سد النهضة- وجهة نظر


محمد مدحت مصطفى
2020 / 3 / 11 - 09:33     

مرة أخرى سد النهضة ومازلت عند رأيي، وحيداً أغرد خارج السرب.
وحتى لا تختلط الأوراق يتعين التفرقة بين موضوعين: الأول مضار سد النهضة على مصر، والثاني التعامل السيئ والأبله للحكومات المتعاقبة مع الملف.
بالنسبة للموضوع الأول وتحدثت عنه كثيراً وهو عدم وجود مضار من السد على مصر، ما عدا نقطة واحدة وهى –سواء تم البناء أو لم يتم_ ضرورة شق قناة توصيل جديدة من بحيرة ناصر إلى مفيض توشكى. القناة الحالية بعد توسعتها العام الماضي 2019م تسمح بإمرار 333 مليون متر مكعب/ يوم، بينما في حالة انهيار السد لأى سبب من الأسباب –أخطاء في التصميم، أو زلازل، أو تخريب متعمد- بعد امتلاء خزان السد بنحو 75 مليار متر مكعب من المياه، فإنه يلزم إمرار مليار متر مكعب/ يوم من البحيرة إلى المفيض، بينما المُتاح الآن كما ذكرت 333 مليون متر مكعب/ يوم. صحيح ان القناة الجديدة ستكون أطول من قناة توشكي الحالية، واكثر تكلفة، لكن المسألة مسألة أمن قومي –سواء إنهار السد أو لم ينهار- وفي النهاية فهى عملية حفر على الناشف توجد مئات من الشركات القادرة على تنفيذه، والتكلفة لن تزيد عن ثمن طائرة رافال واحدة. السؤال الآن من يقف ضد تنفيذ هذا المقترح (إثيوبيا- إسرائيل- أمريكا- منظمات إرهابية) أم نحن؟.
نأتي للموضوع الثاني، وهو التعامل مع القضية. هناك إساءة بالغة في التعامل مع القضية تتمثل باختصار في (التفريط في حقوق تاريخية تضمنها اتفاقيات دولية عديدة منذ 1906م)، وغيرها كثير، أفاض الخبراء في رصدها، ولن أعود لتكرارها لموافقتي عليها.
المسألة من وجهة نظري هى مسألة سياسية بامتياز وقعت فيها حكومتان مأزومتان تعاملتا بالشعارات الشعبوية التي تشحن الشعوب بالعداء حتى تجد الحكومات المبرر الكافي لما تتخذه من مزيد من الأخطاء. إثيوبيا تُماطل حتى تنتهي من البناء، ومصر توقع على تنازل عن حقها في اللجوء للقضاء الدولي، أنا استمع للتهديدات المباشرة وغير المباشرة باستخدام الحل العسكري من الطرفين، ولكني على قناعة بانه لن يتم استخدام هذا الحل، الطرفان يدفعان لحافة الهاوية دون السقوط فيها. من الناحية العسكرية القضية تبدو محسومة لصالح مصر، لكن بالحسابات السياسية فإن آثار هذا القرار على جميع الدول الإفريقية وليس إثيوبيا فقط ستكون عدائية لمصر، وسيمتد أثرها لمئات السنين. المشكلة ستنتهي بإتفاق يرضي غرور الطرفين، لأن الواقع العملي يقول أن لمشروع سد النهضة فوائد جمة للطرفين، وبالتالي سيكون الإتفاق (رابح- رابح) ويعود كل طرف ملوحاً لشعبه بالإنتصار العظيم الذي حققه على خصمه.