العراق ... مسرحية كوميدية لا تحتاج إلى عادل أمام


جاسم محمد كاظم
2020 / 3 / 3 - 13:04     

العراق ... مسرحية كوميدية لا تحتاج إلى عادل أمام
المسالة طالت واتسعت كثيرا أكثر من المألوف وفي أخر الأمر هرب محمد توفيق علاوي من التكليف كما هو متوقع بمشهد اضحك الكثير من المشاهدين والمطالبين بالتغيير الشامل .
فالسلطة في العراق تمتلك الكثير من المقومات لبقائها حية أكثر من اللازم ولهذا فهي تستخدم وسائلها الضرورية تباعا واحد ة بعد الأخرى للضحك على ما يسمى بالشعب .
وطبقا لهذا المخطط دخلت مخابرات دول الجوار على خط اللعبة بتوظيف كيانات تعمل لهذه الدول تتمثل مهمتها الأساسية بالتغلغل في لب الحراك الشعبي أولا بعدها تبدى عملية من نوع آخر تستغل فيها السلطة التركيبة الدينية والثقافة الشعبية السائدة عبر إدخال المكنون الديني للتأثير في العقل المكون وجس النبض عبر أطلاق بالونات سياسية تأخذ إشكال متعددة تبعا للظرف .
فإذا طالب الشعب بالتغيير الشامل تتدخل هذه القوى بطرح مغاير كأن يكون شعار الإصلاح الجزئي أو الشامل وتشن السلطة نفسها حملة إعلامية هائلة عبر أجهزتها الإعلامية بوضع برنامج سياسي إصلاحي يطغى على هتاف الحراك يمهل السلطة فترة زمنية محددة .
تتسع هذه الفجوة الزمنية كثيرا عبر مداخلات الخبراء السياسيين والإعلاميين ثم تتلاشى شيئا فشيئا من الوجود عبر النسيان في آخر الأمر .
لينفجر الأمر من جديد وكأن العراق سيصبح عرضة لانقلاب شامل يطيح بكل شي لنسمع عن فترة تهدئة من نوع آخر لإرجاع الأمور إلى مسارها الأول بعد أن يتم حرق الكثير من المؤسسات ويسقط الكثير من الضحايا وتأخذ قنوات النعي للشهداء والمطالبة بالثار فترة زمنية ليست بالهينة .
وهنا يظهر إلى العيان المطالبة بترشيح شخصية متفق عليها من قبل كل المكونات لتكون الحد الفاصل مابين الظلمة والنور .
ويطول المط على شكل ومضمون هذه الشخصية الأسطورية التي يشتد فيها الجدل مابين العقليين والتجريبيين في أول الأمر على ماهيتها ومكنونها السابق واستقلاليتها اللاحقة ثانيا ثم على صلاحيتها ومدتها التجريبية وبعد ذلك نهايتها من سوق السياسة كسلعة كاسدة .
وما أن يتبدى هذا المنتظر الموعود بالتجلي حتى ترفضه الساحات جملة وتفصيلا وبرغم الفيتو الشعبي يستمر هذا المرشح بالتصريح لتكوين الكابينة التي يعمل لتكوينها ويقول بأنها تركيبة مستقلة وتكنوقراطية حد العظم هدفها خدمة البلد بعيدا عن ظرف المحاصصة سيئة الصيت .
وهكذا يعيش الكل ثوريين ومتسلطين على هذا الأمل ويأخذ الزمن ستة شهور كاملة بلياليها من أعمارهم مابين مد وجزر ليظهر هذا البطل الخارق في نهاية اللعبة خائر القوى منهوك الأنفاس قد وصل إلى طريق مسدود لان الإخوة الأعداء قد اقفلوا علية كل المنافذ ليقدم الاعتذار عن التكليف من السيد الرئيس .
مسرحية جميلة ورائعة أعدت بإتقان وحرفية من قبل أجهزة مخابراتية محترفة تستعمل كل الحيل المألوفة وغير المألوفة من اجل إبقاء السراق في أماكنهم .
سيناريو متفق علية سلفا مابين كهنة الدين وكبار لصوص الكتل فمادام مردود النفط الهائل هو من يبقى المتسلطين على قيد الحياة فالشعب سيكون دائما خارج قوس السياسة لان النفط هو بالتالي مصدر السلطات وليس الشعب العاطل عن العمل وبالتالي فان النفط وهو الدستور السامي الذي يجب أن يخضع له الكل شاءوا أم أبو .

ولهذا السبب فمادام دفق النفط ومردوه في أيدي السلطة لن يتغير شي في العراق مهما خرج الشعب إلى الساحات .
فالمتسلطين لا يرون في هذا الحراك سوى امتلاء للساحات بكتل بشرية ولا غير .
و سواء جلس الشعب في الساحة أم في البيت فان الأمر سيان في نظر السلطة لكنها في آخر الأمر بدأت تلاعبه كما يريد عبر مسرحيات كوميدية ساخرة تأخذ السلطة فيها دور الضابط بينما يأخذ الشعب العاجز عن فعل إي شي دور المتفرج الذي لا يعرف شيئا من هذا السيناريو أشبة بدور الشاهد الذي جسده بحرفية عادل إمام ..

::::::::::::::::::::::::::::::
جاسم محمد كاظم