الكورونا ونظام عالمي جديد- قديم .


قاسم حسن محاجنة
2020 / 3 / 23 - 18:43     

الكرة الأرضية مُصابةٌ بالهلع ، وكأحد سكان هذه المعمورة ، تنتابني نوبات من الخوف . فصغيرتي التي تتواجد معنا في البيت بعد أن تمّ إغلاق المدارس الرسمية والخاصة ، تمر بوعكة صحية خفيفة ، ليس لها ارتباط بالكورونا ... وقررنا أن نأخذها لطبيب العائلة ... لكن من سيأخذها ؟ لم يوافق ابني البكر على أن أُرافقها أنا.... لأنني في "مجموعة الخطر"، فقد تجاوزت الستين من عمري، وكل "تماس" مع مصاب بالعدوى قد يؤدي الى ما لا تُحمد عقباه ، لذا فقد "غامر" إبني وقاد السيارة حتى العيادة البعيدة عن بيتنا...!!
لقد وصل الأمر حداً اصبح فيه الخروج من البيت مغامرة كبيرة ومخاطرة بالروح .. بالإضافة الى "نظرية المؤامرة" التي تنتشر كإنتشار النار في الهشيم ، يتكشف العالم المعاصر والدول العظمى تحديدا، في أضعف وأسوأ حالاته ... لا معدات ، لا وقاية ، والأنكى من كل هذا ،لا علاج حتى الآن، واعداد الضحايا ، أمواتا وأحياء في تصاعد متوالية هندسية .
بعد الاستهتار واللامبالاة بحيوات الناس، ذهبت السكرة وحضرت الفكرة، لتقرر دول أوروبا والولايات المتحدة، بأن الوضع جد خطير ويجب تخصيص الميزانيات لمواجهة الكورونا ...
فالنظام الرأسمالي النيو ليبرالي، وتحديدا في الولايات المتحدة، والذي يُحرّر الدولة من مسؤوليتها عن "المواطنين" العاديين ، ولا يُقيم وزنا سوى للإحتكارات الكُبرى ، بدأ يستوعبُ بأن إهماله المقصود والمُتعمد في توفير خدمات طبية مناسبة للجميع ، وتوفير المعدات اللازمة للوقاية والعلاج، أمر هام ومستعجل ، وإلا لن يبقى مِن القوة العاملة ، مَن سيستغله الرأسمال ليُراكم أرباحه .
لذا نرى ترامب الذي انكر وجود الفايروس، ويكذب على نفسه أولا وأخيرا ، يسارع الى تخصيص ميزانيات ضخمة لمواجهة الفايروس . هذه المواجهة التي ستصب في المحصلة ، في مصلحة الاحتكار .
وبالمقابل تتعالى أصوات كثيرة ، تمجد وتعدد مزايا الأنظمة الاشتراكية، والتي وفرّت للمواطن في بلادها حاجاته الأساسية من طب وتعليم مجانيين. لكن هذه المزايا لم تحمها من السقوط في نهاية المطاف.
أعتقدُ، وهذا رأيي غير المُلزم لأحد، بأن ألعالم على عتبة شكل جديد من المنظومة السياسية ، وهو شكل يمزج بين إيجابيات النظامين، الخدمات المجانية والتي ستغطي كافة الإحتمالات والسيناريوهات، وخصوصا السيئة منها ، وبين الحريات الفردية والتي هي بحاجة الى تحسين وتحصين .
وحينما تنقضي هذه الأزمة العالمية ، لن تسكت الجماهير عن حقوقها ، وستخرج مطالبة بالتغيير المنشود، لكي تصبح الشعوب والمواطنين، في مركز الاهتمام ، وليس الإحتكار، الحزب او الزعيم .