متى نضع حدا لجشع الانسان -الراسمالي- حتى نُنقِذ الإنسانية جمعاء


محمد نجيب وهيبي
2020 / 3 / 27 - 01:06     

متى نضع حدا لجشع الانسان "الراسمالي" حتى نُنقِذ الإنسانية جمعاء ...
منذ مجتمعاتها الاستغلالية الأولى حيث سُلِبت من البشرية طبيعتها المسالمة و تصالحها مع محيطها وهي في صراع مع الطبيعة بكل أشكالها - في إطار معركة إحكام السيطرة والتوسع - "لطخة بلطخة" ومن ضمنها معركتها مع الفيروسات التي تضرب ميكانيزمات الإنسان من داخل أسواره عبر خلاياه الخاصة وأعضاءه الخاصة عندما تتمكن منها وتسكنها ، عرفت البشرية عشرات وربما مئات الفيروسات القاتلة في تاريخها من الانفلونزا الموسمية بكل انواعها ، للمالاريا والايبولا و الحمى الاسبانية و الكلب و انفلونزا الخنازير وشلل الأطفال و الإيدز ... الخ الخ وصولا لعائلة الكورونا و" قريد العش متاعها " الكوفيد_19 ، بعضها كان محدود الانتشار و قلة وسّعت مجال نشاطها ، جزء منها كان انتقائيا يصيب الأطفال مثلا أو كبار السن وأخريات كانت عامة لا "تفلت لا شاردة ولا واردة" ، مجموعة منها كانت زائرة خفيفة مرحة تُخلّفُ إعاقة هنا جنونا هناك أو عُضالا ... وزمرة منها تأقلمت مع طبيعة بني البشر فصارت فتاكة قاتلة بلا رحمة وعلى عجل... ولكن ميزة غالبيتها الأساسية أنها كانت تستقر وتضرب بقسوة الجماعات والتجمعات الصناعية الكبرى ربما هي تكره نمط الحياة الرتيب كثيف الاستغلال والانتهاك لتوازنات الطبيعة ، حيث يفقد الإنسان نفسه ومعها ارتباطه العضوي بالطبيعة ونسق تطورها ، ربما لان الفيروسات ذكية نوعا ما فهي تحمل خارطة جينية مرنة التطور وصعبة المراس ، أو ربما لتوفر الإحصاءات التي تهم حياة البشر طالما موته ومرضه يمس ربح ماكينة إنتاج الثروة ، المهم طيلة حياة البشرية فتكت الأمراض الفيروسية بحياة الاف الملايين من البشر ، تطور جهاز مناعة الإنسان طبيعيا لصد بعضها حتى صار ضيفا هزيلا منبوذا ، وطور مجتمع الإنسان لقاحات صناعية هجومية هزيلة التكلفة ترتكز اساسا على تحفيز مناعة القادر منه تسانده في معركة وجوده ، كما طور اسلحة أخرى نُخبوية أكثر كلفة لمعالجة أشد الأعراض خطورة للهجمات الفيروسية على ضعاف الجسد والمناعة وصولا إلى مضادات فيروسية بأتم معنى الكلمة ( مثل مضادات الالتهابات البكتيرية) في اواخر القرن الماضي ولكنها ذات تكلفة مالية عالية جدا ، وكذلك الأمر بالنسبة للفيروسات على بداءة تركيبتها الجينية وإفتقادها لعقل جماعي واعي ولاماكانيات مالية جبارة فإنها تتطور وترتقي وتغير من وسائل هجومها في هذه المعركة اللانهائية حتى الآن وتغير المغيرين منها من قبيلة إلى قبيلة ومن عائلة إلى أخرى لا سند لها في هذا أكثر من جشع الإنسان و سعي الطبيعة إلى إقامة توازن يليق بعظمتها وتحرير علاقات مكوناتها وكائناتها جميعا من علاقات الاستبداد وسيادة الأقلية بمنطق القوة والتسلح باجهزة التطويع الغصب للاخريات أو عزل المستبد طبيعيا حد الاندثار بوصفه فيروسا ....
ردت البشرية اليوم على هذه الانتفاضة المجهرية الطبيعية الدائمة بعزل 3 مليارات بشر ، وإيقاف اغلب النشاط الاجتماعي والسياسي كما لم تفعل قبلا !! فماذا ستصنع مع العائلات الفيروسية القادمة ؟ وماذا ستصنع مع مختلف هزات غضب وجنون الطبيعة طلبا لتوازنها وتحريرها من نير هذا الاستغلال الهمجي الاستبدادي المفرط !! لم نفهم الدروس ولن نفهمها حتى هذه المرة ، رغم أن العالم صار مفتوحا ووسائل الاتصال والتواصل الحديثة خلقت ثورة معلوماتية ومعرفية شاملة الى درجة قدرتها على الاستنفار الشامل أو نشر حالة هلع كونية بضغطة زر واحدة اسرع واوسع اثرا من كل عائلات الفيروسات التي هاجمت البشرية طيلة وجودها القصير على ظهر المعمورة ، القضية يا سادة قضية حرية وتصالح مع الذات ومع المحيط ، أن نتحرر من علاقات الاستعباد والاستغلال وأن نتصالح مع الطبيعة بوصفنا شركاء في الحياة والوجود ... قد نتمكن اليوم من إجبار راس المال ودولته على تقديم التنازلات والانفاق بصرامة وصراحة على البحوث الفيروسية وبحوث علوم الحياة والطب عموما ، قد ننتزع منه ودولته إعترافا بالعجز والتقصير لإيقاف بحث هنا واحتكار دواء أو تلقيح هناك ، يمكن أن نخضعهما للاعتراف بتآمرهما في حق الانسان والطبيعة في هذه القضية أو تلك ( سباق التسلح ، الاسلحة البيولوجية ، التلوث واتفاقية كيو 2 ...الخ ) و لكننا لن نضمن تحالفا ابديا دائما مع ذواتنا ولذواتنا مترجما في صلح شامل مع الطبيعة بوصفنا جزءا منها لا سائدا ولا مسودا الا متى قدنا المعركة بكل جرأة لتحطيم سلطة القهر والاستغلال ودك كل أجهزتها اللاعقلانية وأهمها جشع راس المال وانانيته المفرطة ، اولا وقبل كل شي .