الطبقيه في الولايات المتحده ..تذبذب نحو الصعود..ج2


ليث الجادر
2020 / 2 / 29 - 21:29     

.كما ان هناك تشابه مقارن مع الظروف الاقتصاديه المتأزمه التي واجهها روزفلت وبين ما انبرى الى مواجهته باراك اوباما ..فبعد مايزيد على عقد من انتهاء الحرب العالميه الثانيه كانت الولايات المتحده الامريكيه تمر بأسوء تدهور اقتصادي في تاريخها والذي واجهه روزفلت في عام 1933 بعدة مشاريع وقوانين اقتصاديه استهدف في غالبيتها معالجه الوضع الاقتصادي الكارثي للطبقات والفئات الاجتماعيه الدنيا وكان من اهمها ما عرف ببرنامج (الصفقه الجديده ) الذي شمل برعايته المحتجايين والعجائز ..وذات الشيء حدث لباراك اوباما ايام الازمه الاقتصاديه (الماليه ) عام 2008 أي بعد نهايه الحرب البارد فعليا بانهيار الاتحاد السوفياتي والكتله الشرقيه وهو نفس الفارق الزمني مابين نهايه الحرب العالميه الاولى (1918 ) وعام الكساد العظيم عام ( 1929 ) !! .. لم اذكر هذه الملاحظه من باب المقارنه الشكليه التي ربما توعز الى الصدفه , بل لاستعين بها على ان المعادله الثوريه الماركسيه بجوهرها ( تناقض قوى الانتاج مع علاقات الانتاج ) لم تغيب ابدا عن الواقع الامريكي ولن يتوقف مفعولها كما تؤمن به الغالبيه الغالبه من المهتمين بالمسائل النظريه .بل انها فقط دخلت سيروره خاصه جدا بسبب خصوصيه المسار التاريخ الذي اتخذته الحركه الاجتماعيه في الولايات المتحده , ولعل استثنائيه عبور المجتمع الامريكي الى الراسماليه بقفزه من العبوديه دون ولوج حقيقي وكامل لمرحله الاقطاعيه , هو ما يؤكد تلك السيروره الخاصه ..ويثبت الاشاره الى ظاهره او حاله (الاستطاله ) التي تحول دون وصول تلك التناقضات ما بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج الى مرحله التناحر ..نحن هنا ايضا لانتتبع حركة التطور النظري الطبقيه بكل ما تحمل من ملابسات افرزتها النزعات الفلسفيه الوضعيه والتماهي بالتجريبيه الصرفه , انما نتتبع النشاط السياسي في اعلى مستوياته وهو مضمخ بانعكاسات طبقيه ومطلبيه وحراكات اعتراضيه ..نحن هنا نتابع الخط المتذبذب لانعكاسات المعادله الثوريه الممتد مابين 1929 وفتره روزفلت وبين 2008 ووصول اوباما لسده الرئاسه ..خط تخلله بروز الاتحاد السوفياتي بكيان دوله شكلت محورا معاديا للولايات المتحده وتسبب ذالك في توافر كل الشروط الموضوعيه لان تنسحب المطالب الطبقيه من المستوى السياسي لتنكفء بعد حملة المكارثيه الى التشتت والى مزيد من اللاتنظيم ..بل وصل الامر الى حد ان الجماعات المعنيه بالمطالب الطبقيه قد حورت من شكل اعتراضاتها المباشره الى اشكال نشطه لتطبيقات فلسفيه ونظريه تامليه , مثل الهيبيه ونزوع متعصب الى ما يشابه الثوره في العلاقات الجنسيه المثيليه والتي صارت في فترة السبعينيات تمثل صبغه من نوع ما اختص بها اليساريون الامريكيون الجدد ..نحن نتكلم ايضا عن الحلم الامريكي الذي يملك كل المقومات العقليه (وليست الواقعيه ) لان يحقق العداله الاجتماعيه وهذه المقومات التي جعلت المناضل الطبقي يوجين فيكتور دبس في مطلع القرن العشرين الى ان يرفع شعار (العمال والرأسمال أصدقاء) ويعارض الاضراب عن العمل ولكنه ينشط بعبقريه باتجاه تحقيق مطالب العمال , وفي مجرى توسع نشاطه هذا اكتشف عمليا كم ان التوقف عند تلك (الامكانيات العقليه ) وبناء منهج (عقلاني) لتمكينها كان طريقا مضلل , وكيف انه ومع احتكاكه المباشر والمهم مع ذاك الرأسمال (الصديق ) قد أدى به الى ان يقبع بالسجن !وحينما تخلى عن هذا المنهج وهو في السجن تم ترشيح للمره الثالثه لخوض الانتخابات الرئاسيه !! نحن نتوقف عند الكساد العظيم الذي عولج بتدابير اقتصاديه غنيه بالتوجهات الاجتماعيه ولم تكن مقتصره على الاليه الماليه وكيف انها انقذت النظام الراسمالي من الانهيار وانها حقنته بدفعه جديده لان يتوج الراسماليه الامريكيه وبعد فقط بضعة سنين قبل الحرب العالميه الثانيه وببضعه سنين اخرى بتاجها العالمي التوسعي ..وكيف ان هذا بدوره عاد ليحقن الاداء السياسي الراسمالي بجرعه من القوه الموضوعيه وليترجمها في المكارثيه التي قمعت اي بادره لتشكل المطالب الطبقيه في مستواها السياسي ..وكيف ان انهيار الاتحاد السوفياتي كان يؤشر بدلالات ضمنيه الى سيروره المعادله الثوريه الماركسيه الحتميه بعد ان اختفت (ولو مؤقتا حسب ما نعتقد ) نسخة المعادله الارادويه اللينينه ..جدليه تاريخيه في غايه البهاء مكلله بالزحف المتواري عن الانظار والتصريحات الرنانه ..وبعد ان كان المواطن وليس السياسي الامريكي فقط يعيش لحظات الرعب الماكارثيه ..نجد اليوم ان ثلاث من اعضاء الكونغرس الامريكي يعلنون تبنيهم خطاب الاشتراكيه (( «بيرني ساندرز» سيناتور فيرومونت والمرشح السابق عن الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة 2016، و«ألكسندرا كورتي» عضو الكونغرس عن نيويورك، و«رشيدة طالب» عضوة الكونغرس عن ميتشغان))..ان نظره متأنيه في مسار الاعتراضات الطبقيه في الولايات المتحده تدعونا الى مزيد من البحث والتقصي عن المضمون الماركسي وماديته التاريخيه التي طالما واجهت الانتقاد بسبب ما عرفها عنها من التزامها بالحتميه من جهه وما لم يتحقق من توقعات قال بها ماركس عن اندلاع الثوره التي تنقض على الراسماليه من جهة اخرى , وبين الاراده التي استنبطتها اللينينيه كمنفذ للثوره والانتقال الى مرحله الاشتراكيه ..مبدئيا فان الديالكتيك الماركسي بعد ان يضع التوقعات جانبا وهو يجب ان يضعها جانبا ..فانه يبين لنا حتميه فوقيه للتغيير العظيم بانهيار النظام الراسمالي في مراكز الراسمال , ويؤكد على الاراده التغييريه الاشتراكيه كانعكاس لتلك الحتميه