قُطّاع طريق الفلسفة


عادل عبدالله
2020 / 3 / 10 - 17:57     

قُطّاعُ طريق الفلسفة

تعرّضَ المشروع الكانطي المتمثّل بوضع الفلسفة على " درب العِلم الآمنة " الى كثير من محاولات قطع الطريق عليه و منعه من بلوغ غايته.
و لأنّ قُطّاع الطرق أولئك، كانوا متفاوتين في قدراتهم و نوع أسلحتهم و غاياتهم من قطع الطريق، فإن كلمةً منصفةً بحقهم ينبغي أن تقال و تفصّل كلّ ذلك، و على النحو التالي:

1- ثمة من قطعَ الطريقَ على الفلسفة الكانطية و منَعها من بلوغ غايتها، بسببٍ من ان ّ المضمون الذي كانت تحملُهُ قوافلُ الفلسفة و هي تمضي في درب العلم الآمنة، إنّما كان مضموناً ميتافيزيقاً لا يوافق توجهاتهم و أفكارهم العلمانية و الوضعية، فكيف يمكن لهم السماح لمثل هذا المضمون ان يصبح عِلما؟
و مثل هذا النموذج لقطّاع الطرق، كان أبطاله كلّ من، نيتشه و هيدجر، و رجال حلقة فينا الوضعية المنطقية.
أمّا آخر قاطع طريق من هذه الفئة فهو، ريتشارد رورتي، بسلاحه الاميركي البراغماتي الجديد.

2- النموذج الثاني لمنع فلسفة كانط من بلوغ درب العلم الآمنة، كان بطلُه الذي لا يُقهر، هيجل، استاذ الميتافيزيقا الأول و معلّمها بلا منازع. أمّا عن دوافعه من قطع الطريق عليها فهو، نوع البضاعة الميتافيزيقية التي تحمله نفسه، لكن لأسباب و دوافع مختلفة عن اسباب و دوافع قطّاع الطرق من الفئة الأولى. حيث رأى هيجل، أن كانط بوصفه حاديا لقافلة الفلسفة لا يمكنه على الاطلاق ان يصل بهذا النوع من الميتافيزيقا الى درب العلم الآمنة، و من هنا رأى أنّ من الضروري تصحيح مضامين حمولة كانط الميتافيزيقية قبل بلوغها درب العلم الأمنة، الأمر الذي يعني أنّ النجاح الذي سيكتب لقافلة كانط ببلوغها لغايتها، لن يكون معقودا لكانط ابدا، إنّما سيكون لهيجل نفسه. و من هنا عمل هيجل على وضع مؤلفاته الكبيرة لتصحيح مضمون فلسفة كانط، فكان كتابه العظيم " المنطق" و كتاباه " علم ظهور العقل" و " موسوعة العلوم الفلسفية " نقوداً قاسية موجعة، ليس أقلّها القول عن بضاعة كانط " ان كانط أشبه بمن يريد تعلّم السباحة خارج الماء" او قوله " لقد كانت يدا كانط طاهرتين، لأنه كان بلا يدين فحسب"

3- أمّا عن النموذج الثالث لقطاع طرق الفلسفة فهو النموذج العلمي الذي كان أبطاله جمعاً من "العلماء العلماء" و ليس العلماء الفلاسفة، فكان ان ارتكبت الفئة الاولى منهم جناياتٍ لا تحصى بحق قافلة الرجل المسالمة، منها شتائم ريتشارد داوكنز البذيئة، كلّما سنحتْ له فرصة لذلك، و منها عبارات ستيفن هاوكينغ في مقدمة كتابه " The Grand Design حيث يقول " كيف يمكن لنا انْ نفهم العالَم الذي نعيش فيه؟ بأية طريقة يتصرف الكون؟ ما هي طبيعة الواقع، و من أين أتى كلّ ذلك؟ هل يحتاج الكون الى خالق؟ على نحو تقليدي، إنّ مثل هذه الأسئلة فلسفية، غير أن الفلسفة ميتةٌ، بسبب من كونها لم تواكب التطورات الحديثة في العلم، تحديدا الفيزياء".
هذه هي وجهة نظر العلماء العلماء، و هنا تجدر الاشارة، قدر تعلّق الأمر بفئة العلماء العلماء، ان أحد العلماء الفلاسفة قال في معرض الردّ عليهم " لطالما اعتقدتُ بأن هذه الفئة من العلماء
يتربّعون على عرش الغباء "