الانسان في دولة الكورونا و-القتل الرحيم-


محمد نجيب وهيبي
2020 / 3 / 16 - 13:03     

الإنسان في زمن دولة الكورونا و "القتل الرحيم"
ماذا لو انتشر وباء الكوفيد_19 اوسع وأعمق من الحمى الإسبانية مثلا ؟؟ هل سنقبل وندعوا في النهاية الى تركيز محتشدات عزل جماعية للمُصابين نودع على ابوابها أحبتنا الى حتفهم الاخير ؟؟ هل سنقبل بعودة ممارسات قديمة ونسمح بحرق المصابين علنا ؟؟ ، هل سنتوقف عن كل نشاط إجتماعي وندفن انفسنا احياء في أقبية المنازل ؟ ...
إن حجم الهلع والرعب الرسمي و الشطط في الدعوة للعزل الذي تنشره الدول عبر وسائل الإعلام ومحلليها وخبرائها يُوجّهنا غصبا للقبول باكثر الإجراءات تطرفا و سلبا لأنسانيتنا وإرادتنا الحرة مقابل ضمان إستقرار المنظومة وعدم التسبب في إنهيار الاقتصاد !!! كل العالم يتحدث عن الانكماش الاقتصادي و إنهيار البورصات نتيجة كورونا !! ولكنهم يقبلون بكل بساطة أن يقرر طبيب إيطالي او موظف رسمي في مستشفى ما حكم الإعدام في شأن شخص مصاب بالكورونا نتيجة نقص المعدات الطبية ومحدودية سعة غرف الانعاش !!! الكل فزع حول إنهيار سعر برنت و لكنهم لا ينزعجون كثيرا من انهيار نشاطنا الاجتماعي بوصفنا بشر نحيا لنتعارف ، نحب ، نتشارك ثم نموت .
يفرضون العزل الفردي والجماعي للبشر ، يتخذون إجراءات للانعاش الاقتصادي لهذا القطاع او ذاك فزعون من انكماش التجارة العالمية ...الخ ولكنهم لا يوقفون العمل اليومي في المصانع والشركات حتى لثلاث ايام فقط خالصة الأجر !! يلتقط فيها الإنسان أنفاسه ، رغم ان الاموال مكدسة والبضائع كذلك في كل مكان ، إلا أنهم يواصلون ارسال ملايين العمال في طوابير الموت المحتوم حتى لا ينهار "الاقتصاد" أكثر ولا تجف جيوب الأغنياء !!!
إن الاقتصاد الراسمالي لا ينهار بسبب الأوبئة - هو لا ينهار حتما طالما لم تنهر قاعدته الطبقية عبر نهوض ثوري شامل يقضي على أحد اهم اسسه وهي الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج- هو فقط يشهد تغييرا في قطاعات الانتاج حيث تظمحل الهامشية منها وتزدهر اخرى ضرورية في زمن الاوبئة ، ستخسر قطاعات الرأسماليين المستثمرة في السلاح او العقارات مثلا او المختصين في المضاربة و ستنتعش قطاعات الصناعات الصحية و الغذائية وستتاقلم قطاعات واسعة من التكنولوجيا المرتبطة بها ، في النهاية ستتحول أرباح هؤلاء الى أولئك تحت حماية جهاز "الدولة" الذي يعمل بكل طاقاته وجهده لينتزع حرية وإرادة طوابير الملايين من المسحوقين والعمال والأجراء حتى يقبلوا موتهم الحتمي بكل سعادة دون أن ينهضوا ليدكوا سبب البلاء الاول من أسسه ويسترجعوا إنسانيتهم خالصة لهم في عالم من السلم يتصالحون فيه مع طبيعتهم المحبة للحياة دون شطط في تشويه الطبيعة واستغلالها المقرف الكاسر لكل توازنها وقوانينها !!
الكورونا ( كوفيد_19) يُعري خذلان هذه الدولة ، وحجم تهافتها وطبقيتها بأن تجعل من خبر " الجهاز الصحي في ايطاليا يجد نفسه مجبرا على اختيار من يعالج عبر منح الأولوية للاكثر حظا في الشفاء " خيارا إنسانيا صعبا نتيجة نقص المعدات والاموال الموجهة للصحة !!!! رغم انه جريمة إنسانية بكل المقاييس كانت تستوجب التدخل بالقوة لتحويل كل مراكز البحث والتصنيع وكل الاموال المخزنة لقطاع الصناعات الصحية وإن بالمجان ، لنضمن على الاقل ميتتة اقل بؤسا والما للانسان ، الكورنا بكل بساطة أظهرت أسوأ ما في هذه الدولة من خراب وعجز عن التعبير عن الإرادة الجماعية الحرة للانسان في الدفاع عن حقه في الحياة وهي تُغلّفُ هذا بكل صلف تحت عنوان كاذب بأن الكورونا فيروس غير طبقي يضرب الجميع ويهدد بانهيار الاقتصاد العالمي !!!