الآن؛ رغم معرفتي أننا جميعا نقف في الطابور ( طابور المغادرة ).

هذا وقد قمت بكتابة هذه السطور ليس من باب الواجب أو من قبيل الوفاء بقدر ما كان من باب الألم و" القرف ". فقد عاد مسلسل الذكريات - الذي جال بمخيلتي- إلي يوم اغتيال صلاح حسين في 30 إبريل 1966 حينما قال مصطفي علواني مدير أمن المنوفية لشاهندة أن وزيرالداخلية – شعراوي جمعة - يري ألا يدفن جثمان زوجها صلاح في كمشيش .. ولما رفضت ذلك أصدر قرارا بمنعها من النزول إلي كمشيش .. ثم عاد بعد يومين وتراجع عنه.

وتضمن مسلسل الذكريات.. كيف قام علي صبري – الأمين العام للاتحاد الاشتراكي- بمنع فلاحي القرية من الاحتفال بذكرى أربعين الشهيد . بعد أن ملأت شوارع القرية أعداد هائلة من قوات الأمن.

ومرة أخرى أمر وزير الداخلية شعراوي جمعة - في أوائل إبريل -1967 باعتقال 37 قردا من قادة القرية وألقي بهم في سجن القلعة قرابة شهرين لمنعهم من الاحتفال بالذكرى السنوية الأولي لاغتيال الشهيد ( إبريل 1967 ).
وهكذا طاردت السلطات والموت هذه الأسرة ومن ارتبط بها من أسر أخري وأفراد طيلة نصف قرن ؛ واستأنف فيروس كورونا مطاردتها إبان رحيل الحبة الأخيرة في عنقودها.

ولا نملك إزاء كل ذلك إلا الأسف .. والألم.. والتساؤل :

كمشيش الأبية .. كيف كانت..؟ وإلام صارت وأصبحت..؟!!


أول إبريل 2020 بشير صقر