الهبوط الرهيب


بديع الآلوسي
2020 / 3 / 4 - 23:51     

قال ايبيه ايل ( أمين معبد الألهة إنانا ) : أذا كان الجحيم دار قرار فلماذا ايتها العظيمة هذا الانتظار / ذات مساء ، انزلوني الى القاع بلا اي جلجلة / ايتها الخالدة ، الجحيم لا يتسع الى روحي ، والنار لا تلتهم جسدي ، لكن ضوءا ً قرمزيا ً صار يخطف بصري / مذعورا ً من الافاعي المفترسة ‘ مبهورا ً من عودة المادة الى عناصر العدم الاولى / هكذا سقط قلبي في براثن السحر الأسود ، في ذا الحجيم الذي لا يعرف الحياد ، ومثل خاطرة عجيبة كانت الحمم تخترقنا كالنجوم / اصدقائي الملحدون ، ملعونون في الدرك الأسفل / يستدرجون المعنى الى ما هو ابدي / في الباحة الخارجية للجحيم ، كنا نتسكع ، لا من شجرة نتأملها ، ولا مستقبل او نصيب يوقف ذرف الدموع / كنا مستغرقين في سؤال صغير كحبه اللوز : هل كتب علينا العقاب قبل ان نخلق في الارحام ؟؟ ، وظل العذاب يطاردنا كهلوسات بلهاء .
**********************************
في زمن جهنمي ، في زمن ما عادت تقبل المغفرة فيه / أنزل بجسدي مثقلا ً بالأغلال / تركوني اتوجع وحدي بعد ان هبطوا بي الى مرتبة اخفض ، في هذا الجحيم الجديد ، رأيت عشتار المسكينة ، فاصابني الذهول ، رأيتها تجلس القرفصاء كراهبة او ساحرة / قلت : ليس من بشارة تليق بنا / وصار كل مساء ، تنطلق الموسيقى الجنائزية الموحشه ، لا تتركنا ننام / تُصحر قلوبنا من الحب / وتغرقنا بالهذيانات / وقبل ان تهبط علينا بخور الموت ، تقتلعنا ريح لا توصف / قالت عشتار : وماذا بعد هذا العذاب ؟ / قلت : سينتهي هذا الهلاك / ما عاد للخوف من معنى / لكن الموجع اننا رأينا كل شياطين بابل يزفرون في الجمر / كل شيء اشبه بحلم / باشباح بلا ارواح / لكن ليس منا من يجرء ان يقول : ايتها الآلهة العظيمة ما الجدوى ، ما الحكمة من هذا الكابوس الغامض ؟ / ظننا ان إنانا الخالدة تعرف المعنى والجوهر / هي ترى شريط التعذيب وتدرك متى يجب ان يتوقف ….

*************************
ننظر الى عيون أنانا التي لا تريدنا ان نموت ، تريدنا ان ننضج فقط ، وان نخرج من هذه المهزلة متسائلين : ما الحدود الفاصلة للخلود / بعد ان حَكمَنا سوء الطالع ، والحزن المبهم ، في لحظة قدرية حُكم علينا وانتهى الأمر / هل كل ذلك لأننا حلمنا بغراميات لا تنسجم والوصايا / كذلك عقابنا الغريب ، لم يكن سوى بسبب شجار بين الألهة / وتتداخل التجربة على خرائط الشقاء ، وتتقاطع دروب العدم المليء بالاسرار / يا لها من رحلة تحمل الخطيئة والنزول والاكتشاف والعزاء.. سلاما ً لكم ، يا جيراننا في جنة الخلود / نتمنى لكم الهناء الموعود / وندعوا لكم بطيب الأقامة ، في وجود ابدي كعرس الملوك / في ذروة لذة بلا حدود ….